دام برس-  أحمد صارم :
أثرٌ كبيرٌ تركه إعلان التسوية في حمص على بقية الجبهات المشتعلة في سورية ، و مواقف مختلفة اتخذتها العصابات المسلحة و أنصارها و كذلك أهالي المناطق التي تقع تحت سيطرتهم تجاه خروج ما يسمونها "عاصمة الثورة السورية" من خارطة ثورتهم التي يصفونها أيضاً بـ"المباركة"، و كذلك جعلت البعض منهم يفكر بصوابيةٍ أكثر !
الخلافات حول تسوية حمص بدأت بين المسلحين في حمص أنفسهم منذ مدة و أدت لفشل اتفاقات سابقة ، و لكنها تحولت لشكلٍ دامٍ في مناطق أخرى مثل درعا حيث قامت جبهة النصرة اليوم باعتقال قائد المجلس العسكري المدعوم من قبل الائتلاف و قائد كتيبة حمد آل ثاني و قائد فوج الفرسان و نشرت الشبكة الإعلامية لتنظيم القاعدة "المنارة البيضاء" خبر إعدام الأول و يسمى أحمد النعمة.
الخلافات حول السياسات المستقبلية للعصابات المقاتلة لم تظهر جميعها إلى العلن بشكل واضح ، و خبر انضمام ما يسمى "كتائب الصفوة" إلى "جيش المجاهدين" في حلب بالأمس يخفي أكثر مما يظهر من خلافات ، و لكن يمكن استيضاحها أكثر في مواقع التواصل الإجتماعي حيث الجميع يدلي بدلوه..
و مما لاحظنا في إحدى الصفحات المعارضة النقاشات الحادة التي تصل لدرجة التخوين و التكفير ، و نشرت إحدى صفحات حلب المعارضة صورة لحي شبه مهدم في المدينة مع عبارة : "كفانا تضحيات من أجل لا شيء" في إشارة واضحة إلى تسوية حمص التي كانت موضوع النقاش في الردود ، و بين اتهامات بالاستخفاف بدماء "المجاهدين" و  استخفاف بأرواح من هم على قيد الحياة قلما نجد لاثنين رأياً واحداً ، و ليس هناك أكثر من الخلافات بين أنصار داعش و أنصار النصرة و أنصار كتائب مقاتلة على الأرض لا تكن الود لبعضها البعض بسبب اختلاف الجنسية و التمويل و درجة التطرف و الأهداف. فجميع الكتائب المقاتلة التي تضم مقاتلين أجانب لن تقبل بأي نوع من التسوية بالتأكيد و هو السبب الأساسي للخلاف بينها.
و كان قطع الماء و الكهرباء عن حلب سبباً للمزيد من الخلافات في اليومين الماضيين ، ففي الوقت الذي ستعود فيه الحياة إلى شرايين أحياء حمص القديمة يتم منع متطلبات الحياة في حلب ، و نقتبس من أحد الردود من صفحة معارضة باسم أبو بكري : "لما تسيطر القوى مدعية الاسلام على اﻻرض وتفرض سيطرتها وتتغاضى عن كبار اللصوص المجرمين من عفش لحياني للمدفوس حسن جزرة ثم تدعي محاربتها للنظام والضغط عليه من خلال قطع الكهرباء وحكما نتيجته شح المياه عن اربع ملايين مسلم بحلب وريفها وﻻ تعمل باﻻية القرآنية (ﻻتزر وازرة وزر اخرى)  وتوقيع كل الفصائل المتخفية بعباءة الاسلام اضافة  للهيئة الشرعية على بيان قطع الكهرباء فنحن امام مجوس العصر ممن يدعون الاسلام و الاسلام لم يجاوز حناجرهم . عندما نسمع دعوات ﻻقامة دولة الخلافة من ناس لم يقرؤوا التاريخ او انتقوا ما يناسب دعوتهم الباطلة . الكعبة لم تهدم اﻻ في دولة الخلافة الاسلامية ومدينة الرسول المدينة المنورة لم تستباح وتهتك اعراض نسائها اﻻ بدولة الخلافة. مال الخليفة يعطي من يشاء ويمنع من يشاء دون ضوابط او اطر دينية . من حول الخلافة الى ملكية ، من قتل اخوته لتؤول الخلافة له . اقرؤوا التاريخ جيدا".
الخلافات الموجودة سابقاً بين المسلحين و المعارضين عموماً زادت حدتها مؤخراً بعد اتفاق حمص في مناطق أخرى ، و مما وجدناه اتهامات لـ"ثوار" حمص ببيع الثورة ، و أخرى بين المعارضين في حماة و ريفها حيث يتهم المعارضون في الريف الشمالي سكان المدينة بالخنوع و الذل و الهروب من الجهاد ، و كذلك تساءل بعض المعارضين عن سبب التراجع في ريف اللاذقية الشمالي متهمين المقاتلين بالتقاعس ، و من المؤكد أن تقدم الجيش في المليحة سيزيد حدة الخلافات بين سكان المدينة و الموقعين على بيان رفض المصالحة منذ حوالي الشهرين كان سيجنب المدينة ويلات الحرب طالما أن النتيجة معروفة.
عودة المناطق التي سيطر عليها المسلحون مسألة وقت ليس إلا ، و اللبيب منهم من يحافظ على حياته و ما تبقى من بنية تحتية في المناطق السكنية التي حولها لجبهة حرب ، و لكن يبقى المقاتلون الأجانب العامل الأقوى في صفوفهم مما سيجعل الخلافات في ازدياد و يطيل أمد الحرب في بعض المناطق.