الرئيسية  /  لقاء دام برس

القس إبراهيم نصير لدام برس : كلنا سنزول ونموت ولكن من سيبقى هو الوطن.. المحنة في نهاياتها وهناك مبادرات إيجابية .. من الخطأ السؤال عن مصير المسيحيين في سورية بل علينا السؤال عن مصير سورية


دام برس - خاص :

هي أم المدن صامدة عبر العصور راسخة في التاريخ هي أرض التراث والتسامح شهدت أحداث كثيرة وبقيت المدينة الأساس عاصمة للثقافة والتراث بل هي عاصمة للصمود باختصار هي حلب الشهباء وفي حلب تتجذر الحضارة ولأن الحضارة ملك أبناء سورية كان لنا لقاء مع رئيس الكنيسة الإنجيلية في حلب القس إبراهيم نصير.

هل لكم أن تقدمون لنا شرحا حول الكنسية الإنجيلية في سورية ولبنان ؟

تنتمي الكنيسة العربية الإنجيلية المشيخية في حلب إلى مؤسسة أكبر مقرّة في الدستور هي «السينودس الإنجيلي الوطني في سورية ولبنان». تأسست في منتصف القرن التاسع عشر وبالتحديد عام /1850/ من خلال الإرساليات التبشيرية التي أتت إلى المنطقة من أوروبا والولايات المتحدة حيث كان لها دور رائد في المنطقة خاصة من خلال البعدين التربوي والصحي. يتكون السينودس الإنجيلي الوطني في سورية ولبنان من /40/ كنيسة منتشرة من أقصى الشمال السوري إلى أقصى الجنوب اللبناني. لدينا العديد من المؤسسات المعروفة منها «معهد حلب العلمي» ومدارس في حمص والحسكة وعدد من المدن الأخرى. كما أسسنا «الكلية السورية في لبنان» والتي تحولت بعد إلى «الجامعة الأمريكية» كما لدينا أيضا «الجامعة الأمريكية في لبنان» (LAU). كما كان من أعضاء الكنيسة شخصيات كبيرة سورية منها «فارس الخوري» أحد شيوخ الكنيسة وهو من قاد الدولة السورية كرئيس جمهورية في الماضي وتولى وزارة الأوقاف الإسلامية في فترة ثانية.
للكنيسة صلات مع الكنيسة الإنجيلية الموجودة في الولايات المتحدة حيث استطاعت أخذ إقرار منها بأن إسرائيل كيان معادي للسلام إضافة إلى جعلها تسحب كل الاستثمارات التي تنتمي للكنيسة الأمريكية من كافة الشركات التي تدعم الكيان المحتل مثل شركة «كاتربيلر» التي كانت تقدم الآليات الثقيلة من أجل بناء المستوطنات.

رغم أن الكنيسة حديثة العهد، إلا أنه كان لها دور فعال وريادي. من الأمثلة قيامها بالجمع بين الكنائس المسيحية ضمن مجمع مسكوني واحد وجلوس كل الطوائف المسيحية في حوار واحد. كما كانت الرائدة والمؤسِّسة لمجلس الكنائس العالمي ورائدة في الحوار الإسلامي المسيحي. كما قمنا في عيد رأس السنة قبل خمسة عشر عاما بدعوة الشيخ «أحمد بدر الدين حسون» ــ والذي لم يكن وقتها مفتيا للجمهورية ــ لإلقاء كلمة أمام أفراد الكنيسة.
إن عدد الأفراد في سورية قليل نوعا ما حيث يقارب في مدينة حلب /350/ عائلة أي /1500/ شخص تقريبا مضيفا بأن الأمين العام لها حاليا هو القس «فادي داغر» في حين رئيس السينودس هو القس «صموئيل حنا» كما أن للكنيسة مثيل لها في كل من مصر وأمريكا وألمانيا وهي من نسب «مارتن لوثر» رائد حركة الإصلاح وعصر النهضة في أوروبا.

بداية ما هي نظرتك لما يجري اليوم على الأرض السورية ؟

أولا علينا أن نعرف ما هو الإصلاح؟ هل هو القضاء على الفساد فقط؟ برأيي أنا لإصلاح هو مسيرة حياة تبدأ منذ ولادة الإنسان وتنتهي مع نهاية حياته. كما أنها خط بياني سريع في مكان وبطيء في مكان. بالنسبة لي كرئيس طائفة فإنني أقول بأننا تأخرنا في الإصلاح، إلا أن الإصلاح في نفس الوقت هو أمر يجب أن يعمل عليه المجتمع. على سبيل المثال يجب ألا أسأل لماذا يقبض الموظف رشوة، بل يجب أن أسأل من يدفع له الرشوة لكونه لا يرتشي من فراغ بل نحن من يرشيه. هنا أدعو جميع أطياف الشعب السوري ألا ينخرط في لعبة كبيرة ومخطط لا يريد الإصلاح بل الإضرار، كما أطلب إعطاء الحكومة المساحة والزمن الكافي للقيام بعملية الإصلاح. سمعت على التلفاز من يقول بأن الله خلق الكون في ستة أيام، فكيف يطلبون الإصلاح في ست ثوان! كما سمعت على التلفاز البارحة أن من نادى بشعار الإصلاح في لبنان بالعنف أدى إلى وقوع لبنان في حرب مدتها /25/ سنة وكلفتها /200/ ألف قتيل وأكثر من مليوني مهجر.  هل هذا الإصلاح الذي نريد؟ نريد إصلاح حقيقي دون أن يؤذي أحد، كما نريد الحفاظ على الشعب السوري. إن ما يجري في سورية هو تطبيق لرؤية فيها مؤامرة كبيرة في سورية للقضاء على قلعة الممانعة وكل أنواع الدعم للمقاومة الموجودة في لبنان أو فلسطين.

يتحدث البعض عن قضية تهجير المسيحيين رغم أنهم أصحاب حضارة راسخة في المشرق ما هو تعليقكم ؟

لا شك أن هناك جزءا من المسيحيين غادر بالرغم من أن الهجرة بالنسبة لنا أمر مرفوض ولكننا في النهاية لا يمكن أن نترك أطفالنا يموتون من الجوع في حال استمر الوضع على ما هو عليه.

لكن خروج أحد المسؤولين الفرنسيين ليقول أن عدد المسيحيين في المنطقة غير كبير والدول الأوروبية قادرة على استيعابهم وبعدها خروج ألمانيا لتبدي استعدادها لاستقبال 20 ألف عائلة مسيحية فذلك وبكل تأكيد ليس من باب الحرص علينا أو محبتنا بل تنفيذا لخطة ما تم وضعها لإفراغ المنطقة من المسيحيين.

إن الكيان الإسرائيلي قائم على دولة دينية والأمم المتحدة لا تعترف بقيام دولة على أساس ديني وبالتالي نعتقد أن هناك سعيا لقيام دول إسلامية للقول أن هناك دولا أخرى قامت على أساس ديني ما يُبرر وجود إسرائيل.

من الخطأ السؤال عن مصير المسيحيين في سوريا بل علينا السؤال عن مصير سوريا بعد تهجر المسيحيين منها في ظل الحركات الأصولية المتطرفة المصدرة إلى سوريا.

ما هي آخر تطورات قضية المطرانين المخطوفين ؟

بحكم أننا ناضجين مثقفين وواعين نصرّ ألاّ ننجرّ خلف الإشاعات ونطالب دائما بقرائن ودلائل كي نستطيع أن نحكم من خلال ما نمتلك.

إنّ المجتمع في مدينة حلب مذهول مصعوق ومصاب بسبب اختطاف مطراني حلب،إلاّ   أننا نجد أنّ ردود الفعل تندرج في محورين: محور يصرّ على البقاء في سوريا لأنّه يؤمن بأنّ خروجه من سوريا هو خروج من تكوينه من شخصيته وبالتالي فقدان للهوية. أمّا المحور الآخر هو من يبحث عن لقمة العيش ويبحث عن العيش بأمان، لذلك لا نستطيع أن نلومه إن حاول الخروج من مدينة حلب، متحدثا عن  نزوح جزئي إلى الداخل السوري . ونحن ندعو إلى وقف العنف كي يعود الجميع إلى منازلهم ويساهموا ببناء  الإنسان والوطن.

حتى يومنا لا جديد عنهما باعتبار أن الجهة الخاطفة لم تتواصل مع أي جهة وقد أعربت الدولة السورية أكثر من مرة عن استعدادها للتعاون التام لتحريرهما ولكنّها لم تلق جوابا.

سورية تتعرض اليوم لأشكال متعددة من الاستهداف خصوصا على جبهة الإعلام كيف تنظرون لتلك الحرب ؟

لقد كانت هذه القنوات فاقدة للمصداقية منذ زمن بعيد؛ هل سبق وأن رأينا تناول الجزيرة بالنقد لإجراءات الحكومة القطرية مثلا؟  أو حتى أي بلد خليجي؟ ربما كانت ذات مصداقية في تغطية العدوان على لبنان وغزة، إلا أنها ليست كذلك في نقل الشؤون الخليجية .  الهدف منها كما أراه هو أن تقوم بنقل خمس أخبار صادقة مع خبر سادس مفتعل، وبالتالي سوف يظن المشاهد أن الأخبار كلها صادقة. لم تعد الجزيرة تنقل الخبر، بل باتت تصنعه لتحقيق رؤى غربية لأجل هذه المنطقة. وبسبب ضعف الإعلام العربي ومخافة بعض الأنظمة من الإعلام، استطاعت الجزيرة أن تسيطر على الساحة الإعلامية الإخبارية في الوطن العربي . قناة الجزيرة كنظام إعلامي متورطة في أحداث سورية، وبالتالي يجب أن تحاكم وتلاحق قضائيا هي وباقي القنوات التي اختلقت الأخبار الكاذب عن سورية. كما أشجع أبناء الوطن من محامين وقضاة ألا يقفوا متفرجين، بل يبدؤوا العمل على محاسبتها قضائيا لأنها تتحمل جزءا من الدماء التي سفكت. بالنسبة لي أنا وأسرتي فقد حذفنا قنوات «الجزيرة» و«العربية» و«فرنسا 24» من قائمة القنوات التي نتابعها، ولكن في نفس الوقت يجب عليها مواجهة الإعلام بالإعلام إلى أن يتم تفعيل الإعلام الوطني غير المشبوه من أجل دعم المواقف السورية في مواجهة الإعلام المغرض، كما يجب أن نقف باحترام أمام القنوات السورية مثل «الدنيا» و«الإخبارية» و«الفضائية السورية» والتي قدمت أداء مقبول وإن كنت أطمح إلى أن يكون الأداء أفضل من ذلك.

برأيكم ما هي آفاق الحلول في سورية ؟

إن السبيل للخروج من الأزمة لا يقوم على ما سمي بإسقاط النظام. هذا النظام هو نظام شرعي دستوري جاء من قبل غالبية الشعب السوري ولم يفرضه الغرب علينا. جزء من الحل يكمن عند المعارضة السورية «الوطنية» (لأن ليس كل المعارضة وطنية) والتي يجب أن تُقر بأن هناك مؤامرة تستهدف سورية. أتمنى من المعارضين ذوي الاسم والمصداقية أن يظهروا ويدينون المؤامرة ومن ثم يجلسون مع الحكومة والحديث معها والتي يجب بدورها أن تكون منفتحة على كل الآخر. ما أريد القول هنا هو أن الإصلاح لا يبدأ من اتهام الآخر بالفساد، بل يبدأ من الوقفة الذاتية الناقدة للذات حيث يجب أن تسأل المعارضة نفسها ماذا قدمت لسورية في حين يجب على الحكومة أن تسأل نفسها أين أخطأت.
إن المحنة في نهاياتها وهناك مبادرات إيجابية وعلى الجميع الوقوف ومعرفة أين أخطأ وعلى الكل التعاون لإنجاح العمل على حل هذه الأزمة.

ما هي رسالتكم للشعب السوري عبر مؤسسة دام برس الإعلامية ؟

كل من سقط على تراب سورية هو شهيد سواء أكان قد غُرر فيه أم لم يُغرر (ما عدا الخائن المدرك لما يفعل). أود القول بأنني رجل دين إنما أدعو إلى فصل الدين عن الدولة وتكون دولة سورية مدنية يحكمها القانون . فيما يتعلق بالحرية فأود القول: الناس تنادي بالحرية ولكن هذه الحرية هي تحت سلطان الله والقانون. الحرية هي احترام للقانون حيث يجب ألا نكون فوقه بل يجب أن يسود في علاقاته مع الآخرين. وحمل السلاح ليس حرية بل هو الفوضى . كما أن حرية الفرد تتوقف في حال مست حرية شريكي. أنا أعرف أين حدود وأين أقف وأين أمسي وأين أبني وأين أهدم. وبينها وبين الفوضى شعرة الكثير منا يتخطاها دون علمه. أقول لمن يخرج في التظاهرات مطالبا للحرية خوفي أن تكونوا قد وقعتهم في فخ الحرية وهي مفهوم سامي يجب أن تدركوه وأدعوكم للمحافظة على الوطن. كلنا نعلم أن ألوان قوس قزح هي سبعة إلا أنها تجتمع في لون واحد هو اللون الأبيض وهو لون نقي. نحن أطياف متفرقة إنما ما يجمعنا هو الطيف السوري حي أعجبت جدا بفكرة «طائفتي سورية» التي نراها في الشوارع.
أقول يا أيها الشعب السوري ساندوا رئيسكم وحكومتكم لكي نحافظ على ما بناه الشعب السوري من خلال قائده الرئيس الخالد والرئيس الدكتور بشار الأسد فلا تضيع الإنجازات الماضية. كما يجب أن نعمل على مساندة البيت السوري لأن أي شق في أي عمود سيؤثر على كامل البيت.

أدعو  إلى الحوار والتكلم مع بعضنا البعض والحوار. كلنا سنزول ونموت ولكن من سيبقى هو الوطن ولا وجود لنا إلا بالوطن. وأخيرا أدعو الجميع عبر موقعكم أن نقوم معا لبناء الوطن لأن في هذا الأمر وحدتنا. سورية ليس لأي أي أحد، سورية لنا كلنا.

أجرى الحوار : نشوة مريش

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=51&id=39223