دام برس :

عودة الصراع على المضائق البحرية الهامة في نقل الطاقة من الدول المصدرة إلى الأسواق العالمية باتت أكثر وضوحاً من خلال الأزمة اليمنية و طبيعة التعاطي معها من قبل الدول الخليجية التي تتهم إيران بالتدخل في الأزمة اليمنية لدعم الحوثيين، فيما تؤكد المعطيات إن كل من السعودية و قطر يدعمان كل خصوم الحوثيين الممثلين بجماعة أنصار الله في الداخل اليمني بما في ذلك الإخوان المسلمين عبر حزب الإصلاح المدعوم من قطر إضافة إلى تنظيم القاعدة في اليمن المرتبط بالمخابرات السعودية بشكل مباشر.

الإدارة الأمريكية ذات المصالح المشتركة و الأساسية مع الخليج هرولت نحو استقراء رأي حلفائها العرب و ممولي حروبه في المنطقة و العالم، و للخليج رأي بضرورة أخذ مواقف أكثر صرامة من قبل المجتمع الدولي بما في ذلك مجلس الأمن، و دولنة الأزمة اليمنية هدف من قبل الخليج للإبقاء على خطر إغلاق مضيق باب المندب بوجه القوافل النفطية نحو أوروبا بما يخلق أزمة قد تزيد من قوة إيران الاقتصادية، و التجربة التي ذاقها الخليجيون حينما جربت القوات الإيرانية إغلاق الخليج العربي في حال الحرب، أثبتت قدرة طهران العسكرية على التأثير في موازين القوى في المنطقة، و يدرك المعسكر الغربي تماماً مدى تأثير النفط في حسم أي من الملفات الدولية، فذاكرة حرب تشرين/أكتوبر من العام 1973 ما زالت حاضرة بكل الخيبات الصهيوأمريكية في ذلك التاريخ.

وزير الخارجية الأمريكي في اجتماعه مع وزراء كل من (البحرين وعمان وقطر والإمارات والسعودية والكويت)، سمع منهم ما يطرب أذن واشنطن حيال واحدة من أكثر الأزمات استراتيجية في كواليس البيت الأبيض، و التصعيد داخل اليمن بدء، فزعيم جماعة أنصار الله عبد الملك الحوثي خرج اليوم ليؤكد أن الشراكة مفتوحة أمام الجميع، و إن من يقصي نفسه عن العملية السياسية هو من يتحمل مسؤولية ذلك معتبراً أن من يحاول عرقلة العملية السياسية من خلال تعطيل الإعلان الدستوري الذي أقر يوم أمس و الذي يؤسس لإدراة المرحلة الانتقالية في اليمن من خلال مجلس رئاسي يكلف بإدراة شؤون البلاد، سيربك القوى الخليجية، بكون الحوثيون أعلنوا أنهم لن يقصوا أحد ولن يضعوا أحد في رأس السلطة وفق مزاجهم، لكن المزاج العام في اليمن بات أكثر تعقيداً بكون اليمن لا يحتمل وجود محورين، فإما المحور الأمريكي بمن يمثله من القوى السياسية في الداخل اليمني بما في ذلك الإخوان و القاعدة، أو الذهاب نحو التأصيل للحياة السياسية المعتدلة وفق منهج جامع للبلاد، و لا يهم من يديره بقدرما يهم أن يكون هذا الملف هو الأساس في نقاش أي حل سياسي.. لكن ماذا ستفعل أمريكا..؟.

سلاح العقوبات الاقتصادية سيكون حاضراً لأي شكل سلطوي داخل اليمن لا يعجب أمريكا و لا يهدأ من مخاوف الخليجيين، و اللعب هنا سيكون بطريق الضرب تحت الحزام و عض الأصابع بين القوى المتصارعة سياسياً ولا يستبعد أن تدعم أمريكا القاعدة على غرار "المعارضة المعتدلة في سوريا" ليكون المشهد فوضوياً بما يمنح واشنطن و حلفائها المزيد من الوقت، لكن هل تقوى الولايات المتحدة الأمريكية على خبرات محور المقاومة التي نقلت إلى اليمن عبر المشاورات و الحوارات التي تمت بين حزب الله في اليمن و جماعة أنصار الله كما أفاد السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله في آخر حواراته الصحفية..؟، ثم إلى أي تمضي الأزمة اليمنية و العالم أخذ بالتصعيد على الرغم من إن الخطوة الحوثية لم تبدأ بإقالة رئيس شرعي أو عزله قسراً، بل هي دعوة لملء فراغ قد يجر البلاد نحو الهاوية، وهذا ما رفضه الحوثيون، لكن على ما يبدو أن السعودية انسجمت مع فكرة الفراغ الرئاسي في لبنان، وتحاول أن توجد عبر أمريكا صيغة لطائف آخر يناسب اليمن.. و أمريكا سترحب بالفكرة قطعاً، فالتقسيمات الطائفية و تفعيل الصراعات المذهبية بين القوى السياسية في أي من الدول العربي فيما عدا الخليج فكرة مرحب بها خصوصاً في الدول ذات الموقع الاستراتيجي الهام، وعلى ذلك يبقى النفط في حسابات الخليج و أمريكا أهم من الدم العربي.

عربي برس