الرئيسية  /  كتاب وآراء

أمريكا على حافة الهاوية الإقتصادية .. بقلم: مصطفى السعيد


دام برس : أمريكا على حافة الهاوية الإقتصادية .. بقلم: مصطفى السعيد

دام برس :
يقف العالم على أطراف أصابعه وهو يراقب مناقشات الكونجرس الأمريكي لأخطر حدث سيؤثر على إقتصاديات العالم كله، وانقسام أعضاء الكونجرس حول خيارين كلاهما مر، الأول هو رفض طلب الرئيس الأمريكي جو بايدن رفع سقف الإستدانة، التي تلامس الحد الأقصى المسموح به، وهو 28 ترليون و400 مليار دولار، ويرى الرافضون لفتح باب الإستدانة مجددا إلى مخاطر جسيمة ستلحق بالإقتصاد الأمريكي، فالسقف الآمن وفقا للمؤسسات المالية وخبراء الإقتصاد لا يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي السنوي، والبالغ 19 ترليون دولار، رغم تشكيك الكثيرين أن ناتج الولايات المتحدة يتجاوز 15 ترليون دولار سنويا، وإذا افترضنا صحة الرقم المعلن عن الناتج الأمريكي فإن الديون تجاوزت هذ الحد بكثير، وبلغت 150% من الناتج المحلي السنوي المعلن، ولهذا يطالب قسم كبير من أعضاء الكونجرس يضم الجمهوريين وعددا من الديمقراطيين بأن رفع سقف الإستدانة بلغ مرحلة خطيرة، وعلى الإدارة الأمريكية اتخاذ مجموعة من الإجراءات للحد من الإنفاق الحكومي، وإعادة هيكلة الإقتصاد ليتمكن من التعافي، لكن هذا الطرح يحتاج إلى وقت، حتى لو وافقت عليه إدارة الرئيس بايدن، كما أنه غير قابل للتنفيذ في ظل استمرار تراجع النمو وتداعيات تفشي وباء كورونا، الذي لم تبرأ منه بعد، ولهذا لا ترى الإدارة الأمريكية إلا ضرورة موافقة الكونجرس على رفع سقف الإستدانة، وإلا فإن النتائج ستكون أخطر بكثير عندما تتخلف الولايات المتحدة عن سداد قسط واحد من ديونها، وهو أمر بات وشيكا، عندئذ ستحدث هزة عنيفة للإقتصاد الأمريكي ستتجاوز حدود الولايات المتحدة لتضرب العالم كله، فالتخلف عن سداد دين يتجاوز 28 ترليون دولار سيكون وقعها مروعا، وأبرز تداعياتها هي انهيار الثقة في الإقتصاد الأمريكي وعملتها الدولية، ومعها سيتعرض قطاع المصارف إلى هزة عنيفة، لا يمكن حساب كل تداعياتها الإقتصادية والسياسية والإجتماعية. وقال الرئيس بايدن لا يجب أن يضعنا الكونجرس على حافة هاوية بمثل هذه الخطورة، ولا وقت لمثل هذه الألاعيب، وقالت وزيرة الخزانة إن كل يوم يمر له تكلفته العالية، ويمكن إعادة تصنيف الديون الأمريكية بأنها لا تتمتع بالثقة الكافية، ما سيترتب عليه الإستنادة بفوائد عالية، ويمكن أن تقود الأمور إلى ما هو أسوأ بكثير.
إن مجرد طرح تساؤل بل دراسة الآثار التي يمكن أن تنجم عن إعلان الولايات المتحدة إفلاسها وتعثرها عن سداد ديونها الضخمة، والتي جرى رفع سقفها 78 مرة منذ عام 1960 لتتجاوز حد الخطر بمستويات قياسية تجعل العالم كله يشعر بالقلق، لكن بعض الخبراء يرون أنه سيكون الحل الوحيد إذا تعذر إعادة هيكلة الإقتصاد الأمريكي بسرعة، بدلا عن إدمانه الإقتراض، والإعتماد على طرح أذونات الخزانة وطباعة دولارات بلا غطاء أو إنتاج مناسب، وأن من شأن إعلان الإفلاس أن يمنح الولايات المتحدة فرصة للتعافي، فالإقلاس سوف يسقط عنها قسطا كبيرا من ديونها، وسيتراجع سعر الدولار، وسيكون انهيار الدولار له فائدة، لأن تكلفة الإنتاج ستقل، وإن كانت ستكون على حساب مستوى المعيشة لقطاع كبير من الأمريكيين. هذا الرأي يجري تداوله رغم خطورته على أكبر دولة في العالم، بل العالم كله بما فيها الصين المنافس الأول للولايات المتحدة، والتي لديها أذونات خزانة بنحو ترليوني دولار، وستفقد نسبة كبيرة من السوق الأمريكي عند تراجع الطلب، وانخفاض مستةى المعيشة، ولنا أن نتخيل تأثيره على أوروبا المرتبطة مع الإقتصاد الأمريكي بحبل سري، وسيعبر تسونامي الأزمة ضفة الأطلسي بسرعة ليضرب الإقتصاديات الأوروبية المريضة، عدا الإقتصاد الألماني الوحيد المتعافي، لهذا ليس أمام الكونجرس إلا رفع سقف المديونية، وإن كان مجرد دواء لتسكين الداء المستفحل لبعض الوقت.

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=48&id=104389