الرئيسية  /  تحقيقات

الطلاق بين العرف والتقاليد ..الشرع والقانون .. والنتيجة أسرة مفككة .. والأطفال إلى مستقبل مجهول


دام برس : الطلاق بين العرف والتقاليد ..الشرع والقانون .. والنتيجة أسرة مفككة .. والأطفال إلى مستقبل مجهول

دام برس – رنيم طيارة :

قالوا الكثير من عبارات التبجيل والتمجيد في المرأة، ووصفوها بأجمل الأوصاف فهي الأم والأخت والزوجة والابنة والجدة والعمة والخالة...الخ، وهي عماد المجتمع التي لا يستغنى عنها في كل الظروف والمراحل التي تمر بها المجتمعات. مع اعتراف المجتمع بأهمية المرأة ومكانتها إلا أنها لا تسلم من عثرات الزمن الذي من الممكن أن يجلب لها الويلات دون سبب يستحق ذلك وأقل هذه الويلات يتمثل في الطلاق الذي تعتبره كثير من النساء العدو الأول لهن باعتبارها الخاسر الأكبر في هذه المعادلة .

ارتفاع نسب الطلاق

لم يعد خافياً على أحد ازدياد حالات الطلاق في المجتمع السوري والعائدة لأسباب عديدة ورغم اختلاف هذه الاسباب فإننا في النهاية نصل الى حقيقة هامة أن عددا كبير من النساء تقعن ضحايا الظلم الاجتماعي بوصفهن مطلقات . فيعانون اضطرابات في حياتهم المادية والنفسية نتيجة تفكك أسرهم ، تشير الأرقام والإحصائيات إلى أن نسب الطلاق في ازدياد  فقد سجلت المحاكم الشرعية في المحافظات السورية مع نهاية العام 2008 /17055/ حالة طلاق وبزيادة ملحوظة عن العام 2007 الذي سجل 15916 حالة طلاق بينما كان عدد حالات الطلاق في العام 2003 /13394/ حالة طلاق. واحتلت دمشق المرتبة الأولى بحالات الطلاق المسجلة بـ5562 حالة وجاءت ريف دمشق ثانياً بـ2344 حالة طلاق وحلب ثالثاً بـ2205 حالات طلاق.

التفاهم أساس بناء أسرة مستقرة

" رباب " امرأة مطلقة  38 سنة لها 3 أبناء قالت : " خضت تجربة عسيرة بعد مدة سنتين من الزواج لكن كان مصيرها الانهيار تعددت الأسباب والطلاق واحد لا ادري من السبب ولكن أقول هل يمكن لأي إنسان أن يعيش في بيت مبني على أساس الاضطهاد واللامبالاة والمرأة فيه ليست سوى خادمة , حاولت بكل ما استطيع تلافي هذه النهاية التي كان ضحيتها أولادي الثلاثة وبهذا ازدادت المتاعب والمشاكل بعد عودتي إلى بيت الأهل ، تعلمون نظرة المجتمع إلى المرأة المطلقة تكون مراقبة من كل الجوانب وهذا عبء آخر فلم أكن قادرة على إعالة الصغار وبهذا فقدت الإحساس بالحياة وأنا انتظر أن يعطف البعيد والقريب على أولادي ضحية عدم التفاهم وحل المشاكل بشكل منطقي " .

الأطفال ضحية نحو مستقبل مجهول

بالنسبة للأطفال بعد الطلاق، فان لحظة الاعلان عن طلاق الوالدين هي اصعب لحظة في مرحلة الطفولة. هذه اللحظة تنطوي على عدم اليقين، الارتباك، الخوف وحتى الشعور بالذنب. في حالة الاطفال الصغار، كثيرا ما يعتقدون ان انفصال ذويهم حدث بسببهم . و اذا كان الاطفال اكبر سنا، فانهم كثيرا ما يشعرون بالانفصال بشكل ملموس. يحدث ذلك بعد فترة طويلة يكونون قد شهدوا فيها على التوتر بين ذويهم، التوتر الذي ادى الى الانفصال. ( ر . ك ) 16سنه طالب رفض رفضا قاطعا أن يطلعنا على تجربته التي عاشها بعد انفصال والديه ولكن بعد إلحاح شديد وتعهدنا بعدم ذكر اسمه قرر أن يفيدنا ببعض ما جال في خاطره بعد انفصال والدية فقال: "منذ أن فتحنا أعيننا أنا وإخوتي الاثنين على الحياة صوت الصراخ والمشاكل لا يفارقنا , سنوات مرة على هذا الحال دون حل , ازدادت المشاكل بين أمي وأبي , واعتقد أن السبب كان والدي لعدم تصرفه بشكل مسؤول فقد تزوج من امرأة أخرى غير والدتي وأهملنا فزادت المشاكل،كانت تنشا مشكلة تلو أخرى فكان الحل الجذري لذلك هو الطلاق ونحن ضحية سوء تصرف ليس إلا ذنبنا الوحيد أننا نشئنا بين أب وأم لم يراعوا الحياة الطبيعية كاسرة مستقرة ولم يفكروا بمستقبل أولادهم ونحن الآن نسكن في بيت جدي مع والدتي اضطر للعمل بين الحين والآخر لمساعدة إخوتي كوني أنا الأكبر بينهم".

الطلاق يحطم نفسية الرجل

ونجد أن جملة العادات والتقاليد الخاطئة تحمل المرأة السبب الأول في فشل الزواج وانحراف الأبناء، وتتيح للرجل فرصة الزواج مرة ثانية وثالثة بحجة أنه الأسرع في التأقلم مع الحياة من جديد بينما تفشل حواء في ذلك لأنها الأضعف. إلا أن الحقائق العلمية تؤكد أن الرجل والمرأة يعانيان من الطلاق، فالرجل المطلق يعاني غالباً من عدم القدرة على التكيف اجتماعياً بعد الطلاق مثله مثل المرأة، كما يواجه صعوبات في خوض التجربة مرة أخرى. كما يتضايق الرجال بعد الطلاق ليس فقط نتيجة فقدان دورهم كأزواج، ولكن خسارتهم لدورهم كآباء، فالأم تلعب بعد الطلاق دور الأب والأم معاً أما الزوج فيخسر دوره كأب في أغلب الحالات .

تقول " نغم البشير " اختصاصية في علم الاجتماع : " أن الفهم الخاطئ للدين يصعب المسألة، من خلال سوء توظيف الحق الذي منحه الدين للرجل في مجال الطلاق، إذ يلجأ بعض الرجال إلى استخدامه، على نحو فوري وسريع، لأتفه الأسباب، انطلاقا من أن هذا التصرف "لا يعيب الرجل في المجتمع ولا ينتقص من رجولته"، مبيناً أن هذه نظرة خاطئة. وتضيف "أن العطف والحنان موجودان عند الرجل، غير أنه يخفيهما ولا يجاهر بهما، لافتة إلى أن الدراسات المتعلقة بالطلاق وجدت أن 75 % من الرجال الذين يطلقون زوجاتهم يندمون، ويعترفون أن قراراتهم غير صائبة، ولو عاد بهم الزمن إلى الوراء لما ارتكبوا مثل هذه الخطأ مما يجعلهم يعانون من ضغوطات نفسية جراء الإحساس بالذنب وضغوطات اجتماعية كإلقاء اللوم عليه في القضاء على زواجه نتيجة تسرعه الغير مدروس  ".

"القسم بالطلاق": "استعراض" ذكوري ينتهي بـ "خراب البيوت"

الكثيرون يخطئون في تفسير جوهر "الرجولة"، فينسبونه إلى "المنفخة"، و"التسلط"، والانفراد بالقرارات، فإن الأسوأ أن تكون المرأة الميدان الوحيد لممارسة "منفخة" الرجل وإثبات ذكوريته، عبر قرارات انفعالية، أو عبارات متوارثة ، بحثا عن "انتصار" وحيد يشفي غليل الرجل، ولعل "الحلف بالطلاق" هو أحد تلك الموروثات المدمرة حقا.

 " كمال "، مثلا، لم يتوقع يوما أن تنتهي علاقته الزوجية بـ"سهولة" نتيجة عادات اجتماعية ورثها أباً عن جد، إذ كان يجهل أنه كلما حلف بالطلاق فإن الطلاق يقع، فعلا، على زوجته، معتقدا أن "العبارة" مجرد كلمة مجرد "حلفان" لا قيمة لها.

وها هو  خاسرا زوجته، ويؤكد أنه لن يكون بوسعه العودة إليها إلا إذا تزوجت غيره، حسب الشرع الإسلامي الذي كان يجهله .

الطلاق بداية لحياة جديدة

بعض النساء يعتبرن الطلاق نهاية لحياتهن، ويدخلن في حالة من الاكتئاب والعزلة، وقد يمتنعن عن تكرار تجربة الزواج مرة أخرى خوفاً من فشل آخر. لكن في المقابل، هناك من نجحن في تجاوز تعقيدات تجربة الطلاق، ويؤكدن أن الحياة تبدأ من جديد بعده. وأنه نهاية من أجل بداية جديدة. " لينا "(مدرسة، 36 عاماً) تخلصت من لقب «عانس» عندما تزوجت في الـ32، وبعد الزواج بعامين حصلت على لقب «مطلقة»، وتؤكد أنها بدأت حياتها من جديد بعد الطلاق.

تقول: «تزوجت من طبيب يكبرني بثماني سنوات، أبهرني بشخصيته وكلامه المعسول. لم تستمر خطبتي أكثر من ثلاثة أشهر، فنظراً إلى كوني «عانساً» لا يوجد وقت للخطبة، واقتنعت بأن التعارف بعد الزواج أفضل وأكثر واقعية، إلا أنني وجدت شخصاً مختلفاً بعد أسبوعين من الزواج، عصبياً جداً، يعاملني كجارية ولا مانع من الضرب والإهانة ، لذا فضلت الانفصال وأغريته بالتنازل عن كل حقوقي فوافق». وتضيف: «حياتي لم تنته بعد الطلاق، بالعكس بدأت من جديد».

الطلاق العاطفي

أما في حال الزوجين اللذين يعيشان معاً كزوجين ظاهراً وهما مطلقان حقيقة، حرصاً على أولادهما أو اتقاء لانتقاد المجتمع، فيرى "عامر" 25 عاما وابن لزوجين مطلقين أن مثل هذه الحياة لا تستقيم أبداً، لأن الزوجين بعد الطلاق يصبحان غريبين عن بعضهما، وإذا كان الزوجان يطمحان لراحة أبنائهما ومصلحتهم فإنه كان عليهما أن يتحسبا لذلك بعدم الوصول إلى ما من شأنه أن ينهي حياتهما الزوجية، ثم إن الأصل في الزواج الصراحة والوضوح، ومثل هكذا حياة هي في الحقيقة تمثيلية لن تستمر وستؤثر على نفسية الزوجين وسلوكهما ومشاعر أبنائهما تجاههما.

بمعرفة الداء يكون الدواء

الطلاق لا يحدث بالصدفة، إنما هو نتيجة عدد من الأسباب التي تجعل الحياة تبدو مستحيلة في أذهان الزوجين. لذا من الضروري التعرف على اسباب الطلاق، او اكثر المشاكل الشائعة التي تؤدي الى الطلاق، لمحاولة تجنبها .بالإضافة إلى معالجة ظاهرة  تكريس "الحلف بالطلاق" عبر الفنون الحديثة التي خانت رسالة الفن تحت ذرائع مخاطبة الحس الشعبي ومفرداته، فكم من مرة وردت عبارات الحلف بالطلاق في أغاني ، تستمع إليهم الأجيال "بحب" وربما بـ"تقليد"... وهل يمكن أن ننسى مثلاً " لجعل طلاقك حبة زيتونة" !

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=11&id=35312