دام برس:

لانبالغ إذا ما أكدنا أن مؤتمرات حزب البعث العربي الإشتراكي كانت السباقة بالمطالبة بتحرير الرواتب والأجور من خلال توصياتها الدائمة والمكررة للحكومة للعمل على تنفيذ مبدأ (ربط الأجر بالإنتاج) .

ومع أن التوصية واضحة لاتحتمل التأويل والتفسيرات المتعددة فإن الحكومات المتعاقبة لم تبذل أي جهد لوضع الآليات التنفيذية لربط الأجر بالإنتاج !

وكانت الخطوة اليتيمة الأولى والأخيرة لتحرير الرواتب والأجور قيام حكومة ثمانينات القرن الماضي بتشكيل لجنة دائمة لتحقيق التوازن بين الأجور والأسعار لم يصدر عنها أي قرار رغم اجتماعاتها القليلة بل النادرة قبل أن تغيب عن السمع والإعلام !

ولا يمكن إدراج الزيادات التي حصلت على الرواتب والأجور خلال الثلاثين عاما الماضية ضمن سياسة خطط الحكومة لإعادة التوازن بين الأسعار والأجور ، فهذه الزيادات لم تكن أكثر من سد جزء يسير جدا من الإرتفاعات المجنونة للأسعار التي كانت تحصل مع كل زيادة لأسعار المحروقات ومع كل تدهور لسعر صرف الليرة السورية !

وكانت الحكومات المتعاقبة حريصة دوما على التطبيق التدريجي لتحرير الأسعار وفق متغيرات سعر صرف الدولار ، في حين لم تقم بأي محاولة ، مجرد محاولة واحدة ، لتحرير الرواتب والأجور ، أو لإعادة التوازن مابين الأجور والأسعار ، أو لإبقاء القدرة الشرائية للرواتب على الحال التي كانت عليه حتى منتصف ثمانينات القرن الماضي !

كان راتب بدء التعيين لخريج الجامعة في عام 1980 مثلا يعادل 250 دولارا شهريا .. فإذا افترضنا عدم حصول اي زيادة أو ترفيعات دورية على هذا الراتب فهذا يعني نظريا ان راتب بدء التعيين للإجازة الجامعية يجب أن لايقل عن 250 دولارا في  عام 2014 .

والملفت ان القطاعين العام والخاص يتكيفان سريعا مع تحرير الأسعار باستثناء العاملين بأجر ، ليس لأنهم يتعففون عن هذا الفعل ولكن لعجزهم الكامل ، فهم ليسوا أصحاب قرار ليلزموا الحكومة بتحرير رواتبهم وأجورهم كما تفعل الحهات العامة والخاصة!

قد يكون اتحاد نقابات العمال الجهة الوحيدة القادرة على ممارسة الضغط على الحكومة لدفعها لاتحاذ قرارات تدريجية بتحرير الرواتب والأجور بنسب موازية لتحرير الأسعار لكن الإتحاد الحالي لم يفعلها حتى الآن .. فهل يكون الإتحاد الجديد الذي سينبثق عن الإنتخابات التي جرت مؤخرا ..أجرأ من سابقه على الفعل فيفرض  تنفيذ نص المادة /24/ من الدستور ..هذه المادة التي تؤكد على تحرير الرواتب والأجور إلى (الحد  الذي يضمن متطلبات الحياة المعيشية وتغيرها) ؟!