الرئيسية  /  كتاب وآراء

لماذا يتم هدر الكفاءات التخصصية بالمناصب الإدارية القيادية في المؤسسات السورية ؟ بقلم : الدكتور سامر حسين المصطفى


إننا اليوم نعيش نهضة التخصص البحت الذي نادى به تايلور منذ أكثر من مئة عام للنجاح في تحقيق الأهداف للمؤسسات والشركات , فكيف يمكن لنا اختيار الشخص المتخصص المناسب للمكان المناسب وفي الوقت المناسب ؟

يتم اليوم استثمار الكثير من المال والجهد في تأهيل الموارد البشرية كأفراد ويتخصص الشخص في مهنة ما مثل : الطب – الهندسة – الإحصاء والمحاسبة وغيره ........ ويمارس هذا الفرد المهنة التي تخصص بها لفترة من الزمن , ولكن ولأسباب متعددة تقوم كثير من الإدارات بالعمل على سحب هذا الفرد المتخصص من مجاله لتوليه إدارة الآخرين في مجال لا علاقة لتخصصه به دون أن يتم تمكينه من تحقيق المعرفة الإدارية ومتطلباتها , وبذلك نحجب الفرصة بشكل فعلي عمن هو متخصص في مجال الإدارة كعلم وفن , ونخلق فجوة بين المتخصص ومجال تخصصه وهنا نكون قد أهدرنا ما استثمر في هذا الشخص من جهد ومال , وقد يُعاد بعد فترة للعمل في مجال تخصصه وقد حرم من مواكبة ما طرأ من مستجدات في مجال تخصصه مما قد ينعكس سلباً على نفسيات المتخصص . فعلى سبيل المثال لا الحصر : نجد اليوم أغلب المشافي والمديريات الصحية في كل المحافظات السورية يتولاها أطباء لا يعرفون سوى تخصصهم الطبي ويزجون في مواقع إدارية لا علاقة لهم بها , مما يجعلهم عرضة للخطأ والصواب أو يصبحون موظفين لدى مرؤوسيهم نتيجة عدم تخصصهم بالإدارة وبجوانبها القانونية والمالية والبشرية وغيرها .

الواقع والمؤسف أن معظم الإدارات في الوزارات والمؤسسات التابعة لها لدينا في سورية بعيدة عن تطبيق أبسط المبادئ الإدارية وهو التخصص ونطلب منها أن تكون ناجحة بنفس الوقت في نشاطها , وطبعاً هذا لا يعني أن هناك بعض الأفراد غير المتخصصين في الإدارة هم ناجحين في مؤسساتهم , وكذلك لا يعني أن بعض الأفراد المتخصصين في الإدارة ربما فشلوا في إدارة بعض المؤسسات ولكن هذا يعد استثناء و القاعدة أن نعتمد على المتخصصين مهما كانت النتائج وكما يقول المثل العامي " أعطي خبزك للخباز ولو أكل نصفه " . خاصة وأن الخبرة التراكمية المكتسبة في الإدارة للمتخصصين فيها هي المطلوبة في مؤسساتنا وشركاتنا .
وأخيراً لابد أن نشير هنا إلى وجود مديرين غير متخصصين وأنهو خدماتهم الوظيفية , وما تزال إداراتهم العليا تمدد لهم أشهر وليس سنوات وكأن المؤسسة لا يوجد بها كفاءات أو متخصصين بالرغم من العدد الهائل من المتخرجين المتخصصين الذي قضوا سنوات في تلك المؤسسة , بالإضافة لوجود مئات المتخصصين في السوق السورية .

لذلك المطلوب من المؤسسات السورية لكي تنجح في تحقيق أهدافها في التنمية البشرية والتقدم أن تعيد النظر بشكل جدي في أسلوب اختيار الأشخاص لشغل المناصب الإدارية القيادية من خلال :
1- الاعتماد على المعيار المهني والتخصصي .
2- الثبات الوظيفي والتفرغ التام لمهام المنصب الإداري القيادي .
3- توفر الخبرة العلمية الإدارية التخصصية .
4- عدم ترك الخيار للرئيس المباشر وحده في عملية اختيار القيادات الإدارية .
5- العمل على تجنب الخلط والمزج بين المهن الإدارية والتخصصية لكي لا يترتب على ذلك تكلفة إضافية على موازنة الدولة أو المؤسسات أو الشركات أ وهدر في الطاقات البشرية لنتمكن من المنافسة ومواجهة تحديات المستقبل .
الدكتور سامر حسين المصطفى
جامعة دمشق - كلية الاقتصاد

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=48&id=10373