الرئيسية  /  تحقيقات

الإعلام السوري في مرمى نيران الأزمة السورية ... شهداء وجرحى ومخطوفون ... وانتهاك للقرارات الدولية والمواثيق العربية والعالمية


دام برس : الإعلام السوري في مرمى نيران الأزمة السورية ... شهداء وجرحى ومخطوفون ... وانتهاك للقرارات الدولية والمواثيق العربية والعالمية

تحقيق - خاص دام برس - بلال سليطين :

في كل يوم تطلق الأزمة نيرانها على الإعلام السوري الذي قدم عشرات الشهداء والجرحى أثناء تغطيتهم للأحداث على طول وعرض الأرض السورية، لدرجة بدا فيها الإعلام السوري وكأنه هدفٌ للمجموعات المسلحة المدعومة من الغرب.

نيران الأزمة أصابت الكوادر الإعلامية منذ الأيام الأولى لها من خلال عمليات الاعتداء عليهم كما حدث مع مراسلي التلفزيون السوري باللاذقية في الشهر الاول للأزمة، ومن خلال خطفهم كما حدث مع الزميل "محمد السعيد" والزميلة "يارا صالح" وآخرين بعضهم عاد وبعضهم مازال حبيس طلاب الحرية، ومن خلال استهدافهم بالقتل كما حدث مع الزميل "علي عباس" و"محمد الأشرم"، وغيرهم من الزملاء الذين تعرضوا لاعتداءات وقدم بعضهم روحه فداءً للمهمة الموكلة له والقضية التي يدافع عنها فيما قدم بعضهم الآخر أجزاء من جسده في تفجير أو استهداف مباشر وما إلى ذلك.

ولم يقتصر استهداف الإعلام السوري على قنص واختطاف وتفجير كوادره ومؤسساته بل تعداه ليشمل الحظر وحجب الأقمار الصناعية وجميعنا نذكر القرار الشهير لجامعة الدولة العربية بحجب القنوات السورية عن القمرين نايل سات وعرب سات، وكذلك قرارات حجب الإخبارية السورية وقناة الدنيا.

هذا الاستهداف يفتح لنا أبواباً كثيرةً للاستفسار والسؤال لماذا كل هذا الهجوم على الإعلام السوري وكيف ينظر المختصون والمتابعون لهذا الاستهداف؟.

مطلقو النار على الكوادر الإعلامية السورية يشبههم الدكتور في كلية الآداب بجامعة حلب "نضال الصالح" بالشيطان اللاهث أبداً وراء الدم، ويقول:«في تاريخ الإنسانية علامات فارقة في مواجهة الكلمة للرصاص والدم والموت، ومن تلك العلامات كتّابٌ وفنّانون وإعلاميون لم يكن أحد منهم يحمل ما يعني نفي الآخر المختلف، أو استباحة دمه.

كانت الكلمة، أو الصورة، أو المشهد، أداته الوحيدة في تعرية القبح، والظلام، والملوّثين بلغة العنف وحده وسيلة للتعبير عن تواضع وسائل مواجهته للحقّ والحقيقة، وأولئك الملوّثون بتلك اللغة (العنف) لا ينتمون بكلّ تأكيد إلى جنس الإنسان / الإنسان، بل إلى جنس الإنسان / الشيطان اللاهث أبداً وراء الدم».

معركة سورية اليوم هي معركة إعلام هكذا ترى الدكتورة في العلوم السياسية "أشواق عباس" حيث تقول:«عندما يُستهدف الإعلام والإعلاميون فهذا يأتي ضمن هدف واضح ومحدد، وهو إسكات الصوت والصورة التي تعكس أوجه الحقيقة. فللحقيقة أوجه متعددة، وأهمية الإعلام أنه يأتي ليعرض وينقل هذه الأوجه مهما تنوعت واختلفت طرق معرفتها. من هنا فاستهداف الإعلاميين يعني استهدف نقل الحقيقة وتعريف الناس بها، والعمل على نقل وقائع أخرى على أنها "الحقيقة" الجديدة.

إن الجزء الأكبر والأخطر مما حدث وما يزال في سوريا هو حرب إعلامية، وعمل بشكل مقصود وسلبي على نقل وقائع غير صحيحة ومحاولة تقديمها وكأنها "حقيقة" ما يجري».

الإعلام يستهدف لأنه فوهة البندقية المقاتلة بالكلمة، هكذا يقول "معن صالح" مدير في التلفزيون السوري:«إعلامنا مستهدف لأنه فوهة البندقية المقاتلة بالكلمة . فبالرغم من كل الظروف ومن شراسة المعركة الإعلامية التي تخوضها سورية بمواجهة اكبر واعتي الإمبراطوريات الإعلامية في العالم والمنطقة استطاع هذا الإعلام على قلة موارده أن يكون الصوت المقاتل الناقل لحقيقة ما يجري في الميدان السياسي او العسكري واستطاع ان يتصدى لكل أساليب التضليل التي ملأت الفضاء الإعلامي والسياسي . وتم استهداف الإعلام السوري بكافة مؤسساته المسموعة والمرئية والمكتوبة كبنى وكأشخاص . وأصبح لدينا قافلة من شهداء الأسرة الإعلامية اللذين قدموا أرواحهم في سبيل إبقاء كلمة سورية وكلمة الحق راية ترفرف في سماء الحرية الحقيقية التي يشتاقها كل مواطن عربي».

شهداء الإعلام السوري كانوا من مختلف الوسائل المرئية والمسموعة والمكتوبة، واستهدافهم جاء لأنهم نصروا الحق هكذا وتقول الصحفية في جريدة الوحدة "نور حاتم" وتضيف:«هناك استهداف مستمر وموجه لهامات إعلامية شامخة شموخ الجبال لانحيازهم لنصرة الحق وزهق الباطل، يحاولون قتلهم لعدم إيمانهم بما يدعون به من حرية للرأي والرأي الآخر ،فالإعلام الحر والنزيه يعد أداة فضح لكل القوى المتآمرة ومنبرا لإيصال حقائق الحرب الحقيقية بالصوت والصورة، وهنا لابد من السؤال إلى متى سيبقى المجتمع الدولي صامتا عن انتهاكات بحق الإعلاميين الشباب ؟؟؟؟».

ينتقد العاملون في وسائل إعلام غير سورية استهداف الإعلام السوري منذ بداية الأزمة، ويقول الإعلامي في إحدى القنوات العربية "ميثم الأشقر":«استهداف الإعلام السوري بدء مع اندلاع الأزمة السورية من خلال محاولات إيقاف بث القنوات السورية عبر الأقمار الصناعية،  أما استهدافهم الجسدي ومحاولات تصفيتهم اعتقد أنها كانت المرحلة الثانية والاهم، ولا اعتقد أن الاستهداف سيتوقف عند هذا الحد طالما أن المحرك الأساسي للمسلحين يعي تماما معنى نقل الحقيقة من الأرض».

أدوات الإعلام السورية ضعيفة ومنتج الإعلاميين يفوق الإمكانيات المتاحة بكثير، بحسب المخرج "المهند كلثوم" الذي يقول:«إعلامنا تفوق وأفشل الكثير من هجماتهم العدوانية رغم تواضع أدواته، وهذا ناتج عن أننا نمتلك العقيدة، ولأننا نمتلك العقيدة فأننا حتما سننتصر، ولا يوجد قانون في عالم الصحافة يمنعنا من الدفاع عن القضية و الموقف الوطني».

رجال الدين يجدون في الإعلام السوري درجة عالية من الإخلاص والوطنية، فيقول الأب "اسبيريدون فياض":«الإعلام السوري لا يعمل كغيره من اجل حفنة من المال بل هو يعمل من اجل كل شبر من تراب هذا البلد الذي لا يوازيه مال الدنيا، لذلك هو مخلص لهذا التراب و كذلك مخلص لكل من يحب هذا التراب، وهو يسعى لنقل الحقيقة وهذا لا يرضي الكثيرين لذلك نرى ولمرات كثيرة استهداف إعلاميينا الأحباء من اجل إسكات صوت الحق، وما شهادة شهدائنا إلا تأكيداً على إخلاصهم في نقل الحقيقة التي لا يريدها الكثيرون ممن أحبوا الباطل أكثر من الحق».

لايبتعد الشيخ المسلم "موفق غزال" في رأيه كثيراً عن الاب المسيحي، ويقول:« قال رسول الله صلوات الله عليه "من مات في سبيل دينه فهو شهيد ومن مات في سبيل عمله فهو شهيد وخير عمل كلمة حق في وجه سلطان جائر" والإعلام السوري في هذه الأزمة اثبت أنه كلمة الحق في وجه سلطان الكفر والطغيان والصهيونية العالمية وعربان الخليج دفاعا عن الحق وكان شهداؤه مناضلين بالكلمة الحق فكان استهدافهم لإسكات الحق لكنهم خسؤوا فدرب النضال طويل لكن نهايته الانتصار».

استهداف الإعلام السوري يعتبر انتهاكاً للقوانين العربية والدولية، فالقرار/ 1738/ لمجلس الأمن الدولي ينص على إدانة الهجمات المتعمدة ضد الصحفيين وموظفي وسائل الإعلام والأفراد المرتبطين بهم أثناء النزاعات المسلحة، ويعتبر المنشآت والمعدات الخاصة بوسائل الإعلام أعيانا مدنية لا يجوز أن تكون هدفا لأي هجمات أو أعمال انتقامية.

كما أن الميثاق العربي لحقوق الإنسان 2004 يضمن الحق في الإعلام وحرية الرأي والتعبير، وكذلك الحق في استقاء الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين بأي وسيلة، ودونما اعتبارا للحدود الجغرافية.

رغم وضوح القانون الدولي فيما يتعلق بالإعلام والصحفيين وفظاعة الجرائم المرتكبة بحق الإعلام السوري والعاملين فيه إلا أن المجتمع الدولي لم يحرك ساكناً في هذا المجال وظل الإعلام السوري يقدم الشهداء واحداً تلو الآخر في سبيل المضي في عمله والقيام بالدور الإعلامي المناط به وبكوادره، بل أكثر من ذلك فان هذا المجتمع الدولي كان أشبه بمن يعطي الغطاء والشرعية لأولئك الذين لا يفوتون فرصةً لاستهداف الإعلام وكوادره في وقت هم فيه يرفعون شعارات حقوق الإنسان وحرية التعبير والإعلام.
 

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=11&id=28155