دام برس:
اليوم يتفرج العالم على سورية، الذي يعد جيشها من أرقى وأقوى الجيوش المتقدمة في العالم، وهو يقاتل تحت ضربات إرهاب غير منظور المصدر، ولكن الدول الداعمة والمغذية له معروفة وهي جميعها وطيلة تاريخها بيد السيد الأمريكي وهذا ما يثير تساؤلات عدة عن الأهداف الأمريكية في سورية والسياسة المتبعة لتقسيمها والسيطرة على منابع النفط والغاز وغيرها من الموارد الإستراتيجية، فالمعارك المستديمة في سورية وإستغلالها دمرت وأحرقت البلاد وشردت الملايين من مواطنيها الذين أصبحوا لاجئين في دول الجوار معرضين للإستغلال والموت جوعاً ومرضاً، إنها دوامة سئمتها شعوب المنطقة التي لم تحصد ومنذ إنفراد أمريكا بقطبية العالم سوى الخراب وسيل الدماء وفقدان الأمان وإنتشار الإرهاب، وتبدو الإدارة الأمريكية لا تملك إستراتيجية واضحة للمنطقة سوى إنها تعمل بوحي من إيحاءات الصهاينة ومصالحها الآنية، وهذا ما ظهر بصورة جلية على الأرض السورية.
تمر الدولة السورية بأخطر مراحلها فى الوقت الحالي فبعد ما يسمى بالربيع العربي تعرضت المنطقة لهجمة شرسة من جماعات إرهابية تحاول أن تسيطر على مجريات الأمور، والدخول فى عمليات إقتتال مع الجيوش النظامية كما يحدث فى سورية والعراق وليبيا، كل ما يحدث هدفه تغيير الوجه الحقيقي لمنطقة الشرق الأوسط وتقسيمها الى دويلات لتبقى إسرائيل القوى الوحيدة فى المنطقة، وتستطيع أمريكا ان تتمتع بالقدر الأكبر من تروات تلك المنطقة الحيوية، وإذا نظرنا بعمق على توجهات الولايات المتحدة فى هذه المنطقة نجد أنها تنفذ خططاً طويلة الأجل من أجل تدمير القوة العربية كاملة وتفتيت الدول لدرء أي مخاطر عن مصالحها بمساندة بعض دول المنطقة للقضاء على محور المقاومة.
بالمقابل تواجه إدارة الرئيس الأمريكي أوباما عقبتين أساسيتين لتكثيف الغارات الجوية في سورية دون الحصول على موافقة الكونجرس أو مجلس الأمن، وهما أولاً، عقبة الحشد الجماهيري لحرب جديدة طويلة الأمد ضد داعش، وثانياً، إفتقار واشنطن للمبررات القانونية لشن غارات جوية جديدة بدون موافقة مجلس الأمن أو إدعاءات بالدفاع عن أمن الولايات المتحدة، في إطار ذلك هناك حقائق لا تخفى على أحد وهي إحدى فصول المسرحية الأمريكية في خلق شرق أوسط جديد وتكملة لما سمي بالربيع العربي وإمتداد لسايكس بيكو بثوب عربي جديد، فأمريكا تحاول تحقيق عدة مكاسب من التحالف الدولي، المكسب الأول السعي لإسقاط نظام الرئيس الاسد وحزب الله وعزل إيران عن المنطقة, بعد فشل أمريكا وحلفاؤها في إتخاذ قرار دولي لضرب سورية وإزاحة النظام السوري بفضل الفيتو الروسي والصيني في مجلس الأمن الدولي, لذلك قررت الولايات المتحدة وضع خطط بديلة لمشروع الشرق الأوسط الكبير وبذلك دربت وساعدت تنظيم داعش والقاعدة وشجعت الإسلاميين المتعصبين للسفر والالتحاق في سورية والعراق لكي تتخلص من شرورهم في أمريكا والغرب وتضربهم في هذا الفخ "سورية والعراق" وفتحت لهم معسكرات تدريب كبيرة على الحدود الأردنية السورية وفي الأراضي التركية المتاخمة لحدود سورية، أما المكسب الأخر، هو إنتعاش سوق السلاح في المنطقة العربية وإنتعاش السماسرة وتجار الحروب ورجال الأعمال وبيعه الى سورية والعراق ودول المنطقة، بالإضافة الى القضاء على حزب الأكراد "حزب عبدالله اوجلان " في منطقة كوباني ذات الغالبية الكردية برغم إجازة البرلمان التركي بالتدخل العسكري المباشر في سورية، وعندها طلبت تركيا بعد مشاورات مع حلف الناتو بإنشاء مناطق عازلة في الأراضي السورية وتنحية الرئيس بشار الأسد ودعم المعارضة السورية، والهدف الأساسي طبعاً هو إحتلال تلك المناطق العازلة مثل إحتلال لواء الإسكندرون السوري وضمه الى تركيا .
وفي سياق متصل يخطط البيت الأبيض لتعزيز دور وكالة المخابرات المركزية الأمريكية "سي آي إيه"، لتدريب وتسليح المقاتلين "المعتدلين" المعارضين لنظام الأسد، وتوسيع دور الوكالة السري في سورية، وبالتالي فإن هذه الخطوة تأتي في إطار المساعي الأمريكية لدعم المقاتلين "المعتدلين"، بالتزامن مع تحرك وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" لإقامة قواعد تدريبية بالفعل للمقاتلين السوريين في عدد من دول الجوار، لإعدادهم لمقاتلة النظام، ومن هنا يمكن القول أن التحالف التي تدعوا اليه أمريكا لمحاربة الإرهاب مؤامرة واضحة لإعادة إحتلال الشرق الأوسط، والقضاء على النظام السوري وتقسيم سورية لصالح إسرائيل وعندما زرعت داعش في هذه المنطقة حاولت من خلالها تفتيت سورية وإضعاف الجيشوإسقاط نظام الأسد، فضلاً عن إشراك بعض الدول العربية التي أدخلت عليهم الرعب من خطر داعش لتدفع هذه الدول فاتورة الحرب، باستنزاف أموالهم والضغط عليهم، أما إسرائيل فتواصل اللعب تحت الطاولة لتقسيم فعلي لسورية إلى دويلات وهى الفائز الوحيد في هذه الحرب ضد سورية وداخل الإئتلاف، أما روسيا والصين وإيران ستتدخلان بشكل عاجل ضد داعش، لأن هذه الأداة سيتم قريبا إستخدامها ضدهما من قبل الولايات المتحدة.
في إطار ما سبق يجب على أمريكا وحلفاؤها أن تبدأ فى وقف تهريب الإرهابيين القادمين من الخارج ووقف الدعم اللوجستي والأموال، والشروع في حوار وطني تجلس فيه جميع الأطراف السورية وتناقش مستقبل سورية، لأن الحرب قائمة بسبب الدعم المقدم من خارج سورية لكلا الطرفين، والأيام أثبتت أن الولايات المتحدة أخفقت في معظم حروبها لأنها بنت حروبها دائماً على معلومات خاطئة، وعندما تتوقف البلدان الغربية عن دعم الإرهابيين وتضغط على البلدان الدمى التابعة لها، لن تكون هناك حروب وسوف يقف شلال الدم في سورية.
وسط هذا الزخم من الإدعاءات حول سورية يبدو أن الرئيس الأسد، مازال واثقاً من ذاته، ومقتنعاً بأن أوراق اللعبة مازالت فى يديه هو وحلفائه وخاصة أنه لا يمكن لأحد أن يتنبأ بتبعات الضربة الأولى، إذا قررت أمريكا ضرب سورية، لأننا لا نتحدث عن منطقة واحدة، فثمة مناطق أوسع، إذا ضربت في مكان ما، فعلينا أن نتوقع التبعات في مكان آخر، وبذلك إذا حصلت ضربة فستكون هناك تبعات ضد الولايات المتحدة من أصدقاء سورية في إيران أو حزب الله، ويبدو أن إستخدام أمريكا لأكذوبة محاربة داعش مستمرة حتى تحقق أمريكا مآربها فى المنطقة.
وأخيراً أختم مقالي بالقول إن مواجهة داعش، المكلفة بتقسيم وتفتيت سورية، لا يمكن أن تكون غير مهمة من مهمات دمشق في إطار تصديها للمحور الصهيو-أميركي، أما إقتناع البعض بشرعية داعش أو بجدية واشنطن في محاربتها فليس أكثر من سقوط عربي جديد في فخ المؤامرات التي أنتجت الثورة العربية الكبرى خلال الحرب العالمية الأولى، ونكبة فلسطين، وثورات الربيع العربي الراهنة، بإختصار شديد أن ما تفعله أمريكا ليس هدفه القضاء على "طفلها داعش"، ولكنها تريد جر الدول العربية فى الحروب وإنهاك قواها، وكذلك الاستفادة من شراء أسلحتها وترويجها بعدما صنعت التنظيم الإرهابي وعملت على تدريبه وتسليحه لخلق فوضى شاملة في منطقة الشرق الأوسط وتقطيع أوصال دول المنطقة وسحق هويتها، تمهيدا لخلق كيانات عنصرية وطائفية متعادية تحارب بعضها البعض حتى تستنزف طاقتها وتجعل منها تابعا ذليلاً لها.
Khaym1979@yahoo.com
2014-11-20 06:29:53 | اوباما |
لا خطة عنداوباما ... فخار يكسر بعضو هو شعاره الجديد الواقعي ... امراء الحرب في كل حي و قرية بتذابحون و يدمرون البلد بعلم او بدون علم اوباما ... شعب عربي في سورية لا شرف و لا اخلاق عنده كما اثبت للعالم كله ... لا حل الا باستلام الجيش السوري الحكم بدل الدواعش الحزبيين و هو الخلاص لهذا البلد و الله يرحم ابو باسل و الخليفاوي و الراجحة فتلاميذهم سيسطرون مجد سورية السورية !!! | |
عمر الخيام |