الرئيسية  /  كتاب وآراء

روسيا والكيان.. ترتيب الأوراق والأولويات.. وسورية المحور.. بقلم: الدكتورة هالة الأسعد


دام برس : روسيا والكيان.. ترتيب الأوراق والأولويات.. وسورية المحور.. بقلم: الدكتورة هالة الأسعد

دام برس :

يبدو أن زيارة نفتالي بينيت الصهيوني اليميني المتديّن إلى الولايات المتحدة وقيلولة رأس الأفعى الأمريكي جو بايدن التي أحرجت رئيس حكومة الكيان الجديد المفعم بالحقد والكره والذي يحمل أحلاماً ورديةً تلمودية في مخيلته، ونشاط الدفاعات السورية التي أظهرت فاعلية في صد الهجمات الصهيونية الليلية الجبانة جعلت الصهاينة يعيدون حساباتهم قليلاً ببرنامج عملهم، وبالحكومة البائسة التي عاد رئيسها من عند سيد البيت الأبيض بخفَّي حُنين تعاني اهتزازاتٍ داخليةً وغضباً شعبياً وفشلاً تلو فشل.

أما بايدن الذي لم يستوعب بعد حجم مصابه إبّان انسحاب قواته الخائبة من أفغانستان، وهو الذي يجري تحضيراته لتوقيع اتفاقٍ مع إيران، اضافة لما يدور في خفايا دهاليز السياسة الأمريكية حول الوجهة التالية للقوات الأمريكية، حيث لم يستطع تقديم شيء لبينيت سوى دعم سياسيّ إعلامي ولو تخللت جلستهما قيلولة قصيرة أحرجت الرجل وأغضبته.
أعاد بينيت ترتيب أوراقه وقرّر إرسال وزير خارجيته إلى روسيا حيث تجتمع خيوط اللعبة كلها هناك وسط ما يبدو أنه غيابٌ للأمريكيين وعدم رغبتهم بلعب أي دور هناك، فسورية لم تعد من أولويات أمريكا حالياً، أما بقاء الخطاب المعهود ضد إيران من قبل الأمريكيين والذي أصبح أقل تأثيراً وأكثر دبلوماسيةً من سابق عهدهم.

فتصريحات غريبة يطلقها وزير الخارجية الروسي يعلن فيها أن أمن إسرائيل من أهم أولويات بلاده في سورية ولن تقبل روسيا أن تكون أراضي سورية منطلقاً لعمليات عسكرية تستهدف الكيان ومستوطناته من قبل أي كان.

بالعودة إلى تاريخ الصراع السوري الإسرائيلي نستذكر كلمات قائدها الراحل حافظ الأسد الذي قال: “نحن لسنا هواة قتل وتدمير لكننا ندفع الموت عن أنفسنا” بهذه الكلمات القليلة حدد الرجل عنوان الصراع وأسبابه ومستقبله وأظهر بوضوح أن حرب السوريين مع الكيان هي للدفاع ورد الظلم وكيد المغتصب، وأن حالة الحرب لاتنهتي إلا بنهاية الطبيعة العدوانية والأطماع التوسعية لهذا الكيان المسخ وأن لسورية قيادةً وشعباً حق النضال والعمل في كل لحظة وبكل ما أوتيت من قوة لاستعادة أرضها المحتلة وجولانها السليب، وليس لكائنٍ من كان ثني سورية عن مواقفها المبدئية والثابتة في ضرب الكيان الغاصب في مقتله، وفي عمقه الاستراتيجي حتي يذعن للحق ويعيد الأرض لأصحابها ويكف أذرعه الخبيثة عن المساس بأمن سورية ومستقبل شعبها العظيم الذي كان مبدؤه وعقيدته التي اتخذها منهجاً حياتياً أن ما أُخِذ بالقوة لا يُستَرَدُ إلا بها.
و إذا كانت روسيا الصديقة لإسرائيل حريصة على أمن إسرائيل، فلتحلّ بعلاقاتها المميزة الخلاف من جذوره وتعيد لجبهة فلسطين المحتلة الشمالية الهدوء، وهذا الأمر يتطلب احترام حقوق سورية وشعبها باستعادة أراضيها المحتلة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، عندها فقط يمكن الحديث عن تهدئة بين سورية والكيان، أما ما خلا ذلك فهو تصريحات إعلامية لا تسمن ولا تغني من جوع.

إن دخول روسيا وإيران إلى سورية كان بموافقة الدولة السورية وطلبها وبشكل دستوري وقانوني، ويخضع لاتفاقياتٍ متبادلة تحكمها احترام السيادة والدستور وإرادة الشعب السوري، وتشترط على الحليفين التنسيق في كل صغيرة وكبيرة مع الجهات المختصة في الدولة السورية وهذا ما اثبتته الوقائع خلال سنوات من الحرب على سورية، وأما عن قلق المحتل الإسرائيلي فما هو إلا غضبٌ من تعزيز الجبهة الجنوبية لسورية، وشلّ للأطماع التوسعية لهذا الكيان الذي يطمح تحقيق المزيد من الأطماع مستغلاً انشغال الجيش السوري بمحاربة الإرهاب الذي يتعرض له الشعب السوري منذ عقدٍ من الزمن، وأما ادعاءات لابيد وحكومته الأخيرة ماهي إلا افتراءات وحديث السيد لافروف عن أمن الكيان لا يتعدى الكلام الدبلوماسي،و تطمينات للكيان المذعور في محاولة لجذبه نحو موسكو بعيداً عن واشنطن، لكن ما لفت هو عدم إدانته للخروقات الصهيونية الغادرة والمتكررة على اراضي الجمهورية العربية السورية، رغم أن هذه الغارات لا تخدم إلا الإرهاب الذي عاث فساداً في سورية، وعليه احترام سيادة الدولة،والكفّ عن الاستفزازات فإن للصبر حدود، فلن تقف سورية وحلفاؤها إلى الأبد مكتوفي الأيدي إزاء هذه الاستعراضات.
إن سورية ومنذ عقود تنتهج نهجاً قانونياً تحترم خلاله قوانين الشرعية الدولية وتسلك في كل شؤونها ومشاكلها المسالك الشرعية، وتلجأ في حل خصوماتها مع الدول إلى السبل الرسمية والقانونية، ولا يليق بها وبشعبها العظيم والعريق المتجذر بالتاريخ التصرفات الرعناء وسياسة العصابات التي تنتهجها مجموعة اللقطاء من الصهاينة الذين اجتمعوا في أرضٍ لم يعرفوها ولم يعرفها أجدادهم أهداها لهم انكليزيّ منافق في غفلة من العرب ووهنٍ من الأمة.

إن سورية بجيشها وقيادتها ومعها حليفها الإيراني تلتزم بالتنسيق على أعلى المستويات واحترام المواثيق الدولية، ويحتفظ السوريون في أي وقت وبأي ظرف بحقهم بالرد على انتهاكات هذا الكيان، وضربه في كل شبر ونقطة وساعة حتى خضوعه للقوانين، وإعادته للحقوق المسلوبة وعلى رأسها الجولان السوري المحتل، وأن سورية لم ولن تكون ساحةً وملعباً لقوى إقليمية أو مكاناً لتصفية الحسابات من أي طرف صديقاً كان أم عدواً، وأن هذا التصريح ينتقص من السيادة السورية ويسيء للدولة والشعب السوري، ولسورية كامل سلطتها على أراضيها التي ستكون، ولا يمكن التغاضي عن قلة احترام سيادتها فعلى الكيان الصهيوني،ومن يناصره أن يعوا جيداً أن سورية ستظل مصدر قلق وتهديد وعداوة للكيان، طالما بقي شبر من سورية سليباً بيد الصهاينة وينادي وطنه الأم، وكل سلاح مقاوم يخدم أهداف سورية في هذا الاتجاه مرحبٌ به ويلقى من شعب سورية وقيادتها كل المحبة والتأييد والاحترام، وأما ادعاءات لابيد وحكومته فما هي إلا ألاعيب سياسية سخيفة اعتادها هذا الكيان الغاصب لإظهاره ضحيةً مستهدفةً تدافع عن نفسها.

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=48&id=104528