دام برس - سومر إبراهيم :
أعوام كثيرة وسهل الغاب - على أهميته الجغرافية وتنوع منتجاته - يعاني من إهمال كبير في الخدمات والاهتمام من كل النواحي سواءً الطرق الزراعية أو خطوط ومصارف الري أو فشل المشاريع المحدثة أو عدمها ، وندرة السدود التجميعية ، إضافة إلى عدم قيام الإرشاديات الزراعية بدورها الصحيح على كثرتها ، وكذلك ضعف أداء الوحدات الإدارية .
كل هذا يعده الفلاح في الغاب أمراً عادياً كونه اعتاد على أن يزرع الأرض لوحده ويعتني بها دون أي إرشادات أو دعم أو مشاريع باستثناء ما قدمته الحركة التصحيحية في السبعينيات الماضية ؛ ولكن كانت السماء تعطيه بما يعادل تعبه أو أكثر . وكان لفلاحي الغاب دوراً هاماً في دعم رغيف الخبز في هذه الأزمة حيث احتل إنتاج الغاب من القمح نسبة كبيرة من الإنتاج الذي ساهم في دعم الاقتصاد الوطني وحفظ الأمن الغذائي للبلد .
لكن هذا العام أحجمت السماء ماءها وأصاب الأرض جفافاً أربك الفلاح مما جعله يفكر بترك زراعة الأرض بسبب تكاليف مستلزمات الإنتاج الباهظة ونقص المياه وخوفه من الخسارة الكبيرة .
و ما دفع الناس للتفاؤل والمغامرة في الزراعة هو تساقط الثلج وبعض وعود الدولة بالدعم والتعويض ، لكن فألهم خاب .... هكذا يقول الفلاحون .. فقد مر محصول القمح بثلاثة مراحل خطيرة حتى الآن ؛ أولاً الصقيع الذي أصاب المنطقة وما خلفه من آثار سلبية ، وثانياً الجفاف وقلة مياه الري وقلة الموارد المائية البديلة وتأخر الجهات العامة في الاتفاق على إطلاق المياه في خطوط الري على قلة هذه المياه ؛ وغلاء أسعار المحروقات الأمر الذي منع الكثيرين من سقاية الأرض لعدم قدرتهم على تحمل أعباء السقاية ، مما عرض المحصول للعطش في مرحلة حساسة من عمره سببت له اصفراراً ويباساً مبكراً قبل تشكل الحبة ، أما المرحلة الأخيرة وهي الأهم ظهور حشرة السونة التي قضت حتى الآن على 20% من السنابل المتبقية التي قاومت الجفاف والصقيع .
يقول الفلاحون : ندمنا لأننا زرعنا هذا العام فلم يمر هذا القحط علينا من قبل وقد أصبحت ديوننا للجمعيات الفلاحيّة والمصارف الزراعية تفوق المعقول ولا أمل عندنا من أي إنتاج هذا الموسم ولا نعرف كيف سنسدد ديوننا ، حتى أن الكثير من الفلاحين قال لن نتكلف أعباء الحصاد كفانا ما خسرناه حتى الآن ، فلن تعطي الأرض ربع انتاجها على عكس ما يروج له .
هذا هو حال المحصول في الغاب على الرغم من أن التقارير التي ترفع من الوحدات الإدارية تصور وضعه على أنه جيد وهذا يخالف الحقيقة .
فهل هناك وسيلة لإنقاذ ما تبقى من المحصول أو تقديم الدعم للفلاحين لتعويضهم عن بعض خساراتهم الكبيرة وخاصة أن الدعم المقدم لا يشمل 5% من فلاحي الغاب لأنه مخصص لمن يملكون آباراً فقط ؛ بينما 95% من الفلاحين لا يملكون آباراً وهم يعتمدون في ري أراضيهم على خطوط الري القادمة من السدود وهذا يحتاج بدوره إلى وقود لضخ المياه عن طريق مضخات الديزل ، وتم إحداث صندوق للتخفيف من آثار الجفاف والكوارث الطبيعية في المنطقة لكن القائمين عليه لا يعرفون حتى الآن ما هي مهامه وما هو دوره وكيف يكون فعالاً وخاصة في هكذا مرحلة .
وهنا لابد من التذكير أن إهمال القطاع الزراعي وضعف إنتاج الأرض وتراجع مردودها يدفع الكثير من العاملين في هذا القطاع إلى التخلي عنه والبحث عن مصادر رزق أخرى وهذا ينعكس بشكل سلبي على الإقتصاد الوطني .. ويفتح الباب لتجار الأزمات للتلاعب بلقمة المواطن من خلال الاتجاه لاستيراد المحاصيل الرئيسية و رفع سعرها أضعافاً بحجة أعباء وتكاليف النقل بعد أن كنّا من أهم وأولى الدول المنتجة والمصدرة لها .