دام برس :
الموقف الرسمي الأميركي "بارك" الغارات الجوية السعودية، معرباً عن انخراطه في توفير الدعم الاستخباراتي واللوجستي باستثناء إرسال قوات أميركية. وسائل الاعلام العربية، ومعظمها موالي للسعودية ودول الخليج، أفادت مراراً باشتراك طائرات الدرونز الاميركية في الغارات الجوية على اليمن، فضلاً عن توفيرها احداثيات دقيقة لطائرات تحالف السعودية لأهداف يتم قصفها تؤدي إلى مزيد من الضحايا المدنيين.
صناع القرار السياسي الاميركي وضعوا نصب أعينهم هدف ضرورة التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران ووضع حدّ لسياسة اقصائها طمعاً في إبطاء برنامجها النووي على الاقل؛ وفي الوقت نفسه إبقاء انخراطها العملي في الصراعات الجارية "وادارتها من خلف الستار".
أميركا، والسعودية ايضاً، قلقتان من إمكانية خسارة أعوانها اليمنيين ميدانياً واقصائهم عن التحكم بالممر الاستراتيجي في باب المندب والتسهيلات البحرية المبرمة معها في ميناء عدن. في هذا الصدد، أعرب معهد ستراتفور الاستخباري عن الاضطراب الشديد والخشية من "تحكم القوى المعارضة في مدينة عدن ومينائها"، معرباً عن شكوكه في "قدرة السعودية شن حملة ناجحة لاستعادة السيطرة قبل فوات الاوان". ومنذ الثاني من نيسان الجاري تواردت الانباء عن سيطرة الحوثيين والجيش اليمني سوية على معظم أنحاء عدن ومينائها.
ما يتبقى من خيارات محدودة لا تبشر بالخير لأميركا التي قد تجد نفسها مضطرة للدخول ميدانياً بقواتها الخاصة بحجة "تدريب" قواتها الحليفة على فنون الحرب غير التقليدية؛ وهي المهمة التي اضطلعت بها قواتها المعروفة بوحدات "القبعات الخضر" قبل نضوج مرحلة الحرب المفتوحة على الارهاب. الأمر الذي يعد بنشوب حرب اخرى في ساحة جديدة ضد اليمن وشعبه.
تاريخ الصراعات في اليمن يدل على أن البلاد عصية على التدخلات العسكرية. الغزو السعودي حقق بعض الضرر وتدمير البنى التحتية، بيد ان الامتحان الحقيقي يكمن في مدى قدرة قيادة الغزو الخلفية، اميركا، استيعاب الدروس وتأييد حل سياسي يبعد شبح الحرب الطويلة والمفتوحة عن اليمن وعموم المنطقة، ويحيل انتصار المغامرة السعودية إلى مجرد أضغاث أحلام.