Logo Dampress

آخر تحديث : الثلاثاء 23 نيسان 2024   الساعة 18:44:29
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
دور الصيام في عملية التغيير المستقبلي .. وكيف يتربى الصائم على قيم التقوى ؟
دام برس : دام برس | دور الصيام في عملية التغيير المستقبلي .. وكيف يتربى الصائم على قيم التقوى ؟

دام برس:

بسم الله الرحمن الرحيم .. (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {البقرة/183}) صدق الله العلي العظيم

الصيام دورة تعبوية لطاعة الله تشمل النفس والجسد والسلوك وهي تقع ضمن منظومة تغيرية كاملة للإنسان تضم الصلاة والحج والجهاد بالأموال والأنفس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها من العبادات .

وعبادة الصوم تستوعب العملية التغيرية في جوانبها الايمانية والأخلاقية والفكرية والسياسية.

فتغيير الامة يعتمد بشكل اساس على تغيير الانسان (ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، وما لم يمر الانسان بمراحل التغيير ألمطلوبة ويهضم قيمها ومبادئها، ويمارسها عمليا، يبقى عرضة للأهواء والتيارات التي قد تؤثر سلبا على مستقبله في الدنيا والآخرة .

وقد حدد الله سبحانه وتعالى سبب فرض الصيام في الاية القرانية (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) {البقرة/183} ، بقيادة الانسان الى مرحلة التقوى.

والتقوى تعني السلطة الربانية التي تنظم حياة الانسان بدون تأثير سلطة أخرى عليها وتجعله مستقيماً وملتزما بتنفيذها حتى وقت الازمات والمحن .

وهذا يعني ان الانسان الصائم يتربى على قيم التقوى في مراحلها المتمثلة بـ (العمل لله، والإخلاص بالعمل، والسير وفق منهج الاسلام الذي اختطه رسول الله محمد (ص) وأئمة المسلمين (عليهم السلام) ) .

كيف يتربى الصائم على قيم التقوى ؟

يتوجه الصائم الى الله بنية الصوم عن طريق الامتناع عن الطعام والشراب ومقاربة النساء وعدد من المحرمات الأخرى، ويقاوم  الصائم هذه الممنوعات اثناء ساعات النهار الطويلة. وأول عمل مهم يمارسه هو الصدق مع الله بالامتناع عن ما تم ذكره .

اذ يستطيع الصائم ان يأكل ويشرب في الخفاء ومن دون علم ألناس ولكن الصائم يعمد الى الصمود بوجه المغريات في الخفاء والعلن متحملاً شدة الحر وقسوة الظمأ  صابرا محتسبا  ان عمله هذا لله عز وجل وليس لغيره.

وهذا الامر يقودنا للتأكيد على ان الصيام يؤدي الى :

1-  تقوية ارادة الصائم لتكون صلبة تمكنها من مقاومة المنكر والأفعال المخالفة للشرع .

2-  تربية الصائم على الحلال والحرام ومعرفة مسالكهما..

3- تنفيذ وممارسة ما يؤمن به الصائم مع نفسه ومراقبتها لكي تتزن التزاماته في عملية الصوم .

4- تقوية مبدأ الصبر والتحمل لديه .

5- زيادة وعي المؤمن للمهام المطلوبة منه .

ما هو الخلل الذي يحدث في الالتزامات العملية والتغييرية عند الصائم ؟

يلتزم اكثر الصائمين بالامتناع عن الاكل والشرب خلال فترة الصيام من دون التعمق او الاستفادة من الاثار الفكرية والسلوكية والسياسية  التي ينبغي ان تصاحب عملية الصوم. وهذا يعني ان الجوع ليس هدفا وكذلك بقية الممنوعات اثناء الصوم .

فمن المفتر ان تكون عملية الصيام هي للمراجعة السلوكية والأخلاقية للإنسان ومراقبة السمع والبصر واللسان واليدين والرجلين. هذه المراقبة هي عملية تربوية تهدف للابتعاد عن العادات والممارسات التي تكون بعيدة  كل البعد عن الخلق والقيم الاسلامية .

فالصوم هو صوم الجسد والعقل والمشاعر وما يتعلق بذلك .

ورب سائل يسأل: لماذا نحتاج الى مراجعة كل سلوكياتنا اثناء الصوم، الا يكفي الصوم باحداث التغيير المطلوب ؟

والجواب : ان التغيير يحتاج الى إرادة وبما ان الصيام يقوي الارادة عند الصائم، فاننا نحتاجها لحسم المخالفات الشرعية.

فمثلا الشخص الذي يدخل دورة لتعلم تقنيات الحاسوب (الكومبيوتر)، وتنتهي الدورة دون ان يتعلم منها ، اي انه لم يحصل بما فيه الكفاية للتعلم رغم حضوره الدروس التي اعطيت في هذه الدورة  فان هذا الامر يشير الى انه لا يستطيع ان يعمل في الحاسوب بعد الدورة التي اخذها وكأنه لم يتعلم شيئا منها.

وكذلك  عملية الصيام ما لم تتم الاستفادة منها لإجراء فحوصات كاملة للخلل في اخلاق وسلوك ومتبنيات الإنسان والعلاج من هذه الامراض خلال الشهر الفضيل عن طريق معرفة الاخطاء والأعمال غير المقبولة شرعا وإيقافها، فان هذه الامراض وفايروساتها وجراثيمها ستبقى بعد انتهاء الصيام، ويبقى الانسان مصابا بأمراضه السابقة من دون ان يتغير بتاثير الصيام لأنه لم يتفاعل مع صيامه ولهذا بقى مريضا ، ولا يحدث التغيير المطلوب.

ان اجواء تغيير الانسان لنفسه في شهر رمضان افضل من بقية الشهور لان ايادي الشياطين  مغلولة بالقيود، ولهذا فان مناخات المراجعة للإنسان بقصد التغيير تكون ملائمة وهي  اسهل من الاشهر الاخرى حيث يكون الشيطان فيها باوج نشاطاته الخبيثة.

روي عن رسول الله محمد (ص) ما معناه: انه (ص) سمع امرأة تسب جارية لها، وهي صائمة، فدعا رسول الله (ص) بطعام ، فقال لها: كلي، فقالت انا صائمة يا رسول الله، فقال: كيف تكونين صائمة، وقد سببت جاريتك، ان الصوم ليس من الطعام والشراب وإنما جعل الله ذلك حجابا عن سواها من الفواحش من الفعل والقول، ما اقل الصوم واكثر الجوع.

الصوم والعمل السياسي التغييري :

عرفنا ان عملية الصيام هي لتغيير الانسان والمجتمع نحو طاعة الله والعمل وفق المنهج الاسلامي الذي يريده الله سبحانه وتعالى، وان الانسان يجاهد ويكافح نفسه في الصيام ليتخلص من الاثام والعادات والتقاليد والأعراف التي تخالف القيم الإسلامية وكذلك يتخلص من الفساد الاخلاقي والمالي والإداري الذي قد يصاحبه اثناء عمله، مثل الرشوة والاحتكار وعدم الامانة والاعتداء على حقوق الانسان وكرامته.

ومن هذا المنطلق فان المتصدين لهذا المشروع التغييري من الصائمين تقع عليهم مسؤولية الالتزام بالقيم والمبادئ الاسلامية.

كما ان الصيام يجعلنا نعيش الفكر والموقف والمشاعر الإسلامية وبهذا يكون قد ساهم في صياغة الشخصية الاسلامية القادرة على تحدي مغريات الدنيا وزينتها.

الصيام والمستقبل :

توضح الاية القرآنية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ {الحشر/18})  ان التقوى تقود الانسان الى غد افضل وبعبارة اخرى ان التقوى تقرب الانسان من خالقة الذي يجازيه بالجنة والرضوان والنعيم الابدي.

ولهذا فان صناعة المستقبل الافضل الذي يرضي الله سبحانه وتعالى  يكون عبر عمل ألمتقين وان عملية الصيام هي لبناء التقوى عند المؤمن .

فالصائم المتقي هو الذي اتقن صيامه بأبعاده المتنوعة الروحية والجسدية والعقلية والمشاعرية وغيرها ، وهو من يساهم بإيجاد المجتمع التقوّي الذي يخلص الناس من الاثام والرذيلة، وبهذا فهو يساهم بإيجاد المستقبل الذي يتخلص فيه الناس من مشاكلهم ومحنهم المتنوعة .

الصيام يصنع صمود الانسان ضد اعداءه .

إن الهجمة التي يتعرض لها العراق اليوم في شهر رمضان المبارك تجعلنا امام اختبار اخر لقوة ايماننا وصمودنا امام العدو.

هذا العدو الذي جاء بيافطات اسلامية وبأجندة صهيونية وأجنبية هو نوع من انواع الابتلاء الذي ابتلي فيه المسلمون على مر التاريخ. اذ ان داعش لا تسمح لأحد ان يفهم الدين الاسلامي إلا وفق نظريتها الشاذة والبعيدة عن معنى وفحوى الاسلام ، فالحوار لديها مرفوض والقتل مفروض ، ولهذا فان كل من يخالفهم في الرأي من السنة والشيعة يقتل .

ولكن الخلل الذي سمح لهؤلاء الخوارج على الاسلام باختراق العراق من محافظة نينوى جاء على خلفية سلسلة اخفاقات اهمها ان عددا كبيرا من القوات الامنية العراقية في نينوى لم تتعامل مع الغزو الداعشي بما يمليه عليها واجبها .

وإنما حدثت انهيارات في القيادات والمقاتلين نتيجة ما بث من اشاعات للتخويف والترهيب رافقها حملة الاعلامية منظمة تمت عبر رسائل تحذيرية وترهيبية عن طريق الهواتف النقالة وبإسناد من بعض الفضائيات المشبوهة الامر الذي احث تأثيرا سلبياً على معنويات المقاتلين وقادتهم .

ان خيانة بعض القادة الامنيين هو السبب الرئيس لما حدث اضافة الى خنوع البعض وضعف ايمانهم بالله وبالتزاماتهم تجاه الوطن والشعب كانت اسباباً مهمة  في حدوث الانهيارات .

كما لا يمكن اغفال ضعف الاعداد الروحي والمعنوي لهؤلاء المقاتلين ووضعه سببا مهماً لما حدث.

ولهذا فان الصيام يعتبر الركيزة الاساسية لبناء القابليات الروحية المتمثله بالقدرة على التحمل والإرادة في التصدي لدحر العدو .

الايات القرانية التي ذكرت الصيام والصوم في القران الكريم

كلمة الصيام كررت 3 مرات في ايتين البقرة 183 و187

كلمة صوما ذكرت مرة واحدة في سورة مريم اية 26

وتصوموا مرة واحدة  في سورة البقرة اية 184

والصائمين والصائمات مرة واحدة في الاحزاب اية 35

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ{البقرة/183}

أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة/184}

فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًافَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا {مريم/26}

ُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْالصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ {البقرة/187}

إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِوَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا {الأحزاب/35}

المكتب الاعلامي للدكتور وليد الحلي

الوسوم (Tags)

شهر رمضان   ,   الصلاة   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz