دام برس:
جرت العادة كل سنة منذ 2001 أن يقوم الرئيس الأمريكي باستعادة الذكرى التي هزت أمريكا وأرعبتها ويلقي خطاب التأبين على أرواح القتلى ولكنه هذه المرة بدا مختلفا في اليوم الذي انفجر فيه برجا التجارة العالميان في نيويورك وتغير وجه الحياة في العالم، وليس مصادفة أن يعلن الرئيس الأمريكي اليوم الخميس 11 سبتمبر 2014 حربه على تنظيم داعش كما يقول، فداعش ليس تنظيما جديدا حتى يحاربه فهو تنظيم نشأ مع احتلال العراق وزاد ضراوة مع تطور الأحداث في سوريا، فما مناسبة إعلان أوباما الحرب على داعش في اليوم الذي خسرت فيها أمريكا أكثر من 3000 قتيل في ساعات معدودة؟، يريد أن يقول إن الدولة العظمى في العالم قادرة رغم الألم على ضرب العدو في أي مكان من العالم متى أرادت، ويريد أن يقول كذلك أن النظام السوري قد قربت نهايته ولم يعد يستطيع أن يتحمله، لكن السؤال المطروح من يقود أوباما إلى هذه الحرب المستعرة؟
فأوباما لا يخسر شيئا من هذه الحرب فقد أعيد انتخابه ليكمل مشواره الرئاسي بحماقة تاريخية تكتب في صحائفه السوداء، فهو الذي آوى داعش وأمثاله وفرش له السجاد الأحمر ليمر، وها هو اليوم يقطع عنه الحبل والسجاد ليقابله نصف الطريق ويعلن الحرب عليه، وحيث إن تجربة سلفه في العراق مازالت ماثلة أمام عينيه فقد تردد كثيرا في اتخاذ القرار حتى وصفه الصقور الجمهوريون بالضعف الشديد في حسم الأمر، وحيث يريد إبعاد التهمة عن نفسه تاريخيا فقد أشرك حلفاءه في المعركة فبدأ كعادته بالدول العربية يذبحها ذبحا ويفرض عليها أجندته بداية من السعودية وانتهاء بالأردن لأنها باتت السهل الممتنع ثم يشرك حلفاءه الأقوياء، بدا الأمر في البداية كأنها حرب ضد التطرف والإرهاب، ولكن دخول داعش للعراق كان الفتيلة التي ساهمت في تأجيج الصراع والمنفذ الذي يريد أوباما من خلاله الدخول إلى سوريا وإنهاء شرعية النظام.
وبينما اختلف العرب حول سورية بين مؤيد ورافض لما يحدث على الأرض، تبقى الولايات المتحدة الأمريكية ترتع كما تشاء وتسرح وتمرح في أرجاء الكرة العربية، وفي كل مشهد يبدو أوباما كأنه يثأر لأحداث الحادي عشر من سبتمبر، وينتقم من العرب دولة دولة شاركت في الأحداث أم لم تشارك، فليس لديها صاحب سوى مصلحة أمنها العليا وما عدا ذلك هراء، هرول أوباما نحو السعودية والأردن والعراق مستنفرا قواته الجوية لضرب القواعد الداعشية دون أن تكون له نتيجة حتمية للانتصار، ومتى انتصرت أمريكا حتى تنتشي بالفوز والعظمة، فكل حروبها التي خاضتها منذ الحادي عشر من سبتمبر فاشلة بل جلبت لها الخزي والعار وصارت منبوذة في العالم الإسلامي بل في العالم كله، فالقوة لا تجلب السلام بل الخراب والدمار، وينشط الإرهاب جيدا تحت وطأة الصواريخ والقنابل مهما كانت درجة تدميرها، وتظل القوات الأمريكية في حيرة من أمرها كيف استطاع الجناح الإرهابي أن يكون بهذه الحرفنة والصنعة في القتال.
وعلى غرار إسرائيل، تقع أمركا في الفخ، فهي لا تريد القضاء على داعش وإن كان هو الهدف المعلن، عينها على سوريا وتغيير النظام الذي بقي صامدا إلى حد الآن بتدخل ودعم سعودي كبير واضح وفاضح ، والخوف كل الخوف على السعودية نفسها من التفكيك وزرع بذور الإرهاب في جوانبها لتتلظى بنار الإرهاب مستقبلا، وحينها ترفع درجة التأهب القصوى لمحاربة ما يسمى الإرهاب ويبقى الإرهاب شماعة يعلق عليها المحتلون مخططاتهم لتدمير ما بقي من الدول العربية عبر سلسلة من الاتهامات والسب والشتم، ولكن في المقابل هل يفلح أوباما فعلا في القضاء على هذا التنظيم الذي أفزع العالم حتى صار الطفل يردد اسمه من اشتعال شهرته؟ ربما الأيام القادمة تفرز لنا جديدا.
فوزي بن يونس بن حديد
abuadam-ajim4135@hotmail.com