Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 19 نيسان 2024   الساعة 17:04:37
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
كونشرتو هاني حياة ذئب أشقر

دام برس - بدور السوسي :

خارج المتخيل الشعري  يمكن للقارئ المتبحر في  ديوان كونشرتو أن يلحظ التقاطع الرهيب بين هاني والذئب سلوكاً وقيماً، الذئب لا يقف وهاني لا يقف يمضي حياته إما راكضاً أو ماشياً ووفي جداً لدرجة أنه إذا توفيت زوجته لا يتزوج بعدها ، هاني شاعر لا زماني ولا مكاني، يتّوقع حضوره في أي لحظة أدبية ،لا طقوس له إلا فن الكتابة والشعر، غنيٌ شعر هاني مصاغ من سبائك الموشحات وأبيات العتابا والميجنا من مناجم جبل القلمون  ، بمهارة مدهشة يجمع الفارس قوالب الشعر ويتلاعب بمكر وعذوبة في القصيدة الواحدة  فالشعراء جنود يحرَرون الكلمات من القبضة المحكمة  للتعريف كما وصفهم إيلي كماروف  ، ولأنه شاعر متمرس ومغامر يرشق القصيدة بنظرة ثاقبة محكمة  كذئب متمرس في نهم أصابع اللغة  ،  شقيٌ هاني يسرح شعره في كل البلدان ، ومتمردٌ على الهزائم والخيبات ، خفيف الظل بروحه التي تطوق كل بسطاء الأرض ، لو رأيتنا يا هاني كيف ركضنا كالأطفال من كل زوايا الشام  نبعنا من كل حدب وصوب في شوارعها ، قلوبنا تسبق خطواتنا ، مشتاقون للنبيذ المعتق الدافئ بصوتك حتى المطر كان ينتظرك في شارع باب شرقي ، كلنا جوعى حرف وأغنية وموال وقصيدة متعبون من السنوات السبع  العجاف، لم يكن بوسعنا إلا  أن ننحني للشاعر ككل الأحبة الذين تهافتوا وتوافدوا إلى الأمسية التي أقامها مشروع مدى الثقافي ومارين للموسيقى وخصها الشاعر بتوقيع لديوانه الأخير كونشيرتو الذئب وحلت المغنية السورية ميس حرب كضيفة شرف .

وكان لنا الحصة الأكبر في حوار شيق وخصب وخاص لـ (دام برس) .
 
 والحج هذا العالم
 للشام
طف سبعاً
على حزن المنازل 
 أين سيطوف هاني نديم  وشعره اليوم  ؟ 

انا الأن في عمق التاريخ  ، أطوف حقا كالحاج على شعائر أقدم مدينة في التاريخ دمشق ، في ذكرياتي وطفولتي ومنشأي ونشأتي ....
كونشرتو موسيقياً تعني اشراك عدة أصوات معاً وبذل الجهد والكفاح , بما معناه تمجيد للعازف الذي يفني حياته في التدريب والدراسة , إلى أي مدى يتقاطع كونشرتو مع شخصية هاني نديم سيما أن الديوان فيه سيرة ذاتية ونثر وشعر ؟
 بالضبط هذا التعدد وتداخل الأصوات هو المطلوب من هذا الديوان كونشرتو هنا هو السرد والتفعيلة والموزون والعمود والقصة القصيرة طبعا هذا جاء بعد الوصول إلى مرحلة من مراحل عشقي  للمكان والبيئة التي أنا منها  ، إلى ضرورة توثيق هذا العشق في كتاب جاء بأصوات  وأنماط  متعددة .
أنت مالك عقاراتك الأدبية توزعها كيفما تريد دون خوف أو حساب , هل لأنك تجاوزت فكرة المقدرة الشعرية وتخلصت من القارئ منذ زمن بعيد , يعني أنت الأن شاعر انتقائي وأصبح لك جمهور خاص وهذا يكفيك ؟
لا أفكر كثيراً إن كنت أنجزت ا م لا ، أفكر فقط أني عند كل قصيدة فعلت ما أريد تماماً دون الرجوع إلى مرجعيات مثل النقاد , انا أجري حتى خارج سياق النقد , النقد الذي يأتي اما إلى الموزون أو إلى النثر أنا يهمني أن أرضي نفسي ، أنا أغني في قصيدتي وتتعدد الأصوات وإلى الأن لا أعرف إذا كان ذلك صواباً ولكني أَملُ ذلك .
السفر والتنقل الحل والترحال كيف روضك كأحد فرسان الشعر وبأي ملعب وضعك ، كيف صقل مشاهدك داخل النص ؟ 


أنا لا أستطيع تفهم  قصيدة يكتبها شاعر من عمق البادية ويقول :  رأيت أيائل أو نوارس ، على الشاعر أن يرى مفردات القصيدة بحكم عمله كي يضيء وليرى العالم  ، ولذلك أنا أستطيع أن أكتب كل تلك المفردات وهي رؤية أخرى .
أنت القائل : المفردة يورثها المكان الأول إشادة الى جبل القلمون الحبل السري الذي يمدك باللغة بالملامح ، بالإضافة إلى الجسد والصوت لكن كيف تأقلمت أو تعايشت مع البلاد الأخرى إلى أي مدى كان هذا القلمون  حاضراً؟
 لم يغب يوماً ،  يعني كلنا نحمل سريرنا الأول معنا الرسالة الأولى ملمس الجدران الأول للبيوت الأولى  ، نحملها معنا لكن نترجمها بلغات  مختلفة تلتصق بالمكان الجديد إلا أنني لم أغادر النبك يوماً  .
ثمة انحياز كبير وواضح للأماكن , الأشخاص , الحجر , الطرقات , الشجر , الجار , المدرسة وتفاصيل التفاصيل هل هو نوع من المداواة في الغربة ، أم وفاء للأماكن أم هي أدوات للذاكرة لديك ؟
 أنا أؤمن أن الرجل بين ثلاثة أشياء الحجر والمدر والبشر، يعني لديك مكان ومخزونك الشخصي والأشخاص ، فمثلاً الأن يقف أمامي صديق شاركني السكن في غرفة واحدة فترة طويلة وهذا يعني لي الكثير في شعري وفي حياتي .
الشاعر الحقيقي شاعر حر وغير منتمي إلا للحقيقة  ، وإذا كانت قصيدة أبي  النواس عّرّفت عن أحداث بغداد أكثر من كل كتب التاريخ ، فهل عرَف وصور ونقل الشاعر السوري تاريخ الكارثة الإنسانية التي مر بها ؟
هذا سؤال مهم ,  للأسف هذه الكارثة لم يبقى لها لا دراما ولا سينما إلا وتناولتها  ولا ربما بعد فترة توثق ، لكن إذا أردتِ أن تعرفي الوجع الحقيقي لا يمكن أن تعرفيه من كاتب مقال بل تأخذيه من قصيدة أو أغنية لأن ما حدث لا يقوله بحق إلا الشعراء.
في الماضي كان صوت الشاعر مسموع وله وقعه وفعله كما السيف في الحروب أما الأن نشهد موجة أصوات تنطق بالقلة القليلة ، فلماذا هذا التباين بين الماضي والحاضر علما ً أننا لم نشهد من فترة بعيدة قصيدة كان لها وقعها الخاص في الجمهور وتأثر بها ؟ 
هذه معضلة كبيرة أنا لا أؤمن بأن الحق على الجمهور , الجمهور هو نفسه من يوم يومه له نفس المكتسبات، هي أزمة شاعر ، فاليوم ارتفع النخبة منهم بنخبويتهم عن الجمهور وجاء رد فعل الجمهور بالابتعاد عن الشعر , اليوم قلائل الشعراء الذين يّبقون هذه اللغة رفيعة المستوى وبنفس الوقت تتصل مع الجمهور لذلك غاب الشعر والشعراء .
أتفق معك أن التاريخ ملفق ويكتبه ملفقون لكن المرحلة الحقيقة والناجية تكون درساً وعبرةً للأجيال ومن واجب الشاعر أو الأديب أو المثقف أن ينقل الأمانة ويصورها حتى لو لم يطلب منه ذلك برأيك هل يوجد  من ا يحمل هذه الأمانة على عاتقه ؟
لا أعرف ،  حقيقة  نحن اليوم وراء ألف ستار وألف مشكلة يعني التمذهب والدين والحزب والآراء الكثيرة والمتعددة ، لذلك أنا منحاز وأفضل الشعراء في هذا المجال لأنهم في لحظة انفعالية يعطوننا نصاً وهذا يكفي .
ولائك إلى الشعر العمودي  في العصر الراهن وأنت من المؤسسين والداعمين لعودته فما هي الأدوات المطلوبة للحداثة والتجديد ؟
أنا احب كل اشكال الشعر لكني أفضل الشعر العمودي جداً به نستطيع أن نخرج من اللغة المعجمية واللغة الجاهلية وكأن امرئ القيس يقول اليوم في 2018 شعر عمودي بسيط قريب من الناس لكنه متجاوز بلاغته فقط .
متمرد وثائر ولا تؤمن بالتاريخ ولا حتى بالتصنيف فهل أنت ابن التجربة أم هذا نوع من التواضع ؟
لا ، حقيقة أنا ابن تجربتي وأنا لا أرى أن الشاعر تحديداً يجب أن يكون مترفعاً عن الناس ، في الحقيقة هو برأي قحاطة وجع الناس.
من أين يستمد الشاعر عطائه من تفرده أم تمرده أم واقعه أم من نقده ؟


على الشاعر أن يصنع معجمه الخاص وينتمي إليه وأنا أعتقد أن لغتي هي التي صنعتني .
لا تحب مصطلح شعراء الشتات لكن ما هو دور صوت الشاعر السوري في الغربة في إيصال الصوت السوري ومعاناته الى العالم ؟
 أنا متغرب منذ خمس وعشرين سنة   قبل أي حدث في سوريا للعمل وظروف الحياة لكن الحبل السري مع سوريا لم ينقطع كما شعراء المهجر إلى اليوم أصواتهم تمثل لبنان أكثر من شعراء الداخل .
من المسؤول عن الحالة المأساوية لمضمون وشكل الشعر اليوم ، رغم وجود شعراء جدد وأنت تدعمهم ؟
الاستسهال حتى من الشعراء الكبار فالشعر إن لم يكن حقيقياً لا يمكن أن يتصل مع لغة الجمهور، أنا أؤمن بالأنزيم الدفاعي لدى الجمهور تجاه الشعر المزيف.
هل تعتقد ان الاغنية تملك مقومات تجعلها امتداد له اكثر من الشعر نفسه ؟ 
لا شك هي اللغة المبصرة جدداً ،  لكن لا يجب أن تكون قاعدة  فأغاني فيروز تحمل جبال  من الشعر  لكنها تبقى مجرد أغاني تتداولها العالم .
هل في الشعر إيضاح وأنت المغامر والمغامر في اللغة وهل مطلوب من الشاعر أن يكون واضحاً روتينيًا ؟ 
يحضرني هنا قول ابن المقفع في البلاغة  : أنه لفظ إذا سمعه الجاهل ظن أنه يحسن أن يقول مثله , يعني أنا لا أنحو منح الغموض من الحداثيين بحيث أفقد اتصالي مع الناس ولا أكون واضحاً لدرجة السذاجة  ،أنا أعتقد أن البلاغة هو لفظ واحد ولكن لم تخطر هذه التركيبة على بال احد.
عبرت عن النبك أنها مدينة أساطير ومجتمع متكامل من الحب والكرم والمراجل ولم يكن وصفك ساذجا بل عبرت حتى عن الأشرار والسكريين والمغامرين  ، هل هذا مطلوب من الشاعر في حال أراد تأريخ بلاده كانحياز لمهمة الشاعر أم يبقى مجرد وصف عام ؟ 
لا يوجد مدينة خالية منهم وهؤلاء الأشراء لهم دور هائل بقصصهم وحكاياتهم المدهشة والملهمة ،  وأنا حالياً أعد لكتاب عن ظرفاء المنطقة .
حاشية
كيف تغني للأنثى ؟ أيها السيد الشعر وانت تذهب الى المنابر ببدلتك السموكن تذكر أنك لم تقل ما قالته عينا امرأة بعد .
لماذا الحب شهي ومفاجئ ؟ يمتلك الأرض العاشق حتى لو لم يكن لديه مترين في الحياة .
ماذا تقول عن وجه دمشق ؟ الله يعين دمشق اليوم على أبنائها اكلناها .
معارض الكتب ؟ مازالت تبث الأمل بأن هناك أناس تقرأ.
الجوائز؟ لا تعني الكثير لكنها إشارة الى الموهبة .
الجنائز؟ أَمل أن ننتهي منها بأقرب وقت .
ضعفك ؟ سر نجاحي .
صمتك ؟ الشعر هو مختزل وشفاف ولايحتاج إلى الكثير من الكلام .
الوجع ؟ متلازم للشعراء.
الضباع ؟ حيوان دنيء .
المواويل ؟ أحب أي بيت عتابة أكثر من أي معلقة !
أحمر الشفاه ؟ إنذار بالحب والغواية.
أسف ؟ أقولها لأهلي الذين لم أشبع منهم ولم يشبعوا مني لسفري المتواصل.
القتلة ؟ البقاء للقتيل .


أحبك ؟ اقولها لكل أحد يحب الشعر ويؤمن بالأغاني.
الهواء ؟ هو في دمشق فقط.
غربتك ؟ أمل ان تنتهي قريبا .
تغربك ؟ متلازمة الشعراء أيضاً . 
شكراً لأنك لم تكن دبلوماسيًا  ، شكرا سيدتي الكريمة.
مرجع :
هاني نديم بحبوح، شاعر وإعلامي سوري، ولد عام 1972 بمدينة النبك في سوريا ، كتب الشعر باكراً ، نشر أول ديوان أول و هو في السابعة عشرة  من العمر، كتب وأعد للإذاعة والتلفزيون العديد من البرامج الثقافية والأدبية والمسلسلات الدرامية والأفلام السينمائية. في مسيرته المهنية ما يزيد عن أربعمئة حوار صحفي مع أهم وجوه العالم العربي الثقافية والفنية و الفكرية، ولديه  أعمال في الشعر والمسرح والدراما والغناء، و صدرت له 4 مجموعات شعرية، و دراستان نقديتان و 9 مسرحيات ،غنى من قصائده كبار مطربي العالم العربي مثل، أميمة خليل و مكادي نحاس ولينا شاماميان و كريمة صقلي  و غيرهم. يعمل مدير نصوص إبداعية بشركة خدمات صحفية و دعاية و إعلان عالمية،  كما نشر في معظم الدوريات العربية الرصينة مثل العربي، نزوى، الكرمل، الآداب، السفير، النهار، دبي الثقافية، أخبار الأدب، الفيصل، القدس العربي، الشرق الأوسط، الحياة، الأسبوع العربي. يرأس القسم الثقافي في الوسط اليوم و له مقال أسبوعي في جريدة الاتحاد الإماراتية. سجلت باسمه في الحقوق الفكرية أكثر من 10 أعمال إبداعية لحملات إعلانية ، وله ما يزيد عن 150 فيلماً وثائقياً ودعائياً لكبرى الشركات المحلية والعالمية .

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  2018-12-11 04:44:01   حضور راقي وكان لي شرف الحوار
شكرا Hani Nademrشكرا د مي حميدوش
Bodor alsose  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz