الرئيسية  /  ثقافة وفنون

جديد المسرح القومي بالحسكة :مسرحية الاطفال نور والذئب المغرور :دعوة لقوة العقل والابتعاد عن الغرور


دام برس- عبدالرحمن السيد

استطاع المسرح القومي بالحسكة  خلال العامين الماضيين  ان يكون جزءا هاما من خارطة الحياة الثقافية في سورية  من خلال حرصه  على تقديم  اعمال  ذات سوية رفيعة تجمع  مابين المتعة والفائدة  وقد ظهر هذا الشيء على مستوى الكم والكيف فكان هناك  اتجاه حقيقي لتنشيط الحركة المسرحية فقدمت العديد  من الاعمال التي تراوحت ى تصنيفاتها العمرية بين مسرح  الاطفال ومسرح الكبار .
اضافة لمهرجان الحسكة المسرحي  بدورتيه  الاولى والثانية  الذي  اقامته  مديرية المسارح والموسيقا 
قدمت  فرقة المسرح القومي  ايام عيد الفطر السعيد  مسرحية  (نور والذئب المغرور  على مسرح دار الثقافة  بالحسكة برعاية الدكتورة  لبانة المشوح  وزيرة الثقافة  العمل موجه للأطفال ومن الاهمية الاشارة الى قيام مديرية المسارح والموسيقا  والمسرح القومي خلال العام المنصرم  وهذا العام بتفعيل هذا النوع من المسرح  من خلال انجاز عرضين  في مدينتي الحسكة والقامشلي  هما كوخ الاصدقاء والأميرة بتول اضافة الى اقامة  مهرجان  خاص بمسرح الطفل  في مدينة الرميلان  قدمت فيه خمسة عروض اضافة الى  المشاركة في مهرجان  مسرح الطفل  بثلاثة عروض .
هذا وقد أشار مدير المسرح القومي بالحسكة  الفنان اسماعيل خلف  في منشور العرض  من ان الغاية من هذا التوجه هو تطلع مديرية المسارح في ان يكون المسرح  بالنسبة للطفل  حاجة دائمة لا يمكن الاستغناء عنها  وطقس احتفالي دائم للأسرة .
مسرحية نور  والذئب المغرور  من تأليف  وإخراج اسماعيل خلف  تطرح  المسرحية  قيمة  الصراع  في الكشف  عن  مصدرة القوة .. هل القوة  هي قوة العقل  ام قوة الجسد  الصراع الدائم بين المعرفة والجهل  بين الخير والشر .. بين التواضع والغرور .. بين التسامح  والحقد .. بين التعاون والانانية .
ان اختيار النص المناسب  هو جزء كبير من نجاح اي عمل وللمرة الثانية  بعد عمل  كوخ الاصدقاء  يقدم المؤلف نصاً وأن كان موجها للأطفال إلا انه يصلح ان يكون للأسرة .. نصا  يدعو الى المحبة والتسامح والابتعاد عن العنف والتعاون   في بناء الغد الاجمل  الذي لا يحمل ضغينة  وشعاره الحب.
نور والذئب المغرور مسرحية جديدة لمخرج استطاع  عبر مسيرة ربع قرن ان يقدم اعمالا في غابة الاهمية لمسرح الكبار  فامتازت اعماله بالميل نحو التجريب والحداثة واليوم للمرة الثانية يفاجئنا بعمل للأطفال له نكهة جديدة غير مألوفة بالنسبة للعروض التي اعتدنا مشاهدتها ..
اللمثل هو العامل الاكثر اهمية لعناصر العرض وهو مايركز عليه دائما المخرج في كافة اعماله..
أداء الممثلين كان في احسن أحواله وبدا واضحا الجهد الذي بذلوه ليمتعوا الاطفال وأسرهم خلال ستين دقيقة ..
فتألق بشار الظللي في دور الذئب وباسل حريب في دور القرد وعبد العزيز املح في دور الحمار..
تميزت بعض مشاهد المسرحية بجرعة عالية من الكوميديا من خلال شخصية الثعلب التي جسدها سليمان اسيود اما المخضرم عبد الغني سلطان فرغم انه اقنع في شخصية الصياد الا انه لم يكن بمستواه المعهود وكذلك الامر بالنسبة لفيصل حميد الذي كان نجماً في مسرحية كوخ الاصدقاء
اتسم العرض بسرعة ايقاعه وكان ذلك على حساب سرعة الالقاء لدى البعض (فيصل حميد)
ولعبت المفارقات الكوميديا دورا كبيرا في جذب المتفرج للعرض وخاصة في الجزء الثاني من العرض الذي يعتمد على الالغاز التي يطرحها الثعلب على الصياد
لعبت الموسيقا دورا في سرعة ايقاع العرض فكان دورها حيويا وخصوصا عبر الاغاني التي رافقت العرض والتي اعتمدت بعضها على الحان لها مرجعية لدى الطفل كما في اغنية الختام
ما احلى ان نعيش       في خير وسلام
الازياء كانت منفذه بمهارة والديكور كان واقعيا يمثل غابة
مما لاشك اننا  امام محاولة جادة لتقديم عمل مسرحي للأطفال يحاول ان يقدم كل عناصره بشكل متكامل وفي قراءة انطباعية للعرض ..يقول الباحث  احمد ادريس :
يعد عرض (نور والذئب المغرور)من العروض المتميزة التي قدمتها فرقة المسرح القومي بالحسكة.ويأتي تميز هذا العرض من طبيعة الفكرة العامة التي اراد العرض ايصالها الى الاطفال وهي فكرة انتصار ارادة العقل والوعي على ارادة العنف والغطرسة.
وإذا كانت الفكرة العظيمة عادة تحتاج الى لغة تحتويها فان الملح الابرز في العرض يكمن في بساطة اللغة واقترابها من اللغة المحكية مع الحرص على الفصاحة حيث برهنت لغة العرض على حيوية اللغة العربية وقدرتها على توصيل المواقف والأفكار العظيمة بلغة سهلة واضحة بعيدة عن التقعر اللفظي الذي غالبا ما يسيطر على بعض العروض فيقتل الفكرة باللغة المتعالية.
ومما يسجل للعرض فنيا اخلاص الممثلين لأدوارهم وعفويتهم الفياضة التي ساعدت على تفاعل الاطفال مع العرض حيث قدم الممثلون انفسهم اطفالا بسلوكهم ولغتهم وحركاتهم وهم الذين عرفناهم في عروض أخرى كباراً بسلوكهم ولغتهم وحركاتهم ايضا وهذا التحول يدل على براعة الممثلين ووجود مخرج متميز يدير هذا التحول بمهارة متكئة على المعرفة بخفايا مالا يعرفه الكثيرون ممن يتنطحون للإخراج المسرحي الذي أرى انه من اصعب وجوه الاخراج في الاعمال الفنية
نص متميز , وفكرة كبيرة , وممثلون كبار نزلوا الى سفح طفولتهم ,ومخرج واع يقف وراء كل هذا النجاح فكل التقدير للفنان اسماعيل خلف (وربعه)الذين قدموا فأجادوا.

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=31&id=22387