الرئيسية  /  من هنا وهناك

رغم الصعوبات والمعيقات لم يستسلم وحصل على إجازة في الحقوق...بلال : مازلت أبحث عن عمل


دام برس - محمد مستو - معاق نيوز

كثيرا ما نشاهد أشخاص جالسون على كرسي متحرك أو يمشون على عكازان ، ننظر لهم نظرة شفقة وألم ، نعم الشكل يوحي لك بذلك لكن المضمون عكس ذلك تماما لأن لديهم إرادة استطاعوا أن يتخطوا هذه الإعاقة لينطلقوا  غيرهم من أفراد المجتمع إما علميا أو عمليا ولم يستسلموا أبدا .


فثائر حسن بلال ولد في قرية حير جاموس صغير الكائنة بناحية سلقين محافظة إدلب السورية في 1979 لعائلة متواضعة و فقيرة والده مدرس للغة العربية ووالدته ربة منزل لديه ثلاث أشقاء أحدهم معاق وشقيقتان .

مرحلة ما قبل الجامعة

عن إعاقته يقول السيد بلال " الإعاقة بدأت بعمر ست سنوات بصعوبة المشي وانتهت بالجلوس على كرسي متحرك بصف السادس الابتدائي وسببها زواج الأقارب فللأسف في ريفنا عادات مازالت مسيطرة " فبنت العم لابن عمها " .
وعن مشوار دراسته يضيف " درست الابتدائية بقريتي وكانت أمي توصلني إلى المدرسة بحملي بين ذراعيها وكانت تقول لي كلمات لن أنساها ما حييت : أنت لا تستطيع أن تقوم بأي عمل فما لك إلا الدراسة والحصول على الشهادة لضمان مستقبلك ولتحصل على لقمة العيش وتحافظ على كرامتك وتتقي شر الحاجة والعوز.

يتابع " درست الإعدادية بقرية مجاورة وكنت أذهب إلى المدرسة على دراجة حديدية بدائية الصنع تحت المطر والبرد القارص وأشعة الشمس الحارقة وكان الطلاب يدفعون بي الدراجة ذهابا وإيابا إلى المدرسة وأحيانا أخرى الناس يساعدوني بسحبها بالسيارات لإيصالي للقرية ، كدت أن أترك الدراسة بسبب صعوبة هذه الظروف ولكن بالتصميم والإرادة نجحت بالإعدادية " .


وعن المرحلة الثانوية يقول " ازداد شعور الإحباط بعد نجاحي في الإعدادية لأنه لا يوجد مدرسة ثانوية قريبة بالإضافة إلى عدم وجود أي تجهيزات أو تسهيلات تساعد الشخص المعاق في مدارسنا ، إلا أن الأمل تجدد عندما علمنا بوجود مدرسة الأمل للمعاقين بدمشق(وهي الوحيدة في القطر التي تدرس جميع المراحل الدراسية للمعاقين حركياً ويوجد بها قسم داخلي) درست فيها الثانوية وبدأت أكون شخصيتي ضمن الاندماج مع الطلاب المعاقين الموجودين بالمدرسة وخصوصاً القسم الداخلي فتوحدت همومنا ومشاكلنا وشعورنا المشترك بآلام بعضنا وكونت العديد من الصداقات التي أفتخر وأعتز بها إلى الآن فكنا نلعب سوية و نشكو همومنا لبعضنا ونحاول حلها ولا أنسى ما حييت المديرة سهير رمضان و الآنسات عفة حسن و ماري بدين و إيمان كرمي بالإضافة إلى جميع المدرسين والمراقبين الليلين وجميع العاملين فيها ، فسهولة الوصول إلى الصف الدراسي بالإضافة إلى التجهيزات المريحة الموجودة و جدارة الكادر التدريسي في مدرسة الأمل كلها عوامل ساعدتني بالنجاح والحصول على علامات جيدة دخلت بموجبها إلى كلية الحقوق بجامعة حلب ".

المرحلة الجامعية

واجهته صعوبات كثيرة في الجامعة منها عدم وجود تجهيزات خدمية للمعاق لكن رغم ذلك أصر على المتابعة وعدم الاستسلام فيقول " ربما اختياري لهذا الفرع كان دافعه الرئيسي أن هناك حقوق للأشخاص المعاقين مهملة بالإضافة لإثبات جدارتي ومكانتي وأثبت بأني لست أقل من أي شخص يمشي على رجليه فكنت محل فخر لأبي وأمي ولا أنسى بحياتي دموع أبي وأمي عندما نجحت ودخلت الجامعة .

في الجامعة واجهت العديد من المعيقات و الصعوبات بالكلية والمدينة الجامعية فمن أنشأها نسي بأن هناك أشخاص معاقين سوف يدرسون بالجامعة فلا تسهيلات ولا تجهيزات ولا أي شيء يريح المعاق إلا وجود طلاب أصبحوا أصدقائي فكانوا يساعدوني بكل شيء .


فقد كنت اجتماعي جداَ والجميع يحبوني ويقدروني ويهتمون بي ويستمتعون بالحديث معي ، دراسة الحقوق كانت شاقة ومتعبة فالمنهاج ضخم جداً ولم أستطيع حضور أي محاضرة لصعوبة الحضور فالمحاضرات بالطابق الثاني والمصعد الكهربائي لا يعمل فأنا كنت الطالب والمعلم بنفس الوقت رغم كل ما أواجهه من صعوبات كنت مصمم على النجاح .


مرحلة البحث عم عمل

ثائر كباقي خريجي الجامعات يطمح بعد التخرج للحصول على عمل يضمن له راتبا شهريا يعيله على تكاليف المعيشة وظن أنه عندما يتخرج سيجد عملا مباشرة ولم يخطر بباله أن إيجاد فرصة عمل أصبحت حلم الكثير من الشباب السوري فكيف بشاب معاق رغم أن هناك قوانين تضمن للمعاق العمل إلا أنها لاتنفذ ، فعن رحلة بحثه عن عمل يقول " بدأت بالبحث عن عمل و لم أحصل عليه رغم العديد من المحاولات والمقابلات لمسؤولين في المحافظة فلا حياة لمن تنادي وكأن فرصة العمل كالليرة الذهبية فبالرغم من وجود العديد من النصوص القانونية والقرارات والتعليمات والأنظمة لهذا الغرض لكن كلها لم تساعدني على إيجاد عمل فكل القوانين الخاصة بالمعاق عبارة عن حبر على ورق وغير مفعلة فثلاثة سنوات أنقضت وأنا أبحث عن عمل ولم أجده ففكرت ببيع الدخان الوطني والمهرب على الأرصفة أو عند إشارات المرور، لكن بعد المعاناة استطعت الحصول على عقد عمل لمدة ثلاث أشهر " موسمي " وتم تعيني كمستخدم في أحد الدوائر الحكومية رغم أني أحمل إجازة في الحقوق فشكرا لحكومتنا على هذه المنحة التي أعطتني إياها ، فكيف سأكمل حياتي وأتزوج وأبني أسرة وأنا لم أستطيع أن أحصل على عمل ثابت يؤمن لي أدنى متطلبات الحياة والشيء الآخر النظرة السلبية للمجتمع فأنا شخص على كرسي متحرك فمن يرضى أن يزوج ابنته لشخص معاق وهذه النظرة للأسف ما زالت موجودة في مجتمعاتنا .

نشاطاته

لثائر نشاطات عدة منها ندوات ومحاضرات ودورات أغلبيتها عن الإعاقة يريد من خلالها إيصال فكرة أن الشخص المعاق يستطيع أن يقوم كغيره من الأفراد بأي نشاط كان فعن هذه النشاطات يتحدث قائلا " خلال المرحلة الجامعية تعرفت على صديقة أعتز بصداقتها وهي الآنسة جافين علي رئيسة المنتدى الثقافي لذوي الاحتياجات الخاصة بحلب وكنت قد شاركت بالعديد من النشاطات مع جمعيتها منها ( إعداد وإدارة ندوة دينية حول دور التوجيه الديني بتغيير النظرة الاجتماعية عن المعاقين مع د.محمود عكام ونيافة المطران وبطرس مرياتي ضمن احتفالية حلب عاصمة للثقافة الإسلامية، كما أدرت ندوات بيوم المعاق العالمي في جامعة حلب كلية الآداب عن أهمية تشغيل المعاقين في رفع الاقتصاد الوطني د. إسماعيل شعبان وأضواء على القواعد الحمائية لذوي الاحتياجات الخاصة د.حمود غزال ودور المجتمع في الصحة النفسية لذوي الاحتياجات الخاصة د.خالد ضعيف ونظرية العلم والإنسان (ستيفن هوكنغ)المهندس ناصر المنذر .


يضيف " تابعت النشاط بمجال الإعاقة بمرحلة دراستي الجامعية فشاركت مع المنظمة العربية للمعاقين ببرنامج تدريب مدربين حول حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وحصلت على شهادة مدرب في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وقمت بإعداد مشروع تأهيل الجامعة والمدينة الجامعية بشكل يسهل اندماج المعاقين بالجامعة والمدن الجامعية قدمته للجهات المختصة بجامعة حلب.
ومن نشاطاته أيضا " بداية عام 2009 قبلت في مشروع مساواة الإقليمي وهو مبادرة أطلقتها منظمة الهاندي كاب أنترناشونال الفرنسية مع المنظمة العربية للمعاقين والمنتدى الأوربي للإعاقة وحضرت تدريب أكاديمي لمدة شهر وأتبعت بمرحلة ثانية لمدة أسبوعين في عمان الأردن في مجال السياسة الاجتماعية والإعاقة والحوكمة وقد حاضر في هذا التدريب المعهد الدولي للدراسات الاجتماعية (iss) من هولندا وبالإضافة إلى العديد من المحاضرين من أوربا والوطن العربي وحصلت على شهادة خبير ومدرب بهذه المجالات من المعهد الدولي(iss)، تواصلت مع المنظمة السورية للمعوقين ( آمال ) وأرسلت لهم مشروع عن تأهيل المجتمع المحلي الريفي لتغيير النظرة الاجتماعية عن الأشخاص ذوي الإعاقة وقد تم قبوله ، كما شاركت أيضا في الملتقى الوطني للإعاقة ( الإعاقة واقعا وطموحا ) في قصر الأمويين للمؤتمرات عام 2010 حيث كنت ضمن اللجنة القانونية وقد حاضرت عن أسباب عدم فاعلية النصوص القانونية للإعاقة " يضيف " لدي العديد من الأبحاث والمقالات القانونية عن قضية الإعاقة ومنها أثر السياسات الاجتماعية في وصول الأشخاص ذوي الإعاقة لسبل العيش ، الإطار القانوني والسياسي لقوانين عدم التمييز في المنطقة العربية (قوانين الإعاقة) وقد تم نشره في مبادرة رصد قضايا الإعاقة في الشرق الأوسط ، كتبت رؤية تطويرية كاملة للقانون /34/لعام/2004/ الخاص بالمعاقين في سورية ليتلاءم مع الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة 2006 .

كلمة أخيرة ...الذي يده بالنار ليس كالذي يده بالماء

لدي هواية بكتابة المقالات ولعب الشطرنج و قراءة المواثيق العالمية والإقليمية عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ، طموحي كبير جدا لكن ظروفي الصعبة تقيد هذا الطموح وتحد منه. فإلى متى سأبقى بين أمواج الحياة أخضع لصفعاتها وإلى متى سأبقى رهين الخوف من الغد وإلى متى سأبقى أسهر لساعات متأخرة وأصح من النوم عند العصر بسبب عدم وجود عمل ، أصبح عمري أثنان و ثلاثين عام دون عمل دون بيت لي دون زوجة وأولاد.

وفي كلمة أخيرة يقول " أوجه نداء من خلال موقع معاق نيوز لأصحاب القرار وأتمنى مساعدتهم للحصول على عمل يتلاءم وشهادتي ولتكن ليالي السهر والدراسة وحرق الأعصاب والمعاناة التي واجهتها هي الشفيع والمساعد للحصول على هذا العمل فكما يقول المثل : الذي يده بالنار ليس كالذي يده بالماء .

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=82&id=15286