دام برس - طرطوس - عزام الكنج :
كان ومازال مع الجيش العربي السوري في حمص مراسلا حربيا في زمن تشوه فيه الحقيقة يوميا , ومن مكانه عمل على نقل ما يجري بكل تفاصيله فرسالته رسالة وطن رسالة صمود شعب وانتصار قريب , حمل المسؤولية على اكتافه وقدمها مواد اعلامية تنقل الواقع وتسطر البطولات
دام برس التقت الاعلامي الشاب طارق علي و قال : بدأت في الاعلام انطلاقاً من هواياتي الأدبية التي كان لها الدور الفصل في تورطي بالإعلام المرتبط أصلاً بقواعد اللغة العربية , التي أسعى لأتقدم بها بالتوازي مع العمل الاعلامي بمضمونه العام , من تطوير الأدوات الشخصية للعمل سواء على الأرض أو الشأن التقني منها , بدأت العمل الصحفي في لبنان بإطلاق مجلة جامعية اجتماعية لم يكن لها دور كبير في حياتي ثم من المواقع الالكترونية وصولاً إلى الموقع الإخباري شوكو ماكو وهناك تعلمت كيف أقول ما أعرف فقط , وأن أكون واضحاً ومسؤولاً عن كل حرف أنطق به , لارتباط مصائر الناس بالخبر الميداني , مروراً باكثر من 20 موقعاً الكترونياً وإذاعة ومقالات متفرقة في عدد من الصحف , وصولاً إلى قناة الميادين التي تعلمت فيها كيف أكون مراسلاً ميدانياً , وهي القناة التي لم تبخل عليّ بكل أنواع الدعم الذي يحتاجه أي مراسل في بداية طريقه الطويل , أقدر فيهم وأحترم صبرهم معي حتى بدأت بالعمل الحقيقي على مستوى الاعلام المرئي وهي المؤسسة العربية الوحيدة المتكاملة اليوم من وجهة نظري .
و أضاف علي : لكل معركة حالة معينة تتقمصها بفعل تغير المعطيات على الأرض , بالعموم لا تتشابه الحالات التي يلعب الدور النفسي والارتياح العام الدور الأكبر فيها , فأن تعد تقريراً ضمن ساحات الحرب داخل المدينة فهذا شيء , وفي الريف شيء آخر , وفي كلا الحالتين تحاول أن تجعل من ذاكرتك شريطاً يصور كل اللحظات التي تمر بها , لتدعم قلمك وكاميرتك بمشاهد فريدة تضعها في التقرير , ليشعر المشاهد العاطفي بطبعه أنه كان معك داخل المعركة وعاش كل تفاصيلها بما فيها من لحظات الخطورة والجمال المكلل بانتصارات واسعة المضامين , على ألاّ ينسى المراسل أنه وفق النظرية الأكاديمية ليس طرفاً في المعركة لئلا يخطئ في التوصيف , عليه أن يكون مجرد ناقل للحدث , وللمشاهد التقييم بعد أن يقدم المراسل التوضيح المطلوب .
وتحدث علي : ليس ثمة معركة لا يوجد فيها خطورة , سيما أنّ عملي يقتضي أن أكون مراسلاً حربياً , لا مراسلاً يلهو في الأحياء الآمنة , أمام الأزمة التي تعيشها سوريا لا مكان لتناسي أن جهاد الكاميرا في ساحة المعركة هو الأهم و أفضل ألّا أذكر المواقف الخطيرة التي تعرضنا لها على كثرتها , فالموت يلف بأي سوري وفي أي مكان , لسنا أغلى من جنود يخاطرون بأرواحهم لحماية أرض الوطن , هم من يتعرض للخطر , ونحن محميون بوجودهم , وكذلك بقية الزملاء فحياتهم ليست بمنأى عن الخطر اليومي , لهم ولجيش سوريا ألف وردة وقبلة أما الاثر الذي تركته في حياتي تلك اللحظات الخطرة فأقول أن كل لحظة خطيرة مررت بها جعلتني متمسكاً أكثر بتراب سوريا التي أحلم أن أقضي شهيداً على أرضها , جعلتني متمسكاً بقيمي داعماً لكل حركات المقاومة على امتداد عالمنا , وداعماً لمعركة الشرف والعزة التي يقودها الجيش العربي السوري .
و أشار علي : الاعلام الحربي في سوريا تحديداً لم يبصر النور سوى منذ سنة تقريباً , وذلك أن عدوى العمل الحقيقي الإيجابي بدأت تنتشر بين العاملين في الحقل السوري , فكان لكل منهم دور واضح وبصمة معينة , على الرغم من انتقاداتي الكثيرة لعمل البعض منهم , فالاعلام لا يوجه بالعواطف والمشاعر , الاعلام مدراس ولكل مدرسة ألف باب , وبالطبع لست أفضل من أي منهم , ولكن ربما أتاحت الظروف لي ما لم تتح لهم , من حرية التعبير والسقف المفتوح في التعاطي مع الحدث , والتي كانت تعليمات وزارة الاعلام السورية واضحة بها من فتح سقف التغطية أمام مراسلي القنوات العربية , رأيت عشرات التقارير الجميلة , ولكنني لم أرى حتى اليوم تقريراً مهنياً أكاديمياً متكاملاً , والعتب في ذلك على المؤسسات السورية التي لم تهيأ مراسليها بالشكل المطلوب عبر دورات ومعسكرات كما حظي الزملاء في قناة تلاقي , والذين اتوقع منهم تقديم الأفضل لتكامل الفريق الموجود ومهنيته العالية من معرفتي ببعض الزملاء في القناة , الاعلام السوري بشقيه العام والخاص بدأ يتطور بسرعة واضحة بعد أن عاش عصر السلحفاة الناجمة عن الاستهتار الكبير وعدم العناية بالكوادر على حساب الحدث الأكبر في المنطقة , على ما يبدو أن قنواتنا بدأت تتدارك المشكلة مؤخراً , وهذا ما نراه في النقلات النوعية لعدد من الزملاء في دمشق وحلب وحمص .
وحول استخدام الاعلام كسلاح قال علي : الاعلام سيف ذو حدين إما أن توجهه بما يتناسب مع دعم الانسان في كل مكان وإما أن يكون سيفاً قاضياً على المجتمع إذا ما تم توجيهه بشكل خاطئ , سيما أن الاعلاميين هم قادة الرأي العام الذي يجب ألّا يخضع لمزاجيتهم المعلنة , بالنسبة لي فإن نقل الحقيقة وحده يكفي , التلاعب بالخبر له وقع كارثي على أفراد المجتمع وبنية مؤسساته , عملي اليوم في سوريا يقتضي أن أغطي الحقائق والتجاوزات من الجميع ,
و تحدث علي : العمل الصحفي مجهد جداً وخصوصاً الحربي منه رغم أنّ سوريا باتت بيئة خصبة لاحتضان الاعلاميين , تواجهنا الصعوبات أنى تلفتنا لا سيما ما يتعلق منها بانعدام التنسيق معنا , لصالح أشخاص تلعب المعارف العامة القائمة على " المحسوبيات " الدور الأكبر في عملهم , لذا لا بدّ أن يكون هناك أفضلية لأحد على أحد آخر , وهذا ما نعيبه على المعنيين برعاية الصحفيين في سوريا وحمص تحديداً , لن أتطرق للموضوع كثيراً ولكن أقلّه بإمكانك أن تدلّ الصحفي على الطريق الذي يقوده لوجهته في تغطية حدث ما , لا أن تتركه يسلك أكثر من طريق بخطورتها ليصل إلى مقصده , في حين سلامة آخرين على حساب سلامتنا الشخصية , هذا قبل الوصول إلى المكان المطلوب , أما بعده فسيتكفل الجيش العربي السوري بحمايتك بسلاحه وروحه التي لن يبخل لتقديمها فداءاً لك , وهذا ما عهدناه به من رجولة , فهو حامي سوريا بأرضها وشعبها .
.وقال علي :أعتز بكل ما قدمته في الاعلام حتى اليوم بما فيه المكتوب والمرئي وتحديداً تغطيتي للمعارك بين الجيش السوري والمسلحين في قرى ريف القصير والتقارير التي أعددتها حتى اليوم , كفيلة بشرح جزء من الأزمة في سوريا .
واضاف طارق نشأت في بيئة معنية بالثقافة بما فيها المسرح والشعر والسياسة والاعلام , كان لها تأثير كبير في بداية طريقي , تلقيت مساعدات كثيرة من أشخاص مروا في حياتي ضيوفاً كرام , ثم بدأت بالعمل الجاد الذي كان الصبر أساسه , تعبت كثيراً على تطوير نفسي , حتى أنني أرى أن عمري في الاعلام يعود لفترة غير طويلة , بالعموم ما زلت في بداية الطريق وهو طريق طويل جداً , الغرور يقضي على صاحبه , والقاعدة الأهم أن الانسان يموت وهو لا يعلم كل شيء