الرئيسية  /  لقاء دام برس

الباحث والمحلل الاستراتيجي الدكتور سليم حربا لدام برس.. الوضع في سورية مطمئن جداً ومعركة حلب قادمة ..وأي حرب على سورية ستكون عالمية ..وأميركا بدأت بالاستدارة لأن أوراقها تحطمت في الميدان السوري


دام برس : الباحث والمحلل الاستراتيجي الدكتور سليم حربا لدام برس.. الوضع في سورية مطمئن جداً ومعركة حلب قادمة ..وأي حرب على سورية ستكون عالمية ..وأميركا بدأت بالاستدارة لأن أوراقها تحطمت في الميدان السوري

دام برس- ملك عبد السلام:

 ضيفنا لهذا اليوم متفائل جداً وبارع في تحليلاته , سواء على المستوى المحلي أو العالمي وحتى الاستراتيجي , معتبراً أن الوضع الميداني في سورية وعلى المستوى الاستراتيجي مطمئن جداً , وإن قراءته التحليلية و الاستراتيجية للوضع في سورية تؤدي إلى مكاسب محققة ومميزة لأن الخطأ في التكتيك ليس كارثة وطنية على المستوى العسكري والميداني .. وأكد أنه تنبأ باعتداء العصابات الإرهابية المسلحة على لجنة المراقبين واستهداف مهمتهم في التحقيق بملف استخدام السلاح الكيميائي في الغوطة الشرقية.. أنه الباحث والمحلل الاسراتيجي الدكتور سليم حربا في لقاء خاص مع دام برس. .. لنتابع:

-ما هو تقييمك للوضع الأمني والعسكري على مسرح العمليات القتالية للجيش العربي السوري ضد العصابات الإرهابية المسلحة؟

لتقييم الوضع الراهن، ننطلق بالحقيقة المجردة التي تبدأ من خان العسل وما حصل في الغوطة هو استكمال لهدف الإرهاب الذي نزل بضحايا تلك المجزرة باستخدام الإرهابيين للسلاح الكيماوي ولا أستبعد تكرار هذا السيناريو في مناطق أكثر حساسية مثل درعا وتحديدا في غربها ليخلق ذريعة للكيان الصهيوني بتهديد أمنه بالسلاح الكيماوي وهو أخطر ما يكون، فلا يخفى على أحد أن الكيان الصهيوني يستميت  ليأخذ موطئ قدم في غرب درعا من نوى إلى جاسم إلى الحارة التي تمكن الإرهابيون من الوصول اليها واستعادها جيشنا الباسل من قبضة العصابات الإرهابية المسلحة التي كلما تعرضت لضعف في موقفها أمام مواجهة واستهداف وحدات الجيش لاقت لها مسلكاً مفتوحاً من اسرائيل لعمق الجولان المحتل حيث تناور فيه وتخرج من مكان آخر فتدخل من البريقة لتبرز في طرنجة والعكس صحيح، فالجولان الآن مسرح لعمليات العصابات المسلحة تزودهم من خلاله اسرائيل بالسلاح والمؤن، لذلك يمكننا القول بأن المشروع في هذه المنطقة اسرائيلي بامتياز.

على الصعيد الميداني..الوضع الآن مطمئن ومطمئن جداً في تاريخ الحروب نشهد مراحلاً لأي حرب سواء كانت محدودة، اقليمية أو دولية، و لكل حرب اهدافها المعلنة والمستترة ،وفي حربنا ضد الإرهاب المنظم على أرضنا السورية تعاملنا منذ البداية مع الاهداف المعلنة وأسقطنا دوافعها ، كما تنبهنا لخطورة الأهداف المستترة و كشفناها، الأمر الذي أدى بنا الى التخطيط الاستراتيجي الصحيح.

المرحلة الافتتاحية من الحرب يعول عليها العدوان لتحقيق ما لا يقل عن70 بالمائة من أهدافه يستخدم فيها أقذر وأقبح وأخطر أنواع الأسلحة المادية و الإعلامية والسياسية والاقتصادية ولعل أشدها خطورةً أخطر ما يسمى بالسلاح الإيديولوجي وتحديداً ببعده الطائفي وقنابله المذهبية الموقوتة، كل هذه الأسلحة بما فيها عسكرة الإرهاب وسلوكه من دعم وتمويل وتسليح كانت أدوات العدو التي واجهناها في خضم حرب مركبة بكل أبعادها وليس فقط العسكرية والميدانية.

\"\"

وما شهدته الساحة السورية يشابه تماماً ما حدث في الحرب العالمية الأولى والثانية  من حيث امتداد المرحلة الأولى لأكثر من عام، هذه المرحلة التي يشهد لها تاريخ الحروب بتوقعات النتائج و إيضاح المؤشرات، لذا فإن ثبات الدولة السورية وصمودها في صد العدوان أسس لما تبقى لهذه الحرب أمام كل تحديات هذا الشكل المركب للعدوان بما فيه المستوى العسكري والميداني التي كثف فيها العدوان كل أسلحته وخياراته ومشاريعه وتعبئته المتشعبة الآفاق في هذه المرحلة، علماً أن المرحلة الأساسية تبلورت فيها كل أشكال المشاريع المخفية المستترة وظهرت للعلن فاستطعنا بصمودنا وتخطيطنا الاسترايتيجي التوجه بهذه الحرب وإدارة دفتها إلى المرحلة الختامية التي نعيشها الآن المميزة بعنوانها السياسي أكثر من طابعها العسكري.

دراماتيكياً ،كل الحروب تنتهي بالعمل السياسي وبالتسويات وهذا حسب مبدأ كلاوز،و لكن هذه النهاية دائما تعكسها موازين القوى في الميدان وانتصارات الجيش العربي السوري على أرض الواقع في المراحل السابقة رست بنا و في أيدينا انجازات سياسية وميدانية.

و بعيداً عن المبالغة والمزايدة بالحالة الوطنية فإذا وضعنا الأهداف على دائرة التطبيق بيننا وبين العدوان يمكننا القول بأن الغلبة،لأن كل تلك الأهداف والشعارات التي أطلقوها من إسقاط النظام وصولاً إلى تداعي نظام الدولة كانت مقدمة لضرب منظومة المقاومة والممانعة.

أما الهدف الآخر فيكمن بإضعاف القدرة العسكرية للجيش العربي السوري والعمل على انهياره، بينما يلاحظ الآن أنه يقوى ويشتد ولازال متماسكاً صلباً لا سيما بمرتكزه الاستراتيجي والعقائدي لأنه الآن وكان ولازال وسيبقى أرقى وأنقى وأسمى الحالات الوطنية ولا أقول المنظمات الوطنية لأن الحالة الوطنية أبلغ  في تحمل المسؤولية الوطنية أمام الحروب المعلنة على الوطن.

ومن جهة ثالثة عمدت تلك الحرب في هجومها الإرهابي الشرس إلى  تغيير الدور والخيار والهوية السورية لما تمثله سوريا من مرتكز ومحور المقاومة والممانعة وكونها خياراً استراتيجياً في وجه الكيان الصهيوني.

كما كان أحد أهدافهم الشيطانية تفتيت المجتمع السوري وتقسيمه إلى طوائف ومذاهب وفرق لشرذمة وحدة الأرض السورية في ظل مشروع الشرق الأوسط الجديد والفوضى الخلاقة، ورغم ذلك لا زالت وحدة البناء والأرض السورية متماسكة صلبة.

لقد حاول أعداؤنا التسلق بهذا العدوان وعسكرته لتحقيق غاياتهم ولذلك نستطيع القول بأن سوريا خاضت الحرب العالمية الأولى في مواجهة هذا الإرهاب ولا يوجد أي دولة أخرى في العالم تعرضت لهذه الحرب الأممية بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن سوريا حافظت على سيادة القرار الوطني والإقليمي، وهنا يجدر التأكيد على أن العدوان منذ بداية الأزمة وحتى الآن لم يكن له يوما واحداً  إرادةً في الحل السياسي وإنما لجأ إلى التهديد العسكري باستنساخ النموذج الليبي وتوجيه ضربة عسكرية من قبل حلف الناتو وفرض منطقة حظر جوي وكلها تصب في بوتقة عسكرة العدوان ولذلك لا بد أن يكون في المواجهة المركبة شقاً عسكرياً .

العصابات الإرهابية المسلحة تخوض حرب بالوكالة وفق الاستراتيجية الأمريكية المتجددة التي وجهت وقادت تلك الحرب على سوريا.

وللعلم فإن استراتيجية حرب بالوكالة هي بريطانية الجذور، تبلورت بقول تشرشل في الحرب العالمية الثانية( سأقاتل حتى آخر جندي روسي ضد الألمان) وهذا ما دفع الولايات المتحدة الأمريكية  والكيان الصهيوني العاجزان عن تحقيق أهدافهما الاستراتيجية في المنطقة للجوء إلى الخيار العسكري من خلال الإرهاب المتعدد الجنسيات لتحقق أكثر من هدف بآن واحد أولها ضرب منظومة المقاومة وتشويه جوهر الإسلام المعتدل والإسلام المقاوم الذي أبرزته فكرة التمسك بالإسلام والانتماء إليه في بلاد الشام تحديداً ونسف فكرة القومية والعروبة.

ومما لا شك فيه  أن تطبيق مشروع هذا الشرق الأوسط الجديد يتم على مراحل نعيش الآن مرحلته الأخيرة في هذه الحرب التي تلقي موازين القوى في الميدان بظلالها عليها، وكل هذا الضجيج من التلويح والتهديد بالتدخل العسكري ولم يكن يوما إرادتهم بالحل السياسي إنما هو ليس بجديد حتى موضوع الكيماوي، وبرأيي الشخصي الولايات الأمريكية بدأت تستدير وتذهب باتجاه الحل السياسي اضطراراً وليس خياراً لأن كل الأوراق التي استخدمتها إنما احترقت تحت إرادة وصمود الشعب السوري ولازلنا إلى الآن أقوياء في الميدان و في السياسة بعوامل صلابتنا الذاتية والموضوعية وخاصة تحالفاتنا الاستراتيجية مع روسيا والصين وإيران ومجموعة دول بريكس ومنظومة دول شنغهاي ومجموعة دول ألبا بوزنها النوعي ولذلك يخطئ من يقول أننا في موقف ضعف لا في الميدان ولا في السياسة.

-هل سيتم استنساخ يالطا آخر في مؤتمر جنيف 2 المزمع عقده من أجل حل الأزمة السورية؟

أعتقد أن مؤتمر جينيف لن يتحول إلى مؤتمر يالطا آخر لعدة أسباب وذلك لأن متغيرات الزمن فرضت نفسها على الواقع، ولم تعد أمريكا صاحبة السيادة والزعامة العالمية التي تقلدتها خلال الربع القرن الماضي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وبالتالي لم يكن هناك قوة قادرة على الموازنة الدولية، فأوروبا بدأت تتفكك وتتضعضع وتنهار بسبب الأزمة المالية الحقيقية،الأمر الذي مكن الولايات المتحدة الأمريكية من ممارسة كل أشكال الإجرام و الحروب، بل وساد الإرهاب أيضاً ولم يعد خافياً على محللٍ سياسيٍ أو عاقلٍ بأن الإرهاب صناعة أمريكية بامتياز تهدد به القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، الولايات المتحدة الأمريكية تتهاوى في انهيارها على كافة المستويات الأمنية والعسكرية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأخلاقية وأنا ضد من يقول أنها أمراً واقعاً يجب الاستسلام والتسليم معه بالقوة المزعومة لأمريكا، فنحن استطعنا هزم الولايات المتحدة الأمريكية بمشروع المقاومة في لبنان وسوريا ومحور المقاومة والممانعة الذي أسقطت أهم المشاريع والمحاولات لأمريكا وهو مشروع الشرق الوسط الجديد وستنسحب من أفغانستان أيضاً فهي في طور الانحسار والأزمة المالية التي حصلت هي أزمة أمريكية وإن بالغت في أثرها على أوروبا بشكلٍ أكبر لكونها تدور في الفلك الأمريكي، لذلك فهي تدفع الثمن الأكثر.

وعلى صعيدٍ آخر فإن الولايات المتحدة الأمريكية تنهارأمام تصاعد الدور الروسي والصيني وإيران أيضاً التي تجسد قوة إقليمية من حيث الجغرافية وقوة دولية عظمى، فهي تملك فيتو دولي عسكري بشري اقتصادي تخشاه الولايات المتحدة الأمريكية والأهم من ذلك أن الفيتو الإيراني يتقاطع مع المصالح الاستراتيجية لكلٍ من روسيا والصين، ذلك أؤكد أن مؤتمر جينيف لن يكون يالطا جديد ولكن ستعتمده الولايات المتحدة الأمريكية لحل مشاكلها كافةً، مشكلة الدرع الصاروخي، والخطر المحدق بمنظومة أمنها وخاصة في تركيا والخليج وأزمتها المالية التي تعانيها وانهزامها في قلب آسيا بعد انسحابها من أفغانستان وكذلك فشلها الذريع في سورية، فليس لها أوراق قوة عالمية تطرحها وخاصة بالبعد الاستراتيجي يمكن أن تضغط بها على روسيا ، ومؤتمر جنيف المزمع عقده لحل الأزمة السورية لن يكون في هذا الطيف الواسع فيؤسس لمنظومة عالمية جديدة لأن المنظومة العالمية الجديدة لن تحتاج لجنيف بل قد تحتاج لمؤتمر آخر لاحق تطرحه روسيا والصين من موقع القوة  بعد انتهاء الأزمة السورية وكل المقدمات التي شاهدناها في الموقف الروسي والصيني حيال تلك الأزمة إنما تكرس فكرة تهاوي النفوذ الأمريكي، فالنظام العالمي الجديد تغير وربما لن يترجم الآن، بل نحن في صدد كتابة عقده فقط.

-يروج إعلامياً بأن خطاب السيد حسن نصر الله الأخير كان سبباً في التصعيد الميداني من قبل العصابات الإرهابية المسلحة كرد فعلٍ على إقحام حزب الله لعناصره في معركة القصير،ماهو تحليلك لهذه الادعاءات؟

الهستريا الميدانية لم تتوقف لحظة واحدة ومن الخطأ إرجاع التصعيد وإلصاقه بخطاب السيد حسن نصر الله، فكل هذا الإرهاب المتعدد الجنسيات والذي قادته الغريزة القطيعية بالتوجه إلى الداخل السوري على المستوى الإيدولوجي تحت ظل الإدارة الامريكية والصهيونية ليس له علاقة بخطاب صدح به أحد جبهات المقاومة، لأن دعواتهم التحريضية والإفتائية بإراقة الدم السوري هي أمر سابق وليس بلاحق ،فمنذ الأسبوع الأول للأزمة صرحت الخارجية الأمريكية بأن الأزمة في سورية ستنتهي في حال انكفأت الدولة السورية عن تبني محور المقاومة وهذا المطلب يجسد الأهداف المخفية لحقيقة العدوان الإرهابي على سورية من أجل تفتيت محور المقاومة والممانعة بالسياسة، التصعيد الميداني برأيي إنما كان بسبب الإنجازات التي حققها الجيش العربي السوري في الميدان، الإدارة الأمريكية تقيّم بشكل موضوعي، لذا بد من الوقوف عند الأهداف المعلنة والمستترة لعسكرة الإرهاب في المرحلة الأولى من الحرب والتي تصب في بوتقة استنزاف القدرات العسكرية لقواتنا المسلحة التي استطاعت الصمود والثبات لتنأى بنفسها من حالة الاستنزاف والستطراد إلى موقف الاستهداف، سيما بعد الإنجازات التي بدأ الجيش العربي السوري بتكديسها على مدار الساعة وفي كل بقعة من الأرض السورية، وأهمها نسف البنية البشرية لهذه المجموعات الإرهابية بعد نضوج الإرهاب والتكشير عن أنيابه، حيث زلزلت قواتنا المسلحة الإرهاب وداعميه بنسف البنية العددية والعتادية التي أوحت لهم بأن هزيمة الإرهاب أصبحت بالقبضة السورية وبالتالي هزيمة العدوان الإرهابي على سورية غير مسبوقة، أباحت لنفسها التسلق على تدخل حزب الله في القصير الذي أدى دوره في الدفاع عن نفسه، ولا يوجد قانون في العالم يمنع عن دولة هذا الحق، وأهم الأمور التي تؤخذ بالحسبان في أي حرب هو تحديد العدو، والعدو هنا عرّف عن نفسه إعلامياً وخطابياً، وكان يهدد حزب الله قبل أن يفكر الأخير في التدخل بحرب القصير لأنه جزء من المقاومة ومحور الممانعة، والاتهامات المطلقة من العدو على حزب الله إنما تعمد إلى تسويق النزاع الطائفي والاندفاع الغرائزي للداخل السوري وذلك لتعويض النقص البشري في صفوف الإرهابيين، وكلنا لاحظ منذ شهرين تقريباً تقاطع خطاب مرسي والظواهري وأردوغان بالمضمون للدعوة إلى الجهاد في سورية، وهناك وثيقة أرسلها رياض شقفة إلى أحمد مرسي عرض فيها الخسران البشري، طالباً تزويده بالمقاتلين دون السلاح،الأمر الذي دفع بمرسي إلى تحريضه الجهادي على الأرض السورية.

\"\"

ولذلك فإن المرحلة النهائية تحمل طابعها السياسي ولذلك اطلقوا تصريحاتهم بضرورة موازين القوى في الميدان قبل الذهاب لجنيف التي يتطلب تغييرها ثلاثة عناصر أولها زيادة العنصر البشري الإرهابي والتزويد بالأسلحة النوعية الفتاكة وهذا ما تجلى في استخدامهم السلاح الكيماوي، فكل اتصالات الارهابيين التي رصدت لقيادتهم من قبلنا كانت تقر بعجزهم أمام ثبات الجيش العربي السوري حتى لو استخدموا ضده السلاح الكيماوي.

ولابد من التنويه بأن شعار تغيير موازين القوى إنما هو أمريكي الهوية وعرّابه بندر بن سلطان الذي لجأ إلى تطبيقه ميدانياً من خلال التحريض الطائفي وخلط الأوراق الأمنية بالعراق عن طريق التفجيرات والتوغل بالدماء السورية و استهداف الضاحية الجنوبية وطرابلس لإشعال الفتيل الأمني في المنطقة،وذلك بالتوازي مع عمليات إجرامهم في ريف اللاذقية والمراد منها تشكيل شرخ طائفي مذهبي.

-بالأفق المنظور لمشاهداتك التحليلية، أهناك إمكانية لفرض توازن القوى في الميدان ضمن إطار الإخفاقات المتراكمة للعصابات المسلحة؟

قراءتي التحليلية و الاستراتيجية تؤدي إلى مكاسب محققة ومميزة لأن الخطأ في التكتيك ليس كارثة وطنية على المستوى العسكري والميداني ولكن سوء التقدير على المستوى الاستراتيجي ممنوع ومحرم،وهنا لا بد من ذكر تهافتهم في أفغانستان وطالبان وقد حذرت منذ اللحظة التي اعترفت فيها أمريكا بطالبان كحركة سياسية وفتحت لها مكتب بقطر قائلاً بلسان حالها:(استرح إخوان استعد طالبان) فطالبان بمنظور الأمريكي هي بديل عن سقوط الإخوان و إرهاب القاعدة لتكون قادرة على طلبنة القاعدة لذا لم نستغرب إعلان قادة القاعدة سواء ابن لادن أوالظواهري البيعة للملا عمر فتصبح طالبان بذلك الرافعة لاحتضان الإخوان المسلمين، فتقدم الولايات المتحدة الأميركية بذلك مشروعها المقبل ليس في المنطقة وحسب،و إنما في وسط آسيا كلها لما تمثله هذه المنطقة من مطمعٍ ومقصدٍ للمصالح الحيوية الاقتصادية لأمريكا، لذا سينتقل الفكر الطالباني من بمعركته من الأرض السورية إلى العمق الاستراتيجي في قلب آسيا لتغدو طالبان احتياطاً أمنياً،عسكريً،استراتيجياً وإيديولوجياً فيها،وخنجراً في صدر إيران ووجه روسيا الاتحادية والخاصرة الصينية والمعدة الباكستانية.

وبكل موضوعية نستطيع القول أن ما واجهناه كان كبيراً وماهو قادم دون ما سبقه بكثير،ولا يمكن مباغتتنا على المستوى الاستراتيجي إطلاقاُ.

قد يفاجأ البعض بمهاجمتهم لمواقع جديدة كما منغ مثلاً، ولكن هذا لن يؤدي بهم إلى تحقيق توازن في القوى، فالجيش يقبض نارياً في الميدان و على كامل الجغرافية السورية بفضل الخطط التي يعتمدها ويددقها بإحكام وفق استراتيجية السلحفاة ولكن ينفذها بقلب أسدٍ وبشكلٍ ناريٍ، لذلك فإن تغيير موازين القوى في الميدان سيبقى وهماً.

-هلّا قدمت لنا عرضاً لبانوراما الميدان عن العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش العربي السوري على الأراضي السورية؟

الوضع الميداني على المستوى الاستراتيجي مطمئن جداً والعملية الإرهابية التي نفذها الإرهابيون في ريف اللاذقية إنما أرادوا بها إحداث شرخٍ على الصعيد الاستراتيجي وخلق تصدعٍ جغرافيٍ على الخارطة السورية ولكن استجابة الجيش كانت سريعة جدا واستطاع تطهير المنطقة من دنس الإرهاب رغم محزنتنا على المجازر التي ارتكبوها فالجيش حاصر ودمر مواقع تجمعهم في مناطق سلمى ودورين،و تتابعت عملياته النوعية في المناطق الأبعد وصولاً إلى الحدود التركية وريف إدلب وذلك لخلق المناخات الملائمة لاستقرار المنطقة، ولا أقول تم سحقهم جميع الإرهابيين  وإنما إحباطهم عن تنفيذ أي عملية يمكن أن تشكل لهم إيجابية في تحقيق مآربهم بالسيطرة على تلك القرى، وهذا يتوازى ويبنى على ما أنجزه الجيش وخاصة فيما حققه من انتصاراتٍ نالت به صدىً كبيراً جداً كما في القصير والخالدية وخربة غزالة.

وهناك إنجازات للجيش العربي السوري ربما تفوق في أهميتها واستراتيجيتها تلك الانتصارات ولكن لم يروج لها إعلامياً لما لها من خصوصية بخلق ظروف ملائمة للعمليات الأهم وهذا ما حصل في برزة والقابون التي أنجزت قواتنا المسلحة من مهامها فيها وبكل تقديري المتواضع ما يفوق ال  97 % ، حيث تم قطع الذراع الإرهابية فيها التي كانت تهدد العاصمة دمشق من جهة ريف دمشق الشرقي، هذه المنطقة تشكل حسب التقديرات المنطقية أخطر التجمعات الإرهابية على الصعيد النوعي من حيث جنسياته وقيادته وأسلحته وموقعه ومع خطورته فكان للجيش العربي السوري بتجهيزه العملياتي والتحصيلي هناك تفوقاً عظيماً         في عملياته التي بادر بها بتاريخ 21 آب ،التي كانت استثماراً لنتائج عملياته وإنجازه في برزة والقابون وفصله الاستراتيجي الغوطة الشرقية عن الغوطة الغربية حصد انتصارات محققة في هذا اللسان الشعبي و الوطني والعسكري و الأمني الممتد من جرمانا إلى حتيتة التركمان والغزلانية وصولاً إلى مطار دمشق الدولي، فالاستهداف الهيستري لجرمانا بالقذائف والسيارات المفخخة لم يأتي من فراغ و إنما هو تخطيط شيطاني لإفراغ هذه المنطقة ووصل الغوطة الغربية بالشرقية، لذلك فإن عمليات الجيش النوعية كانت ساحقة وصاعقة حطمت بها الخط المحصن لأخطر التجمعات الإرهابية التي كانوا يدعون استحالة اختراقها على مشارف جوبر الشرقية ،وكذلك التوغل المقدام لقواتنا الباسلة باتجاه زملكا وعربين وكفر بطنا وعين ترما أصاب الإرهابيين وأسيادهم بهستريا حقيقية فلجؤوا لاستخدام السلاح الكيماوي لتحقيق هدف مركب.

التجمع الإرهابي الآن تصدع إلى درجةٍ غير قادر معها على الفعل و إنما موضوع برهن الإقامة الجبرية دون كرٍ أو فر، منحسرٌ في السراديب والأوكار، بينما يخوض الجيش العمليات في زملكا وكفر بطنا التي لم تشهد منذ أكثر من عام دخول مقاتل واحدٍ إلى هذه المنطقة.

الآن وقد بدأ الجيش عملياته وأصبح فوق رؤوس أوكارهم وعلى بوابات سراديبهم إن أردوا المناورة تطالهم نيران الجيش في التصدي الأخطر الذي سيلقي بظلاله على انهيار دراماتيكي فاجع لما تبقى من العصابات الإرهابية ويفجر زلزالاً حقيقياً على مستوى إنجازات الجيش العربي السوري.

وأميل إلى أن استخدام الكيماوي لم يأتِ من الكومبارس الممثَّل بعصابات الإرهاب ولكن من المدبر والمخطط والممول خارج الحدود السورية والمتجسد بالاستخبارات الأمريكية والسعودية فهناك غرفة عمليات تضبط إيقاع هذه الهستريا لاستخدام الكيماوي الذي أٌطلق صاروخين منه من دوما باتجاه زملكا وجوبر،وغرفة العمليات الاستخباراتية تلك هي التي تحدد ساعة الصفر للعصابات الإرهابية، عبر القنوات الإعلامية التي حددت نوع الغاز المستخدم وهو السارين قبل الإطلاق الفعلي للكيماوي.

كما أن التصريحات السياسية جميعها التفت بتوقيت واحد لإعطاء إيعاز للإرهابيين بارتكاب مجزرتهم الكيماوية،وقد سمعنا بعض الأبواق من مجلس اسطنبول بضرورة توجيه ضربة عسكرية واتهام الدولة السورية بمسؤولية استخدام السلاح الكيماوي.

واللافت أيضاً على الصعيد الميداني بأن إنجاز الجيش العربي السوري في الغوطة الشرقية لا ينفصل عما سبقه في برزة والقابون ومعركة حران العواميد والعتيبة، فهو حلقة في سلسلة حصر المجموعات الإرهابية وانحسارها في الغوطة الشرقية ووضعها بين فكي كماشة قواتنا المسلحة، التي هيأت الشروط الملائمة لهذه العملية النوعية، فجاء إطلاق الصاروخ الكيماوي لتحقيق هدف مركب أهم مفاصله وقف تقدم الجيش تزامناً مع وصول اللجنة المخولة بالتحقيق في الملف الكيماوي وإعاقة تنفيذ مهامها ومحاولة تجميع قوى العناصر الإرهابية.

وأما المنطقة الجنوبية فتتسم بقبضة الجيش على الميدان بالمفهوم الاستراتيجي، وعملياته الأمنية والعسكرية فيها لا تقل أهمية عن عملياته الجيش في الغوطة الشرقية و حمص وفي ريف حلب وذلك يرجع لخصوصية هذه المنطقة ومتاخمتها للجولان المحتل الذي تنفذ به العصابات مشروعاً اسرائيلياً، ومما لا شك فيه أن الحرب المعلنة حرب بالوكالة لها كفلاء أيضاً الوكلاء هم هؤلاء المأجورون والكفلاء هم الحمدين وأردوغان والسعودية، أما الأصلاء فهم الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل والآن جميع هؤلاء يعملون ،لذلك نفذت اسرائيل عدة ضربات لمواقع تحمل خصوصيتها الاستراتيجية في سورية، وهاهي تجعل من الجولان السوري مسرحا لعمليات العصابات الإرهابية المسلحة وفتحت لها بوابات للدخول إلى الكيان الصهيوني فتزودها بالمؤونة والسلاح، لذلك تيقن الجيش بأعلى درجات المسؤولية من ضرورة إحباط هذا المخطط الاسرائيلي في المنطقة الممتدة من درعا وغربها وصولاً إلى محافظة القنيطرة التي تستسيل اسرائيل لعابها لشن عدوانها وتشكيل ما يسمى منطقة عازلة وخاصة بعد انكفاء الدور الأردوغاني اضطرارياً في معركة بقائه، ونجاح سورية بقدرتها على ضبط الحدود وإجراءات الحكومة العراقية بالدعم الأمني والاستخباراتي بين سورية والعراق لصد الإرهاب الذي يهدد كليها، وهنا برزت وظيفة الدور الأردني إلى الواجهة الذي يمثل في الحقيقة الدور الاسرائيلي فهناك تنسيقاً امريكياً أردنياً اسرائيلياً سعودياً لتفعيل هذا الاتجاه بعدما سقطت كل الأوراق التي كانت في متناولهم، لذا فإن احتمالات العدوان على هذا المحور محتملة ولكن الوضع الأمني في المنطقة الجنوبية مطمئن والجيش يكشف مخططات هذه العصابات ويلاحقها ويمنعها من تحقيق أي منجز ربما يمكنه من التسلق عليه أو الاستناد إليه لتحقيق مآرب الولايات المتحدة الامريكية لاحقاً في هذه المنطقة.

وأما المعركة في حمص بالمفهوم الاستراتيجي فقد انتهت، الجيش يقبض على كل المفاصل في حمص وخاصة في الريف الشرقي والغربي والجنوبي والجزء الأكبر من الريف الشمالي، وما تبقى من المدينة وخاصة بعد اندحار العصابات الإرهابية من منطقة الخالدية فإن الجيش يواصل عملياته فيها وكذلك الريف الشمالي وتحديداً في منطقة الرستن، بينما يقر بعض الإرهابيين في الغنطو والحولة لا يستطيعون المناورة من مكان لآخر وتحركهم غير مقلق.

وفي حلب..

حتى الآن الوضع مستقرعلى المستوى العسكري والأمني وبالتالي تداعى هذا إلى تحسن الوضع الاقتصادي والحياتي والمعيشي بسبب قدرة الجيش على الدخول والخروج وتأمين معابر إيصال المواد التموينية للمواطنين. والجيش الآن ينفذ عمليات نوعية ولكنها انتقائية من حيث قبضه على النقاط والمناطق الاستراتيجية من حيث موقعها الجغرافي وأهدافه انتقائية و نارية لتجمعات الإرهابيين ومخازنهم ومستودعاتهم ومحاور تحركهم، وهذا الأمر ربما سيكون مقدمة لتنفيذ عملية قد تكون نوعية جداً لا تقل أهمية عن عملية تطهير حمص وريف دمشق، ولكن هذه العملية لم تظهر ملامحها حتى هذه اللحظة وقد تكون شاملة لما تبقى من المدينة القديمة والريف الشمالي وقد تكون عملية منحسرة في إطار الريف الغربي في منطقة الباب بالتزامن مع عملية أخرى بريف إدلب مع تحييدٍ للريف الشمالي والشرقي. وقد تكون عملية مركبة تتبنى تطويق ما تبقى من المدينة وعزله بالتوازي مع عملية جهة الشرق من الباب وريف الباب وفي  الغرب حيث الأتارب وريفها ليتم محاصرة الإرهابيين لما هو أبعد من حريتان وحيان وعندان وصولاً إلى الحدود التركية.

استراتيجياً، ووفق الخطط التي نفذها الجيش في بقية الجغرافيا السورية فإن العملية في حلب قادمة إن توفرت شروط الملائمة لوضع قبضة الجيش على النقاط الاستراتيجية حسب مخططه مع توفر إمكانية الحشد اللازمة فحتى هذه اللحظة ربما لا تكون اكتملت كل الصورة لتنفيذ هذه العملية ولكنها قادمة .

وفي الاتجاه الشرقي، عملية تطهير الرقة مؤجلة قليلاً بينما تشهد دير الزور حالة أمنية مستقرة نسبياً في حين ينفذ الجيش العربي السوري بالبوكمال والميادين عمليات عسكرية رائدة.

-حدثنا عن الرؤى الاستراتيجية التي تعتمدها القيادة السورية في ترتيب أوليات صدّها للعدوان الإرهابي المنظم الذي دخل عامه الثالث؟

القيادة السورية تولي ترتيب الأوليات حسب الخطط الموضوعة أهمية لتحقيق غاياتها الاستراتيجية باستخدام تكتيكات استراتيجية تتميز بالإبداع الحقيقي.

قد يتساءل البعض عن ذلك التكتيك، ولكن قيادة الجيش والقوات المسلحة وحدها القادرة على وضع الخطط الأمنية لتطويق المناطق المشوبة بالإرهاب أو تركها كمواقع دفاعية أو ضرورة اقتحامها أو تركها لتكون مجمعاً مغرياً للإرهابيين.

فالقيادة العسكرية السورية تنتهج منطقاً استراتيجياً وعرفياً بالمفهوم التكتيكي ،فقد يوفر النجاح بمعركة فاصلة على الجيش خوض معارك أخرى مثل معركة الغوطة الشرقية التي يمكن لها بالمفهوم الاستراتيجي أن تنأى بالجيش عن خوض معركة حلب والرقة، وهنا يتجلى الترابط الاستراتيجي بين التخطيط والتنفيذ الذي يحتم على جميع القوى الشعبية الثقة بقدرة وإمكانية وقوة الجيش والوقوف إلى جانبه في حربه ضد الإرهاب بعيداً عن الحالة المواطنية العاطفية التي لا يمكن سحبها على رؤية استراتيجية يفكر بها الجيش غير محكومٍ بالبعد العسكري وإنما تضبطه قواعد ورؤى تتعلق بالبعد الجغرافي والإنساني والسياسي.

فالقيادة العسكرية تدرس احتمالات حصول عدوان اسرائيلي على اتجاهٍ ما كالحارة مثلاً.

ما أنجزه الجيش العربي السوري يعجز عن تحقيقه أي جيش آخر عبر الزمان والمكان، فهو يقوم باجتثاث وتقويض وسحب جيش من الإرهاب. وقد وصل في استقوائه ليكون مستعداً دائماً و منذ بداية العدوان والأزمة في سورية لتلقي أي عدوان خارجي مع تصاعد التهديدات الخارجية بالتدخل العسكري،إيماناً منه بأن أمن الوطن لا يقبل الغفلة ولا يغفر التهاون في تأدية المهام.

ومن جهة أخرى فإن الجيش العربي السوري يحقق الأمن المعيشي المجتمعي للمواطن، فلولا إنجازات الجيش العربي السوري بضبط محاور النقل والتنقل لما تحقق الأمن،و المسؤولية التي يحملها الجيش السوري على عاتقه هي في كل العالم ليست مسؤولية القوات المسلحة وإنما مسؤولية منظومة الأمن الوطني وليس العسكري، كما لا يمكن إغفال الاستهداف الإعلامي للمؤسسة العسكرية واستنزاف قدرته العسكرية من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة.

\"\"

الجيش العربي السوري كما وصفه الرئيس الأسد صنع ماهو مستحيل وجسد بطولة أسطورية.

وهنا ضرورة لذكر الحالة الوطنية التي تصطف مع الجيش وتؤازره وهي الحالة الطبيعية لأي دولة تواجه عدواناً بهذا الشكل فهي الحرب العالمية الأولى التي نخوضها في مواجهة الإرهاب والتي تتطلب مواجهة مركبة أهما الجانب العسكري والميداني والحرب الشعبية إضافة إلى استنفاذ الجوانب الإيديولوجية والفكرية والثقافية والاجتماعية والعلمية والبشرية والأولية للمواجهة الميدانية جيشاً وشعباً وقد ثبتنا في ذلك .

-ما هي الآلية التي اعتمدتها الولايات المتحدة الأمريكية لانحسار الدور القطري وتسليم السعودية زمام المبادرات بتفعيل الدور الإخواني في سورية؟

من الخطأ تسمية الوظيفة القطرية و السعودية،لأن ليس لهما علاقة سياسية أو سيادية بالموقف، وإنما الذي يضبط الإيقاع ويوزع الأدوار والمهام ويرتب الأنساق ويبدل بينها هو الولايات المتحدة الأمريكية.

ومجموعة الإخوان المسلمين تاريخياً هي مشروع بريطاني لكن تبنته الولايات المتحدة التي تعهدت تطبيق المشروع الشرق أوسطي الجديد،وهناك مشاريع وسيطة مثل الإخوان والوهابية التي تحمل على عاتقها التمهيد لمشروع الشرق الأوسط الجديد، وقد تطابق المشروعان فلا يوجد تباين بينهما إيديولوجياً واستراتيجياً وإن وجدت بعض المفارقات في التكتيكات على مستوى المصالح، و التقييم والتحليل الاستراتيجي لكل هذه التنظيمات المسلحة في الداخل السوري إنما تتبع المشروع العسكري للإخوان المسلمين الذي يمثل وسيط للأمريكي لتحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد وذلك بتكريس الخطاب الطائفي المذهبي، والذاكرة السورية غنية بجرائم الإخوان المسلمين التي حصلت في الثمانينات من القرن الماضي واتباع سياسة العنف والقتل والتدميرو الترهيب، وهاهم يكررون الآن ذات السيناريو فللإخوان المسلمين ارتباط عضوي بالمشروع الصهيوني الأميركي، وعلى ضفة هذا التفكير يمكن البت بعدم اتصالهم بمفاهيم الحرية والديمقراطية ولا بالعلمانية ويعتبرون كل ذلك كفر خارج عن إطار الشرعية الدينية،والولايات المتحدة الأمريكية بسياستها تلك التي تتبعها في شرعنة الإرهاب بالمنطقة تهب اسرائيل شرعيتها في التواجد على أراضينا .

وعندما استطاعت الدولة السورية إسقاط مشروع الإخوان المسلمين التي تعول عليه الولايات المتحدة لتنفيذ المشروع الصهيوني في المنطقة أصيبت أمريكا بخيبة الأمل، كما أن ملامح سقوط مشروع الإخوان المسلمين في مصر قبل عزل مرسي جعلها تفكر باستراتيجية شيطانية فأهم مشروع عسكري للإخوان المسلمين تم إسقاطه في سورية عسكرياً،وعلى المستوى السياسي تم إحباطه في مصر فرأت أن هذا المشروع لا يمكن التعويل عليه فأخذ حمد القطري على عاتقه دعم هذا المشروع وطرح كل مقومات نجاحه وبعد اقتناع أمريكا بأنه آيل للسقوط ولا يمكن تقبله في المنطقة، بدأت تلتقط اللحظة لرفع الغطاء السياسي وفرض المشروع الوهابي فالمشروع الأصيل هو طالبان ليلملم بقايا القاعدة في الداخل السوري والمفلسين من الإخوان المسلمين الذين تجمعهم إيديولوجية واحدة ومتابعة استنزاف الدولة السورية فأمريكا تلعب الآن بالورقة الأخيرة المتمثلة بوعود بندر بن عبد العزيز الأمريكي الانتماء والولاء،ولكن خيباته تحققت أيضاً كخيبة حمد وحرقت أوراقه الميدانية وكان أولها فشل العملية العسكرية في ريف اللاذقية وقد يزيد في القتل ولكن لن تتغير موازين القوى فكل العالم يدرك أن إسقاط الدولة السورية أصبح استحالة ثامنة .

-ماذا عن شبح السلاح الكيماوي الذي يتهدد سورية بإمكانية شن حرب عليها وسط تناقضات دولية بتوجيه أصابع الاتهام للدولة السورية؟

سأبدأ بمزاعم الاتهام وحقيقة الاستخدام لهذا السلاح، هذا الاتهام ليس جديداً وهوعملياً مسرحية اسرائيلية التأليف، أخرجتها الولايات المتحدة الأمريكية التي وزعت الأدوار على بعض الأطراف، بينما مثلت فيها المجموعات الإرهابية فرقة الكومبارس، ولن أتطرق لما أكده المسؤولون السوريون بأن سوريا لم ولن تستخدم السلاح الكيماوي إن توفر لديها وهذه مسلمة لا تحتاج إلى برهان،وكون ذلك مطلب اسرائيلي وهذا السلاح إن وجد فهو سلاح يقف في وجه النووي الاسرائيلي وباعتبار أن كل ما عند سورية يرعب الكيان الصهيوني فإن اتهام الدولة السورية هو ملف سياسي يراد تحويله إلى ملف عسكري، وهذا البعد العسكري بتوظيف الملف السياسي تستخدمه الأدوات المتمثلة بالمجموعات الإرهابية الموجودة في سورية. وحقيقة عدم توفر سلاح كيماوي لدى الدولة السورية لا يمكن غربلتها بمنطق البطلان، ولذلك ستسقط كل المزاعم المدعية عكس ذلك، فمجزرة خان العسل الكيماوية كان لها مقدمات تمثلت بصمت المجتمع الدولي الذي أغرى العصابات لاستخدام الكيماوي، والصمت الضبابي عما حصل في  خان العسل هيأ الإرهابيين لإعادة استخدامه مرة أخرى، ولكن هذه الغمامة الإعلامية والنفسية ستزول حتماً.

والآن أمام التهديدات التي تعودنا عليها و التي تأتي في إطار الاستعراض مع وجود البوارج الأمريكية بعرض البحر، إنما هي تهويل ولن تندرج تحت عنوان التنفيذ، فالولايات المتحدة الأمريكية نفسها تدرك أن ملف الكيماوي خاسر، ولكنها تتبع سياسة الضغط تحت قعقعة السلاح والحرب التي يمكن لها أن تعلنها دون استطاعتها التحكم بمجرياتها ونتيجتها.

وأنا أجزم بأنه لا استخدام للقوى العسكرية تحت أي مفردة من مفردات التدخل مع اجتماع رؤساء الأركان في اسرائيل والأردن والسعودية وأمريكا لتصعيد جديد يجسد الأردن به رأس الحربة الجديد.

-كيف تعاملت القيادة السورية مع حشود الكوماندوس الأميركية والبريطانية التي حاولت الدخول للأراضي السورية عن طريق الأردن،سيما وأنها دخلت في إطار التمهيد للضربة العسكرية المتوقعة على سورية ؟

فيما يتعلق بقوات الكوماندوس الأمريكية البريطانية التي حاولت التسلل عبر الحدود الأردنية فقد سحقت جميعها بعد أن تم رصدها بدقة متناهية، وهنا أؤكد أن هذه المحاولات تسعى لفرض منطقة عازلة، وأي حرب تعلن ستكون اسرائيلية بأسلحة كيماوية والرد سيكون وفق هذا المنطق من سورية والمنظومة الدولية التي تحقق التوازن الدولي فأي حرب لن تبقى محدودة وإنما ستتطور لتأخذ بعدها الإقليمي أو العالمي،لأن الأحلاف اكتملت والمواقف نضجت وغير قابلة للرجوع متل الصين وروسيا وإيران وبالتالي سيناريو العراق لن يتكرر لأن المعايير غير ذي قبل ومنظومة الأمن السوري متشابكة عضوياً مع منظومة الأمن الروسي والصيني والإيراني وبالمنطق الطبيعي تستطيع أمريكا شن حرب، ولكن هناك فرق بين الأماني والإمكانيات، فالحرب ليست نزهة وإذا كانت كذلك فهي نزهة بجهنم وليس بما يسمونه الربيع العربي، وأنا أشك رغم شيطانيتها أنها تملك من دقة الحسابات الاستراتيجية وأهم الدلائل على دقة حساباتها هو انسحابها من أفغانستان والعراق تحت ثابت أساسي، وتعلم أن الرد على حربها إن أعلنتها سيكون مزلزلاً وستتفجر المنطقة بما لا تتمناه ولا تتوقعه الولايات المتحدة الامريكية، فالقدرات الذاتيية السورية العسكرية والسياسية والموقع الجيو استراتيجي والحسابات الاستراتيجية النوعية تقول أن الغلبة لنا فأمريكا تستطيع أن تغامر ولا تقوى على المقامرة، وهذه الحرب ستكون مقامرة وربما كل ما تدافع عنه الولايات المتحدة الأمريكية في هذه المنطقة سيتحول إلى أطلال.

-ماهو المبرر الذي ستنكفء به الولايات المتحدة الأمريكية عن استجرار قرار دولي بوجوب التدخل العسكري في سورية؟

هناك تصريحات كثيرة بوسائل الإعلام أن فرنسا وأمريكا وغيرها تملك أدلة بأن الدولة السورية استخدمت سلاحاً كيماوياً، ولكن لو كان لديهم دليلاً واحداً لتدخلوا عسكرياً منذ بادئ الأمر،الولايات المتحدة تتعمد أقصى درجات التصعيد عما سبق لكن تحت هذه الغمامة من التصعيد ستستدير عن موقفها وأستدل لذلك باتصال وزير الخارجية الأميركي بنظيره الروسي الذي اتصل بدوره بوزير الخارجية السوري وليد المعلم، وهذا له دلائل بالحاجة الأمريكية كمقدمة للاستدارة السياسية والعسكرية.

-برأيك،كيف ستتعاطى الولايات المتحدة الأمريكية مع تقرير اللجنة المكلفة بالتحقيق في ملف استخدام السلاح الكيماوي؟

ودعوني أكون متفائلاً أن الولايات المتحدة ستدرك الحقيقة التي يمكن تبيانها وعندها تعلن انسحابها من الملف السوري والذهاب لجنيف 2.

لكن السيناريو الثاني يمكن أن يتبلورعند وصول تقرير اللجنة للحقيقة و ستلجأ أمريكا إلى ما تعودنا عليه بتحليل إرهاب وتحريم آخر، ومحاولتها تبرئة أذرع الإرهاب في سورية وهنا تدعو أمريكا إلى مواجهة تنظيم القاعدة لأنها استثمرت فيه حتى الثمالة وحققت أهدافها منه.

الولايات المتحدة الأمريكية تتعاطى مع الإرهاب بغير ما تتعامل معه الأنظمة، فالإرهاب يحتاج إلى استراتيجية أمنية وسياسية الشيطانية من أمريكا وليس مستبعد إيعازها للعصابات باستخدام الكيماوي،كما يحتمل طلبها لتدخل عسكري دولي لمحاربة الإرهاب بحجة أن الدولة السورية مهددة أمنياً والجيش العربي السوري غير قادر على مواجهة الكيماوي الذي يهدد المجتمع الدولي بأسره، وعندها سنلاحظ  أفغنة سورية مرة أخرى، وباحتمالٍ آخريمكن أن يصدر تقرير اللجنة ضبابياً ودون استطاعتها تحديد المسؤولية في استخدام السلاح الكيماوي،أما إذا كان هذا التقرير موضوعياً يورط دولاً مثل السعودية فيمكن لأمريكا حينها عدم الاعتراف به.

-في قبضة الأجهزة الأمنية السورية عناصر استخباراتية متعددة الجنسيات أهمها اسرائيلية، أمريكية وأوروبية، ما المغزى من تحفظ القيادة السورية عن عرض هذه الأسماء للمجتمع الدولي؟

من حيث المبدأ أؤكد أن منظومة الأمن السورية تملك كثيراً من الأسرار المخيفة التي لم يفرج إلا عن القليل القليل منها لأن أي سرٍ أمني عندما يعلن يفقد فاعلية استثماره، هناك  كنوز أمنية في جعبة الأمن السوري تدين دولاً  وأنظمة،ونتائجها يجب أن تكون كسباً استراتيجياً ليس فقط على المستوى الأمني وإنما السياسي أيضاً، وأعتقد أن المعنيون بها سيختارون الزمان والمكان المناسبين لطرحها وقد تكون في إطار مؤتمر جنيف2.

-ما هي توقعاتك عن واقعية عقد مؤتمر جنيف2؟

مؤتمر جنيف 2 قائماً واقعاً لا محالة، ولكن التساؤل الذي يفرض نفسه هنا هل سيحل المؤتمر كل أمرٍ معلق أم لا؟ بالرغم من أننا لا نعول عليه بذلك إلا أنه سيشكل أرضية خصبة ربما لحل المشكلة،و لكن مهما تعددت هذه المتوالية فأنا من المؤمنين بأن الأزمة السورية لن تحل إلا بدمشق 1.

-تطرح في الشارع السوري أسئلة كثيرة عن مسؤولية الأجهزة الأمنية في كشف المؤامرة قبل الوقوع في براثنها،فما ردكم على تلك التساؤلات؟

بخصوص الوضع الشعبي الاجتماعي لكي لا نجلد ذاتنا ونكون موضوعيين نقول ربما قصرنا قليلاً بتحديد طبيعة العدو ولكن أول منهج في المذهب العسكري هو تحديد هوية العدو وجميعنا ندركه بأنه يتمثل بالكيان الصهيوني، والدولة يجب أن تبنى بالقوة العسكرية وإعدادها للدفاع عن نفسها بكل الإمكانيات الموجهة لمواجهة هذا العدو وليس بالجيش العربي السوري فقط، ولكن الذي فاجأنا هذا الشكل الجديد من استراتيجية الاستخدام في الحرب عن طريق الوكالة والإرهاب، و يفترض بنا أن تنبهنا لهذا العدو في الداخل لأنه على مدى العشر السنوات الفائتة لم ندرك أن العراق يقسم طائفياً ولبنان يتنفس الطائفية وتركية تترصد بنا، ومن هنا كان تنبؤنا بحجم هذا الإرهاب قاصراً وكان توجهنا للعدو الخارجي فقط وأخفقنا بتقدير خطورة العدو الداخلي وحجمه ونوعه وكمه ودعمه السياسي لذلك المرحلة الأولى للحرب كنا في حالة إعادة تكيف على كل المستويات.

وعطفاً على أخطاء رجال الدين فالمؤسسة الدينية السورية كانت فاعلة جداً في الأزمة والرأي الفردي لا يؤثر على موقف المؤسسة الدينية وجسدها العام الوطني، وأؤكد على أن ما واجهناه من حرب إعلامية وإيديولوجية كان أخطر ما استخدم في هذه الحرب من أسلحة من خلال الخطاب التفريقي التمزيقي المذهبي وقد كان لرجال الدين موقفاً مشرفاً في الحفاظ على وحدة الانتماء الوطني .

نحن كمجتمع شرقي اعتدنا تعليق أخطائنا على الآخر وعدم تحمل المسؤولية، وهنا أشدد على مسؤوليتنا تجاه الوطن بكل أطيافنا وتنظيماتنا الشعبية وليس من المجدي الآن  جلد الذات، المهم أن يحفزنا الإحساس بالمسؤولية إلى إعادة صياغة وإنتاج ذواتنا وبناء استراتيجيات نتجاوز فيها ما أخفقنا فيه .

-ما هي قراءتكم للحراك السياسي الداخلي في الأزمة؟

ومن قراءتي للمشهد السياسي الداخلي لي تحفظات شديدة على مسائل الحراك السياسي الداخلي، أين هي فاعلية الأحزاب الوطنية والتزامها بالمسؤولية الشعبية،فهناك منها للأسف ممن يكرس الخطاب الأكثر تطرفاً من الإخوان المسلمين. وجلّ الطيف السياسي الآن ينتظر الدولة في إنجاز مهام حربها ضد الإرهاب المعلن عليها ليغالبها فيما بعد على اكتساب المواقع المأمولة.

-هل تتوقع إجراء انتخابات رئاسية ونيابية حرة في قادم الأيام؟

نعم ولكن أجزم أن الإخوان لن يكون لهم موقعاً في تلك الانتخابات.
 

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=51&id=31310