دام برس:
الشعب يريد إسقاط النظام , أحد الشعارات الرئيسية التى رفعت منذ 25 يناير حتى الآن ,وتكاد تكون المقولة الأكثر ترددا داخل المجتمع المصرى خلال الأربع سنوات الماضية ,وعلى الرغم من انتشار المقولة بشكل كبير بين شرائح وفئات وطبقات المجتمع المصرى , إلا أننا لم نتوقف كثيرا عند مدلولها ومعناها , لكن ومن خلال ملاحظاتى اليومية لمؤشرات المقولة فى الواقع ,يمكن القول أن المقصود بها لدى الغالبية العظمى من الجماهير المصرية , هى إسقاط رأس النظام السياسى أو رأس السلطة التنفيذية ,وفى أفضل التقديرات يكون المقصود هو إسقاطه وحاشيته والمقربين منه , لذلك يردد العامة أننا أسقطنا النظام فى 25 يناير بإسقاط مبارك ورحيله هو وحاشيته المقربة , ويرددون أيضا أننا أسقطنا النظام مرة أخرى فى 30 يونيو بإسقاط مرسى ورحيله هو وقيادات جماعة الإخوان المسلمين , وبذلك ووفقا لهذا الفهم للمقولة يكون الشعب المصرى قد أسقط النظام مرتين فى غضون عامين .
وبالطبع هذا فهم غير صحيح ,لأنه لو كان النظام قد أسقط فعلا فى المرتين فلماذا لم يتحقق الشعار الثانى الأكثر ترددا منذ 25 يناير حتى الآن والذى أطلق مواكبا وملاصقا للشعار الأول وهو العيش والحرية والعدالة الاجتماعية , فالشعار الأول هو المقدمة الطبيعية لتحقيق الشعار الثانى ,وإذا لم يتحقق الشعار الثانى فهذا معناه أن الشعار الأول لم يتحقق من الأصل ,إذن الشعب يردد الشعار الأول بدون وعى بمعناه ومدلوله الحقيقى والواقعى لذلك وجب علينا أن نحرر المقولة من الفهم والمدلول المزيف لكى نقدم وعى حقيقى للمواطن بحقيقة المقولات التى يرددها بدون فهم حقيقى لمدلولها ومعناها الواقعى .
ومن هنا يمكن القول أن النظام ليس كما هو مفهوم وشائع رأس السلطة التنفيذية (رئيس الجمهورية) ولا حكومته ومؤسسة الرئاسة والحاشية المقربة ,وإنما هو جملة السياسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية – داخليا وخارجيا – التى تنتهجها السلطة السياسية فى مرحلة تاريخية معينة ,لذلك حين نقول أن الشعب يريد إسقاط النظام فنعنى بها إسقاط السياسات التى اتبعها مبارك ومن بعده المجلس العسكرى ومن بعده مرسى وصولا للسيسى حتى الآن على المستوى الداخلى والخارجى - اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وثقافيا - تلك السياسات التى تشكل جوهر مفهوم النظام والتى أدت بثباتها ورسوخها وعدم تغييرها ,بعدم إحساس المواطن بأى تغيير على مستوى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية .
لذلك ووفقا لهذا الفهم لمفهوم النظام نرفع شعار الشعب يريد إسقاط النظام يا سيسى , بهدف التخلص من السياسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية التى انتهجها مبارك على مدار ثلاثة عقود كاملة مواصلا طريق التخلف والتبعية والإفقار المتعمد للغالبية العظمى من شعب مصر من الفقراء والكادحين لصالح حفنة من مصاصى دماء البشر ,والتى بدأها سلفه السادات منذ مطلع السبعينيات وبعد حرب أكتوبر حين أعلن أن 99% من أوراق اللعبة فى يد الأمريكان ,ثم إعلانه لسياسة الانفتاح الاقتصادى ,وما تبعها من زل ومهانة ومعاهدة استسلام للعدو الصهيونى وفقدان مصر لدورها العربى والإقليمى ,وتسليم مقدرات البلاد والعباد لسيدهم الأمريكى ,وصولا الى 25 يناير وما بعدها حتى اليوم .
إذن المطلوب هو إسقاط كافة سياسات التبعية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية , وبناء نظام جديد قائم على استقلالية القرار الوطنى بعيدا عن المشروع الصهيوامريكى , وأعوانه المحليين من مصاصى دماء البشر من رجال الأعمال الفاسدين , الذين استولوا على ثروات الوطن من خلال تزاوج رأس المال والسلطة الذى سمح لهم بتحقيق عملية النهب والسرقة المنظمة تحت ستار التشريعات والقوانين التى وضعوها بأنفسهم ويحاكموا وفقا لها الآن ,لذلك لا عجب أن يفلت هؤلاء المجرمين من جرائمهم , لذلك طالبنا ومازلنا نطالب - حتى بح صوتنا - أنه يجب القفز فوق هذه التشريعات والقوانين التى وضعها هؤلاء المجرمين فلا يمكن وفقا لهذه التشريعات والقوانين التى فصلها ترزية مبارك أن نعيد الحق الى أصحابه ,ولا يمكن أن نعاقب المجرمين ,ولا أن نحقق العدالة الاجتماعية المفقودة . وبالطبع نعلم أن معركة إسقاط النظام أشرس من معركة مكافحة الإرهاب ,لكن يجب أن يعلم السيسى أن دخوله لهذه المعركة هى سر نجاحه وبقائه أو فشله ورحيله .
إن الشعب الذى رفع شعار الثورة مستمرة , يرفع معه شعار الشعب يريد إسقاط النظام ,وشعار العيش والحرية والعدالة الاجتماعية , وليعلم السيسى أن تأخير معركة إسقاط النظام ليس فى صالحه على الإطلاق ,فإذا كان يسعى لدخول التاريخ من بوابة العظماء أمثال جمال عبد الناصر فعليه أن يعجل بمعركته مع رموز فساد نظام مبارك الذين يقودون الثورة المضادة ويسعون لتثبيت النظام وترسيخ السياسات التى تحقق مصالحهم على جثث الغالبية العظمى من شعب مصر , وليعلم أن الشعب سيكون ظهيره وداعمه الرئيسى فى هذه المعركة , لذلك نرددها عالية مدوية الشعب يريد إسقاط النظام يا سيسى , اللهم بلغت اللهم فاشهد