الرئيسية  /  كتاب وآراء

الحروب الصهيو - أمريكية إلى أين ؟!! بعد الصمود السوري .. بقلم : الدكتور محمد رقية


دام برس : الحروب الصهيو - أمريكية إلى أين  ؟!! بعد الصمود السوري .. بقلم : الدكتور محمد رقية

دام برس:

تبدأ الحروب في عقول البشر وفي عقولهم قد تنتهي ولكن بين اتخاذ قرار الحرب وما بين نهايتها  تكون مجازركبرى قد ارتكبت وأرواح كثيرة قد زهقت وأرض عزيزة  قد انتهكت , وأملاك وأرزاق هائلة قد دمرت , وشعوب قد هجرت , ودماء قد سفحت , ولا أحد يسأل بأي ذنب هجرت أوقتلت .

إن الذي يدفع الثمن ليس من اتخذ قرار الحرب بل الناس الأبرياء , أو المغرر بهم الذين يصبحون وقودا" للحروب , أو ركيزة للطامعين بالوصول إلى السلطة .

لقد افتعلت الامبريالية الأمريكية وزعيمتها الصهيونية العالمية العديد من الحروب بعد أن تربعت على عرش العالم بلا منازع منذ انهيار الاتحاد السوفياتي . كما فعل قبلها الاستعمار االفرنسي – البريطاني في القرنين الماضيين وتوّجها باستلاب أرض فلسطين للعدو الصهيوني الغاصب وتشريد أهلها في كل مكان .

فقد حولت الصومال إلى دولة فاشلة يموت شعبها كل يوم بلا حساب إلى ماشاء الله , وحرّكت الشيشان على مدى عشرين عاما وتخرج منها أفظع مجموعات الإرهاب المدربة في العالم , التي نرى منعكساتها في سورية اليوم . وقسمت يوغسلافيا بعد حروب طاحنة لعدة سنوات وعدوان الناتو , إلى ست دويلات مهزوزة ومقاطعات حكم ذاتي  مثل صربيا , كرواتيا ,سلوفينيا , مقدونيا , البوسنة والهرسك وكوسوفو والجبل الأسود وغيرها . ودعمت أمن اسرائيل على حساب جميع الدول العربية المحيطة ,واجتاحت أفغانستان بعد أن أسست وغذت ودعمت الإرهابيين فيها من جماعة طالبان والقاعدة بدعم وتنسيق حكام الخليج وخاصة آل سعود . ودمرت العراق بالتوافق مع أذنابها الخليجيين والعملاء في الدول الأخرى , وقتل فيه مئات الوف البشر من المواطنين الأبرياء ,وأججت به الفتن الطائفية السنية الشيعية , التي تحصد نتائجها الآن بمحاولة تقسيمه لدويلات طائفية عرقية . وحرّكت الطائفيين الإنفصاليين في اندونيسيا حتى فصلوا جزيرة تيمور الشرقية عنها وأعلنوا استقلالها عام1999 وأصبحت هذه الجزيرة خاضعة للقوى الغربية ,ولها أهمية استراتيجية في السيطرة على الطرق البحرية في المنطقة . كما عززت الاقتتال الطائفي في ميانمار الذي راح ضحيته عشرات ألوف الأبرياء عدا عن المهجرين . وللضغط على سورية من أجل خروجها من لبنان اغتالوا الحريري عام2005 , وفي سبيل السيطرة الكلية على منطقة المشرق العربي ,وبناء الشرق الأوسط الجديد كما أسموه , قرروا حربهم على المقاومة الوطنية اللبنانية  في تموز من عام 2006, وصعقوا نتيجة فشلهم بهذه الحرب وأصبحت لديهم قناعة كاملة باستحالة الانتصار على محور المقاومة بالعدوان العسكري . وبدأ دهاتهم منذ ذلك الوقت بالتفكير في طريقة أخرى للنيل من ذلك المحور والقضاء عليه , فتفتقت عبقريتهم عما يسمى بالحرب الناعمة عبر ماعرف بالربيع العربي بضرب القوى الداخلية ببعضها وتدمير البلدان باسم الديمقراطية والحرية , وهي أذكى حرب يقومون بها حتى الآن , فكل نتائجها تصب خيرا في خزائنهم وتدميرا لشعوب المنطقة وأمنا" عظيما على سيدهم المدلل اسرائيل .

فدمروا ليبيا وانعدمت الدولة وتحولت إلى قبائل متناحرة إلى ماشاء الله وهم يأخذون نفطها بكل هدوء . وحولوا تونس التي كان يؤمها السياح من كل مكان إلى دولة يضربها الإرهاب يوميا . وتخلوا عن أهم عملائهم في مصر بعد أن استهلكوه ليسلموا خوان المسلمين , أهم حزب عميل لديهم , ولكن الشعب المصري كان أقوى منهم وعزلهم , فأوجدوا له البؤر الارهابية ونموها وخاصة في سيناء والحدود الليبية . وحولوا اليمن إلى ساحة حرب واسعة بين عملائهم بدعم آل سعود والوطنيين الأحرار الذين يدافعون عن استقلال اليمن وعروبته . وقسموا السودان وما زالوا يحاولون في تفتيته .

ثم بدأوا في سورية وهي هدفم النهائي  لضرب محور المقاومة والسيطرة كليا على المنطقة , واستخدموا كل الاعلام المعادي بتلفيقه وتضليله ومهارته لتحقيق ذلك . ولما اصطدموا بصمود الشعب السوري وانكشاف مخطط وأهداف الربيع العربي . جمّعوا ارهابييهم من أكثر من ثمانين دولة لمحاربة الشعب السوري باسم الدين , والدين منهم براء فدمروا البشر والشجر والحجر كما فعل بني صهيون في فلسطين , ولم يستطيعوا الانتصار . وكثرت تنظيماتهم الارهابية حتى أوصلونا إلى داعش ليدمروا ماتبقى من العراق تمهيدا لتقسيمه وليضغطوا على سورية لتحقيق أهدافهم المتعثرة ,فعادوا للمنطقة باسم محاربة داعش , الذين هم صنعوها بأموال وخبرات ومساعدات خليجية – تركية – اسرائيلية .

وحركوا عملائهم في اوكرانيا للسيطرة عليها والضغط على روسيا وفرض العقوبات عليها ولازالت محاولاتهم مستمرة .

أما الآن وقد وصلت الامور إلى هذه المرحلة , كيف ستنتهي هذه الحرب  ؟ أعتقد أن هناك احتمالان :

الأول :الاستمرار في استنزاف سورية والعراق بالدماء والمقدرات , واستنزاف عملائهم في الخليج بالأموال حتى تحين الساعة الملائمة لهم . وهذا يحمل خطورات ضخمة قد تنعكس على الجميع ويصعب السيطرة عليها لاحقا"

الثاني : الإقرار بعجزهم ومحاولة التوصل إلى اتفاقات مع الدولة السورية يحققون من خلالها بعض مايصبون إليه  حفاظا لماء الوجه , في مرحلة انتقالية , يرون بعدها موازين القوى كيف ستتجه وقد يربطون ذلك بالاتفاقات النووية مع إيران . وأعتقد أنه من الصعب أن يأخذوا بالسلم ماعجزوا عنه بالحرب بعد حوالي أربع سنوات من الصمود وهذا يعتمد بشكل أساسي على قوة وسيطرة حماة الديار وعلى قوة الاقتصاد وثبات قيمة الليرة السورية . وعلى دعم محور المقاومة , الذي يعزز الصمود ويسرع في انهاء هذه الحرب .وإن غدا لناظره قريب .

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=48&id=51782