Logo Dampress

آخر تحديث : الثلاثاء 16 نيسان 2024   الساعة 20:16:29
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
جبهة حوران ؟…لماذا الان وما الجديد فيها ؟

دام برس :

لم تتراخ اميركا يوما منذ انطلاقها بقيادة العدوان على سورية ، في ابتداع الخطط و وضع الاستراتيجيات المتعاقبة من اجل تحقيق اهداف هذا العدوان و لم تترك وسيلة او سبيلا او خطة يمكن الوصول اليها الا و قاربتها خدمة لهذا المشروع العدواني ، و كانت في كل مرة تقف على فشلها في خطة تلجأ الى الخطة البديلة حتى كان شهر شباط الماضي حيث انفجرت الالغام الاميريكية التي زرعت في جنيف لسورية ، انفجرت بصاحبها و بدا الموقف السوري متماسكا ثابتا قويا تدعمه قوة في الميدان تحقق الانجازات المتتالية مقابل انهيارات متسارعة تلحق بالعصابات الارهابية بعناوينها المختلفة المعتدل و المتطرف حسب التصنيف الاميركي ، و بفئتيها المعارضة المسلحة و الجماعات الارهابية حسب التصنيف الغربي.

و بعد الفشل ذاك و احباط الخطة الاميركية في جنيف طرحت خطة اميركية ميدانية جديدة تقوم على تكثيف تسليح”المعارضة المعتدلة ” و اتخذ الاردن قاعدة تحشيد و انطلاق لهجوم لا يتوقف قبل الوصول الى دمشق و فك الحصار عن العصابات الارهابية التي يحاصرها الجيش العربي السوري في الغوطة الشرقية و يؤمن الاتصال مع عصابات القلمون من اجل وضع دمشق بين فكي كماشة تمهيدا لاسقاطها عسكريا او للابتزاز السياسي في المفاوضات اذا استؤنفت .

و كنا نرى يومها ان هذه الخطة غير قابلة للتنفيذ ، و ان نفذت فستكون غير قابلة للنجاح ، و بالفعل مرت اسابيع عدة و لم ينفذ الهجوم المهدد به ، و اقتصر التحرك هناك على اندفاعة لبضع مئات من المسلحين باتجاه درعا و السجن المركزي فيها ، مستفيدين من دعم ناري اسرائيلي جوا و برا ، بشكل يؤكد وحدة الموقف و الارتباط العضوي و البنوي لاسرائيل بجبهة العدوان ، لكن سورية و حلفاؤها عرفوا كيف يتعاملون مع الموقف و كان لهم من الردود ما حمل الرسائل القاطعة التي تؤكد جهوزيتهم لمواجهة اسرائيل فوق ما تتوقع ، و مع الفعل و ردة الفعل طويت او سحبت ورقة جبهة الجنوب من التدوال ، و استعاض المخطط عنها بجبهة الشمال مستعملا تركيا-اردغان بدلا من اسرئيل ، و متخذا “جبهة النصرة” الممولة قطريا اساسا لتكون الاداة التنفيذية مع اشراك وحدات من التشكيلات المسلحة الاخرى بما فيها من تموله السعودية من اجل جعل الجبهة “نموذجا للعمل الميداني المشترك لجميع الفصائل المسلحة ” ما يحجب بعض الشيء تناحرها و اقتتالها الداخلي .

و كما لعبت اسرائيل الدور المرسوم لها في الجنوب و تلقت الرد المناسب عليه فلجمها ، تكرر المشهد في الشمال مع تركيا التي انخرطت في العدوان علانية و بسلاحها الجوي و بمدفعيتها و كانت تتوخى تحقيق اكثر من هدف في ذلك ( ذكرناها في مقالات سابقة ) ، و هنا ايضا كانت ردة الفعل الدفاعية من قبل سورية و حلفاؤها ما افهم اردغان خطورة لعبته و دفعه الى وقف اندفاعته و مشاركة جيشه مباشرة في العدوان ، في الوقت الذي برع فيه الجيش العربي السوري و القوات الرديفة بالتعامل مع الخرق الارهابي في كسب و محيطها اذا تمكن في ايام قليلة جدا من احتواء الهجوم ، ثم تثبيته ، ثم الانطلاق الى التعامل المناسب مع العصابات المندفعة عبر الاراضي التركية و تطهير المواقع التي دخلتها تباعا ، و رسم في خطته تلك سقفا للخرق و سقفا لمفاعيل الهجوم و آثاره بشكل يقود الى القول بانه سورية احبطت العدوان على جبهة الشمال ، و انها باتت مرتاحة في التعامل معه وفقا لبرنامجها حيث استعادت المبادرة و تمكنت من ادارة الميدان بما يناسب اهدافها دون ان تكون مضطرة لدفع خسائر اضافية و دون ان  تكون محرجة بتوقيت او مدة  محددة للاجهاز النهائي على العصابات المتسللة الى منطقة كسب .

انطلاقا من هذا المشهد الذي رسم على الجبهتين في الجنوب بعملية محدودة استوعبت ، و في الشمال بهجوم ممنهج تم احباطه ، عادت اميركا للحديث عن اعداد و تسليح الجماعات الارهابية انطلاقا من الاردن في عمل اعلن عنه مباشرة بعد زيارة اوباما للمملكة السعودية التي اعلن ولي العهد فيها و من على منبر “جامعة الاعراب” في الكويت بان “المعارضة السورية بحاجة الى السلاح لان المسألة تستلزم تغييرا ميدانيا في سورية من اجل الوصول الى حل ” ، ذكر ذلك و في ذهنه او امام ناظريه الحجم الكبير من الانجازات السورية من الشمال الى الجنوب مرورا بالقلمون و ريف دمشق ، معطوفا على التناحر القائم بين العصابات الارهابية و الذي بلغ عدد القتلى فيه من الطرفين ما يزيد عن 8 الاف مسلح وفقا للتقارير الغربية .

و بعد هذا نعود لطرح الاسئلة ذاتها : هل تنفذ اميركا تهديدها بفتج واسع لجبهة الجنوب مستعملة ما تسميه “معارضة معتدلة” بعد تسليحها انطلاقا من الاردن ؟ ثم ما هي الدوافع المستجدة لتكرار عمل اجهض سابقا و هو في ساعاته الاولى ؟ و اخيرا ما هي النتائج و التداعيات لهذا الامر ان تم تنفيذه ؟

في الاجابة نرى ان اميركا عادت لرفع ورقة تسليح العصابات الارهابية و الفتح الواسع لجبهة الجنوب رغبة منها في ملامسة اكثر من هدف ، حيث انها تريد:

اولا و قبل كل شيء التغطية على الاخفاق في فتح معركة الشمال و خسارة العدوان لورقة استراتيجية هامة كان يحتفظ بها للاوقات العصيبة الحرجة ، ورقة وصفتها الدوائر الغربية ب”الاهم و الاخطر ضد سورية و نظامها” ، و هي خسارة دفعتهم الى نوع من الهستيريا ترجمت بهذا الحجم من القذائف العشوائية على دمشق و محيطها ، قذائف قتل اجرامي فقط لا قيمة عسكرية لها مطلقا.

ثانيا التغطية على تعثر المفاوضات التصفوية للقضية الفلسطنية و التي بلغت حائطا مسدودا امام رفض فلسطيني للتنازل عن كل الحقوق الفلسطنية في الارض و حق العودة و حق تقرير المصير مع اصرار اسرائيلي للحصول على ذلك ، و تريد اميركا ان تظهر دورا اسرائيليا مركزيا في العدوان على سورية يحجب تعنتها فلسطينيا ، و يبقي العلاقات الحميمة القائمة بينها و الخليجيين على حالها دونما تأثر بما يجري على الاتجاه الفلسطيني ، و جبهة الجنوب تمكن اميركا من تحقيق هذا الغرض عبر الدور الاسرائيلي الفاعل في غرفة العملية المركزية في الاردن او في ميدان االقتال و الدعم الناري و اللوجستي .

ثالثا و في الحديث عن امكانية استئناف جنيف 3 و مع التعثر في تحقيق اي تغيير في الميدان كما يحلم السعودي و سيده الاميركي ، فان اميركا ترى في التلويح بجبهة الجنوب نوعا من ضغط و تهديد يخفف من حجم الاختلال في الموازين الميدانية القائم لمصلحة الدولة السورية في مواجهة العصابات الارهابية .

رابعا ، تريد اميركا الاستمرار في السيطرة على الحجم الاوسع من المسلحين و امتلاك زمام المبادرة في تحريكهم و رفع معنوياتهم لمواصلة القتال ، و هي ترى انها بحاجة الى هذ الامر من اجل متابعة تنفيذ استراتيجيتها في استنزاف الجيش العربي السوري و تدمير ما يمكن تدميره بعد في الساحة السورية خدمة للمشروع الصهيواميركي ، و هي ترى في التلويح بجبهة الجنوب شحنة معنوية ضرورية للمسلحين بعد هذا الكم الكبير من انهياراتهم .

و اخيرا ترى اميركا ان كمية محدودة من الاسلحة المدفوعة الثمن طبعا من خزائن الخليج ( السعودية و قطر ) تعود عليها بكسب معنوي و مادي يكون امرا جيدا ترضي به ادواتها الخليجين المستميتين في القتال ضد سورية و هم يتوهمون بانهم بهذا ينقذون عروشهم المهتزة .

فاذا كانت هذه هي الدوافع ، فهل ان فتح الجبهة ممكن كما يلوح به ، و ان اميركا قادرة على احداث التغيير الذي تريده هي و ادواتها الخليجين من اجل العودة الى التفاوض في شروط و ظروف افضل ؟

قد يتراءى للبعض ان هذه الجبهة باتت المخرج الوحيد امام اميركا للخروج من دوائر الاخفاق خاصة بعد ان تم تنفيس الورقة لاخيرة في كسب ، و بالتالي و حسب هذا البعض سيكون حتما ولوج اميركا بزخم شديد الى الساحة السورية من البوابة الاردنية باداة قتالية تسميها معتدلة ممولة بمال سعودي بشكل خاص و مدعومة بنار اسرائيلية و منظومة قيادة وسيطرة تتحكم بها اميركا و تشارك فيها اسرائيل .

نظريا الامر قد يقبله الذهن ، لكن في الواقع نجد عوائق و محاذرير تحول دون تنفيذه وفقا لما يشاء الاميركي و السعودي لاعتبارات عدة في طليعتها عدم ضمان النجاح الميداني مع استعداد سوري عسكري يجري و تعلم به اميركا عبر اقمارها الاصطاناعية ، و عدم قدرة اميركا على تحمل الخسارة و اجهاض الورقة الاخيرة التي تمتلك التهديد بها ، ثم عدم قدرة اميركا و اسرائيل على استيعاب ردة الفعل الدفاعية و التحكم بنطاقها الجغرافي و الميداني ، و من جهة اخرى عدم قدرة الاردن على احتمال ردات الفعل على انخراطه في العدوان بشكل علني واضح .

لهذا نعود الى قولنا السابق بان الحديث عن فتح جبهة الجنوب هو في معظمه تهويل لو كان سيعمل به لما كان حديث عنه يجهض عنصر المفاجأة ، دون ان نستبعد امكانية العمل تحت سقف منخفض لا يقترن بمسؤولية اميركية مباشرة عن النتائج السلبية لعمليات محدودة تعطي لاسرائيل دورا يثبت وجودها في الجبهة و يخفف من تداعيات تعثر مفاوضاتها التصفوية او التهديد بوقفها . و بالتالي لن تفجر الجبهة بالشكل الذي تلوح به اميركا و تريده السعودية ، هذا اذا كان المنطق المصلحي الاميركي هو المسيطر – و عادة ما يكون هكذا – و الا سيكون حديث اخر ، اذ انه مع الانتحاري يكون التصرف بعيدا عن المنطق .

العميد أمين حطيط

الوسوم (Tags)

الجيش   ,   السوري   ,   دام برس   ,   جبهة   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz