دام برس :
تتسارع وتيرة الأحداث في الجنوب السوري، منذ سقوط كامل مدينة بصرى الشام (شرق جنوب درعا) في يد «قاعدة الجهاد في بلاد الشام ــ جبهة النصرة» وحلفائها في «حركة المثنى» وفصائل أخرى كـ«لواء شباب السنة»، بداية الأسبوع الماضي.
وفيما بدا هجوم المعارضة المسلحة على بصرى الشام إعادة للتوازن الميداني بعد تقدم الجيش السوري وحلفائه في مثلثّ ريف دمشق ــ درعا ــ القنيطرة في شباط الماضي، تكشف المعطيات الميدانية بعد هجوم الجماعات المسلحة على مخافر معبر نصيب الحدودي مع الأردن جنوب درعا يوم أمس، عن وجود قرار خليجي ــ إسرائيلي لإسقاط الجنوب السوري في يد مسلحي «تنظيم القاعدة» وحلفائه.
إذ سبق الهجوم على نصيب والمخافر الحدودية القليلة الباقية من الجهة السورية على الحدود الأردنية، والسيطرة عليها، إعلان الأردن إغلاق المعبر أمام حركة نقل البضائع والأفراد، ثمّ سحب الموظفين المدنيين من «معبر جابر» الأردني المقابل لنصيب واستبدالهم بعناصر عسكرية وأمنية. ويأتي إعلان الأردن إقفال المعبر، بعد أيام على إعلانه البدء رسمياً بتدريب «أبناء العشائر» في درعا، بحجّة مواجهة تنظيم «داعش» الذي يقتصر وجوده في الجنوب السوري على «صفحات تويتر». وتشير مصادر أمنية معنية في الجنوب السوري إلى أن «الغاية الأردنية من إعلان تدريب أبناء العشائر، هو استقطاب جزء من بدو الجنوب السوري».
وبإقفال نصيب، وسيطرة المسلحين على المعبر، يكون الأردن قد قطع نهائياً خطّ الترانزيت الذي يصل الموانئ السورية واللبنانية بأسواق الأردن والخليج، بعد المعلومات المؤكّدة عن اعتماد دول الخليج على ميناء حيفا الإسرائيلي على شواطئ فلسطين المحتلة، ونقل البضائع عبر الأردن إلى الخليج، بدل الموانئ السورية في الفترة الماضية.
في السابق، كانت الطريق الاعتيادية القديمة التي تصل دمشق بالمعبر تمرّ عبر أوتوستراد دمشق ــ درعا الدولي، قبل استبدالها خلال العامين الماضيين جراء سيطرة المعارضة على القسم الجنوبي من الأوتوستراد، بأوتوستراد دمشق ــ السويداء و«الخطّ الحربي» الذي يصل جنوب السويداء بنصيب، ويسير بمحاذاة خط الحدود بين الأردن وسوريا من الشرق إلى الغرب. علماً بأن الأردن منع المسلحين في الجنوب السوري، مرات عدّة من التعرّض للمعبر، أو «الطريق الحربي». وسبق للطيران المروحي الأردني أن أغار مرتين خلال عام 2014 على آليات عسكرية للمسلحين حين قطعوا الطريق الحربي، ومرة عندما حاولت جماعات مسلحة الهجوم على المعبر.
وبالتوازي مع الهجوم على معبر نصيب، شنّ المسلحون صباح أمس هجوماً على بلدة قرفا شمال مدينة درعا، الملاصقة لطريق دمشق ــ درعا الدولي، في محاولة للسيطرة على البلدة، بعد عدة محولات فاشلة في الماضي. ومع أن الهجوم تكلّل بالفشل، تشير المعلومات إلى أن المسلحين يحضّرون لهجوم جديد على البلدة للسيطرة عليها وقطع الطريق الدولي باتجاه مدينة درعا، وفرض حصار على قوات الجيش التي تسيطر على ثلثي المدينة، فيما تسيطر المعارضة على حيّ «درعا البلد» ومخيم اللاجئين الفلسطينيين في جنوبها الشرقي.
ومع الاستنفار الكبير الحاصل على جبهات درعا، بعد ضخّ غرفة عمليات «موك» كميّة كبيرة من الأموال والأسلحة في الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى إدخال أعداد من المسلحين المدربين في معسكرات الحرس الوطني السعودي شمال المملكة على أيدي مدربين أميركيين وباكستانيين إلى الجنوب السوري، تبدو جبهة القنيطرة مرشّحة للاشتعال خلال الأيام المقبلة.
وتشير المعلومات إلى أن الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) عرقلت عبر عملائها المصالحات التي كان من المفترض أن تدخل حيّز التنفيذ في اليومين الماضيين، ويسلّم على إثرها عدد من المسلحين سلاحه للدولة السورية في بلدات القطاع الشمالي من القنيطرة، جباتا الخشب وطرنجة وأوفاميا. كذلك أكدت مصادر أمنية متابعة لجبهة القنيطرة، أن «الإرهابيين يعدّون لهجوم على مدينتي البعث وخان أرنبة في القنيطرة». ويعمل المسلحون في الجنوب السوري بإشراف «غرفة العمليات الأردنية المشتركة ــ (موك)» التي تضم ضباطاً من أردنيين وسعوديين واميركيين وفرنسيين وبريطانيين، وتعمل بالتنسيق مع الاستخبارات الإسرائيلية لتنسيق تقديم الدعم لمسلحي الجنوب، وتدريبهم، وإدارة عملياتهم، وتزويدهم بالمال والسلاح والعتاد. وسبق أن كشف الجيش السوري مخطط «موك» للسيطرة على كامل المناطق المحررة في الجنوب، وتحديداً على طريقَي درعا ــ دمشق والقنيطرة ــ دمشق، بهدف الانطلاق من محافطتي درعا والقنيطرة لتطويق ريف دمشق.
وأعلن وزير الداخلية الأردني أمس إغلاق معبر نصيب «مؤقتاً، نظراً إلى أحداث العنف التي يشهدها الجانب الآخر من الحدود». في المقابل، أعلنت وزارة الخارجية السورية أن السلطات الأردنية أغلقت المعبر، محمّلة السلطات الأردنية «المسؤولية عن تعطيل حركة مرور الشاحنات والركاب وما يترتب على ذلك اقتصادياً واجتماعياً».
ونشرت «جبهة النصرة» مساء أمس صوراً لـ«الأمير العسكري في الجنوب أبو صلاح المسالمة الأنصاري» من داخل معبر نصيب، حيث رفع علم «قاعدة الجهاد في الشام».
الأخبار - فراس الشوفي