الرئيسية  /  تحقيقات

ورشة عمل خاصة جداً ..جمهورها لنصف ساعة ومحاضراتها أكل عليها الزمن وشرب


دام برس
ماإن انتهى السيد وزير الإدارة المحلية من إلقاء كلمته في افتتاح ورشة عمل السلامة المرورية التي أقامتها الوزارة منذ أيام حتى بدأ الحضور بالتسلل خلسة والهروب من المدرج , والأسباب كثيرة حسب قول بعض الحضور والذين أكدوا أنهم أتخموا من هكذا ندوات ومحاضرات , رغم أن الوزير قال في بداية كلمته إن هذه الورشة بتكليف من رئيس الحكومة ,لدراسة واقع وأسباب الحوادث المرورية المؤسفة والمروعة التي حصلت في كافة المحافظات , وصولاً لوضع المقترحات للتخفيف منها قدر الإمكان .
وهنا بيت القصيد , حيث لم يتغير شيئاً في هذا الإطار منذ سنوات عدة , سواء في ورشات العمل أو الندوات وحتى في الأبحاث وصولاً إلى الأشخاص الذين يلقونها والجمهور المتلقي .
فمن المفترض ان تتحدث هذه الورشة وفي هذا الوقت بالذات عن الظرف الحالي , وطبيعة وضع الحلول المناسبة وتطبيقها مباشرة , إلا أن هذه الورشة كانت نسخة طبق الأصل عن سابقاتها , حيث يقول محمد أحد الحضور : أنا من متابعي الندوات المتخصصة بالسلامة المرورية في سورية وباستمرار , وأستغرب من الجهات المعنية كيف لها أن تلقي محاضرة كانت قد ألقتها عام 2007 مثلاً , ولم يستفد منها أحد , فأنا لايعنيني عدد الحوادث المرورية ولا عدد المركبات في سورية ولا تعريف الطريق , فتصور هناك محاضرات كاملة عن تعريف المركبة والطريق ومستخدم الطريق , وهذه المحاضرات أكل عليها الزمن وشرب , نحن نحتاج إلى حلول عملية ناجحة , نحتاج إلى تطبيق فعلي لما يقال في الندوات , ولا نريد أقوالاً فقط .
بالعودة إلى بعض المحاضرات التي ألقيت في الورشة فكانت هي ذاتها التي كانت تلقى في معظم ورشات العمل منذ سنوات مع اختلاف التوقيت والمكان , ومن المتوقع أن من يسمع بعناوينها يدرك محتواها , ومنها : الحوادث المرورية على الشبكة الطرقية ..إحصائيات ومؤشرات , واقع وأسباب الحوادث المرورية الحاصلة على الشبكة الطرقية المركزية في المحافظات السورية , توجهات المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية لتحسين واقع الشبكة الطرقية , التوعية المرورية ودور الإعلام فيها , ودور الجمعيات الأهلية في الوقاية من الحوادث المرورية .
وليس هذا كل شيئ بل إن أصحاب هذه المحاضرات والأبحاث هم نفسهم في كل ورشة عمل من هذا النوع , مع نفس العناوين واختلاف التواريخ والأرقام المذهلة المتعلقة بذلك .
فمثلاً قال أحد المحاضرين : لم نعتبر هذا العام مؤشر حقيق لحوادث المرور بسبب الأزمة الحالية التي تمر بسورية , لأن حركة السير غير طبيعية , وربما هذا الشيئ الوحيد والجديد الذي قاله في هذه الورشة ,وبقية المحاضرة كانت عن أعداد الحوادث المرورية , وما نتج عنها من وفيات وجرحى , ومتى وكيف وقعت هذه الحوادث , سواء في الليل أو في النهار , صباحاً أو مساءً , داخل المدن أو خارجها , وهذا الكلام لايقدم ولا يؤخر عند المواطن , وأوضح أن معظم هذه الحوادث ناتجة من نقص الوعي عند السائقين , وعدم تأهيلهم وخاصة لدى العنصر النسائي بسبب نقص الخبرة , وانشغال الناس بهمومها .
وضرب مثلاً بأن أجهزة الرادار رصدت سرعة لإحدى السياراة تجاوزت ال240 كم في منطقة النبك , دون ذكر إن كانت تمت مخالفته أم لا ؟ وقال : المواطن يحمل وزارة الداخلية المسؤولية لما يحدث من حوادث ومخالفات , لكن هناك وزارات أخرى تتحمل المسؤولية نفسها كالنقل والصحة والادارة المحلية , وهنا وضع الملح على الجرح وتركه ينزف ,
وطرح قضية في غاية الأهمية تتعلق بالروتين في مفاصل الدولة , وملخصها أن فرع المرور في إحدى المحافظات السورية عانى عدة أيام لتبديل لمبة إشارة ضوئية محروقة , لأنها تحتاج إلى معاملة طويلة عريضة , حيث مزح قائلاً : استغل وجود وزيري النقل والإدارة المحلية كي نتلافى مثل هكذا قضايا , وهنا اكتفى الوزيران بالابتسامات دون تعليق , علماً اننا كنا نشتهي من السيد وزير النقل التعليق على ذلك , أو حتى الحديث عن ماقامت به وزارة النقل في هذا الإطار , كي نسمع صوته , لأنه وبكل تأكيد معظم الناس لاتعرف كيف هي نبرة صوت وزير النقل وعدد آخر من الوزراء , والكثير من الناس مشتاقون لسماع صوت الوزراء ليطمئنون الناس عن أوضاع وزاراتهم وطبيعة عملها في الفترة الحالية .
إضافة إلى ذلك لايوجد في سورية غرف عمليات مرورية لإرشاد السائق أو المواطن بوجود حوادث أو عيرها ,ونحن نضيف إلى ذلك لماذا لايتم الإعلان عن كل ذلك في وسائل الإعلام ؟ كي يظهر كل فرد مقصر في ذلك ؟ لماذا الحديث فقط عن هذا ؟ هل المواطن هو المسؤول عن شراء الأجهزة وإقامة غرف عمليات على الطرق أم الجهات المعنية ؟ إذا الكل يعرف ماله وما عليه , لكن لاأحد يريد العمل , أيضاً أين دور الجهات المعنية مما يحدث من مخالفات على الطرق العامة , ومن تجاوز للإشارات الضوئية والسرعة الزائدة والتشفيط والوقوف في المكان الممنوع , وأمام أعين عناصر المرور , فهل يعتبر ذلك من عناصر الأزمة الحالية والتخريب أم ماذا ؟ ثم كيف نفسر غياب التوعية المرورية الآن عن شاشات التلفزيون ؟ وفي المدارس ؟ وأين دور وزارات الداخيلة والنقل والجهات الأخرى من ذلك ؟ ألا يعد ذلك من مسببات كثرة الحوادث ؟ وهنا نكتفي بهد النموذج من المحاضرات , مع احترامنا الكبير لصاحب المحاضرة .

وفي محاضرة أخرى لا تختلف عن سابقتها ,لكن هذه المرة كانت من الوسط الإعلامي , فهي نفسها وإن تعددت الشخصيات , وسنذكر باختصار شديد أهم النقاط التي تضمنتها , أيضاً مع احترامنا الشديد للمحاضر , , حيث قال : تتطلب السلامة المرورية بوصفها مسؤولية جماعية تضافر جهود مختلف القطاعات ذات العلاقة ، ويعتبر القطاع الإعلامي من أهم القطاعات التي لها تأثير مباشر على المتلقي, ولن أتوسع في الحديث هنا عن السلامة المرورية وماذا تعني وكيف نحققها بل سأتحدث هنا عن طبيعة دور الإعلام في ايصال المعلومة الصحيحة التي تساهم في توعية الإنسان مهما كانت وظيفته أو شريحته أو مكانته أو دوره في الحياة , إذاً, كإعلام نحن نتحدث هنا عن الإنسان وهو المكون الأول للسلامة المرورية وعن السيارة أو وسيلة النقل المكون الثاني وعن الطريق أي المكون الثالث.


وأكد على تطوير الخطاب الإعلامي المروري للإرتقاء به ليحدث تأثيراً إيجابياً في سلوك مستخدمي الطريق وذلك بانتهاج أساليب جديدة في العمل الإعلامي تعتمد التفاعلية وذلك بالتركيز على إشراك الجمهور المتلقي باستخدام التقنيات الحديثة , وذلك من خلال مشروع خطة إعلامية للسلامة المرورية تتضمن عقد لقاءات دورية لأصحاب القرار في المؤسسات الإعلامية لمتابعة نشر ودمج قضايا السلامة المرورية في البرامج الإعلامية. وزيادة مساحات البث التلفزيوني والإذاعي وتخصيص فترة زمنية لمدة عشر دقائق 3 فترات في الأسبوع في برنامج صباح الخير ويشمل أيضاُ ريبورتاجات ميدانية تخصيص فترة زمنية مناسبة في الإذاعة
مقترح إنتاج مسلسل يومي صباحي مدة الحلقة 10- 15 دقيقة يومياً عن قضايا السلامة المرورية ويكون واقعياً بالتعاون مع كل الجهات المعنية.وتخصيص مساحات أكبر للتغطية الإعلامية المناسبة لجميع الفعاليات والنشاطات التي تقيمها الجهات كافة لاسيما تخصيص زاوية يومية أو 3 زوايا في الأسبوع والاسم المقترح ( مروريات).إعداد دليل إرشادي توجيهي للإعلاميين حول قضايا السلامة المرورية.


— وأفرد محاضرون أبحاثاً عدة عن تعريف الحادث المروري الذي هو عبارة عن حدث يحصل بدون علم وتخطيط مسبق من قبل آلية أو مجموعة آليات
— ينتج عن الحادث المروري خسائر بالأرواح والممتلكات منها الجسيمة والتي قد تؤدي إلى الوفاة أو الإعاقة المستديمة0000الخ
— وعن أنواع الحوادث المرورية التصادم بين الآليات بشكل عام وبمختلف أنواعها ومن كافة الاتجاهات
— التدهور أو فقدان السيطرة على السيارة من قبل السائق وصدم أجسام ثابتة أو متحركة ( الحيوانات ) تقف على الطرق العامة ,وهذا ناتج عن تعب وإرهاق السائق وانشغال السائق عن القيادة وعدم التقيد بأنظمة المرور والتهور في القيادة وعدم صيانة السيارة (المركبة) أو فحصها.
— -الطريق (أعمال على الطريق, منحنيات خطيرة , عدم وجود عوامل السلامة0000)
— -الظروف الجوية والمناخية (مطر - ضباب - ثلج - الصقيع العواصف الرملية و الغبارية )
— وكان هناك أيضاً بحثاً كاملا عن الأدوية والمشروبات الروحية , كل ذلك بدون تفعيله على أرض الواقع فمثلاً أين دور عناصر المرور من تجاوز السرعة المسموح بها ؟ ولماذا لم يتم تفعيل دور المراكز الموزعة على الطرق العامة والمشار إليها أعلاه بشكل جيد وتدعيم وحدات الإطفاء والانقاذ والمراكز الريفية بمعدات إنقاذ وإجراء دورات تأهيلية للتعامل مع مختلف الحوادث المرورية , ولماذا لم يتم رفع المستوى الفني لوحدات الإنقاذ وإيلاء التأهيل والتدريب أهمية كبيرة والاستفادة من خبرات الدول الكبرى والمجاورة المتطورة بمجال البحث والانقاذ ؟ ثم أين الجهات المعنية من مسألة التدريب المستمر على التعامل مع الحوادث الكبرى والتي تتطلب عدة فرق إنقاذ بآن واحد مثل حوادث القطارات وغيرها ؟ وأين هي أيضاً من تأمين وسائط إسعاف وإنقاذ جوي مثل الحوا مات لتأمين سرعة إيصال المصابين للمشافي ؟ وأين دور الإعلام من توعية وتثقيف السائقين والمشاة .
— نكتفي بهذا القدر من النماذج , لأنها كثيرة , لكن يجب التنويه إلى أن البيانات الرسمية الصادرة عن إدارة المرور العام الماضي أوضحت أن العام 2011 شهد وقوع 29294 حادثة في سورية , نتج عنها وفاة 1797 شخصاً , في حين كان عدد الجرحى 12839 جريحاً , وبلغت الحوادث الجسدية 10157 حادثة , والمادية 19137 حادثة , وبلغت ضبوط المخالفات لعام 2010 – 1641637 ضبطاً .

— كل هذا وذاك شاهدناه على الورق أو على جهز الإسقاط في المدرج المخصص للورشة من سنوات طوال , ولم نشاهد أية أفعال على أرض الواقع , هذا إن دل على شيئ إنما يدل على عدى اهتمام تلك الجهات بأمن وسلامة المواطن , بل همها الوحيد هو البروظة وهدر المال العام والوقت بالدرجة الأولى , وإلا بماذا نفسر غياب بريق وحماس تلك الأبحاث بعد 24 ساعة من إلقائها , ثم توضع حبيسة الأدراج ضاربين مصلحة الوطن وحياة المواطن عرض الحائط .

أخيراً يمكن ان يكون المواطن في بعض الأحيان كالمياه الراكدة , ويحتاج إلى نبع متجدد كي يعيد الحياة إليه , ويخلصه من الشوائب , ويمكن أن يكون كالطيور المهاجرة يصعب السيطرة أو القبض عليه , وهذا ما ينطبق على المعنيين في السلامة المرورية , إذ يجب عليهم الانتقال من الأقوال إلى الأفعال , لآن المواطن متشوق لأن يرى تطبيق القانون بحزم , لا أن يرى جوازات وتجاوزات القانون , لأنه أتخم بذلك !


أحمد زينة- البعث 


Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=11&id=18403