دام برس - خاص :
قامةٌ وطنيةٌ وشخصية محبوبةٌ ...... جمع بين الفنّ والتمثيل .. المسرح والغناء ... تقمّص شخصياته بكلّ براعةٍ ... وتفنّن في أداء أدواره ... عشق سورية وتمسّك بترابها ... واختار البقاء على أراضيها ... إنه الفنان محمد خير الجراح الذي كان لنا شرف اللقاء به واستضافته في مؤسستنا الإعلامية ... لنتابع :
كيف تصف لنا المشهد السوري بعد خمس سنوات من العدوان على سورية ؟
وصف بأن ما حدث في سورية مؤسف ومؤلم .... وما من كلمات تصف سوء ما حصل ... لافتاً إلى دور كل مواطن في تحمّل المسؤولية كما تتحمّلها الدولة السورية ... فهناك أخطاء نجني بعضاً من ثمارها اليوم ... إلا أنها لا تستدعي كل هذا الدمار الذي لحق بالبلد ... أخطاء استندوا عليها للخلاص من سورية الرقم الصعب في المنطقة
هناك من تمّ استدراجهم ورضخوا مستندين إلى هواجس ... مؤكّداً على خياره في البقاء على الأراضي السورية ... فما يتمّ الاتفاق عليه أن هناك كياناً ننتمي إليه يتوجّب علينا المحافظة عليه ...
هل استطاعت الدراما السورية محاكاة واقع الأزمة السورية ؟
لدي بعض الملاحظات على هذه القضية ... وكم من الممكن أن تكون الدراما السورية ناقلاً حقيقياً ... فالأزمة السورية لم تنتهِ ... وبالتالي لم تتكون إلى اليوم صورة واضحة عمّا يجري ... موضحاً بأن الأعمال التي تصدر اليوم إنما هي تعبّر عن حالة انفعالية لها علاقة بالمشاعر اكثر مما تعبّر وتترجم وجهات النظر ...
ويعتقد أنه بالإمكان ان تترجم الأعمال بعد الحروب ... لنصنع منها الدراما والمسرح والروايات ... حيث نكون قد وصلنا إلى مرحلة رؤية الأخطاء واستيعاب الأزمة .... وتكون الصورة اكثر وضوحاً ... فلا يمكننا أن نتناول الدراما في صلب الأزمة فلن تكون سوى تعبيراً عن ردة فعل آنيّة ...
يشار إلى بعض الأعمال ويُؤخذ عليها دورها الهدّام في المجتمع ... "صرخة روح " هذا العمل الذي تم انتقاده بشكل كبير والتشكيك به ... ما تعقيبك على ذلك ؟
قال " أين الأجهزة الرقابية " فكل عمل درامي هناك جهات رقابية مسؤولة عنه بمراجعة النصوص ومتابعة النتائج ... ولو أن هذا العمل صوّر خارج الأراضي السورية ... لكان من الممكن أن نقول بأنها خارج السيطرة ... إلا أن الواقع يقول بأنه صوّر داخل الأراضي السورية وحصل على شهادات تصدير وموافقة وزارة الإعلام و لجنة صناعة السينما السورية وموافقة نقابة الفنانين ... كما يعرض على المحطات الوطنية والخارجية ...
وليتمّ الدفاع عن العمل السوري يجب أن يكون هناك عمل مقابل قوي ... إلا أننا نعاني من مشكلة الصراع مع المحطات .. حيث أننا ننتج لنبيع ومرهونين بالخارجي .... فالمحطات الخارجية تحكمنا بالأعمال التي من الممكن تصديرها أمثال باب الحارة والغربال وكل عمل لا يمكننا من خلاله أن نعبّر عن انفسنا ...
وأضاف : "نحن لا نملك محطة تستوعب وقادرة على تغطية الإنتاجات ... وبالتالي نحن في استمرار للهلاك الفني والأدبي والفكري الذي يتصدر و تتصدر سورية على هذا الأساس ..فهذا جزء من الحرب على سورية ...
ذكرت في لقاءات سابقة لك بأن أعمال البيئة الحلبية تفتقر إلى النص والكاتب .... في الوقت الذي كان من الممكن للأزمة السورية أن تصور أروع الأعمال الدرامية .... ماذا تقول اليوم ؟
إلى اليوم نفتقر لوجود تكامل بين النص والكاتب ... سابقاً ظهرت أعمال درامية يُحكى بها إلى اليوم ؛ خان الحرير ، باب الحديد ، الثُّريا ، سيرة آل الجلالي ... فالدراما اليوم تحتاج الكاتب الحقيقي والجهة الإنتاجية والمحطة العارضة ... لكن في الحقيقة إذا أردنا أن نقوم بأعمال روائية وفنية ودرامية ومسرحية فالدهر لا يكفي ... هذا الإلغاء الممنهج للإنسان ومنتج الإنسان ... وحالة إفراغ البلد من طاقاته الشَّابة .... فما يحدث أشبه بالشكل الديمغرافي الجديد للبلد والمجموعات البشرية التي تتناسب مع الهدف الإسرائيلي ...
تحدثت عن استدراج الفنانين ليتبنوا مواقف معينة ... وقد لقيت نتيجتها لدى البعض ... ما رسالتك لهؤلاء اليوم ؟
لا أبعث برسائل لأحد وكل له عقله ليفكّر به ... نحن لا ننكر الاختلافات والتداول السياسي والحالة البرلمانية ... إلا أن الخطوات لاقت استعجالاً في ظل ما وصفوه مماطلة ...
لافتاً إلى أن الفنانين الذين فصلوا من النقابة و وصل عددهم إلى 530 فناناً متضمناً بذلك من هم داخل الأراضي السورية موضحاً السبب في عدم دفع اشتراكهم النقابي ..
أما الفنانون خارج أراضي الجمهورية السورية بيّن بأن مشكلتهم باتت مع الشارع ... فكيف سيأتي هذا الفنان إلى سورية ... في بلد يقتتل أفرادها في كل يوم ... بينما هم يعيشون في رغد و نعيم ...
ما آخر أعمالك الفنية ؟
حالياً أقوم بتصوير مسلسل الخان الجزء الثاني لمسلسل خان الدراويش ... حيث تغيّر ترتيب العمل ... وحصلت على دور رئيس المخفر ...
كما أحضر لمسرحية سيتم عرضها على المسرح القومي في السابع من أيلول ... للكاتب مصطفى الحلاج .. موضحاً أن المسرحية تمّ اقتباسها واستلهامها من الواقع تصوّر أناساً يعيشون في "قبو " يزورهم الموت واحداً تلو الآخر ..
هناك من حمّل مسلسل " باب الحارة " قضية حفر الأنفاق ... ما رأيك بذلك ؟
أنا أرى أنه حُمّل أكثر مما ينبغي .. فنخن _السوريين _ علمنا حماس و دربناهم على موضوع الأنفاق لتُستخدم ضد الإسرائيلي ثم قلبت ضدنا ... إلا أن الشعوب دائماً تأخذ بالمنعكسات السلبية وهذا مردّه ضعف المخزون الثقافي عند الناس ...
فالمسلسل يندرج تحت مسمى أعمال البيئة الشامية والمخرج بسام الملّا كان يقدّم من خلال أعماله الدرامية حكايا شعبية تحمل بين قصصها القيم الإنسانية المطلقة التي تربّينا عليها ... قيم اللمة والالتفاف والاحتواء
هل استطعنا أن نصل بالفن للمرحلة الأكاديمية ؟
أثنى على دور المعهد العالي للفنون المسرحية والمعهد العالي للموسيقا الذين كان لهم المساهمة في نهضة الفن والدراما السورية ... مشيراً إلى عام 2010 الوقت الذي كانت فيه سورية في نهضة ... بينما بدأت دبي بالتساقط ... فسورية كانت تمثّل المشروع الإنساني الحضاري والقوة العسكرية وموقفها المناهض لإسرائيل ... كان من الممكن أن يجعلها في أحسن أحوالها .. إلا أننا للأسف نعاني من حالة تخبّط في كافة مجالاتنا في الحياة ....
هل ترى بأن الأعمال قادرة على النهوض بالواقع المسرحي ؟
أهم مشاكلنا تتمثّل بغياب وزارة الثقافة عن الشارع السوري ... مشيراً إلى أن غيابها مسؤولية حكومية ... مؤكّداً على دورها في بناء الإنسان وتكوينه ... و مبيّناً علاقتها بالتربية في تكوين فكر الإنسان ..
وأضاف " نحن لا نربي أولادنا على حب المسرح وتذوق الموسيقا وحصص التربية مشيراً إلى أهمية هذه الحصص الترفيهية في اكتشاف نشاط بناء الإنسان المتعلّق الحياة ... في حين تساهم الحصص الأخرى في تكوين العقل علمياً ومعرفياً ".... فالمسرح يعدّ جزءاً من هوية الفنان ...
ماذا تخبرنا عن تجربتك الأولى كمقدّم برنامج " نوّرت سمانا " ؟
قدمت برامج كثيرة ... لم تكن التجربة الأولى لي في تقديم البرامج .. إلا أنها التجربة الأولى كمحاور حيث أنطلق في الحوار من خلال الجلسة مع الضيف ... أضع بعض النقاط السلبية وخاصة التفاوت في سوية الضيوف والذي تتحمل إدارة المحطة جزءاً منه ... إلا أنني راضٍ وأشعر بالسعادة تجاه هذه التجربة ... ولا مانع لدي في إعادتها لكن بشروط أضعها أنا ...
كما أنني أقدم برنامجاً حواريات على إذاعة ميلودي " عاقل يسمع " يدور من خلاله حوار بين شخصيات مثّلت أدوارها في أعمال تلفزيونية ...
وأشار إلى بعض أغانيه التي يعبّر من خلالها عمّا يؤلمه في البلد وفي جديد أغانيه ... أغنية " دفش " التي تترجم حالة الفوضى التي نعيشها ... وتقول الكلمات :
دفش دفش دفش ما بيعرف غير يدفّش
بتقله صف عالدور بصير يعضّ ويخرمش
شوفو النحلة والنملة ... شوفو السوسة والقملة
بالدور يصفّو على رزقن .. ريتك تحفظ هالجملة ... ريتك عنها لا تطنش
أول ما بيوصل يحكي بالعربي يسب التركي لما تحاكيه بقلك عريف مع من عم تحكي
بالقوة أو بالفوضى ... تاخد دوري ما برضى
عالمريخ وصلو العالم نحنا لسا بالروضة .... ساعة عالحرف نبحبش
دوره دوره دوره على طول مزبط دوره
على خصره في فردين مفكر حاله زوزو
ما رسالتك للمواطن السوري عبر مؤسسة دام برس الإعلامية ؟
هناك تغيّرات طرأت على البلد ...تملّك الخوف في قلوبنا ... وخوفنا من الآخر ... فما يمكن أن نوجهه كرسالة .... المحبة أقوى رسالة للمواطن السوري ... يجب أن نحبّ بعضنا .. ونحترم حقوقنا ... عند هذه المرحلة نبدأ بالتوجّه للرقيّ بالمجتمع ... رغم أنه بلد دولته قوية ... كما توجّه برسالة إلى من ترك بلده في حال أراد تبرئة نفسه ... " فليعد ويعيد كل ما أخذه "
تصوير : تغريد محمد