لم تمضِ 24 ساعة على قرار وزير النقل الدكتور فيصل عباس، المتعلق باعتماد نسبة نفاذية الضوء «فيميه» لجميع المركبات الآلية في سورية، حتى تم توقيفه من قبل الجهة التي أصدرته لأن القرار أثار تساؤلات عدة، في وقت نحتاج فيه إلى قرارات أخرى مغايرة أكثر جدية وإيجابية للناس، إضافة إلى ذلك بدأ بعض أصحاب المركبات باستغلال هذا القرار وبدء العمل، حسب ما يراه هو مناسباً، وهذا ما أثار حفيظة معظم الناس لاسيما النساء، لأن أصحاب المركبات العامة «التكسي» باشروا في تفييم سياراتهم، وهذا الإجراء أزعج النساء بشكل خاص، والسؤال: كيف صدر هذا القرار دون دراسة ووضع المعايير المتعلقة به والتعليمات الناظمة له؟!.

قيد التنفيذ
بداية سنعرض نص القرار، ثم مضمون الاتصالات التي وردت إلى الجريدة بهذا الخصوص، وما هي الحلول، ثم رأي وزارة النقل في ذلك، فالقرار يتضمن اعتماد نسبة نفاذية الضوء «فيميه» لكافة زجاج المركبات الآلية وفق المعايير التالية:
الزجاج الأمامي: يسمح بطبقة تظليل بما يعادل 4-6 إنشات على الزجاج الأمامي، وبعرض لا يتجاوز 15٪ من ارتفاع الزجاج، والنوافذ الجانبية الأمامية 70٪، والنوافذ الجانبية الخلفية 70٪ مع إمكانية التسامح بـ 5٪، والزجاج الخلفي 65٪ مع إمكانية التسامح بـ 5٪.
وتم إبلاغ كافة اللجان الفاحصة الموجودة في الأمانات الجمركية للتثبت مما ورد أعلاه عند تنظيم محاضر الفحص الفني للمركبات المراد وضعها بالاستهلاك المحلي، والمزودة بزجاج ملون وعلى مسؤوليتها، بالتنسيق مع باقي أعضاء اللجنة من الجمارك ومؤسسة التجارة الخارجية «انتهى القرار».
طبعاً القرار يطلب من اللجان الفاحصة التأكد من مطابقة النسب، لكن للأسف لا توجد في سورية أجهزة قياس لتلك النسب، وكل صاحب سيارة سيعمل على تفييم سيارته على هواه، ويقول: إن النسب متطابقة.
اتصالات تستفسر
بعد نشر هذا القرار وبدء العمل به، تلقينا عدة اتصالات من أصحاب مركبات خاصة وعامة، ومن العديد من النساء للاستفسار عن هذا القرار الغامض لهم، حيث طالب جميع من اتصلوا بعدم السماح للمركبات العامة «التكسي» بتفييم الزجاج مراعاة لشعور النساء، بسبب خوف البعض من ركوب سيارة عامة مفيمة، إضافة إلى ذلك يجب عدم السماح للسرافيس أيضاً العاملة ضمن المحافظات بعدم تفييم زجاجها، فهل تنظر وزارة النقل بهذه المطالب المحقة؟!.
وتساءل البعض: كيف يصدر مثل هذا القرار بالذات، وسورية تمر بظروف لا تتناسب مع هكذا قرارات؟!.
شهر ويطبق القرار
هذه التساؤلات حملناها إلى الجهة المعنية وهي وزارة النقل، حيث كان لنا اللقاء التالي مع الدكتور راجح سريع، معاون وزير النقل لشؤون النقل البري، الذي أوضح لنا سبب صدور وإيقاف القرار المذكور، فقال: إن قانون السير في سورية ينص على منع تركيب زجاج يحجب الرؤية من الخارج إلى الداخل وبالعكس، وبالتالي الحجب الكامل عما بداخل السيارة، وهذه المادة يجب الالتزام بها، لكن هناك مشكلة نشأت من الخلافات بشأن تطبيق هذه المادة على مفهوم عدم التمييز التي كانت قبل صدور هذا القرار، تعتمد على تقييم شخصي من قبل الجهات المعنية كلجان الحرم الجمركي وشرطة المرور والجهات المعنية الأخرى، من أجل وضع معايير رقمية للرجوع إلى ما هو معمول به في الدول الأوروبية وأمريكا، والاطلاع على أرقام وطرق القياس بها، ومن ثم تحدد هذه القيم.
وأشار سريع إلى أن هناك بلاغاً سابقاً صادراً عن وزارة الداخلية، يحدد بأن نسبة الفيميه يجب ألا تزيد عن 25٪، أي نفاذية الضوء المرئي يجب ألا تقل عن 75٪، وإن القيمة التي تم اعتمادها قريبة من هذا الرقم، فيما يتعلق بالزجاج الجانبي الأمامي، وثم السماح بحدود أعلى بقليل للزجاج الخلفي، والقرار الذي صدر يتضمن هذه القيم، لكن تنفيذه مرتبط باقتناء أجهزة قياس خاصة، لذلك تمت مراسلة وزارتي الداخلية والاقتصاد والتجارة لتشكيل لجنة بالتعاون مع وزارة النقل، من أجل وضع المواصفات الفنية للأجهزة التي تستخدم لقياس نسبة الفيميه من أجل اقتنائها، حيث ستوزع على مديريات النقل والحرم الجمركي وعناصر المرور، وعند اقتناء الأجهزة، سيتم تطبيق هذا القرار.
أما بخصوص موضوع إيقافه، فناتج عن فهم خاطىء من قبل بعض المواطنين بأن تطبيقه فوري، ولا يرتبط بوجود أجهزة قياس، لذلك أصدر السيد الوزير تعميماً لاحقاً أوقف تنفيذه. وتوقع سريع وصول الأجهزة الخاصة بالقياس خلال فترة قصيرة لا تتجاوز الشهر من تاريخه، لأنها أجهزة بسيطة ويدوية ومعتمدة عالمياً.
وقال الدكتور سريع: نرجو من جميع المواطنين عدم القيام بأي عمل مرتبط بهذا القرار، قبل صدور قرار ببدء التنفيذ واقتناء الأجهزة، وكل مخالفة ستتم إزالتها مباشرة.
كما نرجو من مستوردي السيارات، الاطلاع على القيم في القرار الذي صدر، واستيراد سياراتهم وفقاً لتلك القيم والنسب، والوزارة والجهات المعنية ستنظر بجميع الملاحظات المقدمة من المواطنين المتعلقة بهذا القرار، بالتعاون مع الجهات المعنية، وذلك قبل صدور قرار بدء التنفيذ، وستكون هناك خصوصية للسيارات العامة «التكسي»، وستدرس كل ما يحقق مصلحة المواطن.
أخيراً
بعد أن صدر القرار وبدأ أصحاب السيارات بتفييم زجاج سياراتهم وهم بالآلاف، والتفييم كان بنسب مختلفة، منها النافذ، ومنها غير النافذ للضوء والرؤية، من سيعوض لهؤلاء؟!.. والأكثر من ذلك كيف يصدر هكذا قرار دون وجود أهم عناصره ودون دراسة ولو مبدئية؟!.
ومع ذلك فالقرار صدر، على الرغم من ضعفه، لكن قوته تكمن في تقبله من قبل أصحاب السيارات الخاصة والمستورين، وهذا ما جعلهم يصبرون على جميع التعديلات التي تصب فيه.

أحمد زينة