دام برس – بلال سليطين:

عادت قمة النبي يونس لتتصدر أخبار الجبهة الشمالية في ريف اللاذقية، بعد أن شنت المجموعات المسلحة هجوماً عليها من عدة جبهات صباح الثلاثاء 20 آذار 2015 تمكنت خلاله من السيطرة على (رويسة الشيخ محمد)، قبل أن تُجبر على الإنسحاب منها هاربةً من رد مقاتلي كتيبة الجبل التي ترابط على القمة منذ سنوات.

هذا الهجوم يأتي بعض سلسلة هجمات سابقة شنتها المجموعات المسلحة على القمة الاستراتجية المطلة على ثلاث محافظات (إدلب، حماه، واللاذقية)، ووفق احصائية غير رسمية هو الهجوم الثامن للمجموعات المسلحة والتي باء معظمها بالفشل.

وقد ترافق الهجوم مع وابل من قذائف الهاون التي استهدفت القرى المدنية المحيطة بالقمة.

القمة التي ترتفع عن سطح البحر 1537م تعد حصناً حصيناً يصعب اختراقه نظراً لصلابة المقاتلين المتمركزين عليها وهم معروفون باسم "كتيبة الجبل" أو "نمور القمة"، وقد اشتهر قائدهم "أبو جعفر" على نطاق واسع جداً خصوصاً بعد التهديدات التي وجهها للمجموعات المسلحة بحفر قبورهم في حال فكروا الاقتراب من القمة، وهي تهديدات لم يتوانى مع المقاتلين في تنفيذها برأي العامة في محافظة اللاذقية.

الكتيبة المرابطة في الموقع الأكثر برودة على الإطلاق ضمن الجبهة الشمالية، جلّ مقاتليها من قوات الدفاع الوطني، وبالتالي فهم بمعظمهم إن لم يكن جميعهم مدنيون، بعضهم موظفون وتجار و حرفيون تركوا أعمالهم والتحقوا بالقمة للدفاع عنها.

يقول أحد أقدم المقاتلين في القمة لدام برس عقب صد الهجوم، سابقاً كنا نفتقر للخبرة القتالية والتجربة، فقد أتينا مباشرةً من المدنية إلى جبهات القتال، بعد أن فُرضت الحرب علينا للدفاع عن أهلنا ووطننا، لكننا ومع مرور الزمن ازددنا خبرة وتجربة، وفي كل هجوم نتصدى له كنا نتعلم شيئاً جديداً، وتكتيكاً جديداً.

المقاتل الشاب يتحدث بفخر كبير عن صمود المقاتلين في القمة وحمايتها من هجمات المجموعات المسلحة، ويقول:لايمكن لمقاتلين أن يصمدوا صمودنا، إننا نواجه التكفيريين من جهة، والظروف الجوية القاسية من جهة ثانية، خلال الفترة الماضية وصلت سماكة الثلوج لأكثر من متر على القمة ودامت لأيام، ومع ذلك فإننا واجهنا الثلوج بصدورٍ عارية وابتسامة عريضة وحولناه لكرات نتقاذفها لعباً، ولم يتسلل التعب إلينا لحظة لأننا نؤمن بالقضية التي ندافع عنها.

صور مقاتلي كتيبة الجبل وهم يلعبون بالثلج غزت مواقع التواصل الاجتماعي آنذاك، وترك صدىً واسعاً في أوساط الناس، حيث حملت رسائل ومعانٍ كثيرة تشير إلى معنوياتهم وعلاقتهم مع المكان الذي يدافعون عنه.

ذياع صيت "نمور القمة" تأتي من ثباتهم والبسالة التي يقاتلون فيها، حتى أنهم أي المقاتلين في الهجوم الأخير تمكنوا من قتل 16 مهاجماً واحتفظوا بجثثهم وهم يقولون أن هناك قتلى آخرين تم سحبهم من قبل المجموعات المسلحة، في حين خسرت كتيبة القمة ثلاث مقاتلين و14 جريحاً.

ضابط متقاعد يشير إلى أن حجم الخسائر التي يكبدها مقاتلوا القمة لخصومهم في كل معركة يشير بوضوح إلى أنهم باتوا متمرسين جداً في الحرب، وقد خبروا الجبهة جيداً، وعرفوا من أين تؤكل الكتف.

ويضيف وبالتالي فإنه من الصعب جداً إن لم يكن من المستحيل هزيمتهم، خصوصاً وأنهم والكلام للرفاعي مطعَّمون بدبابات من الجيش العربي السوري، ولديهم روح فدائية في القتال.

الهجمات الفاشلة من قبل المجموعات المسلحة على القمة كثيراً ما تبعها تبادل في الاتهامات بين قاتها حول أسباب الفشل، وفي آخر هجوم قبل 10 آذار والذي تم في تموز 2014 وصلت الاتهامات لحد الاشتباكات بين المجموعات المسلحة بسبب ماوصف آنذاك بالخيانة والهرب من الأرض المعركة ومواجهة مقاتلي القمة، وحينها وصفت كتائب المهاجرين المجموعات المنسحبة بالمجموعات الفاسدة.

كتيبة القمة التي واجهت الهجوم لن تسترح بعده، حيث يتوقع المقاتلون هجوماً آخر ويؤكدون استعدادهم له، فهم يرون هجوم اليوم الذي جاء بعد أيام على استعادة الجيش تلة دورين وقريته، يرون فيه جس نبض أكثر مما هو ردٌ على خسارة المجموعات المسلحة لأول قرية من القرى التي سيطرت عليها في حزيران 2012.