Warning: session_start(): open(/var/cpanel/php/sessions/ea-php56/sess_sues5dgq8h6302efb0e6ei84a2, O_RDWR) failed: No space left on device (28) in /home/dampress/public_html/include.php on line 2

Warning: session_start(): Cannot send session cache limiter - headers already sent (output started at /home/dampress/public_html/include.php:2) in /home/dampress/public_html/include.php on line 2

Warning: Cannot modify header information - headers already sent by (output started at /home/dampress/public_html/include.php:2) in /home/dampress/public_html/include.php on line 93
مؤسسة دام برس الإعلامية

الرئيسية  /  لقاء دام برس

الدكتور عماد فوزي شعيبي لدام برس : المطلوب اليوم كسر الحاجز النفسي بين الجميع وتجاوز عقد الماضي


دام برس : الدكتور عماد فوزي شعيبي لدام برس : المطلوب اليوم كسر الحاجز النفسي بين الجميع وتجاوز عقد الماضي

خاص دام برس – بهاء نصار خير
قامة سياسية وثقافية كبيرة, غيابه أثار الكثير من التساؤلات, حديثه ممتع ومشوق وكلماته تأتي على الجرح فتُداويه, افتقدنا وجوده المميز في هذه المرحلة التي تمر بها سورية والذي ما عهدناه مُتغيباً في لحظة من اللحظات خاصة العصيبة منها, لذلك يسُرنا أن التقينا الدكتور "عماد فوزي شعيبي" الكاتب والمحلل السياسي ومدير مركز المعطيات والدراسات الإستراتيجية
- دكتور عماد أنت من الشخصيات المتميزة والتي تضع بصمة رائعة في أي حضور, لماذا لم نر لك أي حضور حالياً خلال الأزمة الحالية, وإن صح التعبير لماذا هذا التغيب؟
بداية أود توضيح نقطة ألا وهي بأنني لم أكن مُتغيب بل أنا كنت مُغيباً, وهناك فرق كبير, فقد كان هنالك من يقف وراء عدم استضافتي لأسباب عديدة أصبحت الآن ورائي وأعتبر أن من كان وراءها أيضاً جزء من المشكلة، وبشكل خاص أنا معتدل ولا أريد أن أكون بمستوى السجال الغرائزي ولا اعتقد أن السلوك التعبوي هو ما يليق بوضعي وثقافتي، كما أنني لا اعتقد أن القنوات الأخرى تريد حواراً فهي جزء من المشكلة كما هو حال بعض ما هو محلي الذي لم ينفتح على حوار متنوع في ظل أزمة تقتضي الحوار، لكنني في نفس الوقت كان لي ظهور على شاشات أخرى غير التلفزيونات المحلية, كال NBN والمنار اللبنانيتين, وإذاعة شام إف إم التي كانت حرفية بصورة غير عادية، أستطيع أن أقول إن الذي كان يحكم هذا الأمر (أي حجبي) عموماً ما وقف ضدي هو عقل الشح؛ إذ هناك عقل وفرة ويوجد عقل شُح, عقل الوفرة هو الذي يفتح للآخرين ويفتح لنفسه, أما العقل الشح يُغلق على الآخرين وأحياناً يغلق على نفسه. وواقع عقل المؤسسات السوري-للأسف- هو العقل الشُح, يُغلق على الآخرين ويُغلق على نفسه, ويعتمد مبدأ "نكاية بالطهارة"!!!! وهو مبدأ خطير لأنه لا يُريد بحال من الأحوال أن تتفتح أزهار البلاد. خلال الثورة الثقافية في الصين, كان هناك مبدأ أساسي ألا وهو "دع مئة زهرة تتفتح", ويبدو أن أغلب العقل السوري المؤسساتي يسير عكس ذلك: "أُخنُق مئة زهرة في هذا البلد" أو بطريقة اختر الكفاءات الدنيا كي تبقى في مكانك، ولا يوجد بديل منك. هذا من ناحية, من ناحية أُخرى فلقد فضلت ألا أدخل في العقل السجالي, لأنه عقل كما يُقال في اللغة الإنكليزية والفرنسية هو عقل "بوليميكPolemic" وهذا العقل السجالي هو عقل " قل لي حتى أقول لك" وبالتالي هو ليس عقلاً حوارياً, فالعقل الحواري هو الذي يعترف بالآخر, يختلف معه, ويضع قواعد للاختلاف معه. المناخ العام منذ البداية في القنوات التي نعرفها كالجزيرة والعربية وغيرها الكثير, لم يكن مناخاً للحوار, فقد كان مناخاً للغرائزيات, ولا أريد إضافة كلمة التحريض التي استخدمها الكثيرون, لكنهم في الحقيقة كانوا يلعبون اللعبة بطريقة تزيين المزبلة إن جاز التعبير بورقة سيلوفان جيدة, يأتون بعدد كبير من الغرائزيين وليس الذين يختلفون مع بعضهم البعض, بل الذين يختلفون مع النظام, بعدد كبير، ثم يأتون بشخص إما مُحايد وإما مع النظام لكي تبدو اللعبة السجالية هي لعبة عرض عضلات من هؤلاء الكثرة على قلة من المُعتدلين أو المُستقلين أو الذين هم مع النظام. عموماً أنا أرفض هذا السجال وأعتقد بأنه قائم اليوم على مختلف الأصعدة، وأكد اجزم أنه نفسي بامتياز بغض النظر عن عوامل أخرى، فالمناخ لم يحن بعد للحوار, خصوصاً مع وجود من لا يُريد الحوار, بمعنى أنه إذا كانت مُشكلة البعض (وأصرّ على مفردة بعض، مع احترامي لجميع الشخصيات الوطنية) في وقت من الأوقات هي عدم وجود من يتحاور معها, فهي اليوم تضع شروطاً على الحوار, هذه الشروط التي أقل ما يُقال عنها بأنها شروط تعجيزية، ولا أقيّمها جزءاً من التكتيك التفاوضي لأنه تكتيك من لا يملك أداة للمساومة وبالتالي هو تكتيك إما مبالغ في طُهرانيته أو مدعٍ للقوة وبالنتيجة فحسابات ما هو وطني خارج هذه اللعبة. عموماً أنا لا أُريد أن أدخل في هذه اللعبة, فأنا خارج إطار الغرائزيات, وخارج إطار السجال, فأنا أفضّل لحظة العقل التي ترتقي إلى مستوى الحكمة, هذا مكاني ولا مكان لي في أي مكان غيره، فالعقل كان موجوداً دائماً ولكن ليس بصورة عقلانية. اليوم العقلانية يجب أن ترتفع إلى الأعلى وتصل إلى مستوى الحكمة, لذلك أنا أفضل أن أكون خارج نطاق السجال, وعندما يحين موعد الحوار فسأكون في مُقدمة المُتحاورين, مُعترفاً بالآخرين ولن أقبل أقل من الندية في الحوار, على أساس أن يكون الحوار من أجل البناء عليه وليس حواراً من أجل الحوار، أو نكأ الجراح او انبعاث عقد الماضي أو الثاريات. لقد شاركت في جلسات مؤتمر الحوار الوطني الأول, وحقيقةً كسرنا الحواجز بيننا وبين من يختلف معنا في الرأي, وقد كنت جسراً بين الذين يُحسبون على السلطة وبين المعارضة, وكان هناك حوار عميق نشأ بيننا والأهم من كل هذا هو الإلفة التي نشأت بين المُتحاورين, وأنا أخشى اليوم بأن غياب الإلفة هو من العوامل المُعيقة نفسياً لهذا الحوار. المطلوب اليوم كسر الحاجز النفسي بين الجميع، وتجاوز عقد الماضي. وعموما لا أرى مكاناً اليوم لحوار على قواعد غير متينة وبغياب العلاج النفسي للثقة الغائبة وللأسف الأمر معقد جداً، وفعلا كنت أود ألا اُسأل به.
- بناءً على ذلك كيف ترى الأداء الإعلامي للإعلام السوري تجاه مُجابهة هذه الهجمة؟
رغم كل تلك الهجمة الشرسة وعلى مُختلف الأصعدة كان الإعلام السوري بشكل عام مُقصراً في الحالة النوعية, ومُقصراً في الحوار, وغير مُنفتح على شيء من التنوع. وبالتالي فسحَ في المجال أمام الطرف الآخر كي يستلم اللعبة منه, ويظهر على أنه المعامل الأقوى في المُعادلة. ه

 

- كيف تقرأ شروط الحوار التي يضعها من يُطالب بالحوار؟
في الحقيقة إن من يضع شرطاً للحوار لا يحسب حساب لميزان القوى, ولا يذهب إلى حد انه يتعامل مع المسألة بمسؤولية مع الأزمة الحالية, فسورية اليوم تحتاج لمسؤولية كبيرة. والحوار يجب أن يكون بلا شروط وشرطه الوحيد هو تحقيق دولة الحق والقانون, والديمُقراطية, والممانعة ذات السيادة, وكل ما يوضع من شروط أخرى فبتقديري هو لمنع الحوار، أو بمنطق التشفي ونكأ الجراح، وهذا موقف نفسي، أخشى أن علاجه صعب، ولكن جزء من مسؤولية العلاج تقع على الدولة-النظام التي يجب أن تمد اليد بطريقة توحي بالثقة، إذ أن ثمة أزمة ثقة على كل المستويات وأحد أهم شروط الحوار الثقة المتبادلة.
- هل برأيك أن مشروع ربط البحار الخمسة الذي طرحه السيد الرئيس بشار الأسد كان له دور كبير في تحريك الأزمة في سورية؟
علينا أولاً أن نوضح مسألة وجود ثلاثة عناصر أساسية أدت على ركب الأوضاع الداخلية من قبل الخارج, السبب الكلاسيكي القديم وهو دور سورية في الصراع العربي الإسرائيلي, وعلاقتها مع إيران التي تصب في هذا الإطار. وهناك عنصران في غاية الأهمية وخطيران, واللذان كان لهما الدور الأكبر في وصولنا لما نحن عليه الآن في حالة من حالات التداخل الدولي, وهي -ويجب معرفة هذا وبكل وضوح- بأنه من غير المسموح في منطقتنا عدة أمور: أولاً اللقاء الجغرافي كلقاء دمشق بالقاهرة, لذلك وضعت دولة إسرائيل كحاجز جغرافي حضاري (كمانع حمل دائم في المنطقة) وممنوع أيضاً اللقاء ما بين دمشق وبغداد, وممنوع أيضاً الانفتاح الجيوبولوتيكي لسورية في أي اتجاه حتى ولو كان تركية. بمعنى أن سورية تُشكل فعلياً عنصر الربط بين آسيا وأفريقيا وأوروبا, فهذه الحقيقة الجغرافية الاستراتيجية التاريخية جعلت من سورية مركزاً للصراع والاشتباك, فمنذ سقوط الدولة الأموية كانت سورية خارج الاشتباك بقضاياها في المنطقة,لكنها كانت ممراً وساحة عمليات وريشة تتجاذبها الأهواء أو حقل اختبار قدرات قوى عُظمى في المنطقة ، حتى عام 75 و 76،حين اشتبكت وحدها دون معونة أو إشراف أحد. ومنذ أن اشتبكت سورية بقضايا المنطقة أصبح لسورية مكانة, والمطلوب هو منع هذه المكانة, فأن يفكر أحد في سورية بمشروع كربط البحار الخمسة, فإن هذا يعني أنه تجاوز ما بعد الخطوط الحمراء, لأنه في هذه الحالة فإن سورية لا تنفتح جيوبولوتيكياً بالجغرافية السياسية فقط إنما تنفتح في الجغرافية الإستراتيجية وهذا يعني أن هناك مشروعاً نهضوياً يجري في المنطقة. وعندما تُفكر سورية بضم تركيا في مُعادلة توازن مع إيران في لُعبة السياسة, حيث دبلوماسية العنف لإيران ودبلوماسية التفاوض لتركيا, ثم توسع الدائرة إلى علاقات اقتصادية إقليمية, فهذا يعني مع نظرية البحار الخمسة أن سورية تريد أن تمارس دوراً مشابهاً لمحمد علي أو جمال عبد الناصر وهذا ممنوع, لهذا السبب كان لابد من ضرب سورية, فمنذ اللحظة الأولى التي أعلنت فيها سورية عن مشروعها في هذا الاتجاه توقعت أن الضربة قادمة. يأتي بعد ذلك العنصر الثالث والأهم, عندما تبدأ إسرائيل عام 2009 باستخراج النفط من شرق المتوسط واستخراج الغاز معه, وتبدأ بمُناوشات لفظية مع إيران في الوقت الذي تؤكد كل الدراسات أن المخزون الأكبر من الغاز موجود في سورية, هذا يعني أن منطقة الشرق الأوسط تحولت إلى خليج عربي جديد, وإلى موطن للصراع على الثروة, والثروة القادمة للقرن الواحد والعشرين هي الثروة النظيفة وهي الغاز, في الوقت الذي تضمحل فيه تدريجياً كميات النفط ويرتفع سعره جراء عدم الضخ الكافي. ولو عُدنا قليلاً إلى الوراء, لقرئنا مجموعة تصريحات متصلة بالنفط والغاز, فعندما تُعلن سورية أنها اكتشفت بئراً كبيراً للغاز في منطقة قارة, وتُعلن شركة بريطانية أنها اكتشفت الغاز في الشمال الشرقي, وتعلن سورية أنها سوف تُمرر الغاز الإيراني عبر العراق إلى سورية هذا يعني أن معركة الغاز قد حُسمت وأن الولايات المتحدة أصبحت خارجاً، وهذا ما يُفسر حجم الهجوم الأمريكي والهجوم الفرنسي, خاصة أن فرنسا تعتبر منطقة شرق المتوسط منطقتها فهي تفترض أن هذا الغاز يجب أن يؤول إليها, فنحن إذاً أمام معركة دولية كبيرة, تُعلن فيها روسيا وبضربة قاسمة أنها أنهت أمريكا خاصة عندما أنهت خط غاز "نابكو" الذي كان من المُفترض أن يمر عبر تركيا ليأخذ فرعين منه من تركمانستان وإيران، ليمر خط الغاز عبر سورية, التي ستُعتبر في المستقبل أو بالأحرى ستتربع على عرش المرتبة الثالثة عالمياً من ناحية نوعية الغاز الموجود فيها. وهذا يعني أن سورية ستبقى في عين العاصفة.
- ما هو الرد السوري حول هذا الموضوع؟
السوريون لم يتحدثوا عن هذا أبداً واكتفوا بالحديث عن الغاز الموجود في منطقة البر, وهذا يعني أن مسألة الغاز منقولة إلى مرحلة لاحقة. وهذا سر جنون "بقر" الأتراك طيلة هذه الفترة, لأنهم خسروا غاز نابكو ولا يستطيعون الآن أن يصلوا إلى غاز البحر الأبيض المتوسط, لأن الصراع سيبدأ بعد فترة قليلة مع قبرص, وحجم الغاز مُتركز في المنطقة الشمالية وليس المنطقة الجنوبية, لهذا كنا نرى حجم الصراع الكبير على سورية ومن أجل سورية. ليس فقط وفقاً للقاعدة الجيوبولوتيكية التي تقول بأن من يضع يده على سورية يضع يده على منطقة الشرق الأوسط, وليس وفقاً للقاعدة الشهيرة التي قالها نابليون وهي بأن سورية هي مفتاح آسيا, وليس فقط وفقاً للقاعدة التي كانت تقولها كاترين الثانية في روسيا بأن سورية هي مفتاح بيتها, وليس فقط لأن ساركوزي لا يُريد إدخال تركيا للاتحاد الأوروبي فتصبح حدود سورية مشتركة مع حدود أوروبا فتزيد قيمة سورية, فالسبب هو الثروات الهائلة الموجودة والتي تُعطي سورية هذه المكانة الكبيرة.
- بناءً على هذا الكلام كيف تقرأ نهاية الأزمة الحالية؟
بهذه الحالة بإمكاني أن أقول بأن الأزمة في سورية مفتوحة إلى حين التوافق الدولي على نظام دولي جديد, وعلى اتفاق "copromise" أو الوصول إلى تسوية على موضوع الثروات في شرق المتوسط. فنحن الآن أمام وضع مستثمر دولياً منذ الشهر الخامس من العام الماضين ولهذا انا غير مقتنع بنهاية سعيدة! لمهمة كوفي انان.
- هل سنشهد انعقاد مؤتمر " يالطا 2" في المستقبل القريب؟
يالطا 2 يجب أن يحدث ولكن عندما يُقرر الأمريكيون الانسحاب من موقعهم الدولي الحالي إلى المرتبة الثالثة بعد الصين وروسيا, وعندما يُقر هذا التشكيل الدولي عندها أظن أن الأمور قابلة للهدوء, إلا إذا تشكل محوران دوليان, كمحور الدول التي كانت في الماضي قوية كأمريكا والغرب, يتحملق حولها جوقتها التاريخية المعروفة. ومحور الأقوياء كالصين وروسيا وأقطاب تدور معها "كالبريكس", وعندما تتبلور الأمور بهذا الشكل عندها بإمكاننا الحديث عن حل للأزمة في سورية. ولكن ثمة أفكار تتحدث عن فرصة كبيرة للحل وهي الاشتباك في معركة إقليمية كبرى, أو التلويح بهذا الاشتباك مع إصرار على انكفاء التدخل بالشأن السوري, وإن اللبيب من الإشارة يفهم.
- بما أن تركيا كانت من المستفيدين من اتفاقية البحار الخمسة التي دعت لها سورية, لماذا إذاً كان هذا التغيير الكبير في هذا الموقف التركي؟
الأتراك كما العصفور الذي أراد أن يُقلد مشية الغراب, فلم يستطع فنسي مشيته فأصبح يقفز قفزاً عوضاً عن ذلك. هذه (النطوطة) التركية ليس لها معنى على الإطلاق إلا خسارة المكانة, والرغبة في التعويض عن الغاز الذي رحل, ومحاولة وضع اليد على سورية باستعادة غبية لحالة عُثمانية سابقة, مع أن المحنط لا يعود وأقصد بذلك العثمانيين, ومحاولة من قبل الأتراك للتعويض عن خسارة مشروع خط "نابكو" وهذا هو السر الأعمق لجنون الأتراك.

 

- هل من الممكن أن نشهد هجوماً مفاجئاً على سورية؟
هذا الأمر حلم بعيد المنال طالما نظراً لوجود اعتبارات الردع, فالردع قائم وموجود ولا يسمح بالحسم على الأرض في سورية على المستوى الخارجي, ومن لا يفهم هذه المُعادلة لا يعرف أ – ب الإستراتيجية. فالذي لم يسمح حتى الآن بالقيام بأي عمل عسكري ضد سورية هو وجود الردع.
- هل هذا يعني بأن الموقف الروسي – الصيني ليس هو الأساس في هذه المسألة؟
الموقف الروسي – الصيني مبني على اعتبارات كثيرة أولها الغاز, ثانيها المكانة الإستراتيجية, ثالثها حسم الموقف مع الولايات المتحدة الأمريكية ومع الغرب باعتبارهم قد رُحلوا إلى المرتبة الثالثة, رابعاً اعتبار سورية هي مفتاح بيت الروس في المياه الدافئة, خامساً بأن الجميع يعرف بأن أي عمل عسكري أحمق ضد سورية يعني بأن هناك حرباً عالمية مقبلة بامتياز.
- في حال قُدمت عروض لروسيا سواءً في الشيشان أم في الدول السابقة للإتحاد السوفييتي هل من الممكن أن نشهد تغيراً في الموقف الروسي؟
المُعامل السوري خارج تلك الحسابات بالنسبة لروسيا, فالموقف الروسي والصيني بالنسبة لسورية يتجاوز التكتكات التي عرفناها منذ سقوط الإتحاد السوفييتي, حتى عام 2006 مع عودة أول فيتو روسي صيني استخدم آنذاك في مجلس الأمن ثم الفيتو المزدوج الذي رأيناه ولمرتين مُتتاليتين. فروسيا تعتبر معركة سورية هي معركة حياة أو موت بالنسبة لهم. وبالتالي كل ما يُقدم على طريقة التذاكي القطري لتصور بإمكانية التراجع الروسي لقاء رشوة مالية أو امتيازات ...لا يعرف إلا محب لا يعرف من الحب إلا كلمة وحشتني.
- برأيك ما هي الغاية أو الهدف المنظور للولايات المتحدة الأمريكية من إقامة منظومة الدرع الصاروخية في دول الخليج؟
إن التوافق ما بين هذه المنظومة الموجودة في الخليج والمنظومة الموجودة في تركيا تدفع بالصراع إلى أوجه, وهنا أرفع القبعة شاكراً الولايات المتحدة الأمريكية على هذا الغباء السياسي. هذا الغباء الذي يستحق جائزة نوبل في الغباء السياسي, لأنهم بهذه الخطوة يُزيدون من تكتل روسيا ومجموعة "بريكس" ومنظمة "شنغهاي" في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية وفي منطقة الخليج, التي ستُصبح فجأة في بؤرة الصراع الحالي, الخليج الذي كان هادئاً لقرن كامل اليوم سيدخل في قلب الصراع. والغريب في الأمر هو أن يتورط أهل الخليج في هذه الورطة. لذلك فتحياتي للولايات المتحدة الأمريكية التي تُثبت القاعدة الشهيرة التي يعرفها كل السياسيين المُخضرمين, والتي تقول: "لا يجب أن تشتبك مع الأحمق لأنه سيُقدم لك رأسه" والأحمق الأمريكي قدم رأسه في أماكن مختلفة واليوم يُقدم رأسه ورأس الخليجيين معه في هذه اللعبة الخطيرة.


- كيف سيكون الرد الروسي على هذا الأمر من وجهة نظرك؟
سيزيد هذا الأمر من تمركز الروس في منطقة الشرق الأوسط وستزيد روسيا من دعمها لإيران, لأن هذا الدرع الصاروخي غير موجه ضد إيران بل هو موجه ضد روسيا قبلاً, فإذا كانت روسيا تعتبر أن الدرع الصاروخي الموجود في تركيا تهديد كبير لها, لذلك تضع كل ثقلها في منطقة شرق المتوسط. فما البال اليوم ونحن أمام درع صاروخية في منطقة الخليج. لذلك أنا ابتسمت اليوم عندما سمعت هذا الخبر عن درع صاروخي في الخليج العربي لأنني أيقنت بأن الأحمق قد قدم رأسه. والحقيقة هي إن الدول العُظمى لا تحتضر على الفراش بل تحتضر في أماكن قوتها, وإننا نشهد الآن ما كتبته عام 1991 في كتابي "النظام السياسي العالمي الجديد" بداية انهيار الإمبراطورية الأمريكية.
- الدكتور جهاد مقدسي تحدث منذ أيام ان معركة إسقاط الدولة في سورية قد ولت إلى غير رجعة, كيف تقرأ هذا الكلام في ظل الكلام التصعيدي الذي سمعناه في مؤتمر أعداء سورية2؟
أنام ملء جفوني عن شواردهـــــــــــا ويسهر الخلق جراها ويختصــــــــــم
المعركة أكبر من كل هذا الذي ترونه, لذلك أنا لا أهتم بهذه التفاصيل,ولهذا لا ادخل في سجال مع أحد، لن لا معنى له فالقضية ليست في حواراتنا إذا لم يحيّد الجانب الدولي وأداواته الإقليمية، أنا عينيّ اليوم على ما يحدث في المنظومة الدولية, فكل ذلك عبارة عن تفاصيل على الرغم من أن الشيطان يكمن في التفاصيل, ولكن الشيطان تحول هنا في صراع العمالقة إلى قزم. و سندفع ثمناً طويل الأمد, حتى سنتين على أقل تقدير.
- لطالما أننا أمام مرحلة ستكون طويلة كما ذكرت, ما هو الحل من وجهة نظرك؟
الحل سيكون مرحلي من خلال الحوار الوطني والنتائج الديمقراطية المُترتبة عليه, وهي نتائج يرسمها واقع الحال, ميزان القوى الداخلي والخارجي, والعلاقات الدولية, وستؤول الأمور حينها إلى منظومة سياسية جديدة في سورية, ولكن عمليات الاغتيال والتفجير ستستمر حتى سنتين على الأقل, فأنا أتذكر عمليات الاغتيال التي شهدتها سورية في أواخر السبعينيات ومطلع الثمانينيات, لم تتوقف إلا عندما رفع صدام حسين يده عن تمويل المُعارضة, وعندما أعلن الملك حسين آنذاك الاعتذار عما قام به في سورية, وحمل المسؤولية حينها لولي عهده الأمير الحسن. فاليوم هناك قوى كثيرة تضخ المال والسلاح إلى سورية, وعندما تتوقف هذه القوى عن هذا الضخ الكبير، عندها نستطيع أن نتحدث عن حالة من الهدوء الداخلي. وهناك اعتبار أنا آخذه دائماً في حساباتي, وهو بأنه لن يُسمح لسورية بأن ترتاح إلا في حالة واحدة إذا هربت إلى الأمام. وأملي تواجد الحكماء من كل الأطراف لاتخاذ قرارات مسؤولة تطوي الصفحة وتقيم دولة الحق والقانون والتعددية فعلياً مع برنامج متكامل لطي صفحة الماضي وبناء دولة توافقية التنافس فيها بأفضل صورة.
- كيف تنظر إلى مدى صمود الشعب السوري خلال هذه الأزمة؟
الشعب السوري كشعوب العالم, بإمكانه الصمود سنين طويلة, فشعوب العالم دخلت حروباً عالمية على مدى سنوات طويلة, كبدتهم ملايين الأرواح, ورغم كل هذا لم تنته تلك الشعوب بل كانت النتيجة مزيداً من التصلب والدفع إلى الأمام. والآن السوريون نتيجة الظروف الحالية سيُبدعون وسائل كثيرة للاستمرار, فأنا اليوم عندما أنظر إلى الاختراعات أو الإبداعات و التقليدات التي يُمارسها السوريون, لتعويض الكهرباء الغائبة, من شواحن يبتكرونها ووسائل للعيش في ظل أزمة الكهرباء, أعتقد بأن العقل السوري قادر على الابتكار, ودائماً ستكون "الضربة التي لا تُميته تقويه".
- سمعنا دعوات سعودية للأردن من أجل تسهيل تمرير السلاح للمسلحين في الداخل السوري, كيف سيكون برأيك رد الفعل السوري على هذه الدعوة؟
في حال تمت الاستجابة ففي هذه الحالة ستكون الأردن قد فتحت على نفسها بوابات جهنم, فرقبة الأردن بيد السوريين.
- إلى متى ستبقى سورية في موقع الدفاع وتنسى أمر الهجوم؟
اعتقد أن هنالك توجهاً للرد,وقد سُرب مؤخراً فبموجب القانون الدولي من يعلن عن التسيليح يعلن الحرب عليك والحرب سجال.
- ألا تعتقد بأن عدم الرد هو كثرة الجبهات التي تفتح النار علينا؟
أنا أقدر ما يجول في خاطر السوريين, فهم لا يُريدون أن يكونوا "دونكيشوتيين" في فتح عدة معارك في نفس الوقت, وهذا أمر جيد, أفهمه وأتفهمه في بداية الأزمة, ولكن تغيرت الظروف طالما أن الآخر يفتح عليك الحرب بهذا الشكل المُعلن, فلك الحق أن ترد على هذه المعركة بطريقتك, وليس بالضرورة بطريقة تؤدي بك إلى موقف "دونكيشوتي" وهناك طُرق مختلفة في العمل السياسي وفي دبلوماسيتي المفاوضات (السلم) والعنف,كان السوريون يعتقدون بأنهم لا يُريدون الذهاب إلى حد الاشتباك مع هؤلاء العرب لأنهم ليسوا إلا أداةً لمُعلمهم الأمريكي, وهذا أمر صحيح ولكن هؤلاء اليوم يلعبون أيضاً لمصلحتهم يقولون بوضوح أنهم لا يُريدون التهدئة, ويُريدون الذهاب بالأمور أبعد إلى ما هي عليه الآن. لذلك أعتقد بأن السوريين وحُلفائهم قد وجدوا في هذا الوقت وسيلة تكون على الأقل قادرة على ردع هؤلاء عن العبث بالشؤون الداخلية السورية. ويقول التسريب في هذه الحالة: يُشرع اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لردع هؤلاء عن الاستمرار في غيهم ضد سورية.
- كيف تُقيم الموقف العربي الحالي وما هي الإستراتيجية التي يتبعونها؟
العرب لا يملكون إستراتيجية, بل هم ظاهرة صوتية, وحالة افتراضية, لم يصلوا إلى مرحلة نستطيع أن نقول عنهم بأنهم قادرون على وضع استراتيجيات, دمروا الإستراتيجية الدنيا التي وضعت في الجامعة العربية عندما تأسست, وأنا أقول بأنه يجب أن تتضافر الجهود اليوم لإنشاء جامعة عربية جديدة. فالجامعة العربية السابقة هذه وضعت عليها الشاهدة وأصبحت أداةً بأيدي الغرب, وفعلياً يبدو أن لورانس العرب قد انتصر, وأن من صنع الجامعة العربية من البريطانيين قد استخدموها في اللحظة المناسبة. والآن آن الأوان لبناء مشروع عربي جامع حتى ولو قسمنا العرب إلى قسمين, لأن الانقسام في العالم العربي موجود شئنا ذلك أم لم نشأ, ويجب أن يكون هنالك على الأقل منظمة للأمن الإقليمي العربي في هذه المرحلة وأنا أدعو لإقامة هكذا منظمة في منطقة شرق المتوسط, المُتبلورة حديثاً خارج إطار المنظومة الأمريكية.
- هل سنشهد تأجيلاً لانتخابات مجلس الشعب؟
حسب معلوماتي مجلس الشعب لن يؤجل إلا إذا انعقد مؤتمر حوار وطني طالبت فيه المعارضة بالتأجيل لكي تأخذ فرصة لدخول إلى مجلس الشعب, وأنا أعتقد أن هذا عقلاني ومنطقي ومطلوب. وأدعو اخيراً الجميع إلى الحوار المتسارع نحو خلق بنية حياة سياسية اخرى في ظل واقع استمرار بقاء سورية في محرق الصراع الدولي بلا أوهام عن خلاص سريع إلا بالشروط التي ذكرتها آنفاً
bahaa@dampress.net
facebook.com/bahaa.khair

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=51&id=19190


Warning: Unknown: open(/var/cpanel/php/sessions/ea-php56/sess_sues5dgq8h6302efb0e6ei84a2, O_RDWR) failed: No space left on device (28) in Unknown on line 0

Warning: Unknown: Failed to write session data (files). Please verify that the current setting of session.save_path is correct (/var/cpanel/php/sessions/ea-php56) in Unknown on line 0