الرئيسية  /  لقاء دام برس

العميد أمين حطيط لدام برس: الغارة الإسرائيلية على دمشق كانت بسبب القصير .. وذريعة الكيماوي باتت ورقة محروقة بيد أميركا


دام برس : العميد أمين حطيط لدام برس: الغارة الإسرائيلية على دمشق كانت بسبب القصير .. وذريعة الكيماوي باتت ورقة محروقة بيد أميركا

خاص دام برس – بهاء نصار خير:
تتوالى الأحداث وتتسارع بشكل كبير.. غارة إسرائيلية همجية وتهليل بها من قبل المعارضة.. اتفاق روسي – أمريكي قد يقلب مسار الأزمة. الكلام يكثر والتحليلات تخرج من هنا وهناك. ولكن لابد أن يبقى هناك ما هو الشيء  الصحيح والمسار الذي ستتخذه الأزمة السورية. هذه الأحداث والتطورات نتناولها مع سيادة العميد والمحلل العسكري "أمين حطيط" الذي خصنا بهذا الحوار:
-   بداية سيادة العميد كيف تقرأ الغارة الإسرائيلية الجديدة وهي الثانية خلال أشهر وما هي أبعادها؟
شنت  الغارة بقرار أميركي و تنفيذ إسرائيلي ، و جاءت رداً على الانجازات الاستراتيجية العسكرية الهامة التي حققتها الجيش العربي السوري و القوى الرديفة في كل من ريف دمشق و القصير. انجازات سببت انهياراً لخطة "أوباما" التي جاء الرئيس الأميركي بنفسه ليطلقها في آذار الماضي و كان يعول عليها لتعويض ما فاته من تلك الخطة الخائبة . و نرى أن أميركا التي دفعت لإسرائيل ثمناً مسبقاً لهذه الغارة تمثل بصفقة ال 3 مليارات دولار أسلحة، و إقرار من الجامعة العربية بمبدأ تبادل الأراضي و تشريع الاستيطان في الضفة الغربية ، أميركا هذه أرادت أن تستدرج سورية و حزب الله لعمل عسكري ضد إسرائيل يعطي الأخيرة ذريعة  تحملها على تدخل اكبر في سورية و بشكل تستفيد منه الجماعات المسلحة فيفك الطوق عن القصير في سورية و تدفع حزب الله إلى موقع صعب في لبنان يؤدي إلى تراجعه عن المشهد السياسي و يمكن أميركا من امتلاك ورقة لبنان بعيدا عن نفوذ حزب الله .
هل تعتقد بأن هذه الغارة أتت بعد فشل حُجة السلاح الكيميائي؟
تلفيق السلاح الكيماوي كان من أجل الضغط و الترهيب و التخويف من تدخل عسكري دولي و لكن أميركا كانت تعرف مسبقاً أن سورية لن تخضع لهذا الابتزاز في ظل ظروف دولية تحول دون أي تدخل أممي ضد سورية . و بالتالي نرى أن خلفية الغارة و مقاصدها هي كما ذكرنا و ابعد بكثير من مسالة الكيماوي .
-  هناك من يقول بأنه يجب أن يكون هناك رد حقيقي وحاسم. هل ترى بأن هذا يجب أن يحصل؟
نعم يجب أن يحصل الرد، و لكن ليس كما يريده من نفذ العدوان  أو من نصب الفخ لسورية عبر الغارة بل يجب أن يكون وفقاً للحسابات الاستراتيجية السورية لأنه في الصراعات  الكبرى لا مجال للانقياد خلف العواطف و الغرائز ، و يكون واجباً و بشكل لا نقاش فيه أن يسبق أي قرار كبير عملية تقدير موقف استراتيجي معمق يأخذ بالاعتبار كل جزئيات المسألة . و في هذا المجال نميز بين الرد التكتيكي و الرد الاستراتيجي . و قد يكون الرد بالنار على إسرائيل أول ما يتبادر إلى الذهن و هنا يكون رداً تكتيكياً عملاتياً و لكن إذا كان هذا الأمر سيؤثر على الهدف الاستراتيجي فيكون من الواجب الامتناع عنه في لحظته و تأجيله لتوقيت أكثر تناسباً مع الظروف. و سورية و حلفاؤها  اليوم لديهم هم استراتيجي كبير لا تتقدم عليه أية أهداف أخرى و هو متابعة العمل الناجح باستراتيجية التطويق و المحاصرة و التطهير من اجل القضاء على أي حلم للإرهابيين بالسيطرة على منطقة ذات شأن استراتيجي تمكنهم من الانطلاق منها للنيل من وحدة الأراضي السورية أو المساومة على السلطة خلافا لما يريده الشعب .
من وجهة نظرك ما هي طبيعة الرد المتوقع من سورية إن حصل ذلك ؟
اعتقد أن الرد يكون من طبيعة مركبة ميدانية و عسكرية و سياسية استراتيجية. و نرى أن الإعلان عن فتح خطوط الجولان أمام من يريد مقاومة إسرائيل هو فرع من الرد ، و متابعة العمل ضد الإرهابيين في عمليات التطهير يكون الجزء الأهم منه ، و يضاف  إليه التحريك السياسي و رسائل التهديد التي حملتها إيران إلى الأردن و من خلفها فيعتبر من قبيل الرد أيضاً ، أما الرد الناري المباشر باللجوء إلى القصف ضد أهداف إسرائيلية استراتجية فأعتقد انه سيكون متأخراً بعض الشيء  و لا يحصل قريباً خاصة إذا كان من شأن هذا التدبير تشتيت الجهود السورية و حرفها عن المهمة الكبرى الأساسية و هي العمل في الداخل ، كما و منح الإرهابيين فرصة الاستفادة من الدعم الناري الإسرائيلي في حال عمدت إسرائيل لرد مضاد و كل ذلك لا يكون فيه حكمة الآن .
سورية تحارب الآن على أكثر من جبهة داخلية هل تعتقد بأن سورية مستعدة لفتح جبهة حرب أخرى على حدودها الجنوبية مع الكيان؟
ليس من مصلحة سورية أن تفتح الآن جبهة الجولان و تزج ثلث جيشها فيها في الوقت الذي يوجد فيه في الداخل السوري و على أكثر من محور و منطقة الآلاف من المسلحين و بوجود أكثر من أربعة ملايين سوري خارج منازلهم مهجرين في الداخل أو إلى خارج سورية. فإن الواقعية و العقلانية و حسن التبصر تقود إلى القول بوجوب  التركيز الآن على الشأن العسكري في الداخل لأن  له الأولوية الأعلى .
ظهر على شاشة القناة الإسرائيلية متحدث إعلامي باسم الجيش الحر يهلل ويبارك للكيان ما قام به. ما تأثير ذلك على الواقع؟
ليس جديداً أن تفتضح علاقة من يمثل المسلحين و الإرهابيين و ظهورهم بمثابة عملاء للعدو، و من الأيام الأولى كنا نقول بأن ما يجري في سورية هو حرب كونية بقيادة أميركية و أن المنفذين هم جماعات من العملاء و الخونة و أن ظهور هذا الشخص و بالشكل الذي تم لم يحدث جديدا بل كان بمثابة التأكيد للعمالة ، و يمكن أن يكون له أثر باتجاه من لم يخدر فكره و يؤسر عقله بإعلام الجاهلية المعاصرة الممثلة بالتكفيريين و الإرهابيين الذين يعملون بالتوجيهات الأميركية أما من راهن على قلبه و أقفل عقله فإنه بحاجة إلى عمل إعلامي إضافي هام حتى يوقظه و هنا يأتي دور إعلامنا و مسؤوليته في تسليط الضوء على هذا الأمر و ما يماثله لفضحه و حرمان أولئك الخونة ممن يصدقهم أو يثق بهم.  فإن أحسن الاستثمار أمكن القول بأثر إيجابي لصالح الدفاع عن سورية .
-  هل تتوقع خلال الفترة القادمة أو كما رُوج له بأن الحرب ستبدأ؟
حتى اللحظة لا أرى في المدى المنظور حرباً تشارك فيها دول و أحلاف في المنطقة و من خارجها ـ و ستبقى الحرب الكونية محصورة في سورية مع تطوير هام في نمطها عبر  تزايد العمليات العسكرية السورية المؤثرة  في مواجهة الجماعات المسلحة و الإرهابيين . و من يراقب السلوكيات التي قامت بها  مكونات جبهة العدوان على سورية يعرف أنهم مربكون ولا  يجرؤن على افتتاح حرب الآن. أما من الجهة المعاكسة فكما قلنا ليس من مصلحة جبهة الدفاع عن سورية أن تبادر هي الآن إلى الحرب طالما أنها مستمرة بتسجيل الانجازات و مطمئنة للنتائج النهائية .
معارك القصير كبيرة جداً وتأخذ بعداً كبيراً وهناك من يتحدث عن وجود كنوز ثمينة هناك ما رأيك بهذا الموضوع وما هي نتائج السيطرة على القصير؟
نحن ننظر إلى معركة القصير بشكل رئيسي من الوجهة الاستراتيجية و أهميتها و تأثيرها على مجريات المواجهة ، و من هذا المنظور نرى أن أهمية القصير تتصل بشكل واضح بدور الساحة اللبنانية في العدوان على سورية و أن استعادة الدولة لزمام الأمور في المنطقة و السيطرة عليها و إغلاقها بوجه حركة الإرهاب و التسليح عبر لبنان من شأنه أن يعطل ورقة و لبنان و يعقد عمل الإرهابيين و يؤمن اتصالاً مستقراً بين دمشق و الوسط السوري و عبره إلى الساحل و الشمال و بعد الانتهاء من معركة  القصير ستدخل المواجهات مرحلة جديدة مختلفة جدا عما كان قبلها و هنا نذكر بأن بعضاً من أهداف الغارة الأميركية – الإسرائيلية على دمشق كان من أجل الضغط على سورية للتوقف عن العمل في القصير . الغارة الإسرائيلية على دمشق كانت للتوقف عن العمل في القصير
-  المجتمع الدولي اعترف واقر باستخدام المسلحين في سورية للسلاح الكيميائي ما تأثير ذلك على مسار المعركة؟
لا يوجد شيء اسمه مجتمع دولي و هذه العبارة هي مصطلح اخترعته أميركا من أجل استعمالها و تنصيب نفسها ولية لأمره لإسباغ الشرعية على عدوانها و التدخل في الدول ذات السيادة. أما اليوم فإن العالم تفتت إلى مجموعات و كتل لا تلتقي على رأي واحد، و بالنسبة للأسلحة الكيماوية فإن التكتلات المعتدية على سورية لن تغير مواقفها، و التكتلات المدافعة عن سورية تعلم في الأصل أن الإرهابيين هم من لجأ إلى الكيماوي.  بالتالي فإن بعض التسريبات حول الموضوع لن يغير في واقع الحال باستثناء أمر واحد هو أن ذريعة الكيماوية باتت ورقة محروقة بيد أميركا .
كيف ترى المبادرة العربية الحالية التي رفعتها قطر حول مبادلة الأراضي المحتلة؟
هنا بيت القصيد في كل ما جرى و يجري في المنطقة و إن الحريق العربي المسمى زوراً ربيعاً، ما كان أصلاً ليكون لو لم يكن هناك هدف استراتيجي و مركزي هو تصفية القضية الفلسطينية على الطريقة الصهيونية. و إن قطر التي خضع العرب لمالها و بقرار من أميركا تقوم الآن بمهمة التصفية و هي تظن أن من كان يحول دون الاستسلام لإسرائيل مشغول بنفسه الآن و بإمكانها المسارعة لتنفيذ مهمة التصفية بدءا بمبادلة الأراضي و التي سيتبعها اعتراف من جامعة الخيانة العربية بيهودية إسرائيل و ها قد بدأت إسرائيل تتحدث بصيغة أنها جزء من بلاد الشام لا بل الجزء الأهم من هذه البلاد على حد قول بعض خبرائها الاستراتيجيين. لكن لا نرى أن مشروع الخيانة العربية هذه سيمر. و لن يستطيع الخونة بيع فلسطين أو التنازل عنها وأن يحققوا ما طلب منهم.
-   سؤالي الأخير سيادة العميد  كيف تقرأ التوافق الروسي الأمريكي بشأن حل الأزمة في سورية وكيف سيكون تأثيره على الأرض؟
بعد أن وصلت أميركا إلى الحائط المسدود في عدوانها على سورية و فشلت في الميدان، و لم تستطع كل الوسائل الإرهابية و الإجرامية من تحقيق الحلم الأميركي في إسقاط سورية ، و بعد أن استعملت كل ما هو ممكن و متاح من وسائل القوة العسكرية و فشلت كان لا بد لها أي لأمريكا أن تتحول إلى اعتماد سياسة تحديد الخسائر و الخروج من الأزمة السورية بالحد الأدنى الممكن من هذه الخسائر و لهذا كان الاتفاق الروسي - الأميركي القائم في جوهره على ما تريده دمشق أصلاً من حوار سوري -  سوري تجهز له بيئة دولية حاضنة و راعية من شأنها أن توقف إمداد الميدان بجماعات إرهابية و بسلاح لها. لكن لا اعتقد أن هذا الاتفاق سيجد طريقه السريع إلى التنفيذ خاصة و أن هناك جهات إقليمية و عربية ستجد نفسها خالية الوفاض و خاسرة بكل المعاني. لهذا قد يكبح و يبطأ التنفيذ لبضعة أيام أو أسابيع و يترافق ذلك مع عمل عسكري ميداني تقوم به الجماعات المسلحة لإثبات الوجود. لكن لا أعتقد أنهم سيتوصلون إلى أي نتيجة. وإن قافلة نصر سورية و محورها قد انطلقت و لن يوقفها أحد و لن تؤثر فيها مناورة.

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=51&id=27583