الرئيسية  /  كتاب وآراء

سيف خالد بن الوليد بدولارين .. عن تفجير العقل وتفجير الكعبة.. بقلم: نارام سرجون


دام برس : سيف خالد بن الوليد بدولارين .. عن تفجير العقل وتفجير الكعبة.. بقلم: نارام سرجون

دام برس :
سيبقى العقل هو غايتي ومقصد رحلتي .. ففيه اما ان يسكن الله او يسكن الشيطان .. وفيه يتقرر ان يكون حامله انسانا او حيوانا او شيئا جامدا .. واذا كان الله قد جعل من الماء كل شيء حي .. فان عقل الانسان هو الماء الذي يجعل الروح حية والجسد حيا لايموت .. واذا مانضب العقل مات جسده وماتت روحه .. ان مات العقل مات كل شيء .. وان ركد كما يركد الماء الحبيس تعفن وصار كالمستنقع .. ولذلك اياك أن تحس بالملل او السأم كلما طرقت باب عقلك بالرعد والبرق عله يمطر أفكارا وعبقرية وخلاصا .. واياك ان تصل الى القنوط او اليأس كلما تكررت العناوين والكتب التي تسدد على العقل .. فمن العقل كل شيء حي .. منه تأتي الهزيمة والفناء ومنه يأتي النصر والبقاء ..
هل كنا نحتاج الى هذه الرجة التي أحدثها جورج قرداحي كي ندرك ان العالم العربي تعرض الى رجة كبيرة في الوعي .. ؟؟ ان مقدار الهزة العنيفة التي اجتاحت الجسد العربي منذ سقوط بغداد مذهلة .. لكن هذه الخضة العنيفة في العقل العربي أظهرت ان هذا العقل تعرض لشيء رهيب هائل لم يعرف له مثيل على وجه الارض منذ هيروشيما .. وانه عبوة ديناميت انفجرت بعنف ونثرت أشلاءه على جدران الكعبة .. وهي أعمق رجة في وعي اي حضارة او أمة .. وقد ظهرت بوادرها في الربيع العربي .. والدليل على تفجر العقل ان الشعوب العربية لم تنفعل لاهداء القدس لاسرائيل ولم يسمع عواء مؤسساتهم الرسمية .. والعرب يرون ان النبي محمدا يحاكم كل يوم على صفحات الجرائد الغربية التي تصف دينهم بانه دين عبثي ولكن جميع مثقفي العرب وفنانيهم وكتابهم وائمتهم يتعبدون تحت برج خليفة وكأنه غار حراء وجميع سياسييهم بمن فيهم المؤمنون منهم والمصلون وذوو اللحى يسعون بين لندن وباريس كأنهما الصفا والمروة .. هؤلاء العرب الذين ذبح نصفهم بالكامل في العراق وفي سورية وليبيا واليمن لم يهتزوا ويفتلوا شواربهم ويشهروا سيوفهم الا عندما قال لهم وزير لبناني شواربكم شعث ورجولتكم عبث ..

عملية تفجير العقل العربي بدأت بسقوط بغداد حيث زرع الديناميت وتحول رأس كل عربي الى عبوة ناسفة يحملها فوق كتفيه وهو لايدري .. وتم ضغط زر التفجير في الربيع العربي الذي غطت سحابته السوداء كل المشرق العربي .. واليوم بدأ المطر النووي يتساقط علينا .. رذاذ العقل ودهنه ينهمر من السحابة السوداء .. الذي وصل الى جدران الكعبة والتصق عليها .. وعندما يصل رذاذ العقل المتفجر الى الكعبة فانه يعني أن الكعبة نفسها ستتفجر .. لأن من يحمي الكعبة كان العقل .. ومن سيفجرها هو ذات العقل الذي تفجر اليوم ..
أعتقد اننا صرنا نتفق جميعا ان هذا الجيل العربي هو أسوأ جيل وأردأ محصول وأنه جيل مريض بقلة العقل والشيزوفرينيا .. يريد ان يحمي دينه ويحي دينه بقتل نفسه .. ودمر ماانجزه اباؤه في مئة سنة خلال خمس سنوات .. والسبب هو افساد العقل العربي بمنعه من التحرك مع العلوم وحبسه في الديانات .. وانتشار الديدان والحشرات والجرذان في أرضنا ومياهنا .. وأقصد المتثاقفين واصحاب الالقاب والجوائز الضخمة .. وتولى النفط العربي تغذيتهم .. فهؤلاء ليسوا مثقفين ولامفكرين .. فأسماؤهم المضخمة هي شحوم وأورام وحقن نفطية .. ولكن تم اطلاق الصفة الفكرية عليهم .. وطبعا حل هؤلاء محل النخب الحقيقية وانتشروا بيننا ودخلوا من شبابيك التلفزيون .. ومن جحور الانترنت .. ولم يعد يمكن اخراجهم .. فالجرذان عششت وفرخت وانتشرت في البيوت … وصارت تقضم الكتب العظيمة والأسماء العظيمة .. وصرنا بين عشية وضحاها بلا كتب ولا مفكرين .. فسقط الجاحظ وصار فيصل القاسم هو جاحظ العرب الذي يخطب في البيان والتبيين .. وسقط ابن سينا وصار مارسيل غانم طبيب العرب وفيلسوفهم .. وانتهى العملاق انطون سعادة الذي كتب عن نشوء الامم وخرج بدلا عنه شامير جعجع الذي لم يكتب حتى مقالا واحدا في حياته .. وانتهى عصر جمال الدين الافغاني وحل محله عصر عمرو أديب .. اي ان ينابيع العقل قد جفت تماما ولم يبق فيه الا الديدان والطفيليات وبعوض المستنقعات ..

العدو قام بتربية الحشرات والديدان والجرذان واطلقها على مواسمنا التي بقينا نزرعها ونربيها ونسقيها مئة سنة .. فأتلفت مواسمنا وزرعنا وحصادنا .. ولم يبق حتى التبن للدواب .. ان عملية انتاج العقل العربي وصناعته وبرمجته انتقلت من ايدينا الى أيدي غيرنا .. أخشى ان قلت بأن هذه العبوة من الديناميت المسماة عقل الانسان العربي لايقدر اي مهندس متفجرات على ابطال مفعولها وهي مبرمجة كالقنبلة الموقوتة .. لأن أسلاك التفجير في الرأس والقلب ولايقدر على فتح الرؤوس الفولاذية والقلوب واجراء العمليات المعقدة سوى الفلاسفة والمفكرين العباقرة وأطباء النفس .. وفي أزمة وجودية عميقة جدا يجب ان تنتج الامة عباقرة ومفكرين وعقولا جبارة من وزن هيغل ونيتشه وايمانويل كانط وابن رشد ومدارس فلسفية كبيرة ..

كي ننقذ هذا الشرق يجب ان نبحث عن العقول العظيمة التي همشها عصر النفط وعصر شيوخ النفط .. فهناك عقول جبارة بيننا ولكن تحتاج الى من يظهرها ويزيح التجاهل عنها .. لأنها الترياق والكنز والمنقذ والمخلص قبل الدولار وقبل التكنولوجيا .. فهذا الشرق تعفنت فيه الثقافة وتعفنت فيه القلوب النتنة .. وصارت الكرامة العربية بطلة من بطلات البورنو والاباحية .. تثور اليوم من أجل العبث ونراها كل يوم في عرض مقزز مع شخص جديد وزعيم جديد .. تعرض حلماتها للقضم ..بل لقد أثبتت التجربة العربية الاخيرة ان ايمانويل كانط كان محقا جدا عندما اعتبر ان الاخلاق هي التي توصل حتما الى صنع الدين او انتاج سلوك صالح اما الدين فانه لاينتج الأخلاق .. لأن أخلاق الانبياء هي التي بدأت وظهرت قبل رسائلهم ..

اليوم وفي غياب العظماء من المفكرين وحراس العقل .. لم تعد خيمة ليلى العامرية هي التي يدخل عليها الامريكيون ويفضون بكارتها .. ولم تعد الفضيحة ان أبناء القحبة يقفون خلف الابواب يسمعون صوت فض بكارة أختهم فلسطين .. بل صار الامريكيون اليوم يرابطون في خيمة السيدة عائشة بحجة ان عليا يريد اختطافها وصارت حماية عمر بن الخطاب من اختصاص بلاك ووتر الامريكية وهو الذي نام قرير العين من غير حارس خمسة عشر قرنا .. والامريكيون ذاتهم يعرضون على شركات الفنادق ان تستأجر الكعبة لتصبح فندقا لتتزوج فيه مادونا على سنة الله ورسوله حيث سيدعى العرب للرقص في عرسها جميعا .. فيما العرب الثرثارون يشهرون السيوف على العرب الثرثارين .. والمثقفون العرب لاهون في فنادق دبي ويتعبدون في برج خليفة ويقدمون في ظله المقدس القرابين .. ويشربون الشيشة في ساحات الدوحة بنكهة الدم ومذاق الكراهية وطعم الخوف ..

مريع ومخيف صمت المثقفين العرب وصمت الشعر وصمت الدواوين وصمت الرسامين وصمت الكتاب وصمت الحناجر على هذا الابتزاز وهذا القيء وهذا الاذلال وهذه الرغبة في ان “ينكح” شعب لبنان كله في مضارب آل سعود من اجل ان يأكل .. والغريب ان المنكوح يريد ان يرى الجميع منكوحا مثله ..
اعلموا انه بصمت كل من يمسك قلما يكتب بالعربية عن هذا الاذلال وهذا الهذيان فقد صمت القرآن وصمتت الأحاديث .. واختبأ عنترة وتبول في ثيابه على نفسه ..
مريع هو صمت القرآن ومخيف خوف القرآن من ان يتكلم .. ومعيب ان يصاب القرآن بالخوف والرعب في وجه أبي جهل .. ومذلّ جدا ان يقف القرآن حارسا على باب خيبر ينتظر ليبارز عليا قبل ان يخلعه .. ومضحك جدا صمت ابي هريرة وصمت البخاري ومسلم على اذلال المسلمين وتشتيت شملهم وكأنهما ضيفان على فيسبوك مارك زوكيربيرغ ويخافان ان يحظرا .. كم هو صادم ان يهرب خالد بن الوليد من ذاكرتنا ويختبئ مثل توم وجيري في المطبخ خوفا من وضع اسمه على قائمة العقوبات الامريكية .. وأن يبيع سيفه المسلول بقطعة كاتوه او سندويشة همبرغر او بنصف دولار ..
كيف صمتت المآذن وصمتت المساجد وصمتت قبور الصحابة التي كانت تهدر مثل الدبابات في الحروب المذهبية؟؟ .. اين هي حناجر المآذن؟؟ هل قطعت أعناق المآذن أم ذبحت من الوريد الى الوريد؟ .. وماذا يأكل مثقفو العرب حتى صاروا مخنثين وكانهم يشربون هرمونات الانوثة .. وصاروا نباحين ونقاقين وكأنهم يحقنون بهرمونات الكلاب وهرمونات الضفادع .. وأي حشيش يتعاطونه حتى صاروا أصناما؟؟
نحن لم تفاجئنا الهستيريا السعودية والخليجية على كل من يعترض على الحروب العبثية .. بل فاجأنا مئات العرب الذين تسابقوا وتدافعوا وتنافخوا وهم يطلعون من بين أكوام الاحذية .. مثل صغار السلاحف التي تهرول الى البحر .. ومثل قطعان الجرذان ..
 
تخيلوا أن كل هذه السعودية وكل خليجها لم يجرؤا على الرد على اردوغان الذي نشر عرض الأسر المالكة الخليجية ووضع عنق محمد بن سلمان على حد المقصلة لاعدامه في محكمة الجنايات الدولية الى يوم الدين .. وجعل العالم كله يرى الأسر المالكة العربية مثل كلاب الصحراء التي تنهش في جسد بعير حي هو الخاشقجي التي قيل ان اردوغان أرسل لزعماء العالم شريطا مصورا بالصوت والصورة من قلب السفارة السعودية وفيه يتم نشر الخاشجقي وهو لم يفارق الحياة بعد .. وصمت الخليج كله وكأن على رأسه الطير .. ولم يبرز اي من أصنامه ليطلب طرد سفير تركيا او ليستدعي سفيرا من تركيا او ليسحب الشركات التركية من الخليج .. ولم يستأسد السعوديون وينفخوا عضلاتهم النفطية والمالية بل دفعوا الجزية للأتراك وللامريكان .. ولم يظهر عمرو اديب وهو يعوي وينبح على تركيا رغم ان تركيا عدوة لمصر .. وطلبت السعودية من جميع اعلاميي العرب الذين يقبضون من الخليج ان يقطعوا ألسنتهم وان يتوقفوا عن التبول .. فقطعوا ألسنتهم وقطعوا نسلهم وتوقفوا حتى عن التبول ..
مايحدث من انتشار للعار ومن فجور في الخيانة العلنية وقطع الألسنة والترويع الاعلامي والتطبيع الفاجر .. سببه ليس ان اللغة نضبت .. وأن الملل والتعب تسرب الى النفوس .. وان السيوف صدئت .. وأن الكلمات شاخت .. وان فلسطين هرمت .. وأن الكرامة صارت دقة قديمة وبضاعة متاحف وتراث .. بل سببه ان من عليه ان يسقي العقول لتبقى حية وليبقى ماؤها فياضا قد صار يبدل بول البعير بالماء القراح ويشربه ويسقي الناس منه .. وصار من يجب ان يصنع من اللغة سيوفا يصنع منها قلائد ومجوهرات وحدوات لخيول السباق او يعلقها في أعناق الامراء والاميرلات والأثرياء والثريات .. ويصنع من الشعر جلودا لأحذية الملوك والشيوخ ..

ولكن هل تريدون ان تشربوا عقولكم الماء القراح ؟؟ الماء القراح في كل مكان فيه فطرة انسانية .. الكرامة الانسانية هي الفطرة .. والوطنية هي الفطرة .. فيما ان الواقعية والبراغماتية هي الدخيل لقتل الكرامات .. والخيانة ستبقى خيانة مهما ارتدت من وجهات النظر.. والبغاء السياسي سيبقى بغاء كبغاء الجنس لافرق بينهما على الاطلاق .. والاستقلال سيبقى هو الاستقلال .. والشهادة هي الشهادة .. والشجاعة هي الشجاعة .. والابطال هم الابطال .. والصدق هو الصدق .. والكبرياء هي الكبرياء .. والموت في أمر عظيم سيبقى موتا في أمر عظيم .. والشرف هو الشرف .. والانسان هو الانسان .. ومحمد العظيم هو محمد العظيم .. والمسيح الفدائي هو المسيح الفدائي مهما غيرته دعاية الصهيونية .. وحروف اللغة والكتابة والقراءة وكل رسالاتنا التي خرجت من سورية لن تتغير مهما كانت عواصف الرمال وعواصف رعاة البقر … وسورية الكبرى هي سورية الكبرى .. التي تخزن ماء الشرق كله .. وماء الشرف كله .. وكل من لم يشرب الماء من هنا لن يعرف الا الظمأ والجفاف .. في عقله وروحه .. وسيبقى شيئا او جمادا .. نوعا من انواع المخلوقات الدنيا.

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=48&id=104710