دام برس _ وسيم قشلان:

مع استمرار العمليات العسكرية للجيش العربي السوري في مناطق الغوطة الشرقية تم تأمين خروج أكثر من مئة وخمسين عائلة واستقبالهم في مركز إعادة التاهيل في ضاحية قدسيا، إضافة إلى تسوية أوضاع 102 مسلح وعودتهم إلى حضن الوطن.

الأشخاص الذين استقبلهم مركز الإيواء جاؤوا على دفعتين الأولى من دوما، باستقبال 90 عائلة موزعين على 347 شخصاً منهم 121 طفلاً دون سن العشر سنوات، والدفعة الثانية كانت من المليحة حيث خرج من هناك أزيد من 70 عائلة، وأكثر من 233 شخصاً من بينهم 76 طفلا لم يتم العشر سنوات.

ويقول أحد المسلحين الذين استفادوا من التسوية التي حصلت في دوما أنه انتسب إلى المجموعات المسلحة قبل حوالي ثمانية أشهر، قاموا من خلالها بتشكيل أشبه ما يكون بالمخفر وكانوا يقومون بدوريات مستمرة على الأهالي، وتحدث عن الظلم والفساد والتمييز الذي كان يتبعه المسلحون هناك، مضيفاً إلى أنه كان أمام حلين لا ثالث لهما، فإما أن يموت جوعاً هو وعائلته بعد أن باعوا جلّ ما يملكون، أو الانتساب للمجموعات المسلحة والانصياع لأوامرهم.

وتتحدث إحدى الأمهات عن المعاناة التي عاشتها هي والعائلات الخارجة من دوما، فلا مكان يأويهم ولا طعام يكفيهم، حيث أن المجموعات المسلحة هناك كانت تتبع سياسة تجويع الأهالي، لإجبار أولادهم على الانضمام إلى صفوفها، وتضيف بأنها حاولت مراراً الخروج مع عائلتها هرباً من بطش المسلحين لكن دون جدوى، إلى أن جاءت التسوية الحالية ومرسوم العفو الرئاسي والتي استفاد منها ابنها بعد أن قام بتسوية وضعه.

أحد المنضمين إلى ما يُسمّى "شهداء دوما" منذ ثلاث سنوات يدرك حجم الخطأ الذي ارتكبه في حمله السلاح في وجه الدولة، متحدثاً عن الوحشية والهمجية وسوء المعاملة التي كان يفرضها المسلحون في المنطقة على كل من يخالفهم، من حالات قطع يد وإعدامات جماعية وفرض جزيات بشكل دائم مع علمهم أن الناس لم تعد تملك ما تأكل، موجهاً رسالة إلى كل من لايزال موجوداً هناك إلى عودته لحضن الوطن، متوجهاً بالشكر إلى جميع الجهود إلى ساهمت في إنجاز وإتمام هذه التسوية والمصالحة.

ويتحدث مدير التموين في أحد المخابز، أن التمويل الذي كان يتلقاها المسلحون كان يأتي من عدة دول أبرزها السعودية وقطر والكويت، وكانت التعليمات تأتي بأن توزع ربطة الخبز بسعرها النظامي، قبل أن تبدأ حالات النهب والسرقة، فأصبح الكثير يتلاعب ويزوّر مادة الطحين ويبيعها إلى مناطق أخرى، وهنا بدأت المجاعة في المدينة حيث أصبح سعر ربطة الخبز الواحدة ألف ليرة وما فوق، مما أدى إلى تفشي الكثير من الأمراض والأوبئة.
ويضيف بأن مرارة هذا الوضع لم يعد يطيقه الأهالي، مما استدعاهم للخروج بمظاهرات للتنديد بسياسة وتصرفات المسلحين والمطالبة بخروجهم من كامل محيط الغوطة، والذين كانوا يقابلونها بإطلاق الرصاص الحي فوراً، ما كان يؤدي إلى سقوط عشرات الشهداء من المدنيين يومياً.
ويقول بأن هناك الكثير من المسلحين هناك ممن تخلوا عن سلاحهم وأن أعدادهم إلى تقلص ليس كما يروّج له البعض، موجهاً لهم رسالة للعودة على خط المصالحة والاستفادة من المرسوم التي منحه سيادة الرئيس بشار الأسد، وأن الحاضنة الأساسية للجميع ستبقى الوطن مهما حاد عن طريقه.

ومن الشائعات التي يروج لها المسلحون في الغوطة هي أن الدولة تقوم بقتل من سلموا أنفسهم عوضاً عن تسوية أوضاعهم، وهو ما حصل مع شاكر محمد الحسيني والذي تلقى خبراً أنه تم قتله في مركز الإيواء تحت التعذيب وأن الجيش يطلب من والده فدية لإعطائهم الجثة، مؤكداً أن جل هذه المحاولات هدفها إفشال المصالحات والتسويات التي تقوم بها الدولة، ومشيداً بالخدمات والعناية الخاصة التي تلقاها في المركز.

وتصف رانيا شيخ عمر المتطوعة في الفريق الوطني الخيري الوضع في مركز الإيواء، حيث يحوي حالياً أكثر من ستمئة شخص من مئتي عائلة تقريباً، ما يقارب السبعين شخصاً التحقوا بالخدمة الإلزامية لقتال المسلحين إلى جانب الجيش. 

ويقوم المركز حالياً بتأمين المستلزمات الضرورية لهؤلاء الناس، من طعام وشراب وكساء، إضافةً إلى العيادات الطبية التي تقدم خدماتها بشكل دائم، وتؤمن الأدوية المزمنة للعجزة وكبار السن.