الرئيسية  /  لقاء دام برس

أحمد الحاج علي لدام برس : الأسد وحده يريد التغيير والحكومة السورية الحالية عززت الأزمة والجهاز السري للإخوان المسلمين يؤمن بالقتل والتفجير ومرتبط بالأجنبي منذ عام 1932


دام برس : أحمد الحاج علي لدام برس : الأسد وحده يريد التغيير والحكومة السورية الحالية عززت الأزمة والجهاز السري للإخوان المسلمين يؤمن بالقتل والتفجير ومرتبط بالأجنبي منذ عام 1932

خاص دام برس – بهاء نصار خير
رائد من رواد حزب البعث العربي الاشتراكي, شخصية إعلامية وسياسية غابت عن الإعلام وعن تحليل الأحداث في وقت تحتاج به سورية لأمثاله, دكتوراه في فلسفة العلوم السياسية, كلامه موزون بعيد النظر وبلسم للجروح, تفاؤله بمستقبل سورية كبير جداً, ترفع فوق كل شيء من أجل الوطن ووحدته, يُسعدنا أن نستضيف هذه المرة الدكتور أحمد الحاج علي والذي خصنا بهذا الحوار المميز.
- ما هو الدور التشريعي المرتقب لمجلس الشعب المُقبل من وجهة نظرك؟
في الحقيقة يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار قصة ما كان, أي كيف كان يتم إنتاج مجلس الشعب, هذا الأسلوب مر بثلاثة مراحل, المرحلة الأولى: والتي استمرت منذ عام 1963 وحتى عام 1970 وتم فيها تعيين ما يُسمى المجلس الوطني بحكم أن الجمهورية مقبلة على مرحلة جديدة, وخاصة مع بداية استلام حزب البعث العربي الاشتراكي للسلطة في سورية وحجم الهجمة التآمرية الكبيرة عليه, بعد سنة السبعين وجب دخول منسوب أكبر من الديموقراطية, وانتخاب الأعضاء من الشعب مباشرة, وهذا الأسلوب وحتى الدورة الحالية زاوج ما بين حرية الاختيار والانتقاء من الجهات الرسمية عبر ما يُسمى قائمة الجبهة, وترك للمستقلين هامش بسيط, مع الأخذ بعين الاعتبار التوسع الذي شهدته أحزاب الجبهة, وهذا التوسع كان أقرب منه إلى الشكل أكثر منه للمضمون, وهذه نقطة معاناة ما زالت حتى الآن. ولقد ذكرت تلك المرحلتين حتى نستطيع أن نحكم هل بإمكاننا أن ننتج نظاماً انتخابياً جديداً؟ بمعنى فكر جديد وأشخاص جدد وأساليب عمل جديدة. وأنا من وجهة نظري الشخصية فهي مسألة صعبة للغاية, وكما قال الله في كتابه العزيز: "لا يُغير الله ما في قوم حتى يُغيروا ما في أنفسهم" وحتى الآن لم يتغير ما في أنفسنا, ولكن سوف تظهر وتجري تعديلات, وسوف تظهر النتائج الجديدة للدستور الجديد وخاصة في مجلس الشعب في الدورة ما بعد القادمة, فالدورة القادمة لمجلس الشعب ستحمل معها خليطاً من آثار الماضي بكل أساليبه ومضامينه, وبعض التجديد القائم على وجوب إيجاد أُناس فاعلين, أًناس قادرين على النقد, وأن لا يكتفوا بمبدأ أن واجب مجلس الشعب هو فقط سحب الثقة أو ما شابه ذلك, فهذه من الأمور البسيطة التي ستكون ضمن أجندة المجلس. فمجلس الشعب هو مصدر التشريع فمهمته بنائية, ومهمته هي مهمة المهمات بأكملها, وحتى الآن لم يترسخ هذا المفهوم, فما زال الحزب هو من سيختار من يُمثلونه في المجلس, وهذا الأمر مرتبط بمستوى وعي وأخلاقية القيادة التي ستختار هؤلاء الأعضاء. وأنا أعتقد بأننا ما زلنا لا نملك القيادة الغير قادرة على التقويم والاختيار الصحيح, وعلى طرح ممثلين للحزب, قادرين على تبديل الصورة, ولكن علينا أولاً أن نرى الموضوع من زاوية مختلفة تماماً فهذا التغير جاء في ظل ظروف وأزمة شرسة لا سابق لها وبهذا الحجم, فنحن نتحدث عن تحولات تشريعية ضمن مناخ أزمة. والرئيس بشار الأسد مصر بنفسه على إحداث هذا التغيير, ولا ننسى الأشخاص الذين طالبوا بتأجيل الانتخابات لغاية في نفسهم, و نسيوا أن الرئيس لا يُخالف لا القانون العام ولا الدستور, ويجب أن نقوم بالتجربة رغم كل الظروف الحالية الصعبة, لهذا السبب سنجد مجلس الشعب القادم عبارة عن خليط ليس انتقائياً, وإنما براغماتياً فيه القوي وفيه الضعيف, السليم والمريض, ولكن وفي كل الأحوال فإن الذي سيتغير هو مهمة مجلس الشعب, ومهمة كل عضو في مجلس الشعب. فلن يكون مشوار العضو قد انتهى مع وصوله إلى مجلس الشعب, بل إن مشواره قد بدء عند وصوله إلى المجلس. لذلك أتمنى أن يكون هناك أشخاص قادرين على تحمل المسؤوليات الكبيرة. فسورية تستحق أن تُمثل بأبنائها البررة, المُفكرين والمثقفين, أبناء الطبقة الكادحة المؤمنين بالقضية العربية, لذلك ظهر شرط الوعي الثقافي في هذه الدورة, لكنه سيتعمق أكثر خلال الدورة ما بعد القادمة, فالعمل البرلماني في كل أنحاء العالم ليس تمثيل وإنما تفعيل, لذلك سيتم تقييم عضو مجلس الشعب القادم بناء على فعاليته, شجاعته وخبرته.
- بناءً على هذا الكلام, ما هو المتوقع من مجلس الشعب القادم؟
مجلس الشعب القادم سيقوم بعملية تمهيدية لإرساء كل المقدمات لاستقرار حالة انتخابية تشريعية لما بعد المجلس القادم, والذي سنرى خلاله النتائج. لذلك ومن هذا الكلام فإن مهمة المجلس القادم صعبة للغاية, ويجب أن يُثبت أن هناك تغييراً قد حصل في أداء المجلس وليس فقط قمنا بتغيير الوجوه فقط. فيجب أن نرى تغييراً في أساليب وآليات العمل. والسيد الرئيس بشار الأسد يُريد من خلال المجلس القادم أن يضرب به المثل العالي لذلك رفض تأجيل الانتخابات بناء على طلبات البعض.

 

- بما أن حزب البعث العربي الاشتراكي حزب علماني, كيف ترى وصول بعض المتعصبين دينياً على الحزب مع حفاظهم على عقليتهم الدينية المتعصبة؟
هذه الصيغ التطبيقية في التعامل نمت بحكم حالة السكون والركون التي مررنا بها, وبالتالي اجتمعت الكثير من المسائل والتي ظهرت مُتناقضة عوضاً على أن تكون متكاملة, ونحن هنا احتجاجنا ليس على الدين وإنما على طريقة تمثيل الدين, فالدين قيم وأخلاق وقومية عربية واشتراكية ومساواة وعدل, وبعد عن الفساد والديكتاتورية, هذا هو الدين, وهنا لا أقصد الدين الإسلامي فقط وإنما كل الأديان. ولكن عندما خفت التغذية لفكر البعث, الفكر القومي الاشتراكي, تُركت الفرصة للتعويض بالفكر الآخر, لذلك أصبحنا نرى أشخاصاً ينتمون لحزب علماني ولكنهم أصحاب فكر رجعي, ولكن الفهم الخطأ للدين هو السبب فالدين لا يتناقض مع العلمانية فالدين علم ويحض عليه, لكن هناك من حاول تشويه صورة الدين خاصة خلال هذه المرحلة. لذلك زادت الناس من طرح فكرة العلمانية بعد ما رأته من الإرهاب, ومن التجارة بالدين الإسلامي, وتقطيع الأوصال, والزنا, ومن المشاهد البشعة التي نراها وتوضع على خانة الدين الإسلامي. لذلك علينا العودة إلى القيم والسلوك الصحيح في الدين الإسلامي, فلا أحد يُمكنه تقبل الفكر الإقصائي التكفيري القائم على إلغاء الآخر, والبعيد كل البعد عما هو الدين الإسلامي الصحيح. لذلك أنا أدعوا حزب البعث العربي الاشتراكي وكل الأحزاب والنخب المُثقفة أن تُخلص الإسلام ممن اعتدى عليه, وتُخلص الناس من الإرهاب الذي وللأسف قد تكون لدينا, فبعد أن كان لدينا إرهاب سياسي واقتصادي, تكون لدينا إرهاب جديد هو الإرهاب الديني.الإرهاب الإسلامي للأسف, وهذا ليس هجوماً على الإسلام وإنما على من أساء للإسلام.
- ما هو رأيك بالقيادة القطرية الحالية؟
بصورة عامة فإن كل مسؤول حزبي أدى واجبه وفق قدراته ووعيه, وحدود طاقته وحدود فعاليته, ولكن الناتج الإجمالي للقيادة القطرية الحالية بقي تحت السقف, وأقل من الوسط, وهذه القيادة لم تدرك أمرين, الأول أن الحياة في سورية هي حياة نضالية خاصة في مسار الحزب. كرست مفهوم أن الحزب هو حزب السلطة, في حين أن السلطة يجب أن تكون تابعة للحزب, والخطأ الأكبر هو إضعاف دور القواعد لحساب تضخيم دور القيادات. فأصبح الحزب يبدو وكأنه حزب القيادات ونتج عن ذلك سلسلة من المصالح. فأصبحت القيادة قيادة لذاتها والتي يجب أن تكون هدفاً لإنتاج القيم ومواصلة طريق النضال وخلق حالة, لذلك وجدنا أن هذه القيادة ساكنة, وقيادة مغلقة على ذاتها, قيادة ضعيفة في التنفيذ أمام الأجهزة الأخرى خاصة الدولة, وقيادة افتقرت لعنصر المبادرة. ومع ذلك أقول بأن كل شخص قدم واجبه وأتمنى أن نستثمر الواقع ونعالج الأخطاء لتجاوز ما هو كائن. وأنا من الأشخاص الذين دعوا السيد الرئيس لتعيين قيادة قطرية مؤقتة, يتم تعيينهم بشكل مُنتقى ليتحملوا المسؤولية الحقيقية.
- المسيرة التي حصلت تحت شعار "موكب البعث" والتي جاءت احتفاءً بذكرى ميلاد حزب البعث العربي الاشتراكي, لاقت انتقاداً بعدم وجود ممثل حزبي فيها, ما تعليقك على هذا الأمر؟
في الحقيقة لقد سررت بالمسيرة التي حدثت لما حملته من رسالة واضحة لمن راهن على شعبية حزب البعث العربي الاشتراكي في سورية, فما شهدناه كان أكبر تأكيد على شعبية هذا الحزب ووقوف الشعب وتكاتفه مع مبادئه. أما من ناحية عدم وجود ممثل حزبي في هذه المسيرة فهو جاء نتيجة توجيهات عُليا, فإذا ظهرت القيادات الحالة فمن الممكن أن تؤدي إلى نتائج عكسية, فكانت رغبة السيد الرئيس بعدم ظهور أي مسؤول في المسيرة, فمشكلتنا مع المسؤول بأنه أصبح جزءً من المشكلة.
- لماذا لم نرى دوراً لحزب البعث العربي الاشتراكي وأفراده خلال هذه المرحلة كما حدث في فترة نهاية السبعينات وبداية الثمانينيات؟
الحزب مسؤول هو وأفراده على القيام بواجبهم النضالي لذلك قررنا تغيير المادة الثامنة في الدستور, فالحزب الذي نذر نفسه ليكون قائداً في الدولة والمجتمع أن يُلبي هذه الحاجة, عليه أن يكون على قدر المسؤولية, فلا يجب على الحزب أن يكون قائداً في الدولة والمجتمع نظرياً فقط بل يجب مُشاهدته على الأرض. والسبب يعود لوجود الانتهازيين داخل الحزب والذين يُشكل خوفهم على مصالحهم الشخصية أهم بكثير من خوفهم على بناء الحزب. وقد لاحظنا الفرق الكبير في التعاطي مع الأزمة خلال فترة الثمانينيات والوقت الراهن, ففي تلك الفترة كنا نرى الفعاليات بكل فئاتها كيف جابهت اجتماعياً التيار السلفي والإخوان المسلمين, ولكن الظروف كانت مُتغيرة في ذلك الوقت.
- ما هي الظروف التي تغيرت ما بين تلك المرحلة والمرحلة الحالي؟
في تلك المرحلة لم يكن هناك وجود للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة, ولم يكن العراق في حالة احتلال, ولم يكن هناك تمزق في المنظمات الفلسطينية, ولم يكن ظاهراً حينها الدور الخسيس لدول مجلس التعاون الخليجي التي أعطيناها كل شيء, ولم يكن هناك شيء يشبه أحداث أيلول التي قلبت العالم, ولم يكن قد سقط الاتحاد السوفييتي حينها. أما الآن فقد جاءت الأزمة الحالية استكمالاً لما كان ولكن بصورة أعمق وأكبر بكثير, فالمرحلة السابقة كانت تتطلب أن تكون المواجهة اجتماعية نخبوية وسياسية, أما الفترة الحالية فللأسف نقول بأنه لا يوجد أحد قد تحسب لمثل هذه المرحلة, فالذي واجه هذه المرحلة هم فقط الجيش والأمن وبعض الإعلاميين الذين بذلوا مجهوداً كبيراً خلال هذه المرحلة, والجيش الالكتروني والمواقع الإلكترونية التي سدت فراغاً كبيراً خلال هذه المرحلة. وأنا أقول هنا بأن أي فعل سلبي يجب أن يكون الرد عليه بفعل يوازيه قوة ولكن يُعاكسه الاتجاه.
- هل سيُعيد حزب البعث العربي الاشتراكي بناء تحالفاته السياسية, وما هو مصير الجبهة الوطنية التقدمية؟
في الحقيقة لا نعلم ما الذي سيأتي به الغيب, الآن عاد كل حزب إلى حجمه الطبيعي, وعلى الرغم من أن حزب البعث لم يعد القائد في الدولة والمجتمع ولكنه سيبقى الشقيق الأكبر, وصاحب الخبرة, ومن الممكن أن نشهد تحالفات ولكن لا نعلم متى. ويجب علينا التركيز على نقطة مهمة وهي بأن بناء الوطن مُلقى على عاتق الجميع, ويحتاج إلى تمثيل الجميع.ولكن الوقت المطلوب لمشاركة الجميع لا أحد يعرف متى فلا يوجد أي منافس حالياً لحزب البعث, ولا يوجد مُعارضة حقيقية ذات حضور على الأرض, لذلك علينا دعم الرأي الآخر الوطني وليس الخارجي العميل, وندعوهم للمشاركة ببناء هذا الوطن. وأود أن أقول كلمة بأن الاصطفاف الجديد سيكون كالولادة القيصرية, ليست سهلة على الإطلاق, تحتاج إلى رجال وفكر متقدم يعترف بالآخر. فالحياة الوطنية لا تُبنى بطريقة فرض الكفاية, وتبنى بطريقة فرض العين, فالذي نخسره بذاته نخسر على قدره في البناء الوطني, فكل الكلام الذي كان يصدر في السابق يتناقض مع العقل والعصر بطبيعته المتفجرة ومهام الإنسان التي لا تنضب, فإن لم يتم زج الطاقة كلها فسيبقى لدينا هذا الضعف, فالحياة لا تكتفي بالذكريات وإنما ذاكرة تتجدد.
- كيف ترى المؤتمر القطري المقبل, وهل سيكون على قدر التوقعات التي يتوقعها الشعب؟
أتمنى أن لا يُعقد مؤتمر قطري حالياً, لأنه سيُنتج ذات القيادة وذات العقلية, لربما بأسمائهم أو أسماء من جاؤوا بهم. لذلك أنا أقول من صنع المأساة فليس هو من يقوم بحلها, فقد أصبح من صنعها جزءً م عملية التغيير, فيجب أن تخرج الناس التي ناضلت وقفت وصمدت وضحت.
- هل من الممكن أن يتشكل مجلس الشعب بدون مؤتمر قطري, وهذا ما يطرحه الكثيرون؟
من الممكن ذلك طبعاً وستجري الانتخابات في أيار كما هو معلن عنها, وسنرى خلال الأيام القادمة ما هي الاصطفافات التي سوف تتشكل, ولكن على الرغم من أن حزب البعث كقائد في الدولة والمجتمع لم يعد موجوداً ولكن من الممكن أن يحصل على الغالبية في الانتخابات وهذا لا يمنع شيئاً, وهناك محاولات بأن تكون الأكثرية هي الأفضل. ومشكلتنا الآن تكمن في إيصال الأصوات الحية, الأصوات التي عانت, ولنتكلم بشفافية وأقول بأن العملية مركبة ومُعقدة ولا يمكن الحديث عن حلول, لا بد من الحديث عن ضغوط من أجل خلق كل المشاركات والفعاليات, وأول هذه المشاركات والفعاليات هي الشباب.
- كيف يتم تخليص الدولة من الإرهاب الديني الذي تُعانيه؟
يتم ذلك بثلاثة شروط أولاً أن يكون هناك تفاعل ما بين الدين بحقائقه وجوهره وبين الواقع الذي نعيش, بمعنى لا يجوز أن نقول بأنه لا علاقة لنا بالدين, ولا يجوز أن نقول تعالوا لنحكم بإسلوب ديني, فيجب الثقافة والتثقف بحقيقة الدين من ناحية القيم ومن ناحية السلوك وليس من ناحية الطقوس. الشرط الثاني أن نؤمن بأن العقل والعلم والتحولات المادية أساس مهم في بناء الإنسان, أي يجب مُخاطبة الإنسان بالعقل, وهذا ما يتناقض مع بعض علماء المسلمين الذين يعتبروا بأن الإنسان إذا استخدم العقل فقد أصبح ضد الإسلام وهذا مفهوم خاطئ, والله سبحانه وتعالى يقول: "إنما يخشى الله من عباده العلماء" وليس المقصود به علماء الدين والحديث والفقه وإنما علماء الفيزياء والكيمياء والسياسة والمجتمع والتربية. الشرط الثالث أن يتكون لدينا نخب قادرة على قيادة هذا التحول بدون انكسارات وبدون نتائج تراجيدية, فمن يقول بأن الخطر من الإسلام فأنا أقول بأن الخطر كامن من طريقة ممارستنا للإسلام, فالإسلام هو حجة علينا ولسنا نحن حجةً عليه, ففي الإسلام من القيم والإضاءات التي لا يمكن حصرها والتي أهملها وهرولنا تجاه أمور أخرى وقشور لا تفيد الإسلام بشيء, لذلك علينا عند الخروج من هذه الأزمة أن نقوم ببناء مجتمع جديد متطور فكرياً وعقلياً معتمداً على المبادئ الحقيقية للإسلام.
- ما رأيك بالأزمة الحالية التي تمر بسورية؟
الأزمة السورية كأي أزمة عليها أن بمراحل, المرحلة الأولى التهيئة والاستعداد وهي مرحلة لم نتنبه لها, فسكنا للأمور واعتقدنا بأنه لا وجود لخطر من الممكن أن يُحدق بسورية, فأخذنا الصورة الظاهرية ولم ندرك بأن الفكر السلفي ينتشر والفساد والأمراض الاجتماعية والعشائرية تتجذر, والتأثر بثقافات هجينة تقوم بالانتشار في مجتمعنا, فهنا كان خطئنا الاستراتيجي, فالأزمة تتكون دون التنبه لها, مثل المرض فجأة يظهر على جسم الإنسان, وهذا ما أصابنا لأننا لم نتنبه للمراحل التمهيدية. المرحلة الثانية في الأزمة هي مرحلة التداول والمعارك العسكرية, والتي تجاوزناها الآن لأن الظروف اضطرتنا أن نقوم بمعارك أمنية أولاً ومن ثم تأتي المعارك السياسية والاجتماعية, ونموذج قيادة المعارك التي قادها السيد الرئيس بشار الأسد نموذج يُحتذى ويُدرس ولا يوجد له مثيل في العالم. ففي الأزمة يوجد إرادة وإدارة, إرادة الأزمة وحسن إدارة الأزمة, وتشكيل عقلية الأزمة أي أن يشعر كل شخص بوجود الأزمة, ولو كان هناك مُعالجة اجتماعية للأزمة كما حدث في السبعينيات والثمانينيات لكان الوضع مُختلفاً الآن. فإدارة الرئيس للأزمة قامت أولاً على الإيمان بالشعب والصبر الذي تمتع به السيد الرئيس, ففي سورية لدينا قائد وليس لدينا قيادات. أما الآن فقد وصلنا على الثلث الأخير من الأزمة, وهي المرحلة الأكثر خطورة, فقد يلجئوا إلى كل الأساليب القذرة, فلم يعد هناك أي شيء منظم وأنشأت عقليتهم المجرمين الإجتماعيين.

 

- كيف ترى حزمة الإصلاحات وإدارة الأزمة التي قام بها السيد الرئيس بشار الأسد؟
المعركة ثلاثة ميادين قادها بتواضع وعمق وصبر, وبعد الخروج من الأزمة سنكتشف قدرة الرئيس على قيادة هكذا مرحلة, فأحياناً يمر يومان وثلاثة على الرئيس لا ينام خلالهم. والرئيس الأسد وحده يريد التغيير والحكومة السورية الحالية عززت الأزمة وهناك ميدان اليقينيات أي أننا لم ننهزم نفسياً, فلو حدث وانهزمنا نفسياً لانهار كل شيء, ومعركة اليقينيات لو لم يُمسكها السيد الرئيس بكل اقتدار لفقدنا كل شيء, لذلك ذُهل العالم بما حصل في سورية وكيفية إدارة الأزمة من قبل السيد الرئيس. الميدان الثاني هي معركة المواجهة الدامية, ففي المرحلة قدمنا عدد كبير من الشهداء سواءً من الجيش أو الأمن لعدم وجود خبرة في التعامل مع هكذا نوع من المعارك, أما الآن فنجد الخبرة الكبيرة المنهجية التي حصل عليها الجيش في التعامل مع الإرهاب, فمع الزمن هم بدئوا يدخلون مرحلة القلق ونحن دخلنا مرحلة الثبات, واكتسبنا خبرة وإصلاح من خلال الحركة والمواجهة. الميدان الثالث هو ميدان الإصلاحات, والتلازم الذي حصل ما بين المواجهة والإصلاح, وهنا ظهرت حكمة السيد الرئيس بقيادة المواجهة والإصلاح في نفس الوقت, ففي خضم الأزمة طرح الرئيس الخطوة الشجاعة بتغيير الدستور والتي إن دلت فتدل على العقل الكبير الذي يمتلكه الرئيس بشار الأسد والرؤية الواسعة, والإصلاحات وفق منظور الرئيس حالة تراكمية وليست وفقاً لحالة معينة, فالإصلاح لا ينتهي مثله مثل الحياة.
- لماذا لم نرى أي تجاوب من قبل المعارضة مع الخطوات الإصلاحية التي قام بها السيد الرئيس؟
السبب يعود لنهم يعرفون حجمهم, ولا يُمثلون أي شيء على الأرض مقارنة بشعبية السيد الرئيس بشار الأسد, لذلك آثروا القول بأنه لا حوار مع هذا النظام لأنهم لا يملكون حجة المواجهة.
- هل تتوقع إنشاء إدارة تُسمى إدارة الأزمات أسوة ببعض دول العالم؟
موقع الإنسان مع الحدث إما أن يكون قبل الحدث وهذا وضع طبيعي, وإما مع الحدث وهو الوضع الممكن, أو وراء الحدث وهو الوضع المأساوي, ونحن في سورية والعالم العربي تعودنا أن نكون وراء الحدث, فدول العالم المتحضر ترسم إلى ما يُقارب الخمسين سنة, فنظام الخروج من المأزق هو نظام الاحتمالات الصعبة. لذلك يجب أن يتم إنشاء ثلاثة أنساق, وهي الإحساس بالأزمة وهي تحتاج إلى شفافية وقوة استشراف, وهو ما كان يتمتع به القائد الخالد حافظ الأسد والرئيس بشار الأسد لديه نفس القدرة في ذلك الآن, ثانياً أن نبني ذاتنا على أساس أن الأزمة قادمة. ثالثاً أن يتم تشكيل عقل الأزمة, فعقل الأزمة هو الذي لم نشكله حتى الآن فهو الذي يُدير الأزمة, لذلك نحن لدينا إدارة أزمة ولكنها مُجسدة بالسيد الرئيس بشار الأسد, وبعض الأشخاص هنا وهناك الذين يقومون بدورهم حالياً, سواءً في الجيش أو الأمن الذين تطوروا بشكل كبير الآن. فإدارة الأزمة ليس الضرب بيد من حديد فقط وإنما الضرب بعقل مفتوح يستوعب الجميع, فبهذه الطريقة نعزل العدو الخارجي ونتخلص من الأحقاد التي حاولوا زرعها في مجتمعنا ولن يفلحوا بها. لذلك نقول بأنه لا بد من تقويم الأزمة في مرحلة وجودها ومرحلة الخروج منها, ويجب التعلم من الدروس التي أخذناها خلال المرحلة الحالية.
- كيف تقرأ موقف حركة حماس وخالد مشعل والذي خيب آمال السوريين؟
سورية بدءً من قيادة حزب البعث وترسيخاً لهذه المسألة على يد القائد الخالد حافظ الأسد, تعتمد على شيء اسمه القيم, وتُحاول دائماً أن تجد منفذاً لهذه القيم على أرض الواقع, فموضوع الإخوان المسلمين على سبيل المثال عندما بدئوا بتحركهم قال لهم القائد الخالد إن أردتم أن تُشاركوا في السلطة فأهلاً وسهلاً بكم ولكن إن أردتم أن تقتلوا وتُفجروا فلن نسمح لكم بذلك أبداً. والإخوان المسلمين لهم ميزة بأنهم إن قالوا ولم يقولوا فهم يؤمنون بالقتل, الميزة الثانية هو الجانب السري المشبوه المرتبط بالأجنبي. والجهاز السري للإخوان المسلمين يؤمن بالقتل والتفجير ومرتبط بالأجنبي منذ عام 1932 ,أما من ناحية حركة حماس والقوى الفلسطينية فالجميع يعلم بأن القوى الفلسطينية ولدت في دمشق, فمن هو خالد مشعل من دون سورية, وحتى تأسيس حركة فتح كان برعاية ودعم من سورية, وخالد مشعل وصل لمرحلة في سورية لا توصف من ناحية الدعم والسلطة, وللأسف أن نرى بعض الشرائح الفلسطينية تُريد الانضمام إلى الجانب الآخر, والذين نسيوا معاني النضال ومعاني التاريخ النضالي, ونرى الآن تراجع حالة التناقضات ما بين فتح وحماس وما بين حماس وإسرائيل, لذلك نرى انخفاضاً كبيراً بمستوى الاعتراف بالجميل, لذلك هم أمام مأزق كبير الآن, ونحن الآن ما زلنا عاتبين حتى الآن ولكن العتب هو مُقدمة لموقف رافض تماماً, لذلك من المرشح لحركة حماس أن تنقسم على بعضها البعض بناءً على موقفها الغادر بسورية, لذلك علينا التذكير هنا بطبيعة الحركات الإسلامية وهي الإيمان بالقتل والارتباط بالأجنبي, لذلك لا يؤمن جانبهم أبداً.
- لنتكلم قليلاً عن الفساد الذي تحدثت عنه كثيراً هل ترى بأنه يتم محاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين حالياً, وهل يتم محاربة الفساد من الأعلى إلى الأسفل أم بالعكس؟
أقول وبمرارة بأنه لم ينخفض مستوى الفساد, بل توطد وربما قد ظهر إلى السوق جيل جديد من الفساد والمفسدين, خاصة جيل تُجار الأزمات المالية والاقتصادية, وهذا الأمر مُقلق جداً, وهذا الأمر يحتاج إلى وقفة مع الذات ويحتاج إلى موقف أخلاقي كبير, فالفساد لم يُحارب حتى الآن ومازال هناك من يُمارس الفساد بنفس العقلية التي كانت موجودة للأسف, ومحاربة الفساد ليست مسألة غائبة عن ذهن السيد الرئيس ولكن نحن أمام مرحلة تتطلب منا الصبر ولو قليلاً, فقريباً ستُعلن الحرب الكبيرة على الفساد وبشكل كبير, وليس إصلاح أو مواجهة وإنما حرب حقيقية.
- كيف ترى مبادرة عنان وطرحه لمبدأ سحب الجيش من المدن؟
باختصار علينا أن نُثبت النقاط التالية, لقد حدث التحول في سورية, وانعكس على المدى الإقليمي والمدى العالمي, وبدأت الدول تُغير من مواقفها, فهناك خطاب يقول لا بد من تسليح المخربين وإسقاط سورية حتى لو تطلب الأمر استدعاء الناتو. أما الآن فلا نجد أحداً يتحدث عن إسقاط النظام, بل يُطالبون النظام بأن يسمح بالتشارك مع الآخرين. لا أحد يتكلم عن تسليح المعارضة إلا بعض الدول كالسعودية وقطر ولهؤلاء أحقاد شخصية, حتى تركيا تراجعت عن مواقفها السابقة, فأصبحوا يرغبون الخروج بماء وجههم الآن. وهذا لا يعني بأن المسألة انتهت بل نحن أمام مخاطر كبيرة, لذلك رتبوا الأمر على أساس أن يُرسلوا كوفي عنان إلى سورية, والجميع يعلم بأن كوفي عنان أمريكي التصميم, وهذا لا يعني بأنه يطرح التوجه الأمريكي بشكل أصم, لذلك الخلاف دائر حول الالتزام من الطرفين بوقف العمليات, ونحن مستعدون لهذا ولكن وفق شروط وهي امتناع المخربين عن العنف وتسليم السلاح, عند إذن سيرون أبواب الحوار مفتوحة للجميع وسيرون الحضن السوري الدافئ الذي يحتضن الجميع, وغير ذلك الشرط لا يمكن القبول به.
- كيف ترى تعامل الإعلام السوري مع الأزمة الحالية؟
المشكلة في الإعلام السوري بأنه أحياناً لا يُعبر بالشكل المطلوب عن الأمور, ولا يصف كل ما يحدث على الأرض, فعلى سبيل المثال: ففي بابا عمرو وجدنا 172 بوابة للاتصال الفضائي وكل سورية لها بوابتان فقط, تلك البوابات تُكلف يومياً 18 مليون دولار تُسددها السعودية, هذا يعني بأننا أمام أجهزة اتصال كأننا أمام حرب عالمية ثالثة, لذلك هذا الشيء لم نصفه أو نعبر عنه في الإعلام. ومثال آخر ما حدث من مسيرات مؤيدة لسورية في تونس فأظهرناهم على أنهم بضع مئات والحقيقة كانت بأن العدد كان 150 ألف شخص خرجوا في شارع محمد الحامي عندما عُقد المؤتمر الأول لأعداء سورية في تونس, فخرجوا للتعبير عن دعمهم لسورية ومواقفها الصامدة. فمشكلتنا في الإعلام مشكلة حقيقية وتُسيء لنا في الحقيقة.
- ما هو المتوفر حالياً في يد سورية ولم تُعلن عنه بعد؟
في الحقيقة لدى سورية أوراق كثيرة لم تُعلن بعد, ويوجد لديها من المعلومات والمُعطيات التي ما زالت مخفية حتى الآن, فمثلاً حتى الآن لم نعرض أسماء الأتراك والفرنسيين, والقطريين وغيرهم وهم بالمئات, ولم نعرض حتى الآن الأدوار المشبوهة بالصوت والصورة لبعض الأشخاص المتآمرين. لم نتحدث عن الأساليب النوعية في المواجهة, والتي أذهلت أمريكا نفسها. لذلك نحن الآن نلاعبهم لعبة كان يُتقنها القائد الخالد حافظ الأسد وهي لعبة عض الأصابع وهي لعبة خطيرة جداً لكننا نُتقنها. وسيرون بان الربيع العربي هو انتصار سورية على الإجرام والإرهاب.
- ما رأيك بمؤتمر علماء المسلمين الذي حدث في سورية منذ يومين؟
إن العالم الحقيقي هو القادر على إطلاق كلمة الحق في الوقت المناسب, وأنا أؤيد هكذا أنشطة وأراها ضرورة, وقد سمعت كلاماً رائعاً على لسان علماء الدين ورجال الدين المسيحيين, كلاماً ينم عن الوعي الكبير والرؤية المستقبلية, لذلك أنا متفائل بهذا المؤتمر الذي شكل خطوة رائعة خاصة بتشكيل مجلس علماء بلاد الشام, وقيمة هذه المؤتمرات بقدر ما تواجه المد التقسيمي, وتواجه علماء الفتنة أمثال القرضاوي وغيره.
- ما هي رؤيتك للمستقبل المنظور لسورية؟
سيكون العالم فيما بعد الحدث السوري مختلف تماماً عما كان قبله, وسيؤرَخ للعصور بأن سورية الآن أصبحت قوة حقيقية على الأرض, فهم أرادوا تدميرها وأراد الله شيئاً آخر. وكما قال الشاعر: "لولا اشتعال النار فيما جاورت ما كان يُعرف طيب عرف العود"
فطالما هناك إرادة فسيكون هناك انتصار وانبعاث جديد.
bahaa@dampress.net
facebook.com/bahaa.khair

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=51&id=19467