دام برس :
موجة جديدة من اعتقال عناصر الشرطة في تركيا بتهمة التنصت على رئيس البلاد الحالي رجب طيب أردوغان حين شغله منصب رئيس الحكومة، 17 شرطياً آخرين يضافون إلى المعتقلين و الحجة التآمر على الدولة التركية و التخطيط لتأسيس منظمة إرهابية، و هي خطوات يتخذها أردوغان بحق أنصار الموالين للمعارض التركي فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، و هي الحملة التي بدأت إثر كشف ملفات فساد ذكر فيها اسم أردوغان مع وزراء و مقربين منه.
في شق آخر من الحدث التركي يقرأ الخلاف بين رئيس الجمهورية و رئيس الحكومة أحمد داود أوغلو المتمثل بمستوى الصلاحيات و الطريقة التي يتدخل فيها أردوغان في إدارة البلاد خارقاً الدستور التركي الذي ينص على إن الرئاسة منصب فخري و من يدير الدولة هو رئيس الحكومة، وعلى الرغم من إن أردوغان أورث أوغلو المنصب ليسيطر بذلك حزب العدالة و التنمية ذو التوجهات المتشدد دينياً و القريبة من الإخوان من ناحية الفكر إلا أن الأحلام السلطوية لأوغلو بدأت تطفو على السطح، وازدياد مستوى تدخل أردوغان في سياسة البلاد الداخلية و الخارجية بدأت تقلق رئيس الحكومة الذي ما زال وجوده في منصبه إلى الآن صورياً، فرئيس الحكومة الذي ادعى طويلاً الحفاظ على الدستور و الحريات في تركيا و محاربة الفساد، يقود تياراً من الفاسدين و يعمل على ترسيخ الفكرة حول نفسه من خلال اعتقال رجال شرطة بتهمة التنصت عليه، على الرغم من إن التنصت عملية قانونية من قبل الشرطة في أثناء التحقيق في الملفات الخطيرة و السرية وخاصة تلك التي تمس مسؤولي الدرجة الاولى في تركيا، فكيف لـ أردوغان تجاوز القانون و قلبه على منافسيه..؟.
لكن هذه الخلافات بين أردوغان و أوغلو لا تعني إن جوهر ما اتفق عليه بين الرجلين على الملفات الكبرى و طريقة التدخل و التعاطي التركي فيها قد أصبحت مثار خلاف بين الرجلين، فالحزب وبقاء سلطة العدالة و التمنية هو الهم الشاغل لكليهما، و البحث عن ترسيخ (إسلامية الدولة) هو الخط الذي يسير عليه العدالة و التمنية للإبقاء على سطوته سياسياً في البلاد من خلال التنسيق العالي مع ضباط الجيش التركي للبقاء في الثكانات و الابتعاد عن سياسة الدولة على غرار ما حدث مع نجم الدين أربكان الأب الروحي لكل من أردوغان و أوغلو حينما انقلب الجيش عليه و حل حزبه (حزب الرفاه و التنمية).
و يمول أردوغان هذه الفكرة من خلال علاقته بالتنظيمات المتشدد و التكفيرية في سوريا، فعلاقة التجار الأتراك بأردوغان و داعش وثيقو جداً، و تشرعن الموانئ التركية تصدير النفط المنهوب من مقدرات الدولتين السورية و العراقية إلى أوروبا و أمريكا، والغطاء السياسي من قبل المحور الأمريكي يؤمن لـ أردوغان الهامش الكافي لإبقاء هذه التجارة بعيدة عن الإعلام ليبقي على خرقه للقوانين الدولية و خاصة القرارت المتعلقة بتحريم التعامل مع التنظيمات الإرهابية بما فيها القرار الأخير الخاص بـ تجفيف منابع تمويل الإرهاب، و بما يبقي لـ حزب العدالة و التمنية الإبقاء على مجمل سياساته القمعية تجاه الخصوم السياسين و غلق ملفات الفساد المتعلقة بأردوغان بـ القوة.
عربي برس - محمود عبد اللطيف