دام برس
تحفظت امس كل من واشنطن وباريس ولندن بشكل صريح على القرار الذي اتخذته الجامعة العربية في القاهرة أول امس بالتوجه الى مجلس الامن الدولي لطلب إرسال قوات حفظ سلام عربية ودولية لحفظ السلام في سوريا. ورأت العواصم الغربية الثلاث أن القرار يواجه تحديات سياسية وعملية، وحرصت على النأي بنفسها عن احتمال مشاركتها في مثل هذه القوات، في الوقت الذي كانت فيه موسكو تعارض هذا القرار وتدعو الى العمل على وقف العنف في سوريا اولا، والضغط على المعارضة السورية للموافقة على التحاور مع النظام السوري.
وأعلنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أن واشنطن تدعم خطة الجامعة العربية لكنها ترى تحديات أمام إمكانية تمرير موضوع قوات حفظ السلام في مجلس الأمن، بسبب الدعم الروسي والصيني لدمشق.
وقالت، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرها التركي احمد داود اوغلو في واشنطن، «هناك الكثير من التحديات، التي يجب بحثها، حول كيفية تطبيق جميع توصياتهم (الجامعة العربية)، وبالتأكيد طلب قوات حفظ السلام أمر يحتاج إلى توافق وإجماع. لا نعلم ما إذا كان سيتم إقناع سوريا. لقد رفضوا، حتى اليوم، هذا الأمر».
.
وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير خارجية دولة الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان في موسكو، أن موسكو تدرس اقتراحاً للجامعة العربية بإرسال قوات حفظ السلام إلى سوريا، لكن موسكو ترى أن وقف العنف يجب أن يسبق التشكيل المحتمل للقوة.
وقال لافروف «ندرس هذه المبادرة ونعول على أصدقائنا في جامعة الدول العربية ليقدموا لنا توضيحات عن بعض البنود». وأضاف «لنشر قوة لحفظ السلام يجب أولا الحصول على موافقة الطرف الذي يستقبلها. وثانيا لإرسال قوة لحفظ السلام، كما تسمى في الأمم المتحدة، يجب أن تكون هناك ضرورة لحفظ السلام. بعبارة أخرى نحتاج إلى ما يشبه وقفا لإطلاق النار، لكن المأساة أن الجماعات المسلحة التي تواجه قوات النظام لا تتبع لأحد ولا تخضع للسيطرة». وأشار إلى أن روسيا تقترح عقد لقاء استثنائي حول سوريا على مستوى وزراء خارجية روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي.
وقال لافروف «إن تسوية الوضع في سوريا تتطلب حوارا وطنيا ومساندة لإيجاد حلول تتناسب مع مصالح جميع السوريين ويستثني التدخل الخارجي». وأضاف «لدينا سعي مشترك لمساندة الشعب السوري في طموحاته وآماله لحياة أفضل ولتطور ديموقراطي ثابت، وطبعا نحن (روسيا والإمارات) يوحدنا السعي لوقف إراقة الدماء بأسرع وقت».
وحول مؤتمر «أصدقاء سوريا» الذي سيعقد في 24 الحالي في تونس، قال لافروف «نحن نريد الحصول على إيضاحات حيال مضمون اقتراح عقد مؤتمر أصدقاء سوريا. فإذا كان مؤتمرا يوحد بالفعل جميع السوريين، فأعتبر انه نهج صحيح، أما إذا كان مؤتمرا لبعض أصدقاء المعارضة السورية، فإنه على الأرجح لن يساعد في التوصل إلى الهدف الذي وضعته جامعة الدول العربية، والذي نحن نؤيده والقاضي بضرورة إجراء حوار سوري شامل».
وأوضح لافروف أن «مبادرة جامعة الدول العربية تتضمن دعوة ليحصل النائب الأول للرئيس السوري (فاروق الشرع) على صلاحيات إجراء حوار (مع المعارضة) باسم النظام»، مشيرا إلى أن الرئيس السوري بشار الأسد أكد له خلال اللقاء في دمشق، الأسبوع الماضي، أن الشرع لديه صلاحيات كهذه.
وأبلغ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي أن مجلس الأمن هو المخول اتخاذ قرار بشأن قرارات مجلس وزراء الخارجية العرب.
وقال المتحدث باسمه مارتن نيسيركي، في بيان، إن بان كي مون الذي اتصل بالعربي أكد انه «يعود لمجلس الأمن الدولي اتخاذ قرار بشأن مطالب الجامعة المحددة». وأضاف أن بان «يثمن ويرحب بجهود الجامعة لإنهاء العنف في سوريا وإيجاد حل سلمي وديموقراطي لهذه الأزمة».
وفي القاهرة، أطلع العربي سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن على نتائج الاجتماع الوزاري العربي أول أمس، وسلمهم نسخة من قرار مجلس الجامعة. وقال مصدر مسؤول في الجامعة إن العربي تشاور مع السفراء حول «الخطوات المستقبلية وإمكانية الذهاب بالقرار إلى مجلس الأمن مرة أخرى والتنسيق لإيجاد حلول للأزمة السورية بما يضمن وقف إراقة الدماء وتفعيل الحل السياسي».
ونقلت وكالة الأنباء القطرية (قنا) عن المصدر قوله ان «عددا من السفراء عبروا عن تخوفهم من استخدام الفيتو ضد أي تحرك مستقبلي في مجلس الأمن خاصة بعد «الفيتو» الروسي - الصيني مؤخرا» ضد مشروع القرار العربي - الغربي الذي «يدعم دعماً كاملاً المبادرة العربية» التي تنص على تنحي الأسد.
واشنطن ولندن وباريس
وأعلنت واشنطن أن الوقت لم يحن بعد لمناقشة اقتراح إرسال قوات سلام إلى سوريا. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند إن هناك ضرورة لمزيد من الوقت لبحث المقترحات. وأضافت «نتطلع لمواصلة التشاور معهم بشأن فكرتهم المحددة الخاصة بإرسال قوة حفظ سلام لكننا سنشير إلى أن هناك تحديات في ما يخص هذا الاقتراح. نحتاج مزيدا من الوقت لمخاطبة الجامعة العربية بشأن كيف سيرون تحقق هذا.. لأننا نرى أن هناك تحديات أمام تحقيقه».
وأعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أن أي قوات لحفظ السلام في سوريا يجب أن تكون من دول غير غربية. وقال، في جنوب أفريقيا، «لا أرى أي سبيل للمضي قدما في سوريا في ظل وجود قوات أجنبية على الأرض بأي شكل، بما في ذلك كقوة لحفظ السلام. أعتقد أنها يجب أن تأتي من دول أخرى وليس من دول غربية». وتابع ان نجاح هذه الفكرة مرتبط بتطبيق «وقف لإطلاق النار يتمتع بالمصداقية ووقف القمع». واعتبر أن «نشر قوة فصل يتطلب بالتأكيد سلاما، وحتى الآن هذا ليس ممكنا».
(«السفير»، سانا، ا ف ب، ا ب، رويترز)