دام برس:
بلفور لم يكن رجلاً حقيراً كما درجنا على شتمه طوال الست والتسعون سنة الماضية، ولا نذلاً ولا منحازاً ولا أي من تلك الصفات البشعة.. حتى أنه ليس هو المسؤول عن ضياع فلسطين.. بلفور كان رجلاً ذكيّاً أراد التخلص من اليهود بشكل نهائي، ولا أقصد التخلص من وجودهم في أوروبا فقط إنما من وجودهم في العالم بأسره، فقرر أن يرسلهم إلى فلسطين أحد ثاني أقدس البقاع بالنسبة لنا نحن العرب ولسان حاله كان يقول: "إن العرب سيلتهمون الصهاينة على العشاء بعد العودة من بياراتهم.. لن يسكتوا على وجود إسرائيل فوق مقدساتهم.. العرب لن يسمحوا لإسرائيل بالعيش أكثر من عام.. لن يسمحوا لليهود بتدنيس أولى القبلتين.. العرب لن..". خذل العرب بلفور..!! كان الرجل يراهن زوجته أن اليهود لن يصمدوا أكثر من عام فوق تراب فلسطين.. لكن بلفور خسر الرهان، كان المسكين يعوّل على كتبٍ قرأها كُتب فيها ما دعي بـ"التاريخ العربي المشرف".. بلفور لم يعلم أن تاريخنا المشرف نصفه مزور والنصف الآخر مبالغ فيه.. صدقوني أن بلفور خسر بوعده أكثر مما خسرنا نحن.. بلفور خسر الرهان.. ولم يدرك حقيقة أن العرب بمذاهبهم وأديانهم وقصائدهم وسيوفهم ودبكاتهم وجيوشهم وحركاتهم ووو.. لن يستطيعوا إعطاء نملة كرامتها طوال ستٍ وتسعين عاماً ستلي الوعد المشؤوم..