دام برس:
من مهّد وقاد للثالث من حزيران الجاري بشكل رئيس، هو استعادة الجيش العربي السوري للمبادرة العسكرية على أرض الميدان وفي جلّ الجغرافيا السورية، فالصوت الأهم الذي كان له بجانب صوته في الأقتراع العام، هو صوت الميدان العسكري العملياتي، مسنوداً من قبل تماسك القطاع العام في الدولة واستمراره في تقديم الخدمات، وتماسك الجسم الدبلوماسي في الخارج، وحرفية مجتمع الأستخبارات السورية، وتزواج السياسي بالأمني، والعسكري بالأقتصادي، والثقافي بالفكري، والرصد والخلق لضرورات التنسيق معه من قبل الطرف الثالث بالحدث السوري، لمواجهة الأرهاب المصنّع(بفتح الشدّة على النون)في متاجر الأستخبارات الدولية والمدخل من قبل هذا الطرف الثالث المصنّع(بكسر الشدّة على النون) ودول الجوار السوري المساهم، بشكل أو بآخر وعلى مدار ثلاث سنوات وما زال حتّى اللحظة، واسناد الحلفاء والأصدقاء للدولة الوطنية في دمشق، وقبل كل ذلك الأرادة السياسية والشعبية مع التوظيفات السابقة بشكل علمي مدروس، وتعاظم وطنية السوريين بشكل أفقي ورأسي وبعمق، وبقاء الرئيس الأسد في حضن ديكتاتورية جغرافيته السورية ولم يغادر وصمد، فخرج الأسد بصورته الثالثة للتأسيس للجمهورية الثانية محصّناً بصناديق الأقتراع ونتائجها، والتي سيرخي العالم أجمع لحيته لها وبشكل متدرج شاء أم أبى.
شاركت حلب بجزئها الغربي في الأنتخابات الرئاسية ومن نزح اليها من الجزء الشرقي، حيث العمل جاري على استعادت الأخير من قبضة وسيطرة الأرهاب المدخل، والنسيج الأجتماعي والأقتصادي صار في حكم البدء في خلقه في الغرب الحلبي، لأستعادة الدور المفقود لعاصمة الأقتصاد السوري وعصبياتها واستعادتها من مجتمع الأستخبارات التركية وأدواتها من الميليشيات العسكرية الأرهابية.
ولأنّ حمص ومجالها الحيوي القديم يشكل الوسط السوري، لا بل قلب المنطقة الوسطى التي لا تقترع سورية من دونها ولا تحكم أيضاً، فبعد استعادتها عسكريّاً وعبر المصالحات الأستراتيجية التي تنتهجها نواة الدولة الوطنية السورية، شاركت وبعمق في انتخابات الثالث من حزيران الذي يعتبر بمثابة منعطف حاد في الداخل السوري، ليطلق عمليات ديناميكية سياسية لأخراج وتحرير الشعب السوري من الوصايات الدولية المختلفة والمتعددة، وقلنا في حينه أنّ الرئيس سيدشن حملته الأنتخابية من حمص وهذا ما كان وصار.
الثالث من حزيران السوري أنتج دولة الجميع، وستتعزّز المصالحات والمسار السياسي مع الأستمرار في الحسم العسكري على الأرض، انتخاب الأسد الثالث من خلال دولة الشعب وكسر للمعادلات المذهبية، بعبارة أخرى، دولة الكل والجميع، لا دولة الفرد ولا دولة الفئة، ولا دولة الطبقة ولا دولة المسؤولين الكبار، ولا دولة التجار وكبار القادة والضبّاط، ولا دولة البرجوازية الطفيلية من جديد، بل دولة البرجوازية الصناعية السورية دولة البرجوازية الوطنية، باسناد الوطنيين السوريين والشرفاء العرب والحلفاء وغيرهم.
انّ قوى 14 أذار المصدومة لما جرى في لبنان يوم 28 – 5 – 2014 م والموجودة أيضاً رسميّاً في البعض العربي الرسمي القلق، والأخير جزء من الطرف الثالث بالحدث السوري وجزء مهم من التآمر، ومن يقوم بحرب الوكالة عن الأصيل(محور واشنطن تل أبيب)، هذه القوى 14 أذار المستنسخه عن اللبنانية سترخي كل بويصلات شعرها لنتائج الأنتخابات السورية الأخيرة، نتائج الواقعية السياسية الصادمة لها في الداخل السوري، حيث آعاد الثالث من حزيران للدور السوري آلقه ووجوده، بعد أن تم اعادة انتاجه من جديد وخاصةً في مسار الأستحقاق الرئاسي اللبناني، وعودة دمشق والى حد ما الى معادلة القرار السياسي الداخلي في لبنان، لأيجاد نوع من التوازن في مواجهة الطرف السعودي القلق والطرف الدولي في الأسراع في انتخاب الرئيس اللبناني، وكانت رسائل أمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله واضحة لكافة الأطراف فيما يتعلق في المسألة الرئاسية اللبنانية والمسألة السورية بعد الثالث من حزيران.
الثالث من حزيران قد يدفع مصر للعودة الى حماية الحوض الشامي التاريخي وترميم عمق أمنها الأقليمي في قلب الشرق سورية، بالرغم من التحديات التي تواجه مصر برئاسة المشير السيسي، وخاصةً أنّ هذه التحديات قد تأخذ أشكال الفيتو والبروكسيات السعودية والأماراتية للحد من خياراته نحو سورية، وهو بحاجه الى المال السعودي والأماراتي لتحسين حال الأقتصاد المصري المتهالك، فهل سينجح في المزاوجات بين هذا وذاك؟ ننتظر لنرى.
وما بعد الثالث من حزيران الجاري والذي فتح وأدار مروحة حل إمكانيات جديدة خلاّقة لجل المسألة السورية، ومروحة تسويات سياسية إقليمية ودولية، فأيّاً تكن اتجاهات المسألة السورية وجوهرها، فانّ النسق السياسي السوري وعنوانه الرئيس الأسد باقون وباقون، سواءً جنحت المسألة السورية، إن لجهة عودة المسار العسكري البحت مع سلسلة جولات من العنف أشد ضراوة، وان لجهة المسار السياسي ومضامينه، وان لجهة مسار عسكري ومسار سياسي متلازمين معاً.
النواة الصلبة في الدولة الأممية الروسية، نجحت في جعل عنوان النسق السياسي السوري العقدة والحل معاً، لا بل وعقدة الحل نفسه حفاظاً على الأمن والسلم الدوليين، ونكايةً بالطرف الخارجي بالحدث السوري من أمريكيين وبريطانيين وفرنسيين وبعض العرب، والروس أرسوا توازناً دقيقاً حال وما زال يحول دون تدخل عسكري خارجي في سورية، كما يحول دون سقوط الرئيس الأسد واخراجه كرهاً أو حبّاً، من أتونات المعادلة السورية الوطنية، إن لجهة المحلي وتعقيداته، وان لجهة الإقليمي وتداعياته ومخاطره، وان لجهة الدولي واحتقاناته وتعطيله وأثاره على الأزمة الاقتصادية العالمية، وبالتالي أثاره على نسب النمو الاقتصادي واستعادة المنظومة الاقتصادية الأممية لعافيتها، بعد أزمة الرهن العقاري وارتباطاتها في الولايات المتحدة الأمريكية – شرارة وجوهر الأزمة الاقتصادية الأممية.
كما نجحت موسكو وبقوّة بأن جعلت الأسد ونسقه السياسي طرفاً رئيسياً في التسوية، وان بقاء الأسد ونسقه ليس فقط ثمناً من أثمان مسألة التسوية الكيميائية السورية، كما يظن السذّج من الساسة والذين تمطى رقابهم كالعوام، بل أنّ الرئيس الأسد وموضوعة بقائه صارت بفعل الدبلوماسية الروسية الفاعلة والجادة، خارج دائرة التفاوض والمساومة ومسألة خارج النقاش بالنسبة لموسكو وإيران ودول البريكس، وخاصةً بعد الثالث من حزيران ونتائج الأنتخابات والتي أفرزت فوز الأسد بولاية ثالثة ولسبع سنوات قادمة.
وبالتالي مسألة الحوار مع النسق السياسي السوري، لم يعد مشروطاً برحيل الأسد أو تنحيه، لقد غرسوا الروس غرساً، من الأفكار في عقل جنين الحكومة الأممية ملتقى المتنورين من اليهود الصهاينة، والمسيحيين الصهاينة، والمسلمين الصهاينة، والعرب الصهاينة، بأنّ ما يجري في دمشق يجري في موسكو ودفاعهم عن دمشق دفاع عن موسكو.
نعم! لا عيب ولا تثريب على موسكو بعد اليوم، حيث كانت المسألة السورية وحدثها بالنسبة لها، مدخلاً واسعاً لرسم معادلات وخطوط بالألوان والعودة إلى المسرح الأممي، من موقع القوّة والشراكة والتعاون والتفاعل بعمق، وتحمّل المسؤوليات ضمن الأسرة الدولية الواحدة في عالم متعدد الأقطاب، لأحداث التوازن الأممي الدقيق في شتى الأدوار والقضايا بما فيها الصراع العربي – الإسرائيلي كصراع استراتيجي وجودي في المنطقة والعالم، بالنسبة للعرب الحقيقيين، والمسلمين الحقيقيين، لا عرب صهاينة ولا مسلمين صهاينة، ولا عرب البترول والغاز.
نعم من حق النواة الصلبة في الفدرالية الروسية وعنوان هذه النواة الرئيس فلادمير بوتين أن يقول: ثبات وتماسك الجيش العربي السوري العقائدي ضمن وحدة وثبات النسق السياسي السوري وعنوان هذا النسق الرئيس الأسد قد جلبوا للفدرالية الروسية العالم أجمع.
ومع الثالث من حزيران السوري تكون الرئاسيات الثلاث في المنطقة قد اكتملت(في مصر والعراق وسورية)، ويبدو أنّ المنطقة تتجه نحو نظام حكم مركب ومعقّد الى حد ما، سيكون لجيوش الدول الثلاث أدوار وأدوار في مكافحة الأرهاب الذي تم تصنيعه في متاجر الأستخبارات الدولية، وسينضم اليها(هو في طريق الأنضمام) عاجلاً أم آجلا وبشكل عميق الجيش العربي الأردني العقائدي عدوه الكيان الصهيوني والأرهاب.
المحامي محمد احمد الروسان
عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية
www.roussanlegal.0pi.com
mohd_ahamd2003@yahoo.com