الرئيسية  /  تحقيقات

من المسؤول عن ازدياد ظاهرة التسول في شوارع دمشق و ما الحل ؟ وأين دور المؤسسات الاجتماعية لمساعدة هؤلاء المحتاجين ؟


دام برس : من المسؤول عن ازدياد ظاهرة التسول في شوارع دمشق و ما الحل ؟  وأين دور المؤسسات الاجتماعية لمساعدة هؤلاء المحتاجين ؟

دام برس – دينا محمد محمود :

صورة لا يختلف اثنان على أنها باتت تترسخ في شوارع دمشق وريفها، وخاصة في الأماكن المزدحمة والمناطق السياحية، أبطالها أطفال ونساء وشيوخ بعضهم دفعته الحاجة للتسول والآخرون امتهنوا العمل بها من خلال استغلال تعاطف الناس معهم.

التسول ظاهرة خطيرة على المجتمع وقد انتشرت في الآونة الأخيرة بكثرة فهي  كالمرض أو الوباء إذا لم نعالجه ينتشر ويستشري في جسد مجتمعنا بات الشارع السوري ينزعج منها فالمتسولون لا يقتصرون فقط على الأطفال أو كبار السن و لكن أيضاً المعاقون و ذوي الاحتياجات الخاصة حتى يشعر الناس بالانزعاج على حالهم , أسباب كثيرة تدفع هؤلاء المواطنين لممارسة التسول في مقدمة الأسباب الفقر الشديد والبطالة وتهجير العائلات من بيوتها خاصة في ظل هذه الأزمة .

البعد الاجتماعي

إنها ظاهرة اجتماعية معقدة و بطريقة أو بأخرى مضرة على مظهر الشارع السوري فالمتسولون يقومون بحصار الشخص حتى ينالوا ما يريدون و إذا لم ينالوا على ما يريدون يبدؤون بالشتم و القذف  , إن مهنة التسول أصبحت موجودة و بكثرة ليس فقط في الشوارع بل في الدوائر الحكومية و الفنادق و في كل مكان فالبعض لا يعيد الباقي من المال عند دفع فاتورة أو دفع ثمن طابع بحجج واهية و نعتبر هذا التصرف نوع من أنواع التسول و لكن بطريقة مخفية .

الحقيقة هي ليست ظاهرة سطحية بل عميقة في كل أنحاء سوريا و بإمكان الدولة أن تضع لها حلاً و خاصةً في هذه الفترة من الإصلاحات لان سوريا هي الدولة الوحيدة التي ترفع أجور موظفيها و عمالها كل عام تقريباً أو بإمكانها أن تقوم بتنظيم أماكن خاصة بهم حتى يقللوا من انتشارهم في الأسواق و الشوارع  .

\"\"

أما عن آراء المواطنين بخصوص هذه الظاهرة و انتشارها الكبير في هذه الفترة :

بيان محمد : إن مهنة التسول لا يقوم بها فقط المحتاج و إنما قد يقوم بها بعض ضعاف النفوس الذين لا يحتاجون لشيء و أنما أصبحت مهنة لهم لكسب المال و هذا النوع يجب على الدولة أن تضع له حداً نهائياً بفرض عقوبات عليهم و مساعدتهم للابتعاد عن هذه المهنة.

سامي الحجار (موظف) : إن أحد الأسباب الرئيسية لانتشار التسول عدم وجود عقوبات رادعة من قبل القضاء بحق المتسولين بالإضافة إلى أن الفترة الماضية شهدت صدور أكثر من مرسوم عفو عن الجنح والجرائم شملت هذه الفئة و أعتقد بأنه عند العفو عن أي متسول يجب على الدولة إما إدخاله في برنامج إصلاحي أو بإعطائه عملاً يناسب مقدرته ليبتعد عن هذه المهنة .

موظف حكومي : أفاجئ و أنا في طريقي إلى العمل بوجود الأطفال عند إشارات المرور لبيع العلكة أو لغيرها قبل فترة ليست بقصيرة لم أكن أشاهد هذا العدد فجميعهم متشابهون بالشكل و يصرون على إعطائهم المال فسألت احد الأطفال لماذا تقوم بذلك فكان جوابه لي : إنني فقير و أريد مساعدة أهلي و هذه الطريقة تدر علي بعض المالل و إذا سألت كل المتسولون سيعطونك الإجابة ذاتها و كأنها الطريقة الوحيدة لكسب المال  .

عصام عبد الكريم : ماذا عن التسول الآخر وهو ( الرشوة التي أصبحت حتمية وشبه نظامية في المطارات ونقاط الحدود وفي الموانىء وداخل الدوائر والمؤسسات السورية، ففي المطار تؤخذ الرشوة أمام عيون الجميع مما يؤكد أنها ظاهرة منظمة ولها شبكات ( والكل مستفيد) والضحية للأسف  سمعة سوريا .

منال عمار (موظفة ) تقول إن ارتفاع الأسعار و غلاء المعيشة أصبح يدفع الكثير من المواطنين الفقراء إلى ممارسة مهنة التسول لأنه ما من طريقة أخرى بنظرهم لكسب الأموال ولا أحد ينكر بأن سوريا تمر بأزمة خانقة و هناك الكثير أصبح عاطلاً عن العمل لذلك وجدوا التسول أفضل طريقة  لكسب الأموال .

و حسب رأي حلا اسبر : إن العامل الاقتصادي يؤثر على جميع أفراد الأسرة وتأثيره على نمو الشخصية، وقد يكون دخل الأسرة غير كاف لإشباع حاجات أفرادها من مأكل وملبس ومأوى مما يجعل معظم أفرادها يبحثون عن سبل للخروج من هذا الضغط وتحرير أفرادها من الحرمان بالانخراط في أعمال هامشية كبائع سلع رخيصة أو التسول في الشوارع. 

و عند سؤالي لأحد المارة عن رأيه بهذه الظاهرة أجاب إنني لا أحب هذه الظاهرة بتاتاً و خاصة من يقوم بإظهار نفسه على أسوأ صورة كعدم الاهتمام بالنظافة الشخصية و المظهر الخارجي و في اغلب الأحيان يكونون في وضع لا يحتاج إلى التسول و لكنهم اعتادوا على هذا العمل و رؤوا به طريقة لكسب رزقهم بسهولة أكثر .

و في رأي أخر ( طالبه ) أضافت إن الفقر يدفعهم لذلك و يجب على الدولة ضبط هؤلاء الأولاد و جعلهم يعودون إلى حياتهم الطبيعية و منع الأهل من ممارسة الضغط عليهم ليمارسوا هذه الظاهرة السيئة و التي تسيء لأخلاق الطفل و التي من الممكن أن تجعل منه في المستقبل سارقاً أو مجرماً لينال اكبر قدر من المال دون تعب أو مجهود .

\"\"

هناك نموذج أخر للتسول حسب رأي طالب جامعي: في حرم الجامعة كثيراً ما نرى أطفالاً يبيعون (تعويذات صغيرة) للطلاب والبعض الآخر منه يستغل عدم وجود الأساتذة ويدخلون قاعات الطلاب ليبيعوا ما تيسر لهم من أشياء بسيطة، والبعض الآخر منهم يقف في الشوارع والطرقات وأخذ من إعاقته أو عجزه الجسدي قناعاً يستتر وراءه كي يكسب العطف والمال .

هادي سحناوي : الشوارع أصبحت مليئة بالمتسولين، وهم من الجنسين (ذكور وإناث) ومن كل الأعمار، ولكن الأمر الخطير في موضوع التسول هو أن هناك مستثمرين للعاهات، يتعاملون مع أصحاب الإعاقات الشديدة كاستثمار رابح يتم تأجيره فيما بينهم و هو أمر يجب على الدولة مراقبته بدقة و وضع الحلول له .

الحلول لهذه الظاهرة لا تكمن فقط في المطاردة و التوقيف و العقوبات بل بوضع حل جذري لهذه المشكلة و التي في مقدمة أسبابها الفقر و كثرة الأولاد و تشرد العائلة فيجب تعزيز دور المؤسسات الاجتماعية لتستطيع مساعدة هؤلاء المحتاجين و خاصة ذوي الاحتياجات الخاصة و المعاقين و يجب عليها ليس فقط تقديم الطعام و الملبس و المأوى بل أن تضع في جدول أعمالها إيجاد فرص عمل لهم أو توفير مبلغ شهري لهم حتى لا يعودوا للممارسة التسول .


Dinamahmoud75@gmail.com

تصوير : تغريد محمد
 

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=11&id=29624