الرئيسية  /  كتاب وآراء

خــسرتــم رهانكم وأسدنا بـاقـي وأنـتـم الـى مزابل التاريخ .. بقلم : د احمد الاسدي


دام برس:

نــكـــران الأصــــل نـغــالــــــــه .. ومـقـتـــل الـســـــفيه احــتقــاره .....  فــي بــدايــة الأزمــة الســـوريـة , قــلنـا إنَ ســـوريــة ليست تــونس ولا مـصـر ولا اليمـن ولا لـيبيــا , ومـا يصــح فــي مكـان مــا , لسـت بـالضــرورة أنْ يــكـون وصـفــة جـاهــزة تـمـرر عـلى الجـميــع , ولــو كـان الأمـر كذلـك , لأنـتـفـت الحـاجــة لـلـبـحـث عـن الاســبـاب واســـتقـراء الاحـداث , ودراســـة تــوقعـات تــداعيـاتهــا , ولغـيبـنـا عــقـولنـا ,واســـتنســخنـا مـا هــو مـركــون عـلى الـرفــوف او مخــبيء فـي الأدراج ( ويـادار مـا دخـلج شـــر ) , لــكـن هــنـاك مـَنْ حــاول الـتـمـرد عـلى قــنـاعــاتــه , وأصــر عـلى الســـيـر عـكـس تـيـارهــا ولأســـبـاب عـــديــدة , بـعضهـا قــد يـعـود الـى تــركيبتــه الـشــخصيــة الـتـي لا يــسـتطيـع التحـرر مـِنْ قــوقعتهـا , وآخـريـن لهـم أجــنـدتهـم و احقـادهـم التـي جـعـلت منهـم ادوات مدفـوعـة الثمـن أو مـِجـانيــة , حــاولـوا أنْ يـُـلبســوا الحـدث الســـوري غيـر ثيـايبــه , ويجــردوه مـِنْ لبــاس الحـقيقـــة , فـراهــنــوا عـلى تصــورات خـاطـئــة وبنـوا عليهـا اضـغـاث احـــلام .

أنْ تــطـلب الـدول الـراعيــة لـلتـآمـر عــلى ســـوريــة مـِنْ مــوســـكــو  (مـع تحـفظ كـاتب السطـور عـلى  بعض المفـردات )  دعــوة الـرئيس بشــار الأســـد للـرحـيـل ,واســـتعـدادهــم لتــأمـيـن مــلاذ آمــن لـــه , بـعــد كـل ضــجـيـج المـؤتمـرات ووعـيــد البـيـانـات والتهـديـدات والمـقـاطـعـات والعـقـوبـات , الـتـي اغـرقـوا بهـا الدنـيـا طــوال شــهـور الآزمــة الـتـي تـجـاوزت العشـــرين ,  فــهــذا هــو خــســـار الــرهــان بــدمــة وشــــحمــة مثـلمـا يـقــال , بــل أنــه عار الاذلال والمهـانـــة التـي وضــعهـم في قعـرزجـاجـته واضـاق عنقهـا عليهـم الأخ الرئيس بشــار الأســد ورفــاقــة فـي الجـيش والقيـادة , ومـعهـم الشـــعـب العـربي الســـوري بكـل اطـيافــة ومكــونـاتـــه  وعـنـاويــنــهالمجتمعـيــة .

الـمطـبـليـن والمـُزمـريـن والنـاعقـيـن لـســنـا بـصــددهـم , فهــؤلاء لا اعـتبـار لهـم و مـثلمـا يقـول عنهـم اهلنـا فـي جـنـوب العـراق ( هــوش الله  بـأرض الله ) , ولــكـننـا نـتســـائــل مـِنْ اهــــل الشــــأن الـراعـي للجمـاعـات الارهـابيـة الاجــراميــة عـلى الارض الســوريـة,عــن مـاهيــة المعـطيـات التــي دفـعت بهـم للاســـتنجـاد بـالـروس للطـلب مـِنْ الـرئيس الأســد بـالـرحيـل مـع الضمـانـات , فـي الـوقـت الذي يَــدَعــون فيــه سيطــرة عمـلائهـم وارهـابيهـم عـلى مـا يقـارب الســبعيـن بالمئــة مـِنْ الجغـرافيــة الســـوريــة , و ما ســـرتحـول خطـابهـم مـِنْ لغــة التنحـــي والغطـرســة الـتهـديديــة , ومـا اليــه مـِنْ ارهـاصـاتهـم الـفـارغـــة الــى خطـاب الدبلـومـاسيــة والتــوسـط وتــوفيــر المـلاذات الآمـنـــة ؟

بكــل تــأكـيـد إنَ هــذا الإنـقـلاب لــم يــأتـــي عــن فـــراغ , او إنَ الـدبلـومـاسيـاتوالأخـلاقيـات قــد حـلت على احفـاد ابـو جهــل مـِنَ الســمـاء , وإنمــا مـِنْ دون أدنـــى شــك , أنَ هنـاك عــوامـل جـوهـريـة قـد اســـتجـدت عـلى الارض فـرسـمـت مــلامـح جــديـدة للحـدث , مخـالفـة لـلصــورة التـي رســـمتهـا اضـغـاث احــلامهـم وتمنيـاتهـم بـســقـوط النظـام الســـياســي فــي دمـشــق خــلال ايـام وشــهـور , مثلمـا صــورتهـا لهــم دوائــر اســتخـبـارات اســيـادهـم , واكـاذيـب عمـلاءهـم ومـرتــزقـتهـم فـي الـخـارج والـداخــل , فـالنـظـام الســيـاســي فــي دمـشـق هــو ذات النـظـام الـذي راهــنـوا عـلى تنحــي رئيســه وقيـادتــه وتـفكيـك مـؤسسـاتــه العســكريـة والأمنـيــة , والشـــارع هــو ذات الشـــارع الـذي طــوعــوا طـيـف  منــه فـي بدايــة الأزمــة لـصـالح مشـــروعهـم ,حـيث نجحــوا فـي اســقـاط بعض فئـاتــه فـي مســـتنقـع الانقـلاب عـلى الـوطـن والـوطنيــة ,  بفعــل الضـخ الاعــلامـي التـلفـيقــي والـوعـود الـزائفــه بـالديمقـراطيـات والحــريـات والتعـدديـات , واســتثـاروا النعـرة المذهبيــة فـي عقـول اصحـاب النفـوس الضعيفـة فيــه .

لـعـل ابــرز العـوامـل التـي فـرضـت نفســهـا عـلى  تفكيــر عقليــة اصحـاب القـرار فـي المعســكر المتـآمـر عـلى ســـوريـة , وجـعلتهـم يــبحثــون عـن وسيلــة لإخـراجهـم مـِنْ غـيهــم مـع حـفـظ بعضـا مـِنْ مـاء الوجـــه , هـــي ادراكهــم خــطــأ حســـابـاتهــم وتقــديـراتهــم  عــن مـا هـيــة تفكـيـر القيـادة الســـوريـة وطـريقــة ادارتهــا للأزمــات المصــيريــة , يضــاف الــى هـــذا عــدم درايــتهــم بمـزاج الشـــارع وتقلبـاتـــه  وبنـاءهـم لقصــور اوهـامهـم عـلى رمــاله المتحـركــة , واســتخـدامهـم للعبــة الاعـــلام  المـلـفـقبطـريقــة ســــاذجــة أخـذت تـنقـلـب عليهــم مــع تقــادم الاحـداث وانكشـــاف المســتور مـنهـا , وعـلـى صعــيـد المـواقــف الدوليــة , فلقــد جـاءت مــواقـف حـلفـاء ســـوريـة الدوليــين والاقـليمييـن هـي الآخــرى صــفعــة  ثقـيلــة عـلى وجــوهـهـم , ضـيقـت عـليهـم الخــنـاق , واربـكـت مـخـططـاتـهــم الــى الـدرجــة , الـتـي جـعلتهــم يـلعـنـون اللحظـة الــتي ورطـوا انـفـسـهـم فـي الفـخ الســـوري .

وأخـيــرا ولست آخــرا , فـالمعـركـة لا تــزال مســتمـره , والأزمـة لا نــدعــي انحـســار مـؤامـرتهـا ,  فـإنَ التـحـول الاســتـراتيجـي نحـو ســـيـاســة المـلعــب الـمـفـتـوح , الـتي بــدأ يــنتهجهـا الجـيش العـربـي الســوري بـتعـامـلـة واســتهـدافــة لـلعـصـابات الاجـراميــة المـســـلحـة , قــد قـلـب كــل المـوازيـن , و أخــذ دوائــر الاســتخبـارات الدوليــة وغــرف عمـليـاتها وخــططهـا واســتراتيجيـاتهـا عـلى حــيــن غـــرة , الــى الدرجــة التــي دفـعــت القـائمـيـن عـلى مشــروع اســـقـاط ســـوريـة ارســال  الابــراهــيمـي عـلى عجـالــة الــى دمـشــق لطـرح خــطـة الاقــرار بالغـاء مـطـالب تــنحــي الرئيس الاســد ورحيلــة , والاكـتفـاء بـالتـرجـي والتفـاوض عـلى عــدم الـتـرشــح لـولايـة رئـاسيـة جـديــدة عـام 2014 , وهــذا ما لــم يــرفضــه الرئيس الاســد فـقـط  بــل رفض حــتـى التـعليــق عليــه , ورفض الـرئيس الأســد لـتـرجـي عــدم التـرشـح فـي الانتخـابات بعد 2014 لـم يأتــي عـن تــعنـت وغـرور , مثلمـا يحـاول البعض أنْ يـدس ســمـومـة ويصـور الامـر بـهذة الطـريقة الســاذجــة , وإنمـا وفـاء منــه لأرواح شــهداء حـمـاة الديـار  والأغـلبيــة فـي الشـــارع التــي التـفـت حــول قـيـادتــه , وعـانـت مـا عـانـت مـِنْ ارهــاب عـصـابات الاجــرام الاســلامـوي , وعمـلاء الـرذالــه العـُربـانيـة العثمـانيــة , وتــأكـيــدا عـلى الــتــزام ســـيـادتــه ورفـاقــة فـي الجـيش والقيـادة السـياسيـة ,عـلى إنَ الحـلـول المشــروطـة المـفـروضـة مـِنْ الخـارج , والـــتي تـتجـاوز الســـقف الوطـنـي الســوري , لا مكـان لهـا عـلى طـاولـة أي حـوار تـفـاوضـــي للخـروج مـِنْ الأزمــة   .

al_asadi@aol.com

 

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=48&id=24544