Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 19 نيسان 2024   الساعة 00:10:04
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
من دروب الخلاص .. بقلم : عبد الرحمن إبراهيم

دام برس:

إذا رسمنا نقطة بداية ننطلق منها , فهو الأفضل على الإطلاق , والسبب كي لا ننسب أي فشل كنا قد رسمناه إلى من سبقنا .

تتطلب هذه البداية وضع خطوط عريضة للانطلاق , يكون لها هدف معين . يتجلى هذا الهدف بالوصول إلى ما كانت سورية عليه قبل الأزمة الماحقة التي حلت بها , ولن يكون لدينا طمع في الحصول على أكثر من ذلك في الوقت الحالي .

لندع جانبا كل ما من شأنه أن ينسب الخطأ للطرفين , فلو بدأنا نقطة الانطلاق بالاتهامات , فلن يكون هناك نتيجة ترجى !

كل الحركات التي تنشدها الشعوب وأنشدتها , لها هدف أخلاقي إنساني , يبدأ من نقطة معينة , ينطلق منها لغد أفضل وليس إلى أمس أفضل .
وضع الهدف هو أساس لأي مشروع يفكر فيه أي شخص على الإطلاق , وللوصول إلى هدف هذا المشروع لابد أن يسلك طرقاً صحيحةً توصله بسلام إلى ما يصبو إليه . لكن الهدف لا يتحقق بغمضة عين , ويحتاج إلى وقت ليس بالقصير لتحقيقه .

من طرق النجاح والخلاص وضع مصلحة الوطن قبل كل شيء , والإقرار بأن لجميع السوريين الحق في العيش على تراب هذا الوطن , ووضع الدين والقوميات جانباً , فسوريا ليست حكراً على أحد , فنحن سنموت كما مات من قبلنا , وسنصير ذكرى كما صار من قبلنا , فلنعش حياتنا بسلام .
الحضارات السورية المتنوعة والمختلفة والموجودة على امتداد التراب السوري شهدت صراعات كثيرة لسنا بصدد ذكرها الآن , لكن للأسف الكثير منا يجهلها ولا تعنيه دلالاتها , إلا من تعمّد البحث عنها أو قرأها مجبرا في دروس التاريخ , أو أن القدر ساقه ليولد في مكان ما بالقرب منها .

إن فهم دلالة هذه الحجارة المتبقية من رَسْم لهذه الحضارات هي أكبر دليل على عظمة من سبقنا من أجدادنا الذين ناضلوا وحاربوا وقاتلوا في سبيل الحصول على الكرامة والاستقلالية , وأخرهم العثمانيون والانكليز والفرنسيون , لكن ما بالنا اليوم نحارب لنعيد هؤلاء برضانا , إلى استعمارنا تحت مسميات مختلفة حقيقتها العكس مما هو ظاهر !!
فالظاهر لا يعكس الحقيقة في أكثر الأوقات , لكن العاقل لا ينخدع أبدا بالمظاهر الخداعة التي تبطن شراً قاتلاً للشعوب ولثقافتهم ولحضارتهم .
إن مسح هذه الحضارات والتاريخ الذي على الأرض السورية والعراقية , تحت مسميات عبادة الأوثان وتحريم زيارة القبور , هو الطريق لمسح أصولنا عن هذه الأرض , فهم يتخذون من الإسلام ذريعة لذلك .

نحن نفكر باليوم , لكن من جنّد هؤلاء يفكر بالمستقبل , وقد لاقى هذا الفكر للأسف رواجاً , لأنه لعب على وتر الدين الإسلامي , الذي هو بريء كل البراءة من أفعال هؤلاء .

الإنسان لا ينال الثقافة والمعرفة إلا بالبحث عنها , فما يكتسبه من جاره أو صديقه من ثقافة تعكس فهم مجموعة من الأشخاص يتبادلون الحوار في إطار ضيق , لا نسميها ثقافة , وبالغالب تكون منحازة لطرف من الأطراف ولا تعبر إلا عن مقدار من الصحة ربما لا يُذكر !

يجب أن نقرأ ما يقوله أهل السياسة والاقتصاد والاجتماع , ممن يحبون مصلحتنا ولا يدّعون حبها , وأن نبتعد عن عباراتنا الموروثة ( أنا برأيي , وأنا بقول ) , وأن نترك كل شيء لأهله , وأن نقرأ ما فيه تنويرنا للوصول إلى أهداف إنسانية نبيلة وليس إلى أهداف شخصية تلبي حاجات فردية بحتة .

البحث عن الحقيقة ربما يكون صعباً في مثل هذه الظروف الضبابية , لكن بالتأكيد سنصل إلى الحقيقة يوما ما !

لكن ليس هناك أحد غبي لا يفرق بين طبق الجمر والطعام , فهناك أشياء بديهية تعامى البعض عنها , لتحقيق أهداف دينية أو طائفية , لم يطلب منه النبي محمد صلى الله عليه وسلم فعلها , ولم يضعه محامياً عن الدين والإسلام , ففاقد الشيء لا يعطيه !

لقد أصبحت حضاراتنا مهددة بالزوال , بل أصبح وجودنا مهدد أيضا , وعلى يد من ؟؟! على يدنا نحن – من الذين يسعون لحرية مزعومة وملغومة لا يدركون أبعاد ما ترمي إليه - ! .

فربما نحن لسنا ضالعين شخصياً في ذلك ! بل بفكرنا الذي يحتضن هذه الأفكار ويتبناها ولو في سريرته , تحت مسمى الدين والوطنية , أو ربما بالتأييد الفكري لمجموعات الشباب التائهين عن هذه الحقائق !
إن قيادة الحضارات وتأسيس القوة يبدأ من نقطة محددة مبنية على العلم والبحث , وليس على الدين ! فالدين حث على العلم والبحث والتفكير , فأنا إن صليت ركعتين فلا يعني أنني سأخترع  شيئا لم يسبقني إليه أحد من الخلق , لكنني إن تعلمت وبحثت فربما أصل إلى شيء لم يصل إليه أحد من قبلي , أو ربما أطوّر ما وصل إليه أحد من قبلي .
ولكي أكون قادرا على مزيد من التفكير , يجب أن أقرأ أكثر , وأن أبحث أكثر , فالجسم يقوى بالرياضة والتدريب , والعقل ينمو بكثرة الدراسة والبحث .
أما القيادة وأسسها فمبنية أيضا على العلم والإبداع , فمن يقودني يجب أن يكون الأفضل علما وفكرا ورجاحة في العقل , وما نراه الآن ليس إلا مجموعة من الذين يدعون معرفة الله , ولا يمتلكون حقيقة من معرفته إلا اسمه ومن حب نبيهم إلا الادعاء فقط !
والشاهد على ذلك بأن الدول العظمى تقود العالم الآن ليس بالدين , إنما لأنها الأفضل في مجال البحث والعلم والصناعة والاكتشافات العلمية , ونحن مازلنا ننشد عظمة أجدادنا , وشجاعة عنتر بن شداد الذي كان نصفه حبشياً !
نحن نحتاج لتغيير جذري في مجال التفكير , أو بالأحرى نسف هذا التفكير من أصله , وبناء تفكير جديد يحاكي تفكير الدول المتقدمة للوصول إلى بناء دولة معاصرة , تكون مُلكاً وملاذاً آمنا للجميع , ننشد فيها الحرية التي ترفعنا للأعلى وليس الحرية التي تقتل فينا الإنسانية , وتنمي فينا العداوة للآخر , وأن نضع أيدينا معاً ونقف جنباً إلى جنب بكافة أدياننا وطوائفنا ومعتقداتنا وأصولنا وفروعنا , لبناء سوريا حديثة يعيش فيها الجميع أسرة واحدة وفكراً واحداً يحارب الطامعين ويجعلهم يلملمون أذيال الخيبة مهزومين مدحورين , كي يكتب التاريخ أن السوريين ليسوا لقمة سائغة لأعدائهم وما هم إلا جسد واحد لا يتفكك .

 

الوسوم (Tags)

سورية   ,   الأرض   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz