دام برس - وائل ضو
بمناسبة الذكرى السادسة على تأسيس حزب التوحيد العربي , خص أمين الاعلام في الحزب هشام الاعور , موقع دام برس باللقاء التالي
يمتلك عضو المكتب السياسي امين الاعلام في حزب التوحيد العربي رؤية مختلفة الى الواقع اللبناني في ظل أزمته الراهنة والى طائفة الموحدين الدروز في معالجة الهموم الوطنية، ينطلق فيها من نظرة الحزب الذي ينتمي اليه الى قيمة الحرية والتعددية السياسية والديمقراطية الحقيقية التي ينبغي ان تسود في منطقة الجبل .
ويفضل الاعور ان يتعاطى مع واقع الموحدين الدروز في لبنان انطلاقاً "من الرؤية الوطنيةوالقومية لدور الطائفة ، وليس من خلال الانتماء الطائفي والمذهبي، لأن هناك شريحة واسعة من الموحدين الدروز لا تتحرك من منطلق ضيق وترفض مصطلح "الشرنقة" ، ولذا فالمطلوب برأيه ايجاد مشروع وطني تغييري يعمل الموحدين الدروز من خلاله".
ويختم الاعور مواقفه الجريئة بدعوة المسؤولين والقيادات اللبنانية بالوقوف الى جانب سوريا وقفة مخلصة في ما تواجهه حاليا من هجمة غربية تحاول النيل من وحدتها الوطنية وتعكير صفوة امنها واستقرارها .
هذه خلاصة الحوار السياسي والفكري الذي أجراه موقع "WRNEWZ " مع عضو المكتب السياسي امين الاعلام في حزب التوحيد العربي هشام الاعور في منزله في بلدة قرنايل في المتن الاعلى ، بمناسبة الذكرى السادسة على تأسيس حزب التوحيد العربي في السادس والعشرين من شهر ايار 2006 ، في لحظة تتطلب من الاحزاب والقوى السياسية و القيادات الشابة الواعية تقديم كل ما لديها من رؤى فكرية وطروحات سياسية لمواجهة الاشكالات والهموم المحلية والاقليمية . وحزب التوحيد العربي واحد من هذه الاحزابالتي تمتلك رصيداً كبيراً من الاحترام والتقدير لدى اللبنانيين والعرب والمسلمين. هنا نص الحوار:
كيف تنظرون الى الأزمة التي يعانيها لبنان حاليا؟
ـ لست مع الذين يعتقدون أو يتصورون أن الأوضاع في لبنان هي من الخطورة بدرجة تصل الى المعضلة التي لا حل لها. ان خيار وحدة لبنان وانتمائه الى محيطه العربي، وبالأخص رؤيته الحيوية لموضوع الصراع مع "اسرائيل " هو قضية فلسطين ومقاومته النوعية للاطماع الاسرائيلية فيه، كل هذا يجعل من واقع لبنان المقاوم واقعاً متقدماً على غيره من الدول المعنية، بما يمكّن اللبنانيين من تجاوز المخاطر التي يتم التلويح بها، ويجعل لبنان قادراً اذا توافرت الارادة الوطنية والنية الصادقة لأبنائه ولبعض نخبه السياسية ـ على تخطي هذه المرحلة والوفاء بالتزاماته القومية والوطنية، وخصوصاً انه قادر على الوفاء بالتزاماته تجاه فلسطين المحتلة . وقد يكون أقدر على ذلك، بل بالتأكيد هو أقدر على ذلك، عندما يكون أكثر استقلالاً وسيادة وقدرة على اتخاذ قراره الحر والمستقل.
ونحن في هذا الإطار لا نجد ان من الضروري ان ننتظر، قراراً دولياً لتنظيم شؤوننا الداخلية ، بل علينا ان نبادر الى ورشة اصلاحية داخلية بصورة ترفع من مستوى الحيوية السياسية الداخلية على حساب الوهج الذي تفرضه المتغيرات الخارجية وتمليه علينا إملاءا من خلال ما اصطلح على تسميته ب "الربيع العربي"
وهنا أعتقد أن الأمر يتطلب حذراً ووعياً أكثر، من المسؤولين و القيادات اللبنانية التي يجب أن تساعد سوريا مساعدة مخلصة في ما تواجهه، من اجل تخطي محنتها الداخلية والتي انعكست بدون شك على الداخل اللبناني وهذا ما اظهرته باخرة الاسلحة التي ضبطتها مخابرات الجيش اللبناني وهي متوجهة الى سوريا وعكست مدى الصورة المجانيةلأشكال التبعية والخضوع والتملق التي تبديها جهات لبنانية من اجل ارضاء آلة التدمير الاميركية والغربية والخليجية العابثة بأمن واستقرار المنطقة وتحديدا في سوريا.
جرت تطورات عدة أخيراً على صعيد الوضع الدرزي من خلال حراك حزب التوحيد العربي في مناطق وقرى الجبل ، هل سيؤدي ذلك الى تغيير حقيقي في الواقع االدرزي ؟
ـ الأزمات التي تتناول المشرق العربي هي أزمات أوسع من الطائفة، خصوصاً طائفة الموحدين الدروز . الموحدين الدروز لن يستطيعوا كما يشتهي لهم البعض ان يكونوا خارج الجغرافيا والتاريخ. ذلك ان الموحدين الدروز بطبيعة توزعهم الجغرافي في لبنان وسوريا وفلسطين المحتلة ، هذا التوزع المتعدّد والمتباعد، وانفتاح هذه الطائفة على مفاهيم تتجاوز الطموح الطائفي الضيق في لبنان، كل ذلك لا يسمح بالتعامل مع الموحدين الدروز على انهم مجرد طائفة أو يمكن اختزالهم بأحادية او ثنائية او ثلاثية ، فلست من الذين يؤخذون بالقول إن الموحدين الدروز يشعرون بأن حقوقهم الوطنية والاجتماعية تتوافر لهم لمجردحصرهم في شرنقة سياسية ضيقة تحاول تهميش الآخر والانقضاض عليه تحت مسوغاتغير مبررة تسعى للحد من طموحات بعض النخب الطامحة الى مواقع نيابية ووزارية ووظيفية في الدولة اللبنانية.
جوهر الحالة "التوحيدية" تتصل بجوهر الحالة الوطنية في لبنان من الشعور بضيق هذا النظام الطائفي وضيق آفاقه وعجزه عن تقديم الشعور بالتوازن والتعددية السياسية المطلوبة الى المواطن اللبناني، وعجزه بصورة خاصة عن تقديم الفرص الكبيرة للعيش في لبنان، كما عجز هذا النظام الطائفي عن تقديم آفاق رحبة للتفاعل الوطني والقومي بين اللبنانيين.
اذاً كيف يمكن انتاج مشروع توحيدي ذي آفاق وطنية يستطيع المساهمة في تغيير الواقع اللبناني؟
ـ إن انتاج مشروع توحيدي فاعل ومؤثر يتطلب نقداً حقيقياً للصورة التي انتهى اليها الوجود الدرزي كنتيجة لمراهنات سابقة كانت ترى ان قدر الموحدين الدروز هو ان يظلوا اسرى الصراعات التاريخية بين قيسي - يمني او جنبلاطي – يزبكي . ولكن بعد مشروع التغيير الذي طرحه الوزير وئام وهاب على الساحة الدرزية ، بدا أن هذا الأفق التقليدي كان وهمياً الى حد كبير. فمشكلة الموحدين الدروز ليست في هذه الزاوية فحسب، بل انها في اطلاق حيوية توحيدية وطنية لا تقف في وجهها قوالب مفروضة بحكم تركيبة البيوتات التقليدية ولا تتأبد فيها مواقع للنفوذ تمنع بروز أي حيوية خارج هذه المواقع.
ولعل صورة العلاقة بين الجنبلاطية والارسلانية في المرحلة السابقة وعلى مدى أكثر من عشرات السنين كانت كافية لتكشف ان هذه الحالة التي انتجت هذه الثنائية الدرزية ، عادت لتحولهما الى مالكين حصريين للطائفة ولتطلعاتها ولدورها الوطني والثقافي والاجتماعي والقومي، بشكل بدا معه أن هذا العدد الكبير من النخب والكفاءات عند ابناء الموحدين الدروز ، وكذلك الحيوية الاقتصادية، كلها معزولة ومحاصرة بحكم تحالف هذين الفريقين وبحكم تشجيع النظام السياسي على اختزال هذه الطائفة بفريقين سياسيين من دون سعي النظام السياسي الى زيادة مؤونة التعامل مع وضع درزي تعددي غني وواسع وحيوي الى الدرجة التي صار اليها الموحدين الدروز في السنوات الأخيرة بعد تأسيس حزب التوحيد العربي في السادس والعشرين من شهر ايار 2006 .
إن هدف التوحيد الحقيقي ـ وهذه نزعة عند الكثير من الموحدين الدروز هي في اجتراح ميدان وطني وقومي أوسع لكل ابناء الطائفة لكي يكون لهم حقوقهم التي لا تستطيع التركيبة التقليدية ان تؤمنها.
هل يصح اعتبار الظروف الراهنة كافية لإطلاق تحرك توحيدي نخبوي وشعبي في الاتجاه المذكور؟
ـ نعم تتوافر ظروف لا بأس بها في هذا الاتجاه، ولكن توجد بعض الاعتبارات الناجمة عن تعقّد الأوضاع الاقليمية والدولية ويوجد نوع من الانتظار المتوجّس الذي يحبس الانفاس باتجاه ما يجري من احداث في سوريا قد تكون مصيرية مما قد يعطي الأولوية لما هو أبعد من هذا التوجه ولكنه لا يلغيه، وأعتقد أن الفرص تتسع أكثر للعمل على انتاج مساهمة توحيدية وطنية تتجاوز الصيغة الانتخابية الراهنة لمصلحة اقرار قانون "النسبية " التي هي افضل وسيلة للتحر من الواقع التقليدي المفروض من خلال قانون انتخابي اكثري لا يقيم وزنا لكافة النسيج الاجتماعي في الجبل. على هذا التحرك الذي باتت الاستجابة اليه ضرورية لتلافي الخسارات وللمساهمة في تحسين شروط ابناء الطائفة في انتمائهملهذا النظام السياسي وعلاقاتهم بالطوائف الأخرى وأخذ دورهم الوطني الذي يستحقونه .
كيف تفسر موجة الرفض التي تمارسها جهات سياسية تحاول الحد من انتشار الفكر التوحيدي داخل المناطق والقرى الدرزية؟
ـ لا تعتبر عملية محاربتنا بالمعنى الذي نتداوله الآن ظاهرة جديدة في تاريخ حزب التوحيد العربي ويبدو أن تاريخ هذا الحزب التغييري لا يختلف كثيراً عن المسار العاملتاريخ الحركات التحررية التي طالبت باطلاق الحريات والتخلص من نير الاستبدادوالظلم والبطش والحرمان .
. لكن الظاهرة عندما تتصل بحزب التوحيد العربي بوصفه دعوة سياسية للتغييرولتحقيق مقاصد التعددية السياسية ، وممارسة أرقى شكل من أشكال الديمقراطية ، فان الأمر يغدو اكثر إثارة للتأمل وللاستنكار عندما تبدو صفحة تاريخ الموحدين الدروز في جزء كبير منها مليئة بأشكال من العنف والعنف المضاد، سواء داخل المجتمع الدرزي أو بينالموحدين الدروز وغيرهم.
ما نشهده في هذه المرحلة بالذات، شكّل مجالاً حيوياً لإبراز مشروعنا السياسي الذي يقوم على ضرورة احداث "التغيير" الذي شكل احد اهم تجليات الثقافةالتوحيدية بقدر ما هوفعل تاريخي بشري يتجاوز حدود الكانتونات القائمة والاوهام التي تمارسه مواقع نافذة ومنتشرة على امتداد ما نسميه الآن بالبيوتات التقليدية التي تحاول الاستمرار في ممارسة ما يشبه الاستعمار المباشر من خلال السيطرة والهيمنة الجديدة المتمثلة بدرجة اساسية في زرع شتى اشكال الكراهية والاحقاد تجاه ما نطرحه اليوم من مشروع تغييري لما فيه خير ابناء الطائفة..
من دون هذه القراءة للخلفية التاريخية لحزب التوحيد العربي لا يمكن تفسير ظاهرةالاقصاء والتهميش تفسيراً منطقياً، ولا يجوز اختزال هذه الظاهرة داخل المجتمع الدرزيعلى انها عارض يأخذ شكل الخروج على القوانين والقيم والمبادئ وبالتالي وضع هذه الظاهرة في سياق الانحراف الذي يستوجب استئصاله مجرد النجاح في عملية الحد من نفوذ ممارسيه والجهات التي يخرج منها.
فهذا التهميش والحرمان هو في جوهره عنف مضاد لأشكال من العنف السياسي والاقتصادي الممارس على التوحيديين ،
كما ان استهدافهم بتهمة التبشير بعقيدة "التغيير" هو امتداد لمشروع واسع يقضي بإسكات اي تحول من شأنه ان يقيم قوة ارتكاز في مواجهة الواقع التقليدي .
ماهي الصياغة الجديدة عندكم للرد على التحديات المختلفة؟
ـ انني أرى أن الأفق المفتوح امام التوحيديين لكي يكونوا كتلة فاعلة في مجريات الأحداث يتطلب استنهاض اشكال المقاومة التبشيرية بعقيدة التوحيد والجهاد بمعناه السلمي الذي يعتبر شكلاً من أشكال المساهمة الميدانية الفعلية في تقديم صورة التوحيد العربيخلافاً لما تكرسه الحملة المعادية عليه.
ان حركة سياسية توحيدية واعية ومخلصة في تقديم التوحيد العربي على حقيقته بوصفه دعوة الى الحد من مظاهر التخلف والحرمان والفقر والتهميش ودعوة الى التغيير والتعددية السياسية وتأمين التكامل بين أبناء الموحدين الدروز ، هي في نظري شكل متقدم لمقاومة المشروع الذي يستهدف تكريس الصورة المريبة لحركتنا السياسية التينحاول من خلالها القفز فوق انسداد
الفرص والأبواب أمام طموحات ابناء الطائفة وأمام صحوة الموحدين الدروز في عصرنا من أجل ان تأخذ مداها في استعادة صورة "التغيير" وقوته بوصفه مشروعاً حضارياً وانسانياً يرتكز على دعوة كافة اللبنانيين الى الدخول في هذا االمشروع .
وائل ضو