الرئيسية  /  لقاء دام برس

البريطاني كولن باورز لدام برس:الإعلام البريطاني منعني من إيصال صورة مايحدث في سورية للرأي العام الغربي وسورية تعاني من ضعف الإعلام وغياب التعددية السياسية لكنها في الوقت نفسه غير مهيئة للديمقراطية الغربية


دام برس : البريطاني كولن باورز لدام برس:الإعلام البريطاني منعني من إيصال صورة مايحدث في سورية للرأي العام الغربي وسورية تعاني من ضعف الإعلام وغياب التعددية السياسية لكنها في الوقت نفسه غير مهيئة للديمقراطية الغربية

خاص دام برس - حاوره - بلال سليطين :
"كولن باورز" بريطاني هاجر وطنه وقصد سورية قبل سنوات فاختار اللاذقية عروس الساحل السوري موطناً جديداً له مع عائلته الصغيرة وانخرط في المجتمع السوري رغم عدم إتقانه للغته وأصبح جزءً منه يعيش حياتاً قريبةً من حياة السوريين ويتأثر بتأثرهم فيفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم، ولان اليوم سورية تعيش أزمةً صعبة معقدة فإن "باورز" الذي أحبها قرر الصمود والبقاء فيها رغم كل الدعوات الغربية له للمغادرة والعودة إلى بريطانية.

السيد "باورز" لديه نظرته للواقع السوري عموماً وهو معترضٌ على موقف حكومة بلاده من الأزمة السورية وحزين في الوقت نفسه على الطريقة التي يدمر بها السوريون وطنهم وقد عبر عن ذلك في حديث خاص له مع دام برس قائلاً:« هذه ليست ثورة، اليوم السوريون يدمرون بلدهم بأيدهم لا أعرف إذا كانوا يدركون ذلك أم لا، لكن ما أعرفه وأفهمه أن الحكومتين البريطانية والأمريكية تريدان تغيير الحكومة السورية لذلك هم يقفون ضدها وهمهم الوحيد هو تغيير نظام سورية.

الغرب يريد السيطرة على القرار السياسي السوري وهو مستعد لإدخال عشرات الاستثمارات إليها حال تغيير النظام لكي يسيطروا على الاقتصاد السوري ويتحكموا بسورية لدرجة تجعلهم إذا قالوا للسوري عليك أن تقفز يكون جوابه كم هي المسافة التي يجب أن أقفزها !!!!!.

على الأقل هذا تقديري الشخصي لما يحدث في سورية وبالنهاية أنا أبقى غريب وموقفي محايد ولست مع أحد، وفقط أحب سورية وحزين على مايحدث فيها وحزين أكثر لأن السوريين يدمرون وطنهم».

ويضيف "باروز":« الغالبية الساحقة من السوريين يرفضون ما يحدث في بلدهم، ولكن لدى كلا الطرفين في سورية مشكلة أنهم يسمعون الأخبار من الجهة التي تتفق مع توجههم ورأيهم في حين أن عليهم أن يتابعوا الكل ويقرؤوا مابين السطور جيداً حتى يعرفوا كيف يجب أن يدافعوا عن وطنهم».

صاحب المكتبة الانكليزية الوحيدة في محافظة اللاذقية والثانية المتبقية في سورية، دافع عن الموقف الشعبي البريطاني من الأزمة السورية وقال:« هناك اختلاف واضح بين ما تبثه الجزيرة الانكليزية والبي بي سي من أخبار وبين الواقع في سورية وما تبثه المحطات السورية عنه، مشكلة البريطانيين أنهم لا يسمعون أخبار الأزمة السورية بلسان سوري وهم يسمعونها فقط بلسان شبه معادٍ لسورية، في ظل غياب أي إعلام سوري ناطق باللغة الانكليزية.

حتى أنا في سورية لدي مشكلة في الحصول على الأخبار خصوصاً بعد أن أضعت نشرة الأخبار الانكليزية على المحطات السورية والتي أظنها ألغيت لأنني ما عدت شاهدتها، وحتى مجلة سيريا تايمز توقفت عن الصدور».

البريطاني الحزين على مايحدث في سورية حاول نقل الصورة للمجتمع البريطاني لكنه منع من ذلك حسب قوله:«حاولت كثيراً كتابة مقالات عن سورية وأرسلتها إلى بريطانية لكنهم رفضوا نشرها حتى تعليقاتي على الصحف البريطانية يتم حذفها لأنها لا تتوافق مع توجهاتهم وأهدافهم، جربت ذلك مئات المرات، وحاولت إيصال صوتي وقول رأيي بصدق، لكنني اصطدمت بحاجز الممنوع».

صديق اللاذقانيين وفي إجابته على سؤالنا حول موضوع الحريات في بريطانية وكيف يتم قمعه ومنعه من نقل الصورة كما هي قال:«دعني أقول لك في بريطانية لا يوجد شيء اسمه حرية بالمفهوم الذي يظنه البعض هنا والذي يدعون أنهم يطالبون فيه، فعندما يكون لديك في شارع واحد /6/ كاميرات مراقبة كيف تكون حياتك حرة، الحرية لها ضوابطها أيضاَ».

وأضاف متحدثاً عن الحرية في سورية ومنتقداً احتكار السلطة:«في سورية كان وضع الحريات مقبولا إلا أن سورية كوطن ودولة كانت تفتقد للتعددية السياسية وتعاني من احتكار السلطة، لكنها في الوقت نفسه لا يمكنها أن تعيش على الديمقراطية الغربية فالشعب هنا عقليته مختلفة وكذلك أسلوب حياته، وعلى السوريين ألا يستنسخوا أي نموذج غربي في بلدهم، فواجبهم أن يستحدثوا نموذجاً أو طريقة تتوافق مع واقعهم وليس مع واقع غيرهم».

الرجل الهادئ والسهل التأقلم مع المجتمع الشرقي استنكر حالة الفساد الموجودة في الشرق واتهم الشرقيين بأنهم يريدون الفساد، قائلا:« الفساد في الشرق مرعب إنه يعتبر أسلوب حياة، بمعنى آخر فان إرادة الشعب هنا لا تريد تغيير الفساد بل الشعب يريد بقاءه كجزء من حياتهم لأن من يعطي الرشوة أكثر سوءاً من ذاك الذي يتقاضاها».

السيد "باروز" لم يعاني من أية مضايقات خلال حياته في سورية، وقال:«لم أتعرض لمضايقات ولم يسبق أن احتك بي أحد على العكس أعيش براحتي ولا علاقة لي بما يحدث.

لكنني قبل الأزمة كنت أعيش حياة جميلة ومريحة، أما الآن أصبحت الحياة مقيدة وحزينة، وهناك مشاكل في بعض المناطق القريبة وانقطاع متكرر للكهرباء، لكن هذا لا يخيفني.

كما أن حكومة بلادي أصبحت تتصل بي من أجل المغادرة وترك الحياة في سورية لكنني أرفض ذلك».

السيد "باروز" قال مجيباً على سؤالنا حول الإسلام في سورية التي أتاها بعد حربي العراق وأفغانستان، أي في الوقت الذي كانوا يسوقون فيه للرأي العام البريطاني نظرية "الاسلام فوبيا":«هذا الكلام صحيح عندما كنت في بريطانيا كانوا يسوقون لنا أن الإسلام سيء والمسلمين إرهابيون وما إلى ذلك، لكنني وبعد تجربة جميلة في سورية أستطيع القول أن الإسلام في سورية مختلف تماماً عن الصورة التي أرادوا إيصالها لنا.

اليوم أنا هنا أعيش مع المسلمين بمختلف طوائفهم وكذلك المسيحيين ولدي علاقات طيبة مع الجميع كما أن لديهم علاقات طيبة مع بعضهم البعض، فالناس هنا مازالوا يحافظون على روح الأصالة وهم مضيافون، طبعاً لا يخلوا الأمر من بعض السيئين لكنهم موجودون في كل العالم.

الظاهرة الوحيدة التي وجدتها هنا ولم تعجبني هي طريقة التعامل مع المرأة، المرأة الأوروبية لا تحتمل ما تحتمله المرأة المسلمة.

لكن باختصار عندما وصلت إلى سورية شعرت أن بإمكان أي شخص العيش هنا والتأقلم مع الواقع».

كما قال مجيبا على سؤالنا هل يشعر الشعب البريطاني بالأسف على ما فعلته بريطانيا بفلسطين، وما يفعله اليهود بالفلسطينيين والعرب كل يوم:«الحكومة البريطانية والأميركية هما من وطَّن وأمَّن وجود اليهود في فلسطين وليس نحن كشعب، واليهود لديهم تأثير كبير على الحكومتين البريطانية والأميركية وبالتالي فان فلسطين لا تذكر بالإعلام لدينا وبالتالي فان الرأي العام البريطاني مغيب عن القضية الفلسطينية وفي حرب غزة لم يغطي الإعلام البريطاني هذه الحرب ولم يهتم بها، لذلك فإنهم لا يشعرون بمعاناة الفلسطينيين ولا يعرفون شيئا عما يحدث في فلسطين !!!

السيد "باورز" ختم حديثه مع دام برس بالقول:«لقد أحببت سورية لدرجة أنني رفضت مغادرتها رغم الظروف التي تعيشها، وبالمقابل أشعر بمحبة السوريين لي وسعيد جدا بها».

يذكر أن السيد "كولن باورز" بريطاني جاء إلى سورية مع عائلته قبل سنوات وأنشأ مكتبة لبيع الكتب الانكليزية في اللاذقية وهي الثانية في سورية، وهو حتى الآن مواظب على العمل فيها ولديه زبائن تربطهم به علاقة طيبة ويحبون التعامل معه ويجدون في مكتبته ما يحتاجونه من كتب نادرة، إلا أنه الآن أصبح يعاني من مشكلة في استيراد الكتب من بريطانية بسبب الحصار المفروض على سورية.
 

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=51&id=25167