الرئيسية  /  كتاب وآراء

بصدد بيان حماس الإعتذاري لسورية وإحتمال قبول دمشق الإعتذار والقيادة السورية أقدر على زنة الأمور وتقرير الموقف الأصوب.. بقلم: محمد شريف الجيوسي


دام برس : بصدد بيان حماس الإعتذاري لسورية وإحتمال قبول دمشق الإعتذار والقيادة السورية أقدر على زنة الأمور وتقرير الموقف الأصوب.. بقلم: محمد شريف الجيوسي

دام برس :
يدور نقاش واسع حول صحة موقف سورية لقبول عودة ( حماس ) إليها الذي يببو  بات مؤكداً ،  بعد أن نبذتها العواصم من قبل ومن بعد .
وقبل أن أخوض في هذا النقاش الصعب ، أوضح أن القيادة السورية أدرى وأعلم وأكثر حرصاً مني ومن سواي ، أفراداً وجهات ودولاً ، فيما هو القرار الأصوب ، رفضا أو قبولاً بعودتها .  
ولكن أود أن أبدي أمورا والتذكير بأمور أخرى معروفة لدى الكثيرين .
1 ـ الكيفية والهدف الذي أسست من أجله حماس ، والجهات التي ولّفتها كفصيل إخوني فلسطيني منافس لـ ( منظمة التحرير الفلسطينية ) ، وصولاً إلى إضعافها ، وبالتالي وضعها في وضع المضطر لتقديم  تراجعات وتنازلات ، ومن المهم أن نعلم أن الجهات التي توافقت على التوليفة مع مكتب الإرشاد العالمي، كان هدفها الرئيس إضعاف المنظمة بظهور منافس (قوي) ، يطرح شعاراتٍ شعبوية قادرة على جذب بعض الشارع الفلسطيني والعربي ، بمواجهة واقع تاريخي متجذر فلسطينياً إلى حدٍ بعيد .     
2 ـ إن نشوء حركة ( فلسطينية ) تحمل صفة الإسلام ،  إستولد بكثافة  وبالتزامن حركات ( يهودية ) أكتر تطرفاً وببعد ديني أشد عنصرية وعدوانية ، وقد رأينا كيف إستطاعت هذه الحركات فرض وجودها صهيونياً .. بالتوازي مع إزدياد شعبية حماس فلسطينيا ، وغذّى التطرف اليهودي الصهيوني ، ميل حماس لتنفيذ عمليات أطلقت عليها صفة الإستشهادية في مواقع مدنية ، لإحداث أكبر قدرٍ من القتل ، منافسة بذلك حركة فتح ، ما قزّم منادين إسرائيليين بالتوصل إلى حلول ( سلمية ) مع الشعب الفلسطيني ومع العرب بعامة ، وإنتاج قيادات إسرائيلية أكثر تطرفا وعدوانية وعنصرية .
3 ـ  زادت عمليات حماس ( الإستشهادية ) من ضعف وهزال إتفاقية أوسلو ، ولكن لصالح تل ابيب ، دون أن تمنح القضية الفلسطينبية أية عنصر من عناصر القوة ، بل وأضعفت رصيدها العالمي بسقوط (مدنيين) بكثافة ، وأسهمت في إجهاض الإنتفاضة الثانية بعسكرتها  دون إعداد كاف ومحسوب ، وأعطت المستعمرة الإسرائيلية ، فرصة للإجهاز على مكتسبات الإنتفاضة الأولى ، وما تضمنته أوسلو من إيجابيات محدودة ، بوقف تنفيذ الإنسحابات ، والعودة عما تم ، وبناء المزيد من المستعمرات ، وبناء الجدر ، وقضم وتجريف الأراضي ، والخنق الإقتصادي ، والقتل والأسر .  
وإعادة طرد عشرات آلاف الفلسطينيين الذين عادوا للإستقرار في وطنهم بالتزامن مع الأشهر الأولى لإتفاقية أوسلو .
4 ـ إستقبلت دمشق ، حركة حماس ( بعد أن ضاقت بها الأرض بما رحبت ) وكان بين المطالب الأمريكية أل 8 .. ( بعد إحتلال العراق سنو 2003 ) طردها مع بقية الفصائل الفلسطينية ، مع التشديد على حماس .. وكان ثمن رفض سورية ، صدور قرار أمريكي بمعاقبتها وحصارها إقتصاديا ، ومن بعد شن حرب إرهاب دولية عليها ، وبدلاً من أن تكون حماس وفية لدمشق ، إختارت تنفيذ تعليمات مكتب الإرشاد الإخوني العالمي ، مصطفة بذلك إلى جانب أمريكا وإسرائيل وعواصم الإستعمار القديم والرجعيتين العربية والتركية والوهابية ؛ وكل عصابات الإرهاب العالمي المصنّعة أمريكيا ،  وشاركت في العمليات الإرهابية بمخيم اليرموك إلى جانب داعش وغيرها ، وَقَدِمَ شباب إخونيون من غزة إلى اليرموك للقنتال ضد سورية ، وسرّبت حماس للإخونيين السوريين إحداثيات عسكرية ونقلت إليهم تقنيات حفر الأنفاق التي تعلموها من المقاومة اللبنانية .. وأطلعتهم على إحداثياتٍ عسكرية سورية ، بحكم الثقة التي منحتها القيادة السورية لحماس .  
5 ـ وعندما التقى الهنيّ هنيّة ؛ قيادة حركة النهضة في ذروة عزّها بتونس ، ثم الهردوغان لفترة لم تزدد عن 72 ساعة ، عاد ليلقي (قصائد) مديح عصماء للقيادتين الإخونيتين في تونس وتركيا ، متناسياً قرابة 12 عاما قضتها حماس في سورية ، ومنحت خلالها القيادة السورية لحماس ، من المزايا ما لم تمنحه لحزب البعث الذي يقود الدولة والمجتمع ، وهو الأمر الذي أقر به مشعل ( كنا ملوكاً في سورية ) ولكن هيهات بين القول وبين الفعل .. بين الوفاء وبين الخيانة .   
6 ـ حماس فصيل إخوني يتبع مكتب الإرشاد العالمي الإخوني ، وينفّذ تعليماته وإرادته ويفي بالتزاماته وتعهداته وإتفاقاته .. كاتفاق (الربيع العربي) بين مكتب الإرشاد العالمي والإدارة الأمريكية ، الذي إقتضى حرف بوصلة الصراع من عربي إسرائيلي إلى صراع عربي فارسي وأخر سني شيعي وثالث إسلامي مسيحي .. وهو ما نفذته حماس بإتقان وأجادت في ذلك ، مقدمة الفهم الإخوني العقدي على المصلحة الوطنية والقومية والإيمانية الحقة ، وهو ما أقر به بعض قادتها وبخاصة الهنيّ هنية ، في سياق تبريرهم لما أقترفوا من خيانة .
وقد يقول قائل ، ولِمَ تستدير حماس الآن وتصدر بياناً إعتذاريا تجاه سورية ، أقول لأن معلميها في تركيا وقطر ، بدّلوا مواقفهم ( أما لماذا بدل هؤلاء مواقفهم فتلك قصة أخرى .. فلأنهم أيقنوا أن سورية لن تسقط وأن سادتهم  هم من سيسقط في عالمٍ يتغير بسرعة ) ولأن موارد حماس نضبت ، ولم يبق من دعم ممكن صادق لها غير إيران .. وإيران لن تدعم حماس بوفرة دون التزامها نحو سورية ، إلتزاما ( يبدو هذه المرة لا رجعة عنه ولا خيانة أو هكذا يفترض) .
أي أن موقف حماس في استدارتها هذه ، ليست وليدة القناعة وإنما وليدة الضرورة وخذلان ( الحليفين) الإخونيين لها أنقرة والدوحة، والتحولات الدولية الكبرى .  
7 ـ في أعقاب هبة نيسان في الأردن عام 1989 ، وظهور بوادر شارع جديد في الأردن ، وصدور قانون أحزاب معقول مطلع التسعينات، (تم التراجع عنه لاحقا )، تآلف إخوان الأردن مع الأحزاب القومية واليسارية الأردنية ، مشكلين معهم إئتلافاً معارضاً ، ونسوا قرابة 4 عقود من التآلف الحميم مع النظام السياسي الأردني ، أصبحوا خلالها أقوى قوة سياسية وإقتصادية وإجتماعية وتعليمية خاصة منظمة ،  وعندما تولى الإخونيين الحكم في المغرب وتونس ومصر ، سرعان ما تخلى إخوان الأردن عن حلفائهم الجدد،فضلا عن قطع خطوطهم مع الدولة التي رعتهم واحتضنتهم عقوداً ، واستقووا.

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=48&id=107842