الرئيسية  /  لقاء دام برس

الشاعر محمود حبيب لـ دام برس : الشعر العربي يفتقر إلى الملحمة الشعرية


دام برس ـ طرطوس - سهى سليمان :
شاعر الأرض والوطن، يوثق الحياة في صور شعرية متميزة، ينثر الورد على أدراج الفرح مفجراً عواطف الحب والغزل، يتسلل الشعر من عينيه ليسافر مبحراً في قوارب من أصالة ومعاصرة، ويجدف بألفاظ ومفردات توصله إلى وجدان القارئ ليسكن متربعاً على عرش الشعر. 
محمود مرشد حبيب شاعر سوري ولد في قرية "عنازة" ببانياس التابعة لمحافظة طرطوس من مواليد عام 1948، درس في مدارس القرية ومدينة بانياس وحمص واللاذقية.
حاصل على إجازة في الآداب من قسم اللغة العربية ـ جامعة تشرين في اللاذقية.
عمل مدرساً، ورئيس فرع طرطوس لنقابة المعلمين، كما حصل على الجائزة الأولى في مهرجان الشباب بالرقة عام 1083، والجائزة الأولى لجريدة الثورة 1984، وجائزة الشعراء المعلمين لسنوات عدة.
نشرت عن شعره دراسة في مجلة بناة الأجيال التي تصدر عن نقابة المعلمين في سورية، كما له دواوين شعرية أبرزها: "الرحيل في ذاكرة التراب، من حديقة تشرين، للحب والوطن، حصاد السنين العجاف".
يقول في قصيدة "لا بد من التوضيح":
"أتسلسل الشعر من عينيك أقداحا.. وطارحته الهوى عيناك فانساحا
تسافرين بأهدابي معتقة..  وتنبتين على كفي أدواحا
قولي أحبك في عزّ الخريف كما.. كان الربيع بعصر الحب نضاحا"
مؤسسة "دام برس" الإعلامية، التقت الشاعر محمود مرشد حبيب، حيث تحدث في بداية اللقاء عن الأزمة وتداعياتها وهذه السنين العجاف والسمان، العجاف بما انعكس على هذا البلد وما تركته هذه البلدان من تضحيات وشهداء، كما أعطى لمحة موجزة عن الملحمة الشعرية.
تاريخ ميلادي بداية شعوري وإحساسي بالوطن
أغلب أشعارك عن الوطن والأرض ما العلاقة بينهما؟
أنا من قرية تدعى "عنازة" في بانياس، قضيت طفولتي بها وما زلت، وأنا من الناس الرجعيين والمتعصبين في محبة الأرض وأشجار الزيتون والتين والريحان.
تدور أغلب موضوعاتي الشعري حول الأرض والوطن، فهما من يربطانا بهذه الحياة، واعتبر  تاريخ ميلادي بداية شعوري الوطني وإحساسي بالوطن، وبالنسبة لي فإن مرحلة الدراسة الإعدادية كانت أول خطوة في خوض بحار الشعر، وقد حصلت على الجائزة الأولى في "مسابقة الشعراء الناشئين" بتاريخ 1964 ونشرت يومها في مجلة "الخمائل" التي كانت تصدر في "حمص ودمشق"، في حين كان نيلي للشهادة الثانوية 1968 نقطة تحول في حياتي المهنية حيث بدأت تعليمي الجامعي الذي سار جنباً إلى جنب مع مهنتي في التدريس».
لدي ست مجموعات شعرية حتى الآن، أكاد أجزم أن 90% بالمئة منها كلها للوطن والأرض، وأحياناً أجنح باتجاه الغزل قليلاً.
لكن الآن يحزّ في قلبي ما أراه (وهنا أوجه عتبي للجهات المعنية) من مجازر مرتكبة بحقّ الأشجار من خلال حرقها وتحويلها لفحم يؤذي النفوس والعقول، وعلى مرأى من السلطات المختصة.
الشعر العربي يفتقد إلى الملحمة، والملحمة السورية تجربة متميزة
تقول إن الوطن العربي يفتقر لشعر الملحمة، ما المقصود بالملحمة الشعرية؟
يفتقر الشعر العربي إلى شعر الملاحم، ولم يكتب العرب ملاحم شعرية، فالملحمة من اللحم واللحم من الكتلة، والملحمة تخص جسماً واحداً، كما أنها تسجل سيرة لزمن طويل لأمة أو لشعب أو لفرد، ملحمة "جلجامش" أما عند العرب لا يوجد ملاحم.
في القديم كان هنالك ملحمة "شاهنمه ـ ملحمة الملوك"، ملحمة أبو العلاء المعري، "الجحيم" لـ "دانتي"، وهناك ملحمة واحدة لكنها دينية تاريخية اجتماعية، وهي للمرحوم الفيلسوف الشاعر بولس سلامة من مصر، وهي ملحمة إسلامية رغم أنه رجل مسيحي، وقد تحدثت عن تاريخنا الإسلامي من الهجرة وحتى وفاة سيدنا الحسين عليه السلام.
أما أنا فقد كتبت ملحمتين الأولى: (10380) بيت من بحر واحد هو البحر الخفيف، تناولت فيها على طريقة بولس سلامة، تاريخنا الإسلامي والعربي وأهم الأحداث التي وقعت في تاريخ هذه الأمة التي كانت أمة.
كانت تلك الملحمة من خلال الشعر ولم أعتمد على نسخ أخرى فيها أية مذاهب، وإنما كانت ما أملي عليه ضميري.
والثانية سميتها الملحمة السورية: كتبت تاريخ سورية من الاحتلال العثماني، وكلها أبيات شعرية ومن البحر الخفيف وقد فاقت 3000 بيت، ابتداءً من نهاية الملحمة الأولى من سقوط العصر العباسي وحتى وفاة القائد المؤسس المرحوم حافظ الأسد.
من يقرأها يظن أنني متعصب لحزب البعث العربي الاشتراكي، أنا متعصب لسورية وللعرب، وللوطن.
يا بلاداً نشأت فيها غلاماً وتنشقت من هواك الهياما
أنت في القلب غصة فإذا ما أورق الجرح تنبتين سهاما
أهو حبّ هذا الذي يتشظى في فؤادي فيستزيد اضطراما
كلما شدني التحرر منه عدت فيه وعدت منه غلاما
عاتبٌ عاتب على نصف قلبي لا تلومي خلي لغيري الملاما
نصفه ضاع في هواك ونصف لم يزل يرفض الهوا والغراما
كيف حال الفرات؟ لا تسأليني إن قلبي في ضفتين تراما
عندما أخوتي يحلّون قتلي دون ذنب ويشهرون الحساما
أعلن الحرب البراءة منهم ألف عام واسحب الاحتراما
الشعر للشعب، وغياب الثقافة سبب في الأزمة
لمن تكتب؟
أنا شاعر ميال لكتابة الشعر للشعب، واعتمد كثيراً على الجمهور، لا أكتب المعميات ولا أهرب من التعابير القوية، ولكن أريد أن يصل شعري إلى الجميع بلغة واضحة وصريحة.


أين أصبح المثقف العربي في هذه الأزمة؟
بكلّ أسف كل الذين رضعوا من حليب هذا البلد واستفادوا منه مادياً ومعنوياً وحملهم البلد على أكتافه، نصفهم ذهب ليشرب من حليب بلد آخر، على الرغم أننا الآن في أمس الحاجة لهم، وما نراه اليوم هو نتيجة غياب الثقافة أو ضعفها.
كيف تجد القارئ الآن في عصر التقنية؟
من المؤكد أن الجيل الجديد كله يقرأ إلكترونياً، وخاصة جيل مواقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك وغيرها"، على الرغم من أن الكتاب الإلكتروني أسهل تناوله حالياً، واقترح العودة إلى الكتاب الورقي لأن فيه المتعة والفائدة المعنوية والمادية أكبر.
وأبسط مثال عندما نكون في محاضرة نجد أن بعض الموجودين يفتحون الإنترنيت ويتابعون منشوراتهم على الفيس بوك أو الواتس آب، وينسون وجودهم في محاضرة شعرية أو فكرية.
الثقافة الإلكترونية جميلة لكنها تدس السم في العسل
رسالة عبر مؤسسة "دام برس" الإعلامية، لمن توجهها؟
أوجه رسالتي إلى جيل الشباب الحديث وأقول لهم إن ثقافة هذا العصر الإلكترونية جميلة، ولكن يراد منها كما يراد من انتشار الأمراض الاجتماعية كلها الآن...
اذهبي إلى مقاهينا:
مقاهينا بفضل الله عامرة كمجلس الأمم
نعيش حياتنا الجوفاء في جوّ من السقم
تؤلف في مقاهينا الوزارات وتنتقد الحكومات
مقاهينا كدور السينما إن جئت لا تبقى محلات
في الختام شكر الشاعر محمود حبيب مؤسسة "دام برس" على هذا اللقاء، متمنياً لها دوام التوفيق والنجاح في عملها، ونحن بدورنا نشكره على تواضعه ونتمنى له ولجميع المثقفين إيصال رسالتهم الإنسانية بما فيه خير الوطن.

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=51&id=72945