دام برس:

عندما كتب نزار قباني قصيدته هوامش على دفتر النكسة بقلب محروق بُعيد نكسة حزيران والهزيمة العربية ... نعى فيها نهاية الفكر العربي الذي قاد إلى الهزيمة ودعا فيها الأطفال الذين وصفهم بمطر الربيع وسنابل الآمال وبذور الخصب في الحياة العقيمة أن يهزموا الهزيمة ، كان ذلك في نهاية الستينات من القرن الماضي .

لم يكن يعرف نزار قباني أن الكثيرين من الأطفال الذين ناداهم صمّوا آذانهم وقتها وأغلقوا عقولهم  وكبروا وفي جيوبهم سكين ... ومورثات الهزيمة والخيانة تجري في عروقهم ... وأن حلمه لن يتحقق .. فبدل مطر الربيع صاروا وقود ربيعٍ عربي مزعوم ، وبدل السنابل تحولوا إلى أشواكٍ تغرز في جسد الأمة وأجساد رفاقهم ، وبدل بذور الخصب صاروا بذور فتن وأدوات للقتل وتنفيذ مخططات الأعداء ، فلم يهزموا الهزيمة بل هزموا وطنهم وقتلوا أبناءه ، كل هذا في بداية القرن الجديد .

لم يكن يدرك شاعرنا الدمشقي العظيم أن الصغار الذين كتب لهم ليخبرهم عن قيمة التراب ومعركة التراب ... كبروا وكبّروا وخاضوا معركة الجهل ضد أبناء وطنهم وأرضهم  وباعوا التراب بمال الخليج وأغرقوه بدماء الشهداء مقابل البغاء.

ودنسوا أرضهم بسواطيرهم وسكاكينهم وشعاراتهم الطائفية وجهاد النكاح .. واستقدموا حثالة الشعوب لينتصروا لهم ويسبوا نساءهم .

هل كان يدرك شاعرنا الموهوب أن الجهل يسكن في أعماق ثقافة العرب وعادات العرب وتقاليد العرب ... وأن سكين أبا جهل وساطور أبا لهب هو الحاكم بيننا .

هلَا خرج من مرقده لينظر كيف يقتل أبناء  وطنه  بعضهم بعضاً ... وصغاره الذي كتب لهم صاروا ثوار ذبحٍ وقتلٍ وحرقٍ واغتصابٍ بأوامر أعداء بلده .

هل سيكتب للصغار الذين ولدوا من رحم الأزمة والحرب وصاروا هوامش على دفترها .

أم أنه سيرقد والحسرة والخجل والحزن والندم يأكل قلبه الرقيق ......؟؟؟؟