الرئيسية  /  تحقيقات

مساكن عدرا العمالية : ثالوث المرض .. قمامة -غمامة سوداء - هواء ملوث


دام برس : مساكن عدرا العمالية :  ثالوث المرض .. قمامة  -غمامة سوداء - هواء ملوث

دام برس - بشار اسماعيل :

تتميز مساكن عدرا العمالية في ريف دمشق ببنائها وتنظيمها الحديث وشوارعها العريضة النظيفة وقد لا يكون من المبالغ فيه أن نقول أنها من أحدثها، فمن يعرفها يعلم أنه لن يرى فيها خط هاتف أو كهرباء أو ماء فكلها مخفية في الأرض للمحافظة على جماليتها واعتاد الأهالي الاستمتاع بهذه الأمور حتى خلال السنتين الأخيرتين , فالكثير يمارس رياضة المشي صباحا ومساءا وطبعا لا ننسى الجلوس على الشرفات وشرب فنجان القهوة الصباحي والمسائي, ولكن ما كان ممتعا بالأمس أضحى مشكلة اليوم .

فنتيجة للأوضاع الراهنة لم تقم البلدية بنقل القمامة إلى المكبات النظامية بل أصبحت تلقيها وتجمعها بالقرب من المدينة ويضاف إلى قمامة المدينة القمامة المتجمعة من ضاحية الأسد بحرستا وكذلك مخيم الوافدين, والأسوأ من تجميعها هو عملية حرق هذه النفايات وما ينتج عنها من روائح كريهة جدا ودخان أسود مزعج وأمرض صدرية مزمنة. وقد قابلنا مجموعة من الأهالي اشتكوا إلينا على أمل أن يصل صوتهم ويسمع.

يقول عقبة: بيتي لا يبعد أكثر من ثلاثة مئة متر عن مكب القمامة وعانيت كثيرا من الحشرات خاصة البعوض والذباب خلال فصل الشتاء الفائت وهو أمر لم أعهده من قبل, ولكن ازداد الأمر سوءا فالدخان الكثيف والرائحة المزعجة الناتجة عن احتراق النفايات أثرت كثيرا علينا, فخلال الأيام الماضية أسعفت إبني وهو بعمر سبع سنوات مرتين لأنه يعاني من الربو.

تقول صفاء: كنت أنتظر فترة الربيع حتى أجلس في حديقة المنزل لكني هذه الأيام أبقى داخل المنزل لأتجنب الرائحة المزعجة وأغلق الشبابيك بإحكام وصدقا أصبحت أضع كمامة في الليل كي أستطيع النوم.

\"\"

يقول محمود أنا من سكان حرستا ونتيجة للأوضاع التي كانت سائدة اضطررت للانتقال مع عائلتي إلى مساكن عدرا وسكنت في الأبنية الجديدة ومكب القمامة لا يبعد عني سوى أقل من عشرة أمتار وكل يوم تنقص هذه المسافة وأحيانا أجد القمامة متجمعة أمام مدخل البناء حيث يقوم النباشون بتجميعها هناك ريثما تأتي سياراتهم لتحميلها، ولكم أن تتخيلوا كم عانينا من الروائح سابقا وكم نعاني من دخان احتراقها حاليا.

هواء ملوث يعني أمراض صدرية

يقول الدكتور حسام القاسم أخصائي صدرية: 
يتسبب الهواء الملوث في العديد من الأمراض وأبرزها سرطان الرئة والأمراض التنفسية وانقباض الصدر وتضيق القصبات الهوائية، وصعوبات في التنفس خاصة للمصابين بالربو، وقد تتسبب بالوفاة، ويعد الأكثر تأثرا بهذه الأمراض هم الأطفال والأجنة في أرحام أمهاتهم والرضع والمسنين ومرضى الربو، ومن يعانون من ضعف في الجهاز المناعي.

السلسة الغذائية في خطر

إن السموم الضارة المنبعثة من حرق النفايات في العراء تشمل مركبات الديوكسين، التي تولد الملوثات بكميات كبيرة نظرا لدرجات حرارة الاحتراق المنخفضة وقلة توزيع الهواء، وقد تم تحديد الحرق المكشوف للمخلفات الصلبة من قبل وكالة حماية البيئة الأمريكية (US-EPA) على أنه «أكبر مصدر من حيث الكمية» لانبعاث الديوكسين، وهي مادة شديدة السمية حتى عند انبعاثها بمستويات منخفضة للغاية، وترتبط بمشاكل صحية خطيرة على البشر، حيث تلعب الدور الرئيسي المسبب لمرض السرطان من خلالها تشكيل الأورام الخبيثة، ولها تأثيرات سلبية على النمو والتكاثر.
و يمكن للديوكسين والفوران والهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات المنبعثة من حرق النفايات في الأماكن المفتوحة الانتقال لمسافات طويلة لتستقر على المواد الغذائية والمحاصيل الزراعية والمراعي، وبإمكانها أيضا أن تتراكم في السلسلة الغذائية، وتلوث اللحوم والألبان وغيرها من المنتجات التي يستهلكها البشر وهذا يؤدي إلى تلوث غذائي.

ضعف الميزانية والإمكانات

وفي حديث مع مهندسي البلدية أبلغونا أن البلدية بكادرها مدركة تماما للمشكلة فمعظم القائمين على البلدية هم من سكان مساكن عدرا العمالية بمن فيهم رئيس البلدية الذي لا يبعد بيته عن مكب القمامة أكثر من خمس مئة متر وأكدوا أن لديهم كادر بشري جيد ويقوم بعمله على أكمل وجه ولكن المشكلة تكمن في موازنة هذه السنة والتي لم يستطيعوا من خلالها تغطية تكاليف النقل الجديدة إضافة إلى أن المكب القديم يصعب الوصول إليه حاليا وأيضا عدم توافر آليات بشكل كاف فما هو متوفر عبارة عن سيارتين ضاغطتين بحاجة شديدة للصيانة ولا يستطيعون إيقافها لإجراء هذه الصيانة لضرورات العمل، أما فيما يتعلق بحرق النفايات أكد المهندسون أن من يقوم بحرق النفايات هم النباشون وأن البلدية حاليا تبذل جهدها للبدء بنقل أو طمر هذه النفايات كحل مؤقت لهذه المشكلة.

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=11&id=34337