Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 14:36:32
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
كيف إنتصرت دمشق قبل أن تنتهي الحرب ؟ بقلم: الدكتور خيام الزعبي
دام برس : دام برس | كيف إنتصرت دمشق قبل أن تنتهي الحرب ؟ بقلم: الدكتور خيام الزعبي

دام برس:
في الوقت الذي تحتدم فيه المعارك بين طرفي النزاع بسورية، ويعلو صوت القصف فى معظم أنحاء البلاد، باتت الأرض السورية ذات الموقع الإستراتيجي والغنية بالثروات بسبب النزاع الداخلي وعدم التوافق بين الأطراف السورية فريسة ثمينة لوقاحة السياسة الأمريكية الإحتلالية التي تريد العبث بمقدرات المنطقة، بحجة محاربة تنظيم داعش الإرهابي الذي نشأ تحت أعين أمريكا وحلفاؤها، والتي لم تكن بعيدة عن تسليح التنظيمات المتطرفة والإرهابية وإطلاقها فى سورية والعراق، بدأت مع الجيش الحر الذى اختفى، وحلت مكانه جبهة النصرة وداعش، وعشرات التنظيمات المسلحة التى تواصل القتل وتستقطب مقاتلين من أوربا ودول العالم.

سعت أمريكا وحلفاؤها لجعل المنطقة متفرقة غير قادرة على التوحد في كيان واحد أو النهوض والتطور حتى يتم سرقة ثرواتها الطبيعية وتصبح حاضنة لمشاريعهم المستقبلية، لذلك فقد إستخدمت في هذا الصراع كل أدواتها المحركة، وكان أخطرها إثارة الفتنة الطائفية والمذهبية وتفتيتها وإستغلال التراكمات التاريخية فيها، وربط كل ذلك مع المسألة السياسية ليشتغل العرب بعضهم ببعض ويقتل بعضهم بعضاً فينصرفون عن قضيتهم المركزية فلسطين وعن مواجهة إسرائيل والقوى الخارجية التي تتربص بهم وبذلك تتحقق فيهم نظرية "فرق تسد" فتستفيد إسرائيل وتلك القوى من حدوث مثل هذه الحالة لتمرير مصالحها في هذا البلد أو ذاك.
بعد أكثر من ثلاثة أشهر من الضربات الجوية المتواصلة على تنظيم داعش و قياداته ومواقعه العسكرية، لا يزال التنظيم يقاتل بشراسة ويرتكب المجازر وأعمال الإعدام حتى ضد عناصره، ويشن هجمات بغرض إحتلال أراضٍ جديدة، واشنطن قالت على لسان مسؤوليها إن المعركة طويلة مع إرهاب داعش، وهذا يعني أن الولايات المتحدة لا تريد أن تنهي هذه الحرب ويعود الإستقرار والأمن إلى سورية والعراق لأن الضربات الجوية لا تقضي على تنظيم لديه عتاد عسكري كبير والمقاتلون يتدفقون إليه عبر حدود تعرفها أمريكا بشكل جيد.
اليوم أصبح تنظيم داعش يهدد أمن الخليج والمنطقة برمتها، أميركا تبتزّ وتجني أرباح طائلة تضخ خزانتها بمليارات العرب تماماً كما حدث في حرب الخليج الأولى والثانية، وشركات السلاح الأمريكية تحقق أرباحاً ضخمة جراء بيعها كميات كبيرة من الأسلحة،  فدول الخليج بقدر حجم رغبة بعضها في إسقاط نظام الأسد، بات البعض يتمنى أن تنتصر سورية بأسرع وقت على تنظيم داعش، فسورية دفعت الفاتورة ولم يعد لديها شيء لتخسره وحافظت على بقاء النظام السياسي، بينما الوضع الآن أصبح معكوس بالنسبة للدول الخليجية وكل من قام بدعم هذا التنظيم، إذ أصبحت كرة النار في حضنهم، لذا فإن هزيمة تنظيم  داعش في سورية والعراق سيزيح الخطر والكابوس عن صدر تلك الدول، ومن هذا المنطلق فإن الإعتقاد السائد حول أنّ بعض دول الخليج ما زالت تدعم الإرهابيين غير دقيق، الآن الخليج كله يقف كالمتفرج القلق والمتخوف، والخاسر بكلا الحالتين، فإن ربحت داعش سيصل الدب الى كرمهم وينشر الفوضى والقتل والدماروإن ربحت سورية على داعش فهذا إنكسار وهزيمة لهم، وبإعتقادي فإن الإنكسار أفضل من التهديد الوجودي للإرهاب على دولهم وشعوبهم، ولهذا نرى التغيرات السياسية تجاه النظام في دمشق.
أما عن جرائم وأخطاء أجهزة الإستخبارات الأمريكية، فقد دفع العرب ومازالوا يدفعون ثمن كل هذا، ولم تكن أمريكا وحلفاؤها في المنطقة بعيدة عن تسليح تنظيمات متطرفة وإرهابية وإطلاقها فى سورية والعراق، بدأت مع الجيش الحر الذى اختفى، وحلت مكانه جبهة النصرة وداعش، وعشرات التنظيمات المسلحة التى تواصل القتل وتستقطب مقاتلين من أوربا ودول العالم، ولم تهبط عليهم الأسلحة من المريخ، يبيعون البترول علنا وبمعرفة الاستخبارات الأمريكية وحلفائها فى المنطقة، وبالرغم من كل هذه الفوضى لم يتوقف تدفق البترول على أمريكا وأوربا، بل انخفض سعره لأدنى درجة.
في سياق متصل لم يتأخر رّد الجيش السوري كثيراً على إدعاءات الماكينات الأمريكية، الإعلامية منها وحتى السياسية، التي لم تنفك عن بث الأخبار المغلوطة للتقليل من عزيمة الجيش السوري، بينما كانت في نفس الوقت تُضخم قوة داعش التي إتضحت أخيرا أنها وهمية،إذ كانت العملية النوعية التي شنتها القوات النظامية السورية إضافة إلى أفواج الحشد الشعبي، وتمكنت فيها تحرير مناطق من دير الزور وحلب وغيرها من همجية الدواعش ومعاونيهم المحليين، خير برهان على الإدعاءات الأمريكية التي حاولت تثبيط معنويات الجيش السوري  وإثارة الهلع في نفوس السوريين، ورغم ما تحقق من انجاز أمني كبير خلال هذه الأيام، في مختلف المناطق الساخنة، فإن الإعلام الغربي بمعظمه قلل من حجم الإنتصارات السورية بصورة خبيثة ولم يأت على ذكرها إلا نادراً، لا بل طرح سيناريوهات ليس لها وجود إلا في مخيلة كُتابها الذين يحملون أجندات خاصة لتحقيق أهدافهم.
من الواضح، من خلال جولات نائب وزير الخارجية الروسي "بوغدانوف" أن المبادرة الروسية للوصول إلى حل سلمي سياسي للأزمة السورية بدأت تتبلور بشكل متسارع وتحظى بدعم جهات سورية عديدة في السلطة والمعارضة معاً، فالمعارضة السورية بشقيها الداخلي والخارجي باتت تدرك أن قواعد اللعبة على الساحة السورية تغيرت بشكل جذري، وأن الولايات المتحدة باتت أكثر قناعة بضرورة بقاء النظام، وتركيا إردوغان بدأت تبتعد تدريجياً عن السياسة الأمريكية في سورية، وتخفف مواقفها الحادة تجاه النظام السوري، وتدفع بحلفائها في أوساط المعارضة السورية بشكل غير مباشر إلى فتح حوار معه، وقمة مجلس التعاون الأخيرة التي انعقدت أخيراً في الدوحة، أكدت مجدداً على الحل السياسي كمخرج أساسي للأزمة السورية، وهذا تغيير في اللهجة والمواقف، ما يمكن إستخلاصه أن هناك محاولة قوية لتأكيد شرعية النظام السوري الحاكم، والاعتراف به، سواء من قبل موسكو أو واشنطن أو دول عربية وإقليمية فشلت في نزع هذه الشرعية مثل بعض دول الخليج والجامعة العربية والحفاظ على وحدة الأراضي السورية ووقف كل التدخلات الخارجية.
إعادة فتح السفارات السورية في الكويت وتونس ومصر وعُمان والأردن، بالإضافة الى أميركا، وإيطاليا، وإسبانيا، وألمانيا، التي أعادت الإتصال بالنظام السوري، لبدء ترتيبات لوجستية تعيد فتح سفاراتها في دمشق،  ومطالبة الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي روسيا، تحديداً، بالتحرك لإصدار قرار مجلس الأمن بخصوص وقف إطلاق النار في سورية كل هذه مؤشرات قوية على إسقاط كل محاولات سحب الشرعية عن النظام السوري، والتخلي عن الائتلاف السوري الذي جرت محاولات عربية وأمريكية عديدة لفرضه كبديل في سورية، بمعنى إن هناك ليونة غربية وخليجية مع مغادرة الخندق السابق الرافض مبدئياً لأي تعامل أو تعاون مع النظام في دمشق ما يعني تجاوز الخلافات القديمة وتأسيس نظرة جديدة.

وأخيراً أختم مقالي بالقول، لا شك أنّ سورية تستطيع أن تبني ذاتها بذاتها وأنّ قوّتها الداخلية كافية لإعادة بناء سورية الجديدة والحديثة، وأن الهجمة التي تتعرض لها سورية ولا تزال من أطراف ودول إقليمية ودولية سترتد حتماً على أصحابها في حال تكاتفَ السوريين جميعاً وأصبحوا بقلب رجل واحد،  وهو ما سيؤدي حتماً إلى فشل المخططات المرسومة لدمشق والمنطقة عموماً، بإختصار شديد يمكن القول إنه بدون سورية لا يمكن ان تمر أي ملفات إقليمية تهم المنطقة،  وأن المعركة البائسة لإسقاط الدولة السورية لن يكتب لها النجاح وكل المعطيات تشير الى صمود النظام وحسمه المعارك الميدانية والدبلوماسية والسياسية، ولم يعد وارداً لدى دول العالم التغاضي عن أهمية دور الجيش العربي السوري بالتصدي لظاهرة الإرهاب، ومن المبكر التوقع إن كان بإمكان الغرب وحلفاؤه إسقاط نظام الأسد وتقويض الدولة السورية.
Khaym1979@yahoo.com
 

الوسوم (Tags)

سورية   ,   الأرض   ,   السورية   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz