الرئيسية  /  لقاء دام برس

أنيس نقاش لدام برس: لاأرى ضربة لسورية .. بل أرى شرق أوسط بدون إسرائيل .. الأسد سيكون قائداً لوحدة بلاد الشام قاطبةً ..انتهاء الصراع في سورية لن يحدد فقط موازين القوى وإنما سيفرض سياسة تحالفات جغرافية المنطقة للعقود القادمة


دام برس : أنيس نقاش لدام برس: لاأرى ضربة لسورية .. بل أرى شرق أوسط بدون إسرائيل .. الأسد سيكون قائداً لوحدة بلاد الشام قاطبةً ..انتهاء الصراع في سورية لن يحدد فقط موازين القوى وإنما سيفرض سياسة تحالفات جغرافية المنطقة للعقود القادمة

دام برس _  آية العلي - ملك عبد السلام  -اياد الجاجة :

في ظل التخبط الذي يعانيه حلفاء أمريكا اللبنانيين يؤكد الأستاذ أنيس نقاش عدم تفجر الوضع الأمني في لبنان بسبب انحسار السيادة الأميركية على المنطقة وغلبة موازين القوى لصالح القيادة السورية التي حققت انتصاراً استراتيجياً لا مثيل له في تاريخ الشعوب، الأمر الذي يدفع بعتبة التوقعات لضيفنا لأن يتقلد السيد الرئيس بشار الأسد زمام قيادة بلاد الشام، فحسابات الحرب الأمريكية على سورية تفقد جدواها التكتيكية، وانتهاء الصراع في سورية سيفرض سياسة تحالفات جغرافية المنطقة للعقود القادمة.

_بدايةً، هلّا أحطتنا بقراءة شاملة لمجريات الأحداث في سورية وتداعياتها على المستوى الإقليمي والعالمي؟

سورية اليوم هي قلب العالم تستقطب اهتمام كافة الوسائل الإعلامية والسياسية بسبب الأحداث التي تشهدها منذ عامين ونصف،سواء كانت توجهات تلك الأوساط تدور حول سيادة الدولة السورية أو تعاديها إلى جانب المجموعات الإرهابية المسلحة.

واليوم تصاعد هذا الاستحواذ بعد التهديدات التي أطلقها أوباما بشن عدوان عسكري على سورية، التي رد عليها لافروف حيث أكد على ضرورة التسليم بتعدد القطبية في العالم ومن لم يستطع قراءة هذا المشهد فإنه غير مدرك لخطورة المعركة المندلعة على الأرض السورية والتي ستحسم الصراع وترسم خريطة المشهد السياسي الدولي بسبب صمود وثبات الدولة السورية شعباً وجيشاً وقيادةً في وجه الحرب الأممية المعلنة عليها.

إن حلفاء الولايات الأمريكية اليوم ممن يخشون على مستقبلهم مثل دول الخليج وتركيا مصدومون بسبب تراجع أوباما عن توجيه ضربة عسكرية لسورية وهذا ما يأكد تعويلهم على سياسة أمريكا في المنطقة لخدمة مصالح اسرائيل الاسراتيجية، وتبدى للعالم بأسره أن سورية لا تخوض معركة داخلية بين العناصر المتمردة والدولة، وإنما هو حراك عالمي ضد سورية بسبب دورها الدراماتيكي وجغرافيتها، وطبيعة المعركة تشير إلى ارتكاز دول المنطقة كإيران والعراق ولبنان على الموقف السوري رغم المحاولات المستميتة من قبل حلفاء أمريكا لتشويه الإعلام وتزييف الحقائق.

\"\"

ومما لاشك فيه أن سورية تحاط بشبكة أمان إقليمية ودولية،تبدأ من الفيتو الروسي الصيني، مروراً بالمواجهة الفذة لمظاهر الإرهاب المسلح على الأرض السورية، إضافة لما يمكن أن تفتح به من جبهات أخرى لقوى عسكرية تستعد لخوض الصراع، ولذلك من يدعي أنه يستطيع تقديم حسابات دقيقة لمجريات الأحداث وما تنتجه من تداعيات فهو مخطئ، لأن اسرائيل لن تتمكن من تحديد الجبهات المفتوحة ضدها، فالأمور ضبابية بالمطلق بالنسبة لأمريكا أيضاً.

انتهاء الصراع في سورية لن يحدد فقط موازين القوى وإنما سيفرض سياسة تحالفات جغرافية المنطقة للعقود القادمة.

إسرائيل التي تمثل محور الصراع في الشرق الأوسط و يبرر حلفاؤها لأنفسهم كل أشكال السياسات لحمايتها وتحقيق مصالحها،إنما نخوض معها حرب وجود بدفاعنا عن معسكرنا المقاوم لمشروع الامبريالية العالمية، و لا أرى أفقاً استراتيجياً للمعركة إلا بنصرنا المؤزر الذي تؤكده صحة الحسابات الاستراتيجية على أرض المعركة بعيداً عن الطموحات والآمال، و إن كان غير ذلك لعجلت أمريكا في توجيه الضربة العسكرية، ولكن اسرائيل لم ولن تجرؤ على اتخاذ هذه الخطوة وهذا ما جعل حسابات الحرب الأمريكية على سورية تفقد جدواها التكتيكية.

_الأزمة السورية سببت شرخاً في بعض أطياف المجتمع، حدثنا عن عمق هذا الصدع وكيف السبيل لرأبه؟

باعتبار مكونات الصراع داخلية، فقد ضربت النسيج الاجتماعي لسورية و المنطقة بأسرها التي تشهد هيجاناً غير مسبوق في لبنان والعراق ومصر، جميع الجنسيات تبحث عن هويتها وملامح وجودها في الصراع الذي تتبنى أطرافه انتماءات فرعية تكرس التفرقة الطائفية وتتسلح بقوة عسكرية لحماية البيئة الحاضنة لها، فكثير من الألوية المزعومة للمجموعات الإرهابية المسلحة شكلت نفسها في مناطق محددة دون امتدادها على ساحة الأرض السورية.

هذه المسائل مجتمعة أثرت في وحدة النسيج المجتمعي للشعب السوري، وليس من السهل مع الانتصار المحقق لسورية تخطي هذه الرواسب، فيجب أن يؤخذ بعين الاعتبار خلال هذا الصراع إعداد مشاريع تلملم الشرذمة التي يشهدها الصعيد الشعبي السوري، إيماناً بأن الإنسان يحمل بطبيعته  فرق كمون لكثير من الانتماءات التي يمكن التأثير عليها فتطغى أحداها على الأخرى وتطفو إلى سطح الموقف، وقد يكون أحدها طائفي أو مذهبي أو عشائري، ولكن عندما يكون الموقف خارج هذه الانتماءات المحدودة الأطر ويحمل الطابع الوطني في صراعه مع طرف خارجي فلا بد أن تتجسد ملامح الهوية الوطنية دون أي اعتبار لعلامات فارقة تكرس التعصب الطائفي أو المذهبي أو العشائري فهذا الكمون يجب ألا يترك خضيع المورثات بل لا بد من معالجته بامتلاك الإرادة والعمل على إنتاج مشاريع سياسية إستراتيجية يعم بها الخير على الجميع تنصهر فيها المصلحة الوطنية والشعور الوطني الذي يحدد المسؤوليات ويفندها بين الحقوق والواجبات.

وللأسف، لا أعتقد أن هناك من يقدم هذه الأفكار في الوقت الراهن ليضع خطة تعالج تداعيات الصراع لما بعد بعد الأزمة، لأن تلك المشاريع النظرية تؤجج الأمل بالانتصار أو بتغيير بوصلة العقلية المتطرفة، فالإعلام هو الذي يصوغ الخطابات ويرفع مستوى الوعي بمصداقيته وتناوله دقائق الأمور بكل واقعية وذلك تسليماً بنظرية ماركس التي تفي بأن الإنسان هو انعكاس للواقع المادي بوعيه، وبالتالي المطلوب تحديد توجهات سياسات الإعلام لتحقيق الأهداف المرجوة من خلال اختيار المفردات التي تلقن للعدو ليصوغها حسب الإستراتيجية التي نتبناها ونحدد له مسارها، دون السماح لأنفسنا بمضغ المفردات الإعلامية التي يعمد العدو تصديرها إلينا، وهنا تكمن أهمية الإعلام لتفعيل دوره في تقييم ميزان الحرب والقوى المتصارعة.

_تطرقت بنا إلى رسالة كنت قد وجهتها لخالد مشعل،ما هي ماهيتها؟

وجهت رسالة مؤخراً لخالد مشعل ذكرته فيها بلقاء جمعنا قبل مغادرته دمشق بفترة وقد صعق عندما أبلغته بتشكيل شبكة إقليمية ودولية لسورية تضمن لها بقاء الدولة والنظام.

وها نحن اليوم نشاهد بالعين المجردة خيوط تلك الشبكة المتناهية القوة.

فقد خسر خالد مشعل كل رهاناته مع حلفائه لإسقاط الدولة السورية التي حققت انتصاراتٍ أذهلت العالم بروعتها.

\"\"

_هلا حدثتنا عن المفارقات التي مثلتها الدول الفاعلة في قرارات مجلس الأمن حيال العدوان الأميركي المزعوم على سورية؟

هناك تحليل بين المفارقات يفي بأن هناك عمليات جدية للعمل العسكري المنظم ضد دمشق، ولكنها في نفس الوقت كانت خطة لتهديد ومساومة حلفاء سورية، و باعتقادي فإن كيري هو من قام بتركيب مفردات تلك الخطة وهو مكلف للتفاوض مع روسيا في الوصول إلى جنيف ولكن شعوره بضعف موقفه وتنفيذاً لاستراتيجيته دفعه لاختلاق سيناريو يجعل أوباما الغير قادر على خوض حرب يعلن جزءاَ من هذه الحرب أو يديرها فتم التخطيط لعمليات مترافقة بخشية الهزيمة وكان لا بد من مفاوضة روسيا وإيران لعمل ضربة صغيرة محددة لتحسين ميزان قواهم يضمنون معها عدم حدوث ردة فعل يخشونها، وهذا ما دفع بزيارة فيلتمان والسلطان قابوس لإيران وبندر بن عبد العزيز لروسيا ولكن الرد الروسي والإيراني جاء رافضاً للمساومة بكل المقاييس تاركاً تحديد غلبة ميزان القوى كنتيجة لحسم المعركة.

أما بالنسبة للموقف السوري فليس هناك ما يندرج في إطار ضربة عسكرية محدودة أو صغيرة بل كله عدوان على الأرض السورية والسيادة السورية، وسيلقى ردة فعل مدمرة ويجسد تداعيات خطيرة على محور الحرب الحقيقية في سورية والمتمثل بالدولة السورية ورمزها سيادة الرئيس بشار الأسد بما يفتح لهم الطريق لإرسال من يفاوض رجال النظام على سيادة الدولة كما حصل في العراق وليبيا وهذا من المؤكد أنه مندرج في أولويات جدول أعمالهم.

_ألا ترى في الحراك السياسي والعسكري الذي تشهده الساحة العربية والسورية خاصةً محاولةً لحجب الرؤية المسؤولة لمحور المقاومة عن تحقيق أهدافها في صراعها مع اسرائيل؟

إن الحرب في سورية والحراك العربي ما هي إلا عصاً في دولاب الوصول إلى إسرائيل فعندما تم توجيه رد سوري وإقليمي متمثل بإيران وحزب الله على تهديدات بالعدوان الأمريكي اندلعت المفاجئة بالنسبة لأمريكا وإسرائيل وحلفائها بوجوب الرد لضرب إسرائيل وضرب مصالح أمريكا في المنطقة وهذا ما جعلهم يتخاذلون عن قرار ضربة عسكرية لسورية ووضعوا أنفسهم في مأزق كبير، فإذاً النصر لسورية مهما تعددت السيناريوهات وكيفما تصاعد الموقف، لذلك توجه نتنياهو لوزرائه بمنع التطرق لقرار الكونغرس الأمريكي الذي سيدلي به لأوباما بخصوص العدوان العسكري على سورية خشية رد الفعل السوري وما يشكله من خطرٍ كبيرٍ على أمن إسرائيل، فإسرائيل هي من تقود العملية العسكرية ضد سورية وهذا يجسد العلاقة العضوية بينها وبين أمريكا، ولكن رغم المناورات السياسية والإعلامية التي يمثلها ذلك الارتباط، فأن القوة النارية له أضعف من القوى النارية العسكرية في كفة القوى العالمية المعادية أمريكا وإسرائيل وحلفائهم في المنطقة، قد يكون لديهم قوة نارية إستراتيجية في العالم موزعة في منطقة الشرق الأوسط دون الاعتماد على الإرادة الشعبية ومحاولات تشويش الخيارات العسكرية لأميركا، كتصعيد جبهة كورية الشمالية، حرب تموز مثلا تم استنزاف كل المخزون الإستراتيجي الإسرائيلي على الأقل في الجو، بينما صواريخ حزب الله التي استهدفت مواقع إسرائيلية كانت قديمة من إنتاج سبعينيات القرن الماضي فقدرتهم النارية الآن لم تزد عددا وإنما تعتمد على تطوير النوعية والإلكترونيات والمعلومات الإستراتيجية فما استخدمته اسرائيل في عدوانها على الضاحية الجنوبية والجنوب يفوق بأضعافٍ ما استهلك في حرب تشرين التحريرية على الجبهتين السورية والمصرية ولكن بخطتهم لقلب موازين القوى يطمحون إلى ضرب أهداف إستراتيجية في سورية ونقاط أساسية تشكل محاور دخول لقلب العاصمة، وهنا تجدر الإشارة إلى أن القيادة السورية بعد سنتين من الحرب تمتلك زمام المناورة التي تحفظ لها أمنها الإستراتيجي ، مجسدةً بصمودها حالة استثنائية في تاريخ الأمم.

_ما هو مضمون الرسالة التي وجهها الكرملين إلى الكونغرس الأمريكي؟

الرسالة الروسية للكونغرس الأمريكي تقدم وثائق تثبت براءة الدولة السورية من استخدام الكيماوي، ولذلك تم الإعلان مسبقا بأن الملف السوري لن يطرح على طاولة الحوار في قمة الدول العشرين، كي لا يعطى أوباما فرصة لاستنزاف هذا الملف يحقق به مكاسبه الاستراتيجية المأمولة.

التصريح الروسي كان صريحاً بأن أي ضربة ستنسف بمؤتمر جينيف للأبد ولذلك سيلجأ الأمريكي للتفاوض مع روسيا بما يحفظ ماء وجه أمريكا، ولكن بالمحصلة لا أرى إلا النصر لسورية وصناعة شرق أوسط دون مساومة على أسهم استراتيجية للولايات المتحدة الأميركية فيه، قد يلجأ به الأمريكي لعقد مؤتمر دولي لتلك الغاية، و لن يفلح فيه طالما جهودنا بالنصر لا تقف عند إغلاق الملف السوري وحسب، وإنما محور مقاومتنا ونضالنا يتبلور بإزالة الكيان الصهيوني عن أرضنا العربية.

_شهدت الساحة اللبنانية تمزق في نسيجها الوطني ضمن إطار الحسابات الاستراتيجية للحرب في سورية،ألا تخشون تخبط حلفاء الأمريكي واندلاع مزيدٍ من الاضطراب الأمني اللبناني؟

\"\"

تداعيات الحرب في سورية على لبنان واضحة، وهناك انقسام بين فئتين، من المفترض أن تتوجه قوى 14 آذار لمحور المقاومة العربية لوجود الكيان الصهيوني وتلتف حوله، وأنا أرى بهؤلاء أزمة مختلقة تحت تأثير عوامل نفسية إعلامية بدلت اتجاه مواقفهم، الأمر الذي يحتم علينا الانتباه أكثر للعلاقة معهم وعدم دفعهم للانغماس في عكس تيار المقاومة، لأن العمل الوطني في لبنان ليس على المستوى المطلوب، ولو كان الجهد منذ سنين طويلة مكرس لتغيير منهج هؤلاء لاختلف حالهم.

تفجير الوضع الأمني في هذه المرحلة ليس أمراً موضوعياً، فالصراع لم يتجلى نتيجة الضغط اللبناني اللبناني، بل الحقن موجود بسبب تأثير التفاعلات الخارجية على الأطراف التي تشكل ثلةً من أطياف الشعب اللبناني، لكن احتياطنا الإستراتيجي قوي ولن يسمح بتحركٍ يهدد السلم الأهلي.

حلفاء أمريكا من اللبنانيين يقيمون الآن مجالس العزاء بسبب تراجع أمريكا عن تجييش عدوانها العسكري على سورية.

لهذا يجب أن يكون خطابنا مدروساً لا يساهم في تصعيد موقف من أصابهم الخذلان الأمريكي.

_كيف تقرأ تداعيات انحسار الدور الأمريكي على صفحة الأحداث في مصر؟

نحى المشهد مؤخراً اختلافاً فارقاً في التوجهات السياسية والشعبية على الساحة العربية، كما مصر التي تكشفت لأبنائها ملامح مؤامرةٍ تستهدف الوطن العربي برمته.

مصر تقرأ انهيار النفوذ الأميركي بعين الترقب والوضوح، ولم يعد هناك انقياد مصري لأميركا لسببين هما هزيمة أميركا وتمرد مصر على تبعيتها الاقتصادية لها.

مصر اليوم تطمح لتمارس دورها في المنطقة ويجب على الجميع تهيئة الأرض الخصبة لهذا التحرك.

_ ماهي تطلعاتك لمستقبل القيادة السورية؟

باختصار..بشار الأسد سيكون قائداً لوحدة بلاد الشام قاطبةً.

- ماهي رسالتك إلى الشعب العربي السوري عبر مؤسسة دام برس الإعلامية ؟

على الشعب السوري أن يعرف أن المعركة ليست داخلية , بل سيجل التاريخ أن معركة سورية أسست لنظام عالمي جديد , وسورية ستخرج ليست دولة عادية بالمنطقة بل دولة قائدة للمنطقة بأكملها , وسوريا بشعبها ستكون أقوى .

أسرة دام برس : شكراً لك ولتشريفك إلى مؤسسة دام برس الإعلامية

نقاش : شكراً لكم واتمنى لكم التوفيق

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=51&id=31543