دام برس - بلال سليطين :

تحاول "رؤى" ابنة الثالثة عشرة من عمرها أن تعيش حياتها بشكل طبيعي متجاوزة المرض الذي ألمّ بها منذ سنوات وترك آثاراً واضحةً على جسدها، فهي تعتبر أن قهر هذا المرض هو الحل الأمثل للشفاء منه.

وتضيف "رؤى" في حديثها لدام برس بمناسبة اليوم العالمي لسرطان الأطفال:«لا أريد أن أستسلم للمرض، لدي أحلام أريد تحقيقها، وأشعر أنني سأعود إلى حياتي الطبيعة وأشفى قريباً».

الطفلة التي التقيناها في جناح الأطفال بمستشفى تشرين الجامعي باللاذقية لا تدخر فرصة في إظهار ابتسامتها للناس ونشر الطاقة الإيجابية بينهم، حيث كانت في هذا اليوم تراجع المستشفى لأخذ جرعة دوائية، وحينها وجدت فريق المتطوعين بدائرة العلاقات المسكونية والتنمية يقيم نشاطاً خاصاً بها وبزملائها، فما كان منها إلا أن بادرت لمشاركتهم واللعب معهم وحتى سعت لإقامة علاقة ودية بينهم بما في ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي التي تتقن استخدامها.

طفل السرطان الذي يحيي يومه العالمي في 15 شباط من كل عام يحتاج دعماً نفسياً واهتماماً عائليا جيداً ومجتمعياً هذا ما تؤكده "روعة المعراوي" وهي أم الطفلة المريضة، وتقول "المعراوي":«أثرت الأزمة كثيراً على مرضى السرطان فقد قلّ الاهتمام بهم من قبل المجتمع الذي شغلته قضايا أخرى، وهذا الطفل بحاجة لاهتمام كبير وتعامل جيد معه بحيث لا نشعره بمرضه ولا نعيّره به كما يحدث في بعض مجتمعاتنا، لقد اضطرت ابنتي لوضع حجاب على رأسها لتغطي تساقط شعرها بسبب سخرية البعض منها، وفي نفس الوقت أيضاً خرجت بأريحيتها مع بعض أصدقائها ولعبت معهم وعاشت حياتها بشكل طبيعي وهذا يقودنا إلى ضرورة التوعية المجتمعية لهذا المرض».

الدكتور "علي أولاد" وهو اختصاصي أطفال ويعمل مع أطفال السرطان يشير إلى ضرورة الدعم الاجتماعي للإطفال المصابين وخصوصاً بين 12 و18 عاماً، ويقول:«الطفل في عمر المراهقة يعاني من مشاكل نفسية كبيرة نتيجة إدراكه لهذا المرض وشعوره بأنه مختلف عن أقرانه، وبالتالي في هذا اليوم نحن بحاجة لتأهيل المجتمع وتوعيته حول هذا المرض وضرورة التعاطي الجيد مع الأطفال».

ويتابع "أولاد":«بينما الأطفال دون سن الثانية عشرة يكون إدراكهم ضعيف ولا يشعرون بغير ألم المرض، أما الذي يعاني فهو الأسرة وخصوصاً الأمهات، حيث يجب الاهتمام بهم ودعمهم نفسياً واجتماعياً لجعل قدرتهم أكبر على دعم أطفالهم ومساعدتهم، وبقدر ما تكون الأسرة تمتلك معنويات عالية بقدر ما تستطيع تقديم الشفاء للطفل أو أقلها مساعدته على تحسين حالته الصحية».

المشاكل الدوائية باتت تؤرق المرضى وذويهم، وتقول "أم عمار"«في السابق كانت الدولة تؤمن لنا العلاج والدواء ولا تقصر علينا في شيء، أما الآن فقد تضرر واقعنا كثيراً وأصبحنا نشتري الدواء على حسابنا نظراً لعدم قدرة المستشفى على تأمينه بسبب ظروف البلاد والحظر الذي فرضه الخارج علينا، وهذا الأمر يكلفنا أعباءً كبيرة جداً، وكثيرٌ من المرضى عجزوا عن تأمين علاجهم، إن أصعب شعور على الأسر في أيامنا هذه هو الشعور الذي يأتيهم عندما يكتب لهم الطبيب وصفة ويقول لهم عليكم تأمينها من خارج المستشفى لعدم توفرها ضمنه».

اليوم العالمي لسرطان الأطفال لم يمر كيوم عادي في حياة الأطفال المصابين والموجودين في مستشفى تشرين الجامعي باللاذقية حيث خصص لهم نشاط بهذه المناسبة أقامته دائرة العلاقات المسكونية والتنمية في بطريركية الروم الأرثوذكس وتضمن توزيع الهدايا على الأطفال (ثياب، أحذية، العاب) وكذلك عرضاً مسرحياً من مسرح العرائس حضره الأطفال وذويهم.

تقول المتطوعة "كارلا بولس" وهي اختصاصية الدعم النفسي للدائرة:«أكثر ما يحتاجه الطفل هو اللعب والابتسامة التي تنسيه آلامه، وهو بحاجة للشعور بتقدير المجتمع له واهتمامه به، وبالتالي فإن تقديم هديه له يجعله يشعر بالسعادة وكذلك حضوره لعرض مسرحي فيه دمى لشخصيات هو يحبها ويتابعها أمر ينعكس بصورة إيجابية على سلوكه وحتى علاجه ويتعداه ليصل للأهل الذين يفرحون لفرح أبنائهم».

يذكر أن جناح الأطفال المخصص لعلاج مرضى السرطان باللاذقية يشهد ضغطاً كبيراً نظراً لكونه يستوعب المرضى من مختلف المحافظات السورية بعد خروج مستشفى الكندي في "حلب" عن الخدمة وصعوبة وصول المرضى لمستشفى "البيروني" نظراً لخطورة الطريق، فيلجأ معظمهم إلى اللاذقية.