الرئيسية  /  تحقيقات

البطاقات التموينية تسرق من المناطق الساخنة ويتاجر بها في المناطق الآمنة والتموين والرقابة نائمان في حلاوة السكر وحق المواطن ضائع والدولة تخسر أموالاً طائلة


خاص دام برس – اللاذقية – بلال سليطين:

ليس فقط الغرب من يحارب المواطن السوري في لقمة عيشه فهناك سوريون أيضاً يحاربون اخوتهم بالوطن في لقمة عيشهم ويسرقون مخصصاتهم وحقوقهم ومقدرات وطنهم  في وقت أحوج ما نكون فيه إلى التكاتف والتلاحم والتعاون وضبط نفقات الدولة وايقاف الهدر خصوصاً في المواد الغذائية التي يعاني المواطن من صعوبة تأمينها من السوق وتعاني الدولة من صعوبة تأمينها من الخارج وتقديمها مدعومةً للمواطنين عبر مراكزها المعروفة باسم المؤسسات الاستهلاكية التي توزع المواد المدعومة على المواطنين بواسطة البطاقات التموينية.

على باب المؤسسة الاستهلاكية في المناطق الآمنة تجد عشرات ومئات المواطنين يقفون متزاحمين في ظل الحر الشديد للحصول على مستحقاتهم من المواد التموينية وخصوصاً السكر وفجأة يأتي تاجر من خارج الصف يأخذ أكياساً من السكر ويذهب الى متجره ليبيعها فيه على أنها سكر حر وسط امتعاض المواطن الذي لا حول له ولا قوة في ظل غياب الرقابة والتموين.

هذا الواقع دفع دام برس للدخول في هذا المعترك والوقوف مع المواطنين على المؤسسة الاستهلاكية والبحث والاستقصاء عن كيفية سرقة المواد التموينية وأسباب الازدحام الذي بدا غير مبرر لأسباب كثيرة في مقدمتها أن هذه المؤسسات تصلها كميات يجب أن تفيض عن حاجتها باعتبار أنها تحصل تقريبياً كل /3/ أيام على /11/ طناً من السكر وهو رقم لا يستهان به مقارنةً مع عدد المؤسسات الموجودة في كل مدينة مع مراعاة أن هذه المؤسسات مازالت تبيع السكر الحر في ظل هذا الظرف.

في الصباح تأتي السيارة تنزل حمولتها في المؤسسة (ليس جميع المؤسسات) وتغادر وبعد وقت قصير من التوزيع يقول الموظف المسؤول للمراجعين انتهت المخصصات عودوا بعد 3 أيام، يذهب المواطنون فيأتي التجار ومعهم عشرات البطاقات التموينية ويقومون بأخذ المواد التموينية وخصوصاً السكر على هذه البطاقات فتجدهم يحملون السكر بأكياس الخام المغلفة كما هي وبأوزان كبيرة ويأخذونها إلى محلاتهم التي غالباً ما تكون قبالةَ المؤسسة ويبيعون مادة السكر للمواطنين بأسعار السوق مما يؤمن لهم أرباحا كبيرةً ويكبد الدولة خسائر كبيرة فهي تشتري وتدعم هذه المواد لكي ينتفع منها المواطن لا لكي يستفيد منها التاجر والموظف الفاسد.

مصادر دام برس قالت بأن هذه البطاقات التموينية التي يأتي بها التجار هي بطاقات مسروقة من المناطق الساخنة في مختلف المحافظات السورية وقد اشتراها التجار بأبخس الأثمان، حيث يدفع التاجر ثمن القسيمة المسروقة عن كل شخص شهرياً /90/ ليرة سورية، أي أنه يدفع ثمن كيلو السكر الواحد حوالي 30 ليرة يضاف إليه المبلغ الذي يجب أن يدفعه ثمن السكر في المؤسسة والرشوى للموظف حتى يقبل بيعه كميات كبيرة من السكر بدون دفاتر عائلية، وإذا قلنا أن التاجر والموظف يتقاسمان المربح معاً فإنهما يتكلفان ثمن كيلو السكر /45/ ليرة ويبيعانه في السوق للمواطن بأكثر من مائة ليرة سورية أي أنهم يربحون أكثر من/55/ ليرة في كل كيلو غرام، وإذا أسقطنا العملية على كيس خام من السكر مختوم يزن /50/ كيلو غرام فإنهم يتكلفون حوالي /2300/ ليرة عليه ويبيعونه بحوالي /5000/ ليرة، وعلى هذا الحساب إذا باعوا /10/ أكياس يومياً فإنهم يكسبون /27000/ ليرة في اليوم.

عمليات الاحتيال لايقوم بها فقط التجار الكبار بل يقوم بها أيضا مواطنون حصلوا على القسائم بطرق غير مشروعة وتحولوا إلى تجار صغار يتنقلون يومياً بين المؤسسات ومعهم القسائم (البونات) وبعض دفاتر العائلة التي يستخدمونها في كل مركز على حده فيما يتم تبديل القسائم فقط، وبالتالي يأخذ نفس الشخص بنفس دفتر العائلة حصص عدة عائلات تمت سرقة قسائمهم (بوناتهم)، لكن وزن هذه الحصص يتراوح بين 5 إلى 10 كغ من السكر يومياً حسب متابعة وإحصائيات دام برس.

التموين غائب تماما وكذلك الرقابة عن هذه الظاهرة الخطيرة التي تكبد ميزانية الدولة خسائر فادحة، فلا  أحد يتابع هذه الظاهرة ولا يكافحها، فلو أن التموين والرقابة حاضران لتمت مكافحة هذه الظاهرة تدريجياً خصوصا ًوأن الكميات الكبيرة من مادة السكر تخرج من المؤسسات على مرأى من المواطنين وفي وضح النهار في مخالفة واضحة وصريحة للأنظمة والقوانين، وفي انتهاك واضح للأخلاق الوطنية والاجتماعية من قبل القائمين على هذه المؤسسات.

من أهم الثغرات التي يستند إليها الموظفون المسؤولون عن المؤسسات لتمرير المواد التموينية للتجار هي غياب الجداول التي يتم تسجيل أسماء العائلات التي حصلت على مواد تموينية من المؤسسات وبالتالي فان المواطن بنفس دفتر العائلة يمكنه الشراء من أكثر من مؤسسة، وكذلك فان الدولة لا يمكنها التدقيق خلف عامل المؤسسة لان عدد البطاقات التي يسلمها تكون مطابقة تماماً مع الكميات المباعة لكن يبقى الخلل في عدد العائلات التي حصلت على حصصها التموينية وان الحصص التموينية بيعت للتجار بدل المواطنين بطريقة من طرق الاحتيال والنصب المشرعن.

الى جانب ذلك يدأب بعض المسؤولين عن المؤسسات على ارتكاب تجاوزات أخرى فيما يتعلق بالعاملين الذين يقومون بتعبئة الأوزان بالمواطنين، حيث يجند لذلك أشخاص غير موظفين ولا متعاقدين وإنما هم أشبه بمفاتيح المسؤول عن المؤسسة وهم يكونون صلة الوصل بينه وبين الناس والتجار في غالب الأحيان يتولون عملية البيع أحياناً حتى يبعد عامل المؤسسة الشبهات عنه، وهؤلاء يتعاملون مع الناس بفوقية ويسيئون لهم، وهم بمعظمهم من أبناء الأحياء التي توجد فيها المؤسسات، ومكافحة هؤلاء والتعاقد مع أشخاص للقيام بمهمة تعبئة الأوزان من أهم ما يجب أن تهتم به الدولة والمعنيين بالسرعة القصوى بحسب المواطنين.

غياب المتابعة والمحاسبة من أهم الأمور التي دفعت بعض الفاسدين للتمادي في فسادهم في ظل غياب للأخلاق الوطنية عندهم والشعور بالمسؤولية تجاه الوطن في ظل هذا الظرف القاسي والتاريخي التي تمر به "سورية" لذلك فان محاسبة هؤلاء ومكافحتهم تعتبر واجباً وطنياً على المواطن والمسؤول معاً.

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=11&id=31397