الرئيسية  /  كتاب وآراء

الحرب القانونية.. اثنتا عشرة نقطة يجب أن يعرفها كل سوري حول قضية الطبيب المعتقل تعسفياً في ألمانيا علاء موسى


دام برس : الحرب القانونية.. اثنتا عشرة نقطة يجب أن يعرفها كل سوري حول قضية الطبيب المعتقل تعسفياً في ألمانيا علاء موسى

دام برس :
علاء موسى ابن منطقة الحواش في وادي النضارة السورية طبيب اختصاص جراحة عظمية، كأي طبيب سوري تميز في دراسته، وتعلم في جامعاتنا، وتدرب في مشافينا التي خرجت قبل الحرب وبعدها مئات آلاف الأطباء الذين بروا بقسمهم، وملؤوا آفاق الأرض بعلمهم ومهنيتهم وإنسانيتهم، ثم عملوا في الوطن أو سافروا يبحثون عن آفاق أخرى في العلم والحياة، وليس للمصادفة يعتبر الأطباء في ألمانيا فخر السوريين، والشريحة الأكثر تميزاَ عبر عقود طوباة.. حيث وصلوا إلى أعلى المراتب العلمية والإدارية في المشافي الألمانية وأثبتوا جدارتهم العلمية والأخلاقية ومنهم د. علاء بشهادة حتى المشفى التي عمل بها في ألمانيا قبل اعتقاله التعسفي بتهم لفقها شهود زور من الإخوان المسلمين والتنظيمات التكفيرية المتشددة انتقاماً منه.

2- شهود الزور الأساسيون المعتمدون في الاتهامات التي ساقها الإدعاء العام الألماني ضد د. علاء هما الطبيبان محمد وهبي من الحصن (تم نشر  تفاصيل ارتباطه وعلاقته بالإرهاب، بل ودفاعه عن تلك العلاقة مع أحد التنظيمات المصنفة إرهابياً حتى في ألمانيا "هيئة تحرير الشام" وقد تم نشر فيديوهات ومنشورات تثبت خلفيته التكفيرية وصلته بأشد التنظيمات تطرفاً في سورية يمكن متابعتها عبر الهاشتاغ أعلاه. الطبيب الآخر هو معاذ الغجر من قرية التح في ريف إدلب الذي ينتمي إلى عائلة يشكل أبناؤها هم الصف القيادي في تنظيم هيئة تحرير الشام، وهو كان في عمله الطبي - ولاحقاَ في عمله اللإنساني في الهلال الأحمر القطري يمول ويدعم ذلك التنظيم، وسبق له أن صرح على صفحته بتلك العلاقة قبل ان يحذف كل ما يمت لها تحضراً لشهادة الزور ضد د. علاء في القضية التي تمولها وترعاها دويلة قطر عن طريق قناة الجزيرة.

3- من يتابع تفاصيل مسخ المحاكمة يعرف أن قناة الجزيرة بالتعاون مع صحيفة دير شبيغل الألمانية التي تعتبر رأس الحربة في الآلة الدعائية ضد سورية أدارت ولا تزال عملية تكريس الإدانة الإعلامية ضد علاء بشهادات ملفقة عن طريق أنور البني وميسون ييرقدار ومراكز ممولة وشهود تم شراؤهم لغاية دعم تحويل التهم الموجهة ضد د. علاء من مجرد تهم جنائية فردية (حتى لو كانت كاذبة وملفقة لا يمكن النظر بها قانوناً في ألمانيا) إلى قضية تعذيب ممنهج وإبادة جماعية يمارسها فرد. وهذا هو لب وجوهر القضية وسبب حشد كل ذلك العدد من شهود الزور، والهدف هو وضع القضية تحت الولاية القضائية العالمية لألمانيا.

4- مبدأ "الولاية القضائية العالمية" مبدأ غير منصوص عليه بشكل دقيق في القانون الدولي، وغير متفق على آليات استخدامه دولياً، والمختصون في العلاقات الدولية يعرفون أن هذا المبدأ الذي جرت سجالات كثيرة حوله في الأمم المتحدة تم سنه ويتم محاولات تكريسه الآن في الغرب للالتفاف على استعصاء عملية استخدام محكمة العدل الدولية - أعلى جهة قضائية في الأمم المتحدة إلى منصة مسيسة للغرب ضد الدول التي تتطلع إلى ممارسة سيادتها. وما يجري اليوم ينتهك أبسط المبادئ والأعراف الدولية ومنها مبدأ السيادة المتساوية، وأن لا سيادة لند على نده par in parem non habet imperium.

5- ألمانيا نفسها منذ أيام انتصرت على إيطاليا في قضية استمر السجال بها سنوات تتعلق بفتح إيطاليا محاكمها ضد ضخايا الحقبة النازية من الطليان واليونانيين بحجة انتهاك ما تقوم به إيطاليا ومحاكمها للحصانة السيادية الألمانية. والحصانة السيادية مبدأ مختلف عن الولاية القضائية العالمية المعتمد في العديد من الدول الغربية، لكنه يتصل به جداً في تفاصيل كثيرة يطول شرحها، وسيتم الوقوف عندها لاحقاً.

6- محاكمة الطبيب البريء علاء موسى التي تتم تحت مبدأ الولاية القضائية العالمية، وقبلها محاكمة كوبلنز وغيرها من المحاكمات التي تمت وتتم في الغرب بقضايا تتعلق بسوريين تجري طبعاً بطريقة انتقائية ولأغراض سياسية عليا، دون أي أساس تعاهدي بين دول ذات سيادة. لكن ما يميز قضية علاء أن البراءة التي هي حقيقة واقعية يعرفها كل من يعرف د. علاء، وكل من يتابع عن قرب تفاصيل المحكمة وردات فعل القاضي على شهود زور فشلوا في أداء أدوارهم ستصب إن تمت - وهو ما نتمنى ان يتم - لصالح تكريس موضوعية المحكمة ونزاهتها وولايتها، في الوقت الذي هي واقعياً أكبر إدانة لمحكمة ليست ذات اختصاص، ولا ولاية لاعتقال إنسان مظلوم لمدة عامين، وتحطيم مستقبله، وتشويه صورته.

7- في الجلسات الأخيرة فقط، وبعد أن اكتشف قاضي المحكمة الخروقات الإجرائية، والسلوك المفضوح للإدعاء ومحاميي الإدعاء لناحية تلقين شهود الزور (ومنهم الشاهد عادل ك.) وتسريب محاضر وتفاصيل جلسات سابقة للشاهد، فطن القاضي إلى التقليل من تدخل الإعلام في القضية، لكن ما جرى من تشويه إعلامي شاركت به كبريات وسائل الإعلام الألمانية لصورة د. علاء، كان سبق إجراءات القاضي الذي عبر عن استيائه من ذلك السلوك ورفضه لما تم في محكمة كوبلنز، لكن دون أي إجراء حقيقي من قبله بحق من قاموا ولا يزالون بتلك العملية الإعلامية الممنهجة والموجهة، لغايات بعيدة كل البعد عن غاية العدالة.

8- - معضلة المحكمة الأساسية تكمن في أنها تريد أن تقدم نفسها كمحكمة نزيهة ومنزهة عن التسييس، لكنها تتجاوز أن سورية دولة ذات سيادة، وهي عضو مؤسس في الأمم المتحدة، وبالتالي فإن التشكيك في صدقية الوثائق، واستخدام تعابير من قبيل "النظام السوري"، "نظام الأسد"، "سفارة النظام" لا مكان لها إجرائياَ وقانونياً.. وهذا ما تم انتهاكه في كل ما ذهب إليه الادعاء.

9- ممارسة الولاية القضائية العالمية في القضايا المتعلقة بالقرصنة والمسائل المتصلة بالإبادة الجماعية والتعذيب وجرائم الحرب وغيرها تنطلق من مبدأ جميل ومتفق عليه وهو عدم إفلات المجرمين من العقاب، ولذلك فإن المحاكم الغربية تركز اليوم على توسيع ولايتها في النظر بقضايا تتعلق بأفراد (وليس دول وشخصيات ذات حصانة) يقطنون على أرضهم. لكن المحاكم الألمانية والبريطانية والفرنسية التي انهارت فيها محاكم ضد إرهابيين غربيين قاتلوا مع "د. ا. ع. ش" بسبب انكشاف دور استخبارات تلك الدول فيها (تم إيراد أمثلة سابقاً) تثبت الانتقائية في موضوع العدالة.. وتبرهن على انتفاء جدارة تلك الدول ونزاهتها في ممارسة الولاية القضائية العالمية.

10- سواء كان حكم المحكمة البراءة التامة للطبيب علاء (وهو ما يجب)، أو الحكم بأحكام تحتسب منها ضمناً مدة اعتقاله التعسفي لعامين حتى الآن، أو الإدانة والحكم بأحكام ظالمة والإمعان في انتهاك معايير العدالة الحقيقية فإن كل ذلك لا يغير في حقيقة أن المحكمة ليست ذات صفة، ولا اختصاص، ولا ولاية على هذه القضية التي ليس فيها قرينة أو دليل واحد ضد الطبيب علاء سوى شهادات زور لهم مصلحة في الانتقام منه لأسباب سياسية وطائفية يجهرون بها.

11- يصل الهزل في المحكمة إلى حد أن يسأل القاضي السؤال التالي للدكتور علاء: لو فرضنا أن الطبيب الشاهد محمد وهبي هو متطرف، ويعمل مع تنظيمات إرهابية، وله ثأر شخصي معك كيف تفسر أن يجتمع كل هؤلاء ضدك (في إشارة إلى تعدد شهود الزور والتهم التي بلغت 18)، متجاهلاً ذلك القاضي أنه يسأل عن شاهد اعتمد الادعاء على شهادته بشكل أساسي، وهو كان جاهر في صلته مع تنظيمات إرهابية مصنفة حتى في ألمانيا قبل وبعد المحكم (قال في تصريح لقناة أورينت رداً على مضر ابراهيم إن الطبيب حسين سليمان أبو ريان - القيادي في تنظيم أحرار الشام المصنف إرهابياً في ألمانيا - كان زميلاً له بكلية الطب بجامعة حلب وخريج دفعته أيضاً، ويعقب :"كل من قاتل النظام أنا أترحم عليه"، مشيراً إلى التضامن الواسع من قبل الأوساط الثورية مع مقتل "أبو ريان" في حينه، حيث عنون المتظاهرون أول جمعة في العام 2014، باسم "جمعة الشهيد أبو ريان ضحية الغدر". ويشير وهبي إلى أن حركة "أحرار الشام" لم تكن حينئذ مصنفة على لوائح "الإرهاب" الألمانية أساساً، وهي من فصائل "الجيش الحر".
.. ويتجاهل القاضي كذلك أن ما تبقى من الشهود إما لم يأتوا، أو تكشف للقاضي نفسه صلة الادعاء في تلقينهم شهاداتهم، وتسريب شهادات أخرى لهم وأن زيادة عددهم هو فقط لكي تستطيع المحكمة النظر بالقضية وفق الولاية القضائية العالمية.

12- ما ينبغي أن يعرفه كل سوري اليوم سواء كان في دول الغرب أو غيرها من الدول التي انخرطت في عدائها للدولة السورية أن ما يحصل لعلاء موسى الطبيب الخلوق الذي لم يكن منشغلاً بالعمل السياسي أو الميداني أو الوطني العام إلا بما تعب به على نفسه واختصاصه وتأهيله العلمي قد يتكرر، وقد يحصل لاحقاً معه، أو مع من يخصه متى توفر حاقدون وكاذبون وحاملو الأحقاد تجاه كل من ينتمي لدولته (وهم ليسوا قلة)، وأن مبدأ الولاية القضائية العالمية الذي يمارس اليوم في ألمانيا - وغداَ في فرنسا وغيرها من الدول - بكل هذه الخفة والانتقائية والتسييس والابتعاد عن أبسط قواعد المحاكمات ليس سوى وجه آخر جديد من وجوه الحرب على الدولة السورية والشعب السوري. كل ما يلزم شهود زور، وولاية قضائية تتكرس يوماً بعد يوم.. أما الأدلة والقرائن فلا حاجة لها.

مضر ابراهيم

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=48&id=106739